يحيى محمد
يلاحظ أن للفيلسوف الإشراقي صدر المتألهين موقفاً من العقل ينتابه شيء من التردد وهو يحاول رسم العلاقة الخاصة بينه وبين الكشف. ولهذا التردد إنعكاساته على صعيد الرؤية الوجودية. ففي بعض مواقف هذا الفيلسوف اعتبر للعقل قدرة على تمييز المكاشفات وتمحيصها؛ ليمنع به وحدة الوجود الصوفية التي تنادي بوجود واحد مطلق يجري مجرى الطبيعة الكلية في اتصافها مع أفرادها.
فمن الناحية المبدئية أن أي شيء إما أن يكون بشرط تعين الماهية أو بشرط اللاتعين أو لا بشرط التعين وعدمه. وعند الصوفية يكون الواجب تعالى عبارة عن الوجود الذي هو لا بشرط تعين الماهية وعدمه، مثلما هو الحال مع الكلي الطبيعي، وهم يسمونه «الوجود المطلق»، خلافاً لما عليه الفلاسفة حيث عدوّه من الوجود الذي هو بشرط عدم التعين[1]، أي هو على صيغة «بشرط لا». والفارق بين هذه الصيغة وبين الصيغة الصوفية «لا بشرط» هو فارق يعبّر عن تعدد الوجود الواجب وعدمه[2]. فلدى الفلاسفة أن هناك تعدداً شخصياً في هذا الوجود، بحيث تكون المرتبة الإلهية محفوظة وغير ممتزجة مع غيرها من المراتب. في حين لا ترى الصوفية أي تعدد للواجب، بإعتبارها تعد الكثرة من مراتب الوجود المطلق البسيط. وهي ذريعة لدفع ما تُتهم به أنها تشتت حقيقة الواجب في هويات الأعدام وتفتتها في ظواهر الأجسام، فتكون قابلة للأعراض والجواهر، حيث لا يوجد في العين اثنان، بل وجود واحد ينتزع منه الماهيات المختلفة[3].
وقد واجهت هذه النظرية تهمة من قبل الفلاسفة الإشراقيين، وهي أنها تفضي إلى نفي الواجب أساساً، إذ الكلي الطبيعي لا يوجد إلا بأفراده، ومن ثم لا يكون هناك شيء سوى تعينات الكائنات المحدودة[4]، وهي نتيجة لا تختلف في المضمون عما يدّعيه الدهريون، سيما وقد سبق للجيلي أن صرح بالقول: «لا تقل أين الله وأين العالم فما ثم إلا الله المسمى بالعالم». وهناك من رد التهمة المذكورة معتبراً أن الصوفية لم تنكر وجود الواجب في الخارج، لأنها اعتبرت وجوده بوجود أفراده المنبسطة البسيطة، فيكون كل فرد واجب، وما القول بوجوده على نحو الكلي الطبيعي إلا لغرض تقريب المعنى إلى الأذهان القاصرة، إذ لا يدرك ذلك إلا بطور آخر وراء العقل[5].
مع أن النتيجة واحدة. ففي جميع الأحوال أن الصوفية لا تجعل للواجب مرتبة خاصة لا تجامع فيها بقية المراتب الأخرى. فالكل واحد، والكل في وحدة، والوحدة في الكل، من غير تمايز في الوجوب، وهو شبيه بما يقوله الدهريون من وجه.
لهذا اعترض صدر المتألهين على النظرية الصوفية بإعتبارها تتنافى مع ما يقره العقل من وجود الكثرة الثنائية حسب العلاقة الفلسفية للعلة والمعلول، بل وحاول أن يوجه كلام مشايخ العرفاء الكبار إلى صورة تقربها من الطريقة الفلسفية لوحدة الوجود، منكراً إبطال الصوفية للعقل عند طور الكشف، ومشدداً على صلاحيته في منعه لمثل هكذا تصورات. فهو يعلّق على هذا المعنى من وحدة الوجود ويقول: «لمّا كانت العبارة قاصرة عن أداء هذا المقصد لغموضه ودقّة مسلكه وبعد غوره يشتبه على الأذهان ويختلط عند العقول، ولهذا طعنوا في كلام هؤلاء الأكابر، بأنها مما يصادم العقل الصريح والبرهان الصحيح ويبطل به علم الحكمة وخصوصاً فن المفارقات الذي يثبت فيه تعدد العقول والنفوس والصور والأجرام، وأنحاء وجوداتها المتخالفة الماهيّات. وما أشد في السخافة، قول من اعتذر من قبلهم: إن أحكام العقل باطلة عند طور وراء طور العقل، كما أن أحكام الوهم باطلة عند طور العقل، ولم يعلموا أن مقتضى البرهان الصحيح مما ليس إنكاره في جبلّة العقل السليم من الأمراض والأسقام الباطنية، نعم ربما يكون بعض المراتب الكمالية مما يقصر عن غورها العقول السليمة، لغاية شرفها وعلوها عن إدراك العقول، لاستيطانها في هذه الدار وعدم مهاجرتها إلى عالم الأسرار، لا أن شيئاً من المطالب الحقّة مما يقدح فيها ويحكم بفسادها العقل السليم والذهن المستقيم، وقد صرّح بعض المحققين منهم بأن العقل حاكم لا يُعزل، كيف والأمور الجبلية واللوازم الطبيعية، من غير تعمّل وتصرف خارجي ومع عدم عائق ومانع عرضي، لا تكون باطلة قطعاً، إذ لا باطل ولا معطل في الوجودات الطبيعية الصادرة عن محض فيض الحق دون الصناعيات والتعليميات الحاصلة من تصرف المتخيلة وشيطنة الواهمة وجبلّة العقل الذي هو كلمة من كلمات الله التي لا تبديل لها، مما يحكم بتعداد الموجودات بحسب فطرتها الأصيلة»[6].
مع هذا فإن صدر المتألهين يجنح ويميل إلى وحدة الوجود الصوفية حتى في أشد كتبه نقداً للصوفية ودفاعاً عن منطق العقل، كما في كتابه (كسر أصنام الجاهلية). فمثلاً أنه يقول في الكتاب المشار إليه: «فكلما اشتدت المعرفة جلاءً وظهوراً، اشتد الشوق حدّة وقوة، وازدادت بإزائها الحركة والسلوك سعياً وإجتهاداً. وكلما قوي الشوق وازدادت الحركة كملت المعرفة كشفاً ووضوحاً، وهكذا إلى أن يتصل أول الدائرة بآخرها، ولم يبق في البين عارف ومعرفة غير المعروف، ومشتاق وشوق سوى المشتاق إليه، وسالك وسلوك سوى المسلوك إليه المقصود. فصار الأول عين الآخر، والباطن عين الظاهر، وانحصر الوجود في الموجود والمعبود، وطابق الشهود لما عليه في الواقع حكم الوجود لإزالة وساوس الوهم المضل والخيال الضال الموجب لإثبات الكثرة والإثنينية في الواجب الحق المتعال»[7].
وحقيقة ما رمى إليه هذا الفيلسوف الكبير هو سعيه للجمع والتوفيق بين العقل والكشف معاً، سواء على نحو المنهج والطريقة، أو على نحو الرؤية والمضمون. فمن الناحية المنهجية أنه يقول صراحة: «والأليق أن يمزج السالك إلى الله بين الطريقين، فلم تكن تصفيته خالية عن التفكير، ولا تفكره خالياً عن التصفية، بل يكون طريقه برزخاً جامعاً بين الطريقين كما هو منهج الحكماء الإشراقيين، إذ لا منافاة بينهما».
وقد أراد هذا الفيلسوف من عملية الجمع بين الأداتين التوفيق بين الرؤيتين الفلسفية والعرفانية، ولو بتوظيف إحداهما لحساب الأخرى. إذ رأى أن إدراك وحدة الوجود الصوفية ليس كما يُدعى بأنه وراء طور العقل، بل اعتقد بأن فهم هذا المعنى يحصل حتى في حدود هذا الطور الذي يتولى إثباته والبرهان عليه، واعترض على من يدعي عدم اطالة العقل لهذا المعنى وقال: «إني لأعلم من الفقراء من عنده أن فهم هذا المعنى من أطوار العقل، وقد أثبته وأقام البرهان عليه في بعض موارده من كتبه ورسائله وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم»[8]. وصرح في محل آخر عند اتمامه الكلام عن العلة والمعلول فقال: «كذلك هداني ربي بالبرهان النير العرشي إلى صراط مستقيم من كون الموجود والوجود منحصراً في حقيقة واحدة شخصية لا شريك له في الموجودية الحقيقية ولا ثاني له في العين وليس في دار الوجود غيره ديّار، وكلما يترآى في عالم الوجود أنه غير المعبود فإنما هو من ظهورات ذاته وتجليات صفاته التي في الحقيقة عين ذاته»[9].
وبذلك فإن صدر المتألهين خالف أولئك الذين يرون بأن هناك طوراً وراء طور العقل يحال على العقل أن يصل إليه. كما خالف في الوقت ذاته من ينكر وجود ذلك الطور وراء طور العقل، كالذي يدعيه المحقق اللاهيجي، إذ اعتبر بأن الإعتقاد بمثل ذلك الطور الخارق - سوى النبوة - يبطل الشرائع والأحكام العقلية والنقلية، ويرفع الأمان ويسد باب الإيمان[10]. فالذي يراه هذا الحكيم الإشراقي هو الإعتراف بوجود ما هو وراء طور العقل، لكن ذلك لا يمنع العقل من أن يصل إلى إثباته والبرهان عليه.
ولا شك أن الرؤية التوفيقية التي يتحدث عنها صدر المتألهين قد أفادت من تحقيق المحققين الإشراقيين الذين استهدفوا توظيف الفلسفة لخدمة العرفان، وذلك بتحويل الثنائية التي تقتضيها علاقة العلية إلى وحدة وجود عبر جعل النسبة بين العلة والمعلول إعتبارية محضة، كما يوضح ذلك المحقق الخفري. إذ يرى: «أن المعلول عند المحققين يكون حيثية إعتبارية لعلته التامة، فيكون الإيجاد عندهم عبارة عن صيرورة الوجود الحقيقي ذا ظاهر، فالحق هو الوجود الحقيقي والخلق هو ظاهره، والظاهر والباطن لا تغاير بينهما بالذات في الأعيان، بل إنما يكون التغاير بينهما بالإعتبار والتعقل، وأخيراً التنزيل عن هذا بقوله تعالى ((هو الأول والآخر والظاهر والباطن))[11]. فالإيجاد عندهم هو صيرورة الوجود الحقيقي ذا حيثيات ظهورية انتزاعية، وإن شئت قلت: هو عبارة عن صيرورة الوجود الحقيقي متعيناً بالتعينات الممكنة الإعتبارية، وإن شئت قلت: هو عبارة عن إنبساط الوجود الحقيقي في الممكنات، وإن شئت قلت: هو عبارة عن صيرورة الوجود الحقيقي ذا حيثية انتزاع الماهيات الممكنة». كذلك فإنه يقول: «إن التغاير بين الوجود الحقيقي الذي هو موجود بذاته وبين الممكنات التي هي موجودة بإعتبار إرتباطها بذلك الموجود، ليس خارجاً بأن يكون لكلٍ هوية، بل إنما يكون في التصور والإعتبار»[12].
وقد فعل صدر المتألهين الشيء ذاته، فجعل من النظر العقلي موظفاً للسلوك العرفاني، لتقارب رؤيتيهما، فرأى أنه ليست لحقيقة المعلول هوية مباينة لحقيقة العلة المفيضة إياه «حتى يكون للعقل أن يشير إلى هوية ذات المعلول مع قطع النظر عن هوية موجدها، فيكون هويتان مستقلتان في التعقل أحدهما مفيضاً والآخر مفاضاً، إذ لو كان كذلك لزم أن يكون للمعلول ذات سوى معنى كونه معلولاً لكونه متعقلاً من غير تعقل علته وإضافته إليها، والمعلول بما هو معلول لا يعقل إلا مضافاً إلى العلة، فانفسخ ما أصلناه من الضابط في كون الشيء علة ومعلول. هذا خلف، فإذاً المعلول بالذات لا حقيقة له بهذا الإعتبار سوى كونه مضافاً ولاحقاً ولا معنى له غير كونه أثراً وتابعاً من دون ذات تكون معروضة لهذه المعاني، كما أن العلة المفيضة على الإطلاق إنما كونها أصلاً ومبدءاً ومصموداً إليه وملحوقاً به ومتبوعاً هو عين ذاته، فإذا ثبت تناهي سلسلة الوجودات من العلل والمعلولات إلى ذات بسيطة الحقيقة النورية الوجودية متقدماً عن شوب كثرة ونقصان، وإمكان وقصور وخفاء، برئ الذات عن تعلق بأمر زائد حال أو محل خارج أو داخل، وثبت أنه بذاته فياض وبحقيقته ساطع وبهويته منوّر للسماوات والأرض، وبوجوده منشأ لعالم الخلق والأمر.. تبين وتحقق أن لجميع الموجودات أصلاً واحداً أو سنخاً فارداً هو الحقيقة والباقي شؤونه، وهو الذات وغيره أسماؤه ونعوته، وهو الأصل وما سواه أطواره وشؤونه، وهو الموجود وما ورائه جهاته وحيثياته. ولا يتوهمن أحد من هذه العبارات أن نسبة الممكنات إلى ذات القيوم تعالى تكون نسبة الحلول، هيهات أن الحالية والمحلية مما يقتضيان الإثنينية في الوجود بين الحال والمحل. وها هنا - أي عند طلوع شمس التحقيق من أفق العقل الإنساني المنَوّر بنور الهداية والتوفيق - ظهر أن لا ثاني للوجود الواحد الأحد الحق، واضمحلّت الكثرة الوهمية، وارتفعت أغاليط الأوهام، والآن حصحص الحق، وسطع نوره النافذ في هياكل الممكنات ((يقذف به على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق))[13]، وللثنويين الويل مما يصفون إذ قد انكشف أن كل ما يقع إسم الوجود عليه ولو بنحوٍ من الأنحاء فليس إلا شأناً من شؤون الواحد القيومي ونعتاً من نعوت ذاته، ولمعة من لمعات صفاته. فما وصفناه أولاً أن في الوجود علة ومعلولاً بحسب النظر الجليل - أي العقل - قد آل آخر الأمر بحسب السلوك العرفاني إلى كون العلة منهما أمراً حقيقياً والمعلول جهة من جهاته، ورجعت علّية المسمى بالعلة وتأثيره للمعلول إلى تطوره بطور وتحيّثه بحيثية، لا إنفصال شيء مباين عنه»[14].
وهو في محل آخر كشف عن أن إعتبار إنعدام العلّية والتأثير بين الموجودات راجع إلى طبيعة التقدم في الوجود ذاته[15]. ولكي يدفع عن نفسه التناقض بين إعتباره للعلية الفاعلة ونفيها، ذكر بأن المبدأ الأول بالقياس إلى الماهية الموجودة المعلولة يعتبر فاعلاً، أما بالنسبة إلى نفس الوجود الفايض عليها منه فيعتبر مقوماً لا فاعلاً، بإعتبار أن هذا الوجود غير مباين له. في حين ليس للمبدأ الأول بالقياس إلى نفس الماهية بما «هي هي» سببية ولا تقويم أصلاً[16].
وهو بهذا التحليل العقلي كشف حقيقة ما توصل إليه العرفاء بالكشف والشهود، لذلك صرح قائلاً: «انكشف حقيقة ما اتفق عليه أهل الكشف والشهود من أن الماهيات الإمكانية أمور عدمية.. لا بمعنى أنها من الإعتبارات الذهنية والمعقولات الثانية، بل بمعنى أنها غير موجودة لا في حد أنفسها ولا بحسب الواقع، لأن ما لا يكون وجوداً ولا موجوداً في حد نفسه لا يمكن أن يصير موجوداً بتأثير الغير وافاضته، بل الموجود هو الوجود وأطواره وشؤونه وأنحاؤه، والماهيات موجوديتها إنما هي بالعرض بواسطة تعلقها في العقل بمراتب الوجود وتطوره بأطوارها.. فحقايق الممكنات باقية على عدميتها أزلاً وأبداً، واستفادتها للوجود ليس على وجه يصير الوجود الحقيقي صفة لها، نعم هي تصير مظاهر ومرائي للوجود الحقيقي بسبب إجتماعها من تضاعيف الإمكانات الحاصلة لها من تنزلات الوجود مع بقائها على عدميتها الذاتية»[17].
والملاحظ أن هذه الرؤية شبيهة برؤية الغزالي، وإن كانت أعمق منها، إذ لم يشأ هذا الإمام أن يقضي على العلاقة الثنائية كما فعل صدر المتألهين من موقع العقل ذاته..
نعود لنقول: ليس هناك تبرير يجعل صدر المتألهين يستطيع أن يحول العلاقة الثنائية للعلية إلى الوحدة الصوفية لولا علاقة الشبه والسنخية. فمن منطلق أن هناك سنخية بين الوجود الحق وما دونه من المراتب، اعتبر هذا الوجود يفيض على ذاته، فهو «لغاية تمامية وفرط كماله فاض على ذاته من ذاته، وفاض ذاته لكونه فوق التمام من ذاته». وهذا الظهور الثانوي لذات الحق على نفسه هو ذاته المعبّر عنه بـ «نزول الوجود الواجبي بعبارة، والافاضة بعبارة أخرى، والنفس الرحمانية في إصطلاح قوم، والعلّية والتأثير في لسان قوم آخر، والمحبة الأفعالية عند أهل الذوق، والتجلي على الغير عند بعض» والذي نشأت منه الكثرة والتعدد[18].
فلولا الشبه والسنخية لتعذر تبرير الإعتقاد بتنزل وجود الحق في سائر المراتب الأخرى، وبالتالي القول بالوحدة المطلقة له، وإن كانت هذه الوحدة تتوسط بين طريقة العرفاء والفلاسفة، فهي تتضمن صدور الكثرة وإنبساطها عن الواحد الحق دفعة واحدة كما هي نظرية العرفاء. وتعد هذه الكثرة مطوية في وحدة حقيقية جامعة لكل الإختلافات، رغم تسلسلها الصدوري طبقاً لنظرية (الواحد لا يصدر عنه إلا واحد)، مما يعني أنها رهينة النظر الفلسفي في العلية.
ومن الواضح أن هذا الإنتقال من السنخية والشبه بين العلة والمعلول إلى الوحدة، رغم الإمضاء في حفظ المراتب المتعينة، هو نفسه يبرر القول بالإتحاد الصوفي بطريقة عقلية، كتوفيق بين الفلسفة والعرفان، أو العقل والكشف. ذلك أن من المستحيل أن تتحقق حالة الإتحاد كما يصورها العرفاء ما لم يؤخذ بإعتبار الشبه والوحدة الوجودية. فإذا كان صدر المتألهين إستطاع أن يبرر الوحدة عبر منطق الشبه والسنخية، فقد مكّنه ذلك - ولا شك - بأن يؤسس مقالته لتفسير حالة الإتحاد من خلال الوحدة المشبعة بمرايا الظل والشبه، وبالتالي يكون قد مهّد للمرمى الصوفي عبر الطريق الفلسفي.
فالإتجاه العام للفلاسفة منذ الفارابي يتنكر لمقالة الإتحاد الصوفي حفاظاً على العلاقة السببية في العلة والمعلول. فهو يكتفي ببلوغ مرحلة الاتصال دون الإتحاد، لذا يقرر بأن أقصى صور تحقيق كمال الإنسان وبهجته وسعادته هي بلوغ الاتصال بالعقل الفعال[19]. وقد استمرت هذه النزعة عند الفلاسفة حتى لدى فيلسوف الإشراق السهروردي الذي أحال الإتحاد معترفاً بحدود الاتصال[20]. كما ولقي هذا الإتجاه شيئاً من المجاراة لدى صدر المتألهين في بعض كتبه، فهو في كتاب (المبدأ والمعاد) حدّد غاية خلق الإنسان بمشاهدة المعقولات والاتصال بالمفارقات ومن ثم معرفة الحق وعبادته، وذلك بأن تصبح النفس عقلاً مستفاداً من العقل الفعال، فتتحقق بذلك الغاية القصوى من إيجاد عالم الخلق، إذ الإنسان الذي من فضائله تكونت سائر الأكوان يمثل كمال العود وصورته، مثلما يمثل العقل الفعال غاية عالم البدء وكماله[21].
ولا شك أن هذه النظرية من الاتصال بالمفارقات وتحول النفس إلى عقل مستفاد، لا يستفاد منها الإتحاد بمعناه الصوفي الذي يرى الكمال يتحقق بالإتحاد ذاته ولا يقف عند حد الاتصال، بل يتجاوزه إلى مرحلة الفناء عبر الحركة الجوهرية. فالغرض من الخلق عند صدر المتألهين هو وجود الله، وأن يصل كل ناقص إلى كماله، فتبلغ المادة إلى صورتها، والصورة إلى معناها ونفسها، وأن تلحق النفس إلى درجة العقل ومقام الروح، وفيها تكون السعادة والطمأنينة القصوتان[22].
إن فلسفة صدر المتألهين لعملية الإتحاد تقوم أساساً على ما أقره الفلاسفة بأن هناك حركة طبيعية للأشياء نحو معشوقاتها، غايتها التشبّه بهذه المعشوقات. لكن الجديد في فلسفته هو إتخاذ هذا «التشبّه» قنطرة للقول بالإتحاد. فقد اعتبر التكامل - من خلال الحركة - لا يحصل بمجرد تشبّه السافل العاشق بمعشوقه العالي، لأن التشبّه أمر ذهني لا وجود له في الخارج، ومن ثم فإنه ليس مقصوداً حقيقياً، وإنما يحصل بإتحاد العاشق بالمعشوق وصيرورته إياه. فالمراد الحقيقي للفلك - مثلاً - ليس مجرد التشبّه، بل الإتحاد والصيرورة بالجوهر العقلي الكامل، وهو مراده الكلي، وأما مراده الجزئي فهو أحد جزئياته الذي هو جوهر نفساني جزئي، فبهذا الشكل تتجدد للنفس الفلكية أمثال يتصل كل منها إلى العالم الأعلى وتتحد بالجوهر المفارق، ويوجد بدله، وهكذا على الدوام باستمرار[23]..
كذلك فإن النفس البشرية هي الأخرى تتحد أيضاً بالعقل الفعال، فتكون هي هو، وهو هي، حيث تبلغ درجة تكون جميع الموجودات أجزاء ذاتها، وتكون قوتها سارية في الجميع، ويكون وجودها غاية الكون والخليقة[24].
فبنظر فيلسوفنا أن هذا الشكل من الإتحاد لم يُدرك غوره ويُنل طوره أكثر الفلاسفة المسلمين، بل وينفي أن يكون أحد من علماء المسلمين قبله إستطاع تنقيحه. فعموم الفلاسفة قدحوا فيه وردوا على فرفريوس الذي نُسب إليه القول به، كما هو الحال مع إبن سينا الذي عرّضه فيلسوفنا للنقد لإنكاره هذا الإتحاد في بعض كتبه الفلسفية[25]، وأن أقرّ به في بعض رسائله العرفانية. لكن ظلت عملية تنقيحه وتحقيقه فلسفياً منوطة لأول مرة في تاريخ الفكر الوجودي بيد صدر المتألهين.
فهو قد أنكر الإتحاد بين أمرين متعددين بالفعل ليصيرا موجوداً واحداً، معتبراً ذلك مستحيلاً، لكنه جوّز صيرورة ذات واحدة بحيث تستكمل وتقوى في ذاتها وتشتد في طورها حتى تصبح أمر مصداق لم يكن مصداقاً لها في السابق؛ لسعة دائرة وجودها. فمعنى إتحاد النفس بالعقل الفعال هو صيرورتها في ذاتها عقلاً فعالاً للصور دون أن يتكثر العقل بالعدد، بل له وحدة جمعية أخرى، ليست كالوحدة العددية التي تكون لشخص من أشخاص نوع واحد بالعموم. فمع أن العقل الفعال فاعل للنفوس المتعلقة بالأبدان، إلا أنه في الوقت ذاته غاية كمالية مترتبة على هذه النفوس وصورة عقلية لها ومحيطة بها. فله وجودان، وجود في نفسه، ووجود في أنفسنا لأنفسنا، إذ كمال النفس البشرية وتمامها هو وجود العقل الفعال وصيرورتها إياه وإتحادها به. بذلك تصبح النفوس الإنسانية كأنها رقائق متشعبة عن ذلك العقل إلى الأبدان ثم راجعة إليه عند استكمالها وتجردها[26].
أما كيفية هذا الإتحاد فهو أن العالم العقلي، الذي وجدت منه النفوس وانتشرت إلى عالمنا الأرضي، هو عالم غير متناهي القوى والجهات والحيثيات الوجودية، وكلما انفصلت منه النفوس بقيت فيه القوة غير متناهية كما كانت على حالها لا تبيد ولا تنفد. وتتصف النفوس غير المتناهية في العالم العقلي بأنها ليست على نعت الكثرة العددية، ولا أنها ذات ترتيب ذاتي أو وضعي، فهي متحدة بهذا العالم، وهذا الأخير يمثل تمامها، وبالتالي فكلها شيء واحد وجوهر بسيط متحد عقلياً هو عبارة عما يطلق عليه روح القدس (جبريل)، أو رب النوع الإنساني. فمن هذا العالم تكثرت النفوس وتنزلت إلى عالم الدنيا، فصارت لضعف تجوهرها متشبثة بأبدان ساكنة في منازل سفلية، حيث لكل شيء أطوار وأكوان من الوجود بعضها أشرف من البعض الآخر مع بقاء الحقيقة الواحدة رغم إختلافها بالنقص والكمال[27]. وبحسب هذه الأطوار فإن النفوس بما لها نشأة عقلية تكون قديمة، وبما لها نشأة جسمانية فإنها حادثة[28].
لكن صيرورة النفس البشرية عقلاً فعالاً لا يعني أنها تدرك كل ما يدركه العقل الفعال، ولا أنها كل هذا العقل كما هو في ذاته، بل هي في كل تعقل مجرد تكون متحدة به من جهة هذا التعقل، وكلما ازداد تعقلها ازداد إتحادها به[29]. إضافة إلى أن هكذا إتحاد لا يعني حدوث تغير وتجدد وإستحالة كالذي يؤكد عليه صدر المتألهين.
فالسؤال عن كيفية حدوث الوجود المفارقي للنفس، مع أن الحادث عند الفلاسفة كما هو معلوم يفتقر إلى مادة والمجرد لا مادة له، هو سؤال يمكن الإجابة عليه بأن الحدوث النفسي الذي يحصل في عالمنا الأرضي يعبّر عن اتصال النفس بذلك المفارق وإنقلابها إليه، لا أن ذات هذا الوجود المفارق هو ما حصل له الحدوث والإنقلاب، بل النفس بما لها من إستعداد ومادة في تعلقها بالبدن، فآخر النشأة التعلقية للنفس هو أول درجات النشأة التجردية لها، والتحاق النفس إلى العالم المجرد المحض لا يفضي به إلى الحدوث والتغير، كما لا يتغير بإنبعاثها منه، فورود النفس إلى ذلك العالم بنحو صدورها منه؛ بلا إستحالة ولا تجدد ولا تغير[30].
هكذا للنفس البشرية مرتبتان في الوجود، إحداهما متصلة بالطبيعة البدنية، والأخرى متصلة بالجوهر العقلي ومستمدة منه. ففي المرتبة التي تتعلق فيها بالبدن تكون متبدلة فانية غير باقية، أما في مرتبتها العقلية فإنها ثابتة باقية مستمرة، فالعالم العقلي محفوظ عن التغير والفناء خلافاً لعالم الطبيعة المتجدد، والنفس مترددة بين العالمين، إذ لها وجه إلى الطبيعة ووجه آخر إلى العقل، فبوجهها الطبيعي تندثر وتضمحل، أما بوجهها العقلي فتحشر إلى عالم العقل ومأوى الأرواح فتعود إلى الله تعالى كما بدأت منه[31].
إضافة إلى وجود هاتين المرتبتين للنفس فلها مرتبة ثالثة تتوسط بين العالمين العقلي والطبيعي، وهو عالمها المثالي بعد مفارقة البدن الطبيعي كلياً[32]. كما أن لكل من هذه المقامات الثلاثة درجات تتفاوت في القوة والضعف والكمال والنقص، كإن يكون حس أقوى من حس آخر لها، كالبصر بالقياس مع السمع، وما إلى ذلك. ورغم كثرة هذه الدرجات والمقامات فإنها لا تتنافى مع وحدة وجودها وهويتها. وكذا الحال مع العقول التي هي أولى بذلك من النفوس، فلكل عقل وحدة جمعية تنطوي فيه مراتب وحدود غير متناهية، وكلها توجد بوجود واحد إجمالي، أعلاها وأشدها هو ما يلي أدون مراتب ما هو فوقه، وأدناها وأنقصها هو ما يليه أعلى مراتب ما هو تحته ويتلوه في سلسلة الإبداع[33].
وعليه فمن خلال مقالة إتحاد العاقل بالمعقول ظهر تفسير العديد من المسائل الفلسفية والعرفانية والدينية، كمسألة السعادة وغاية الخلق، والمقامات المتعددة للإنسان، سيما الكاملين منهم كالعرفاء والأولياء والأنبياء، وكذلك مسألة الحشر والفناء، على ما فصلنا الحديث عنها في (الفلسفة والعرفان والإشكاليات الدينية).
هذا ما يتعلق بإتحاد النفس البشرية وهي في جريها نحو العقل. لكن ماذا عن إتحاد العارف بالله كما تصر عليه الصوفية؟
واقع الأمر أن هناك تردداً واضحاً يظهره صدر المتألهين، فهو تارة يتبع التقليد الفلسفي نافياً الإتحاد وموجهاً المقالة الصوفية وجْهة أخرى، لكنه تارة ثانية يؤيد هذه المقالة ويبررها فلسفياً. ففي التقليد الفلسفي يقرُّ بأن هناك حجباً نورانية وظلمانية كثيرة تحجب عن معرفة الله ومشاهدته والاتصال به، حتى قدّر لجبريل أن يكون محتجباً عنه بآلاف الحجب، فكيف الحال بغيره من أفراد البشر الناقصين[34]؟!
وهو قد اعترف بعجز الإنسان عن أن يخرق تلك الحجب مهما تكامل وتسامى في الرفعة والعلو، بل وأقر بأن الممكنات قد لا يمكنها مشاهدة ذاته تعالى إلا من وراء حجاب أو حجب، بما في ذلك المعلول الأول الذي أجاز أن لا يشاهد ذاته تعالى إلا بواسطة مشاهدة نفس ذاته الممكنة، فيكون شهوده للحق بحسب شهود ذاته لا بحسب المشهود عليه. ومع هذا فإنه اعتبر ذلك لا يتنافى مع ادعاء العارفين بالفناء، بإعتبار أن الفناء يحصل بترك الإلتفات إلى النفس والاقبال بكلية الذات إلى الحق[35].
لكنه من جهة أخرى لجأ إلى المقالة الصوفية فاعتبر أن جميع الحجب النورية والظلمانية مرتفعة بحق العارفين، مما يجعلهم يشهدونه مشاهدة عينية دائمة دنيا وآخرة[36].
كذلك فهو من جهة أقرّ بإستحالة تعقل الحق وتصوره في الأذهان والعقول، معللاً ذلك بما يلزم عن تعقله من إنقلاب حقيقته، حيث يصبح أمراً ذهنياً مع أنه لا في موضوع، فضلاً عن أن المعلول لا يمكنه أن يتعقل علته إلا إذا كان المعلول علة والعلة معلولاً، فبحسب مفهوم قاعدة (العلم بالعلة يستلزم العلم بالمعلول) فإن معلومية شيء لشيء آخر بالكنه يستلزم معلوليته له، وهو منتف بحق ذات الحق.. لكنه من جهة أخرى، ورغم الإقرار السابق، فإن فيلسوفنا أجاز إمكانية الوصول إلى معرفة ذات الحق بطريق أخرى ليس من خلال التصور الذهني والتعقلات، ولا من خلال علاقة السببية بإحاطة المعلول للعلة، مما هو مستحيل، بل من خلال فناء السالك عن نفسه واندكاك جبل أنيته، حتى يصبح الأمر واحداً صرفاً، فتشهد ذات الحق على ذاته، كما قال بعض العارفين: «عرفت ربي بربي، ولولا ربي ما عرفت ربي»[37]. وعليه صرح بأن العارفين إذا وصلوا إلى لجة بحر الحقيقة كوشفوا بهوية الحق، وإذا استغرقوا في بحر الهوية الأحدية وبقوا ببقاء الإلوهية عرفوا الله بالله، وعرفوا به كل شيء[38].
فهذا هو الإتحاد الصوفي الذي يجوز تبريره فلسفياً إذا ما كانت الحقيقة هي حقيقة واحدة لها أطوارها وفنونها «فكل وجود سوى الحق الواحد لمعة من لمعات ذاته ووجه من وجوهه، وأن لجميع الموجودات أصلاً واحداً هو محقق الحقايق ومشيئ الأشياء ومذوت الذوات، فهو الحقيقة والباقي شؤونه، وهو النور والباقي سطوعه، وهو الأصل وما عداه ظهوراته وتجلياته، وهو الأول والآخر والظاهر والباطن»[39]. فحيث أن لهذه الحقيقة الواحدة قابلية على الإنبساط والقبض، فإنها من حيث إنبساطها يحصل ما يطلق عليه النزول والخلق والصدور، وهو أشبه بالحلول، لكنها من حيث إنقباضها يحصل ما يطلق عليه الصعود والعودة والموت والفناء والإتحاد. فهي في كل آن أزلاً وأبداً في بسط وإنقباض، ونزول وصعود، وحلول وإتحاد... الخ.
[1] الدرة الفاخرة، ص8ـ10.
[2] داود بن محمود القيصري: مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم، منشورات انوار الهدى، الطبعة الأولى، 1416هـ، ج1، ص25ـ26.
[3] تحفه، ص197.
[4] قرة العيون، ص163ـ 165.
[5] تحفه، ص138 و183 و196.
[6] قرة العيون، ص127ـ128.
[7] كسر أصنام الجاهلية، ص79ـ80.
[8] شرح الهداية الأثيرية، ص288.
[9] الأسفار، ج2، ص292ـ293. وقرة العيون، ص196. ولطائف العرفان، ص56ـ57.
[10] تحفه، ص195.
[11] الحديد/3.
[12] قرة العيون، ص181ـ183.
[13] الأنبياء/18.
[14] الأسفار، ج2، ص299ـ301. وقرة العيون، ص189ـ199. كذلك: لطائف العرفان، ص64. والشواهد الربوبية، ص50ـ51.
[15] فذكر يقول: «وبالجملة، وجود كل علة موجبة يتقدم على وجود معلولها الذاتي هذا النحو من التقدم، إذ الحكماء عرفوا العلة الفاعلة بما يؤثر في شيء مغاير للفاعل، فتقدم ذات الفاعل على ذات المعلول تقدم بالعلية، وأما تقدم الوجود على الوجود فهو تقدم آخر غير ما بالعلية، إذ ليس بينهما تأثير وتأثر ولا فاعلية ولا مفعولية، بل حكمهما حكم شيء واحد له شؤون وأطوار وله تطور من طور إلى طور» (الأسفار، ج3، ص257ـ258. وكذا في نهاية الحكمة، ص226).
[17] لطائف العرفان، ص86.
[18] قرة العيون، ص190ـ191.
[19] آراء أهل المدينة الفاضلة، ص85.
[20] كتاب المشارع والمطارحات، نفس المعطيات السابقة، ص501.
[21] المبدأ والمعاد، ص273ـ274.
[22] أسرار الآيات، ص91.
[23] المصدر السابق، ص63.
[24] مفاتيح الغيب، ص586.
[25] الأسفار، ج3، ص312ـ335، وج6، ص214 و188. كذلك: القسم الثالث والرابع من الإشارات والتنبيهات، ص698ـ705. لكن جاء في كتاب إبن سينا الأخير إنكاره للإتحاد، مشيراً إلى أن فرفريوس كان يقول به في كتاب له «يثني عليه المشّاؤون، وهو سخف حشف كله، وهم يعلمون من أنفسهم أنهم لا يفهمونه ولا فرفريوس نفسه». وانسجاماً مع هذه النظرة فسّر إبن سينا في كتابه (المباحثات) عملية تعقل العقل الإلهي والعقول المفارقة بما يخرجها عن «الإتحاد»، إذ يبادر بالسؤال ثم الجواب قائلاً: «إن كان التعقل هو أن يحصل للعاقل حقيقة المعقول، فإذاً تحصل لنا إذا عقلنا الإله والعقول الفعالة حقيقتها، فلكل منها إذاً حقيقتان فلِمَ لا يجوز أن يحصل لذواتنا أيضاً حقيقتان، وهناك يجوز؟ الجواب: إذا أمكننا أن نعقل المفارقات تصورت حقائق لها في نفوسنا، فتكون لها حقيقتان: حقائق في أنفسها لأنفسها وهي بها مفارقة، وحقائق مُصوِّرة فينا هي لنا، فلذلك هذه ليست بعقول» (المباحثات، في: أرسطو عند العرب، ص196).
[26] الأسفار، ج9، ص140. والشواهد الربوبية، ص245. وعرشية صدر المتألهين، ص228ـ229.
[27] الأسفار، ج8، ص367ـ369 و372.
[28] الأسفار، ج8، ص375.
[29] الأسفار، ج3، ص339.
[30] الأسفار، ج8، ص395ـ396.
[31] أسرار الآيات، ص67.
[32] الأسفار، ج8، ص375ـ376.
[33] الأسفار، ج7، ص255ـ256.
[34] ايقاظ النائمين، ص63ـ64.
[35] المبدأ والمعاد لصدر المتألهين، ص40. وتأكيداً لهذا المعنى صرح قائلاً: «لما علمت معنى الوصول والتقرب إلى الحق، فالإلتحاق به على هذا الوجه من صيرورة العبد لصفاء ذاته وتسوية وجهه مرآة لمعرفة الحق وأسمائه وصفاته، ومظهراً لأنواره وآثاره، علمت أن هذا ليس بإمتزاج ولا اتصال ولا حلول ولا إتحاد.. بل هو توجّه استغراقي وعلاقة إضمحلالية وعبودية تامة يحكم عليها شعاع طامس قيومي يمحو عنها الإلتفات إلى غير الحق، أي غير كان، وإن كان هوية العارف أي عرفانه من حيث هو عرفانه، فإن في ذلك شركاً خفياً وقولاً بالثاني، والتوحيد ينافيه» (ايقاظ النائمين، ص67).
[36] مفاتيح الغيب، ص190.
[37] انظر كلاً من: المبدأ والمعاد، ص33ـ34 و36. وأسرار الايات، ص22ـ23.
[38] أسرار الايات، ص105ـ106.
[39] شرح رسالة المشاعر، ص263.