-
ع
+

الفلاسفة وتحليل العلاقة الوجودية

يحيى محمد

ثمة ثنائية نسبية يمكن ان يلتمسها الباحث ضمن موضوعات أي نظام معرفي يُراد بحثه والكشف عن مكنونه. وتفترض هذه الثنائية وجود طرفين من الموضوعات يقوم أحدهما بدور المحور المرجعي في تحديد ما يترتب عليه الآخر.

فالطرف الأول هو بمثابة المنطلق المعلوم في قبال الطرف الآخر المجهول. وغالباً ما تتعدد المحاور المرجعية، وأحياناً قد تتبادل الأدوار فيما بينها، تبعاً لطبيعة ما يراد كشفه من القضايا المعرفية. وفي النظام المعرفي الوجودي نجد ان على رأس المحاور المرجعية في تحديد الآخر هو ذلك المتمثل في مبدأ الوجود الأول أو الذات الإلهية. وعليه فإن قراءتنا لهذا النظام ستعمل على كشف وتحليل الصلة الكائنة بين هذا المحور المرجعي وبين الآخر، تبعاً لاستحكام منطق السنخية الذي اتخذه النظام كأصل مولد للانتاج والفهم المعرفي، مثلما أوضحنا ذلك في حلقة (نُظم التراث).

ويتخذ (الآخر) في علاقته مع الذات الإلهية أشكالاً متعددة: فتارة يعبر (الآخر) عن الماهية عندما تكون الذات هي الوجود، وثانية يعبّر عن الصفات عندما تكون الذات هوية موصوفة، وثالثة يعبّر عن المعلول والشؤون عندما تكون الذات علة وأصلاً. وجميع هذه العلاقات محكومة بمنطق السنخية كمولد معرفي.

ويمكن تلخيص هذه العلاقات الثلاث بأنها: علاقة وجود، وعلاقة إدراك، وعلاقة تنزيل.

فللذات علاقة وجودية بالآخر، كما لها علاقة علمية به، بالإضافة إلى علاقتها به من حيث الإيجاد والتكوين. فالذات في العلاقة الأولى هي محض الوجود، وفي الثانية محض العقل، وفي الثالثة محض العلة والأصل.

وهذا التقسيم الثلاثي للرؤية الوجودية يناسب التصور الذي تطرحه كل من الرؤيتين الفلسفية والعرفانية. فعلى صعيد الرؤية الفلسفية ان الذات الإلهية - أو الوجود المحض - تُنشئ التنزيل بالعلم والإدراك. فالعلم هو سبب الوجود النازل، ولولاه ما كان هناك تنزيل قط، ولا كانت هناك رابطة بين الذات والآخر.

أما بحسب الرؤية العرفانية فثمة ثلاث حضرات إلهية، وهي حضرة الذات، والصفات، والربوبية أو الأفعال. والأولى هي الذات بغض النظر عن كل شيء، والثانية هي الحضرة العلمية، فالعلم هو أول ما تعينت به الذات. ومن حيث المقارنة بينهما، تتقوم الحضرة العلمية بحضرة الذات، فلا يمكن تصور الأولى من غير الأخيرة، والعكس ليس صحيحاً. أما الحضرة الثالثة، وهي الربوبية، فتعتمد بدورها على الحضرة العلمية من غير عكس. فلولا الأخيرة ما كانت الأولى، باعتبار ان الأفعال تتقوم بالعلم من دون عكس.

ونجد هذا المعنى حاضراً لدى إبن عربي الذي إعتبر مراتب الوجود هي هذه الحضرات الثلاث: المرتبة الأحدية التي لا وصف لها ولا إسم ولا رسم، فهي في عماء كما جاء في بعض الأحاديث. والمرتبة الواحدية أو الإلهية التي هي حضرة الأسماء والصفات السبعة وعلى رأسها صفة العلم، حيث ان أول تعينات الذات الإلهية أو الأحدية هي علمها بذاتها، ولصفة العلم مقام الإمام بالنسبة إلى بقية الصفات. فالعلم متقدم على الإرادة والقدرة والكلام والسمع والبصر. وحتى صفة الحياة رغم انها متقدمة على العلم وجوداً فإنها لا تستحق الإمامة لتقدم العلم بالشرف، إذ الحياة لا تظهر إلا بالعلم والإدراك، فهي بالتالي كالشرط والاستعدادية[1]. ثم ان العلم يقتضي وجود الأعيان الثابتة، أو حقائق الأشياء، ومنه تظهر بقية الصفات كالقادرية والمشيئة والتكلم إياها وشهودها سمعاً وبصراً. ومن ذلك يتبين دور ما يأتي من المرتبة الثالثة المسماة بالربوبية[2].

غير ان ما يهمنا هنا هو معالجة العلاقة الوجودية فحسب، وذلك كالآتي:

لقد شغل مبحث الوجود لدى الفلاسفة المسلمين مكانة هامة، خصوصاً ان الفلسفة تُعنى - كما في تعريف الفارابي لها - بالبحث في الموجودات بما هي موجودة[3]. فالوجود هو أوسع مفهوم للفلسفة واكثرها تجريداً، وقد اتخذه المتأخرون من الفلاسفة أول وأبرز المباحث التي يُعتمد عليها في تحديد قضاياهم الفلسفية.

لقد بدأ مفهوم الوجود كتعبير اضطر إليه الفلاسفة لوصف مبدأ الوجود الأول (الله). فهذا الاصطلاح يحمل العديد من الدلالات الفلسفية المفيدة، ولهذا الغرض وظّفه الفلاسفة المتقدمون ضمن الجهاز المفاهيمي للمنظومة الفلسفية، مع اعترافهم بأنه مفهوم مجازي لا يكشف عن طبيعة الهوية الإلهية.

هكذا بدا الحال في أول الأمر كالذي أفاده إبن سينا. لكن هذا المفهوم تعدى التعبير المجازي ليتخذ فيما بعد صفة الحقيقة الفعلية عند المتأخرين، بل وحتى عند المتقدمين أحياناً، وذلك بغية التخلص من عدد من الاشكالات الفلسفية، طالما ان الفلاسفة محكومون بالتعبير عن الأشياء ضمن الحصر المألوف بين الوجود والماهية، فالشيء هو إما ان يكون وجوداً أو ماهية، وإذا كان من المحال وصف مبدأ الوجود بالماهية، فإنه لا محالة ان يكون وجوداً.

فشهاب الدين السهروردي رغم اعتقاده بأن حقائق الأشياء تمثل ماهيات وليست وجودات، فالوجود عنده اعتباري ذهني محض، لكن قيل انه استثنى من ذلك مبدأ الوجود الأول؛ ليتخلص من الاشكالات التي يمكن ان ترد فيما لو إعتبر هذا المبدأ ماهية. وقد توسع الأمر لدى صدر المتألهين (المتوفى سنة 1050هـ)، حيث تجاوز المفارقة التي سقط فيها السهروردي، وهي المفارقة التي تجعل وجود نوعين من الطبيعة يختلفان تمام الاختلاف، وهي طبيعة العالم العلوي الذي حقيقته الوجود، وطبيعة العالم السفلي الذي حقيقته الماهية. وبالتالي فمن حيث منطق السنخية لم يتقبل هذه المفارقة، فالكل إما ان يكون وجوداً أو ماهية، وإذا كان الأصل وجوداً فإن ما يصدر عنه يتحتم ان يكون وجوداً هو الآخر. وبذلك أصبح القول بأصالة الوجود من المسلمات الفلسفية لدى المتأخرين. الأمر الذي جعل كتبهم تنطبع بهذا الطابع من البحث حول الوجود ومراتبه وعلاقاته تبعاً لذلك المنطق. لكن علينا أولاً ان نبحث في حقيقة ما قصده الفلاسفة من الوجود وعلاقته بالماهية قبل الخوض في الشؤون الأخرى المترتبة على ذلك.

تحديد العلاقة الوجودية

يُلاحظ ان المتأخرين من رجال النظام الوجودي قد تناولوا العلاقة الكائنة بين الوجود والماهية، سواء فيما يتعلق بمبدأ الوجود الأول المعبّر عنه بـ (واجب الوجود)، أو فيما يرتبط بالممكنات الصادرة عنه. لكن هذا البحث اتسم، في كثير من الأحيان، بنوع من التفكيك بين المطلبين، وأفضى أحيانًا إلى نتائج متباينة لأسباب ومبررات متعددة. بل إن الأمر دفعهم في كثير من الحالات إلى اعتماد مفهوم (الوجود) بمعانٍ متعددة لا تخلو من الغموض والالتباس.

وسنجد، ضمن السياقين المشار إليهما - سواء في بحث حقيقة واجب الوجود أو في بحث حقيقة الممكنات - أن بعض النصوص المصرَّح بها تجعل من المفهوم المتداوَل للوجود مفهوماً متعدد المعاني، بل ومتضارب المدلولات أحياناً.

وقبل الدخول في البحث عن حقيقة ما عليه الشيء الخارجي إن كان ماهية أو وجوداً، ضمن الخلاف الفلسفي المعروف، لا بد من التعرف على معاني كل من هذين المفهومين.

معنى الوجود والماهية

المقصود بالماهية – كما يُذكر - انها تطلق على معنيين: أحدهما ما به الشيء هو هو، وهي بهذا المعنى قد تطلق على نفس الوجود أيضاً، فيعبر بأنها نفس الإنية أو تأكد الوجود[4]. وبذلك تتخذ طابع الأعم، فكما تطلق على الوجود تطلق على غيره. لكن ما يراد من المعنى الآخر الذي يقابل الوجود - في محل النزاع - هو ما تكون في جواب (ما هو) جنساً كان أو نوعاً، وهو ما اصطلح عليه عنوان (الكلي الطبيعي). وبنظر بعض القائلين بأصالة الوجود فإن الماهية تُطلق على ثلاثة موارد مختلفة كالتالي[5]:

 1ـ إما ان تكون إنية، أي محض وجود كما في الباري تعالى، حيث ماهيته عين إنيته ووجوده.

 2ـ أو تكون غير إنية ولا مأخوذة بشيء معها، وبهذا الشكل تصبح على هيئة ما هي إلا هي، دون ان تكون موجودة بالوجود، فمفهومها هنا محض اعتبار ذهني لكونها غير متعلقة بذلك الوجود.

 3ـ أو انها غير إنية، لكنها مأخوذة بشيء مع الإنية، ككونها تابعة في وجودها بالعرض للوجود.

فالماهية على ذلك إما ان تكون محض وجود أو تابعة له استناداً إلى أصالته في العين، أو هي محض اعتبار لا وجود لها بأي شكل من الأشكال.

أما الوجود فكما ذكر صدر المتألهين انه يطلق بالاشتراك على ثلاثة معان كما يلي:

الأول: ذات الشيء وحقيقته، وهو الذي يطرد العدم وينافيه. والوجود بهذا المعنى يطلق على الواجب تعالى.

والثاني: المعنى المصدري الإنتزاعي المعبر عنه في لغة فارس (به هستى وبودن).

والثالث: معنى الوجدان والنيل.

وعلى رأي البعض ان اطلاق الوجود بالمعنى الأول على الواجب تعالى إنما يراد به الحقيقة؛ ليس فقط لدى الفلاسفة الحكماء، بل كذلك لدى الكثير من المشايخ الموحدين كالشيخين محي الدين الأعرابي وصدر الدين القونوي وصاحب (العروة)[6]، وكذا هو الحال عند عبد الرزاق الكاشاني والقيصري وحيدر الآملي.

ولو حذفنا المعنى الأخير للوجود، لعدم أهميته الدلالية على المقاصد الفلسفية، فسيقتصر بحثنا على المعنيين الأول والثاني. فهناك المعنى الإنتزاعي العام، وهو الذي ينتزع من الأشياء في الخارج، كإنتزاع المعاني المصدرية العامة مثل الشيئية والممكنية والحيوانية وغير ذلك من المفاهيم الذهنية المصدرية. ويضاف إليه المعنى الذي يراد به ما يقابل العدم، وهو بهذا المعنى له حقيقة واحدة هي عبارة عن محض التحصل والثبوت والكون والتحقق والفعل والصيرورة في الأعيان[7].

وكمقارنة بين هذين المعنيين حدد صدر المتألهين الوجود الذي يقابل العدم بأن حقيقته لا تحصل بكنهها في ذهن من الأذهان، حيث انه ليس أمراً كلياً، فوجود كل موجود هو عينه الخارجي، والخارجي لا يمكن ان يكون ذهنياً. أما المتصور من الوجود فهو مفهوم عام ذهني منتزع؛ يقال له الوجود الإنتسابي الذي يكون في القضايا، والعلم بحقيقة الوجود لا يكون إلا حضوراً إشراقياً وشهوداً عينياً، وحينئذ لا يبقى الشك في هويته[8].

وفي تعبير له، رأى ان مفهوم الوجود هو نفس التحقق والصيرورة في الأعيان، كما انه في الأذهان أيضاً، إذ هو مفهوم عام بديهي التصور ويكون عنواناً لحقيقة نورية. والوجود هو أبسط من كل شيء وأول كل تصور، فهو متصور بذاته بحيث لا يمكن تعريفه بما هو أجلى منه لفرط ظهوره وبساطته. وإذا أريد تصويره فانما لأجل التنبيه والإخطار، وذلك عن طريق الأسماء المرادفة له كالثابت والحاصل وغير ذلك، ومفهومه معنى عام واحد مشترك بين الموجودات[9]. لذلك فإن بعض العرفاء منع تعريفه لبداهة تصوره وبساطته من أي شيء آخر[10].

ولا شك ان هذا المعنى للوجود هو على الضد من ذلك المعنى الذي يشكل قضية ذهنية أو مقولة منطقية، وهو يشابه المعنى الذي لجأ إليه بعض المفكرين الغربيين من أمثال هايدجر الذي أعاب معالجة الوجود بحسب وصفه كقضية أو مقولة ذهنية، انما أخذ بمعالجته على النحو الفينومينولوجي المعتمد على الاتصال المباشر بالمعطيات الخارجية، فالوجود عنده ليس غير تلك الكينونة التي ندركها مباشرة بلا واسطة. ومنه يُفهم كيف ان كوجيتو ديكارت (أنا أفكر فأنا موجود) يمكن أخذها بعنوانين، أحدهما باعتبارها قضية استدلالية، حيث يكون الفكر والوجود معبرين عن قضيتين متلازمتين، إذ لا يوجد فكر بلا وجود، أو ان الأول يقتضي الثاني. كما يمكن أخذ تلك المقولة باعتبار ما عليه الواقع المباشر لعلاقة الوجود بالفكر، إذ تعبر المقولة عن علاقة حضورية لا يصح معها الاستدلال لوضوحها وبداهتها العينية، إذ يصبح الفكر فيها وجوداً حاضراً، أو ان عينية الفكر هي الوجود بلا وساطة شيء آخر كالذي تفرضه طبيعة الاستدلال من الحدود الوسطى.

والواقع ان المعنى الإنتزاعي للوجود منتزع عن المعنى الذي يقابل العدم، فلولا هذا المعنى الخاص ما كان ذلك المعنى، فنفهم ان الأول عنوان للآخر، والآخر معنون له. وإذا كان الفلاسفة قد اتفقوا حول المعنى العام للوجود من كونه اعتبارياً لا حقيقة له في الخارج، فإنهم اختلفوا حول معناه الآخر إن كان له حقيقة خارجية أم لا؟ وقد آل العديد من المتأخرين إلى تبني القول بحقيقته وأصالته في العين، وأصبح منذ مجيء صدر المتألهين هو الاعتقاد السائد، في حين مالَ عدد من الفلاسفة والمحققين قبله إلى اعتبار الماهية هي الحقيقة العينية، كما هو الحال عند الشيخ السهروردي والمحقق الدواني والسيد باقر الداماد، ولم يتجرأ أحد ان يقول بأصالة اشتراك الوجود والماهية معاً في العين، إذا ما استثنينا شيخ الطريقة الاحسائي ومن بعده الشيخ هادي النجفي[11]، لعدة اعتبارات أهمها: ان القول بالاشتراك يعني كون الأمر الواحد يصبح شيئين متباينين، وهذا ما يؤدي أيضاً إلى التركيب في العقل الأول الذي صدر عن الحق تعالى، فضلاً عن ان ذلك يفضي إلى ان لا يكون الوجود عبارة عن نفس تحقق الماهية وكونها[12].

لذا فمن قال بأصالة الماهية، إعتبر الوجود لا حقيقة له خارجاً، واكتفى بعدّه من المفاهيم الذهنية المنتزعة عن الماهيات في العين. وكذا من قال بأصالة الوجود؛ إعتبر الماهية لا حقيقة لها خارجاً بحسب الذات، واكتفى ان يضفي عليها صفة الاعتبار والإنتزاع الذهني، إذا ما أُخذت في حد ذاتها، وإلا فقد قُدّر لها ان تكون موجودة بالعرض والتبع للوجود.

غير ان التحقق الخارجي للوجود الذي جاء بمعنى الكون والحصول والثبوت قد أفاد في حل الكثير من المشكلات الفلسفية، ولا شك ان المقصود به يقابل معنى الماهية، أي ان الماهية من حيث ذاتها لا توصف بالوجود والعدم، انما توصف بالوجود عندما يكون لها تحصل وفعلية.

لكن مع هذا فللوجود معنى آخر مختلف تردد لدى نفس من يقول بالمعنى الأول، حيث يقصد به هذه المرة بأنه عين الماهية عند تحققها، الأمر الذي يجعل بينها وبينه نوعاً من السنخية والشبه، إذ تكون ظلاً له في عالم التصور والتحليل، لكنها عينه في عالم التحقق والتشخص. أي ان للماهية اعتبارين أحدهما تعبر فيه عن نفس الوجود عند تحققها، والآخر لا تعبّر عن الوجود لكونها من حيث ذاتها لا توصف بالوجود والعدم.

هكذا لدينا معنيان للوجود، أحدهما له دلالة فعلية أو كونية، حيث يشير إلى الكون والفعل والتحقق، والآخر له دلالة ذاتية لأنه يشير إلى معنى الذات أو الهوية والماهية. ولكل من المعنيين فائدته الاستثمارية.

إذاً، المهمة الأولى التي يجب التحقيق فيها هي إثبات ان هناك معنيين مرادين للوجود، حيث سندل على ذلك بعدد من الاشارات والنصوص التي أفادنا بها أحد أبرز القائلين بأصالة الوجود وأهم المنظرين في حقل النظام الوجودي، وهو صدر المتألهين الشيرازي. لنبدأ بالمعنى الأول كالآتي:

المعنى الفعلي للوجود

لقد أدلى صدر المتألهين وغيره من الفلاسفة بالعديد من النصوص التي تشهد على المعنى الفعلي والكوني للوجود في قبال الماهية. فكثيراً ما يعبر هذا الفيلسوف عن الوجود بأنه محض التحصل والفعلية[13]. أو انه ليس له في ذاته إلا الحصول والفعلية والظهور[14]، أو الثبوت والتحقق والتشخص[15]. وكان القيصري شارح (فصوص الحكم) لإبن عربي يؤكد على هذه المعاني، فالوجود عنده وعند العديد من العرفاء هو الكون والحصول والتحقق والثبوت[16]، وهو بهذا المعنى لا يمكن ان يكون اعتبارياً[17].

فبعض العرفاء يرى ان الوجود هو ما يتحقق به الشيء في الخارج، ومن تعابيرهم انه عبارة عن الكون في الخارج[18]. وعلى ما يرى العارف عبد الرزاق الكاشاني فإن الوجود موجود بذاته لا بغيره، بل هو المقوم لكل شيء سواه، وهو غني بذاته عن كل شيء، والكل مفتقر اليه[19]. أو هو عبارة عن حقيقة واحدة ونوع بسيط لا جنس له ولا فصل له ولا يعرض له الكلية والعموم والجزئية والخصوص، وهو حقيقة واحدة مشتركة بين جميع الماهيات بالاتحاد بها، فالوجود ظاهر بذاته بجميع أنحاء الظهور، ومُظهر لغيره، حيث به تظهر الماهيات[20]. وهذه الأخيرة بحسب نفسها لا يحكم عليها بالإنتساب إلى غيرها ما لم يكن لها كون أو وجود تُنسب به إلى مكونها وجاعلها، وليس المقصود من الوجود إلا ذلك الكون الذي لا يمكن تعقله وإدراكه إلا بالشهود الحضوري[21].

وبالتالي فالوجود هو نفس ثبوت الماهية لا ثبوت شيء للماهية حتى يكون فرع ثبوت الماهية[22]. أو ان الوجود ليس إلا كون الشيء لا كون الشيء لشيء[23]. وان الماهية إذا كانت، فكونها بعينها هو وجودها[24]. فالوجود ليس ما به يوجد الشيء في الأعيان أو في الأذهان، إذ هو نفس تحقق الشيء وصيرورته في شيء منهما لا غير[25]. أو ان الوجود في كل شيء عين تشخصه، وتشخصه عين وجوده، فمفيض وجوده مفيض تشخصه[26]. وكذا القول إن الوجود هو نفس صيرورة الشيء في الأعيان[27].

وعليه، فمما يُذكر في أصالة الوجود هو ان الفاعل يفيد الماهية المعدومة شيئاً حين تصير موجودة، وليس هذا الشيء إلا الوجود، حيث لا تصير الماهية موجودة بغير الوجود[28].

والعلاقة بين الوجود والماهية لها نوع من الإتحاد، ففيه يكون الوجود موجوداً بذاته وتكون الماهية موجودة بوجوده. إذ يمكن للعقل ان يحلل ويفكك الموجود إلى ماهية ووجود، فيحكم بتقدم الأخير على الأولى، أما الأصل في الخارج فهو الوجود باعتباره الصادر عن الجاعل بالذات، وتكون الماهية متحدة به محمولة عليه، لكن لا كحمل العرضيات اللاحقة، بل حملها عليه وإتحادها به وفق نفس هويته وذاته.

وبذلك يكون الوجود أولى وأسبق من الماهية وجوداً وحقيقة. ذلك انه لما كانت حقيقة كل شيء هي خصوصية وجوده التي تثبت له، فالوجود أولى من ذلك الشيء، بل من كل شيء ذي حقيقة، كما ان البياض أولى ببياضه مما ليس ببياض ويعرض له البياض، فالوجود بذاته موجود، أما سائر الأشياء غير الوجود فليست بذواتها موجودة، بل الوجود يعرض لها فتكون موجودة. ومن ثم فإن الوجود هو الموجود كما ان المضاف هو الإضافة، لا ما يعرض لها من الجوهر والكم والكيف وغيرها؛ كالأب والمساوي والمشابه وغير ذلك.

ونُقل عن بهمنيار في (التحصيل) انه قال: ‹‹وبالجملة فالوجود حقيقة انه في الأعيان لا غير، وكيف لا يكون في الأعيان ما هذه حقيقته››[29].

وبعبارة أخرى، إن اتصاف الماهية بالوجود هو أمر عقلي ليس كاتصاف الشيء بالعوارض الخارجية؛ كالجسم بالبياض. فكون الماهية والوجود معاً في الواقع يعني كون الوجود بذاته موجوداً والماهية متحدة به وموجودة به لا بغيره، فالفاعل إذا أفاد الماهية أفاد وجودها، وإذا أفاد الوجود أفاده بنفسه.

وبهذا يكون الوجود متقدماً على الماهية، وهذا التقدم ليس كتقدم العلة على المعلول إذ لا يتضمن التأثير، فالماهية غير مجعولة، ومن ثم لا يلوحها التأثير والعلية. كما ان هذا التقدم ليس كتقدم القابل على المقبول، بل انه كتقدم ما بالذات على ما بالعرض، وما بالحقيقة على ما بالمجاز[30]. وكما قال ملا هادي السبزواري: ان ‹‹المتقدم والمتأخر وإن كانا ماهية لكن ما فيه التقدم والتأخر هو الوجود الحقيقي››[31].

ولدى تحليل صدر المتألهين لمسألة نجاسة الكلب والكافر، أفاد بأن في الأمر شيئين، أحدهما وجوده، والآخر ماهيته أو ذاته، فهو من حيث ماهيته التي هي بمعنى ذاته فإنه نجس، أما من حيث وجوده الذي هو بمعنى الكون فهو طاهر ليس بنجس[32].

كما سبق لنصير الدين الطوسي ان ميّز بين الوجود والماهية تبعاً لذلك المعنى، إذ اعتبر أن الماهية تعبّر عن الذات والهوية، في حين أن الوجود يعبّر عن تحقق تلك الماهية وكونها. فقد ورد عنه - وهو يحلل اعتبارات التكثر في الصدور - انه اعتبر كون المعلول صادراً عن الأول يسمى وجوداً من حيث صدوره، أما من حيث كونه هوية ملازمة لذلك الوجود، فهو ماهية[33].

هكذا يتبين ان المقصود من الوجود هو ليس الماهية المتحققة، بل تحقق الماهية، أو انه محض التحصل والتشخص والكينونة، وبه تكون الماهية موجودة، فالمعنى المعطى للوجود هنا هو عين الفعل والكون وليس الذات والهوية، أو انه عين الإضافة وليس المضاف. وبالتالي من المحال ان نجد – هنا - أي نسبة شبه أو حكاية بين الوجود والماهية، فليس هناك شَبه وظلية بين معنى الذات من جهة، ومعنى الفعل والكون والحصول من جهة أخرى.

المعنى الذاتي للوجود

في قبال المعنى السابق يظهر لنا معنى آخر مختلف، ففيه يكون الوجود عين الذات المتحققة وليس الفعل والكون، وبه تتحقق صورة شبحية الماهية وحكايتها له، فصورتنا الذهنية للذات المتشخصة في الخارج تحاكي ما هي عليه، وبالتالي فإن الماهية الذهنية تطابق ما عليه الوجود الخارجي.

وبهذا المعنى تكون الماهية في الخارج هي عين الوجود لا غير، خلافاً للمعنى الأول، فالنار كصورة ذهنية مثلاً هي ماهية محضة، لكنها كحقيقة خارجية تكون ماهية متشخصة، فالصورة والحقيقة الخارجية كلاهما يمكن تسميتهما بالماهية، سوى انها في الخارج لها اثارها الفعلية بخلاف ما هي عليه في الذهن، لهذا يطلق عليها الوجود في الخارج دون الذهن، باعتبارها غير موجودة إلا بحسب الوجود الذهني، وهو نحو من الوجود. فهذا هو معنى كون الوجود عين الماهية في الخارج. لكن بهذا المعنى يفضي الخلاف بين القائلين بأصالة الماهية وأصالة الوجود إلى خلاف لفظي كما سنعرف.

ومن دلالات هذا المعنى هو ان صدر المتألهين إعتبر الوجود هو الأصل والماهية تبعاً له، كاتّباع الظل للشخص، والشبح لذي الشبح من غير تأثر وتأثير، فالوجود موجود في نفسه بالذات، والماهية موجودة بالوجود أو بالعرض، وبهذا الإتحاد متحدان[34]. ومثّل على ذلك بوجود الصور في المرايا، حيث وجودها بالعرض بتبعية الأشخاص، ووجودها على سبيل الحكاية في الخارج، وكذا الأمر بالنسبة للماهية أو الكلي الطبيعي، إذ انها بحسب ذاتها ليست موجودة وما شمت رائحة الوجود، ولكنها من حيث نسبتها إلى الوجود فهي موجودة بالعرض لأنها تمثل حكاية الوجود، ليست معدومة مطلقاً ولا موجودة من حيث الأصل، بل وجودها ظلي تابع للوجود[35].

وانطلاقاً من هذا المعنى إعتبر ان أي نحو من أنحاء الوجود تتبعه ماهية خاصة من الماهيات، وذلك كتابعية الصورة الواقعة في المرآة للصورة المحاذية لها. فكما ان الظل يوجد بوجود ذي الظل ويتقدر بتقدره ويتشكل بتشكله ويتكيف بتكيفه ويتحرك بتحركه ويسكن بسكونه، وما إلى ذلك من الأوصاف التي تتعلق بها الرؤية، وذلك عن طريق الحكاية والتخيل وليس الأصالة والحقيقة، فكذا حال الماهية قياساَ بالوجود وتوابعه، حيث ان الماهية هي نفسها خيال الوجود وانعكاسه الذي يظهر منه في المدارك العقلية والحسية، وعليه يتقرر الأمر عند صدر المتألهين ما ذهب إليه المحققون من العرفاء من ان العالم كله خيال في خيال[36].

ومن تصريحاته التي تفيد كون الوجود هو نفس الماهية قوله: ‹‹الوجود عين الماهية خارجاً وغيرها ذهناً››، وكذا: ‹‹الوجود عين الماهية على تقدير العينية فلم يكن بينهما اتصاف بالحقيقة وغيرها››، وأيضاً: ‹‹ثبت كون وجود كل ممكن عين ماهيته في العين››، ومثله: ‹‹الوجود نفس الماهية عيناً››، كذلك قوله: ان كلاً من الماهية والوجود ‹‹غير الآخر حسب المعنى عند التحليل الذهني مع إتحادهما ذاتاً وهوية في نفس الأمر››[37].

إذاً، يلاحظ ان هذا المعنى هو ليس كالمعنى الأول الذي يفيد الفعلية والصيرورة. مع هذا فهناك نصوص قد تكون قابلة لأن تفهم بحسب المعنى الأول أو المعنى الثاني. وربما ان بعض النصوص التي طرحناها ما يقبل الفهم الآخر، وذلك لدقة المعاني وتقاربها ولوجود عدد من المشتركات بين المعنيين، رغم التعارض بينهما، فأحدهما يعطي دلالة الفعل والكون والثبوت، والآخر يعطي دلالة الذات والماهية الخارجية، أي أحدهما يعبّر عن الوجود بأنه كون الماهية وثبوتها وتحققها خارجاً، والآخر يعبّر عنه بأنه ذات الماهية خارجاً. وإذا كان المعنى الأخير يفضي إلى ان تصبح العلاقة بين الوجود والماهية غير المتحققة هي علاقة شيء بصورته، أحدهما يحاكي الآخر، فإنه بحسب المعنى الأول لا يمكن ان نتصور أي علاقة شبه ومحاكاة بين الأمرين، حيث يكون الوجود فعلاً وكينونة، وتكون الماهية ذاتاً وهوية.

لكن يظل ان المشترك في المعنيين (الفعلي والذاتي) هو اعتبار الماهية تابعة للوجود، وان وجودها عرضي نسبة للوجود، حيث انه متحقق بذاته.

***

ما ننتهي إليه هو أنّ هناك تردداً حقيقياً في تصور الوجود، لا من خلال فهمنا لنصوص المتأخرين من الفلاسفة فحسب، بل من حيث توظيفهم له أيضاً. فتارة يراد من الوجود ما يُستدل به على بعض القضايا التي تتسق مع معنى الفعلية، كالكون والصيرورة، وأخرى يراد به الاستدلال على قضايا تنسجم مع معنى الذاتية أو الماهية. ولا شك ان بين المفهومين بوناً شاسعاً، لكن شاء المتأخرون ان يقعوا في عدد من المفارقات عندما وجدوا أنفسهم أمام محاولات للتوفيق بين الرؤية الوجودية وبين القضايا الإسلامية. ومن أبرز هذه المفارقات ما يرتبط بالمبدأ الأول وعلاقته بالماهيات أو الأعيان الثابتة، إذ غالباً ما ينكرون وجود أي شبه أو تشاكل بينهما، رغم أن الماهيات تمثل صور الأشياء، وأن ثمة تشاكلاً بيّنًا بينها وبين تلك الأشياء. كذلك فإن المبدأ الأول يمثل صور كل هذه الأشياء، فكيف لا يكون هناك شبه وتشاكل بينهما؟!

ولو أردنا تبرير ذلك لوجدناه جاهزاً من حيث النظر إلى حمل الوجود على المعنى الأول فحسب. فالتوظيف الفلسفي تارة يتكئ على الوجود بمعناه الأول الدال على الفعلية والتحقق، كالذي يتعلق بعدد من المباحث الخاصة بمبدأ الوجود الأول، وأخرى ان هذا التوظيف يتكئ على الوجود بمعناه الثاني (الذاتي)، كالذي كشفنا عنه في دراسة مستقلة.


[1]     علماً بأن القيصري شارح (فصوص الحكم) يرى ان الإسم الحي هو إمام الأسماء السبعة، لأن هذه الصفات لا يتصور وجودها إلا بعد الحياة، وهو خلاف رأي إبن عربي كما قدمنا (داود بن محمود القيصري: مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم، منشورات أنوار الهدى، الطبعة الأولى، 1416هـ،، ج2، ص155).

[2]     محي الدين بن عربي: رسالة في أسرار الذات الإلهية، ضمن رسائل إبن عربي (1)، تحقيق وتقديم سعيد عبد الفتاح، مؤسسة الانتشار العربي، الطبعة الأولى، 2001 م، ص198-200. وانظر أيضاً: جمال الدين الأفغاني: مرآة العارفين، ضمن رسائل في الفلسفة والعرفان، إعداد وتقديم هادي خسروشاهي، وزارة الثقافة والارشاد الإسلامي، طهران، الطبعة الأولى، 1417هـ، ص131.

[3]     الفارابي: كتاب الجمع بين رأيي الحكيمين، تقديم وتحقيق البير نصري نادر، المطبعة الكاثوليكية، بيروت، 1960م، ص80.

[4]     الإنية هي اصطلاح فلسفي قديم تعني تحقق الوجود العيني، والمرجح انها مشتقة من (إنّ) التي تفيد التأكيد والقوة في الوجود (جميل صليبا: المعجم الفلسفي، الشركة العالمية للكتاب، بيروت، 1414هـ ـ1949م، ج1، ص169).

[5]     صدر المتألهين الشيرازي: شرح الهداية الاثيرية، طبعة حجرية قديمة، 1313هـ، ص322-323.

[6]     صدر المتألهين: ايقاظ النائمين، مقدمة وتصحيح محسن مؤيدي، مؤسسة مطالعات وتحقيقات فرهنگي، 1982م، ص10.

[7]     محمود شهابي الخراساني: النظرة الدقيقة في قاعدة بسيط الحقيقة، انجمن حكمت وفلسفة ايران، 1399هـ، ص4-5.

[8]     ملا محمد جعفر اللاهيجي: شرح رسالة المشاعر، مقدمة وتصحيح وتعليق جلال الدين اشتياني، نشر مكتب الاعلام الإسلامي، طهران، ص1434.

[9]     صدر المتألهين: المبدأ والمعاد، مقدمة وتصحيح جلال الدين اشتياني، انجمن حكمت وفلسفة ايران، 1976م، ص101.

[10]    حيدر الآملي: رسالة نقد النقود في معرفة الوجود، منشورة في ذيل جامع الأسرار ومنبع الأنوار للاملي، ص624.

[11]    فقد وضع الشيخ هادي بن محمد امين الطهراني النجفي (المتوفى سنة 1321هـ) رسالة في (اتحاد الوجود والماهية) أثبت فيها كونهما اصيلين معاً، لا واحد منهما فقط (عبد الله نعمة: فلاسفة الشيعة/حياتهم وآراؤهم، منشورات دار مكتبة الحياة، بيروت، ص366).

[12]    ملا هادي السبزواري: شرح المنظومة، طبعة حجرية، ص29-30.

[13]    ايقاظ النائمين، ص6.

[14]    صدر المتألهين: الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة، مع تعليقات ملا هادي السبزواري ومحمد حسين الطباطبائي، دار احياء التراث العربي، بيروت، الطبعة الثانية، 1981م، ج1، ص259. والسهروردي: المشارع والمطارحات، ضمن مجموعة في الحكمة الإلهية من مصنفات السهروردي، صححه هنري كربين، مطبعة المعارف، استانبول، 1945م، ص354.

[15]    محمد حسين الطباطبائي: بداية الحكمة، دار المصطفى، بيروت، الطبعة الثانية، ص23. وكذا شبيه له في: نهاية الحكمة، مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين في قم، 1404هـ، ص268.

[16]    القيصري: مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم، مصدر سابق، ج1، ص17و52. ورسالة نقد النقود، مصدر سابق، ص634-635.

[17]    مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم، ج1، ص14. ورسالة نقد النقود، ص632.

[18]    رسالة نقد النقود، ص624.

[19]    رسالة نقد النقود، ص631.

[20]    الأسفار العقلية الأربعة، مصدر سابق، ج1، ص68.

[21]    شرح رسالة المشاعر، مصدر سابق، ص61.

[22]    الأسفار، ج1، ص43. وكذا مثله في شرح رسالة المشاعر، ص115.

[23]    شرح رسالة المشاعر، ص143. ومثل ذلك في: صدر المتألهين: الشواهد الربوبية، مقدمة وتصحيح وتعليق جلال الدين اشتياني، مركز نشر دانشكاهي، الطبعة الثانية، ص10.

[24]    المبدأ والمعاد، مصدر سابق، ص24.

[25]    المبدأ والمعاد، ص26.

[26]    صدر المتألهين: المظاهر الإلهية، تحقيق وتقديم وتعليق جلال الدين اشتياني، چابخانه خراسان، مشهد، ص16.

[27]    الأسفار، ج1، ص48.

[28]    المشارع والمطارحات، مصدر سابق، ص345.

[29]    الأسفار، ج1، ص38-39.

[30]    شرح رسالة المشاعر، ص98-100.

[31]    السبزواري: شرح المنظومة، مصدر سابق، ص32.

[32]    صدر المتألهين: رسالة جبر وتفويض، ص7. وتفسير القرآن الكريم، حققه وضبطه وعلق عليه محمد جعفر شمس الدين، دار التعارف، 1419هـ - 1998م، ج5، ص114.

[33]    نصير الدين الطوسي: مصارع المصارع، تحقيق حسن المعزي، نشر مكتبة المرعشي، قم، 1405 01هـ، ص88 و97 . كذلك: الأسفار ج1، ص5. وملا نعيم الطالقاني: أصل الأصول، مقدمة وتصحيح وتعليق جلال الدين أشتياني، طبعة طهران، ص82-83.

[34]    الشواهد الربوبية، مصدر سابق، ص8.

[35]    الشواهد الربوبية، ص40-41.

[36]    الأسفار، ج1، ص198.

[37]    لاحظ شرح رسالة المشاعر، ص112-113 و127-136.

comments powered by Disqus