تلخيص المحاضرة بقلم الكاتب: أيمن عبد الستار
1ـ الفهم غير النص ، بمعنى ، فهم الدين يختلف دائما عن الدين نفسه ، وهذا ينطبق على كل العلوم الطبيعية والانسانية وليس فقط الدينية ، وعلى هذا كل ما نحصل عليه من معرفة إنما يكون معرفة تقريبية وليست نهائية ، ويسعى علم الطريقة إلى الوصول إلى نتائج قريبة من النص بقدر الامكان.
2ـ النص وحده لا ينتج عنه الفهم ، بل يعتمد المرء على قبليات تساهم فى تفسير النص ، ومن المستحيل وجود فهم بدون قبليات ، وكلما كنا على وعى بقبلياتنا كلما زادت فرصتنا فى فهم أقرب للنص
ويسعى علم الطريقة إلى وضع معايير لصحة الفهم ، وكل نظام معرفى له مسلماته التى تؤخذ بدون برهان ، لإنها مفيدة ومنتجة ، ولا يمكن وضع كل البدايات والمسلمات تحت الاختبار وإلا سقطت كل العلوم ، فكل العلوم تحتاج إلى مسلمات بدون برهان ، وقد تم تطبيق ذلك فى علم الرياضيات وباقى العلوم ، حيث يتم التسليم ببديهيات لا يمكن إرجاعها إلى معرفة أخرى ، فبداية المعرفة لا يمكن أن تسلسل إلى ما لا نهاية ، فمثلا كل المعارف قائمة على مبدأ عدم التناقض ، وهو بحد ذاته لا يمكن البرهنة عليه ، لكن فى نفس الوقت لا يمكن اهماله وإلا سقطت النظرية وسقطت المعرفة ، وكل علم له مسلماته الأساسية التى لا دليل عليها بينما هى صحيحة فى نفسها ، كما أوضح ذلك العالم الرياضى جودل فى مفارقته ، فأنت تعود بكل مسلمة إلى ما قبلها حتى تصل إلى مسلمة تقبلها بلا برهان وإلا ستسقط المعرفة نفسها ، والعلم نفسه ، وقد أصيب آينشتاين بصدمة كبرى جراء مفارقة جودل هذه ، وقد اعترض آينشتاين نفسه على نظرية الكم لإنه كان يؤمن بمسلمات لا تقبل البرهنة ، كما عنده أن الواقع الموضوعى لا يمكن انكاره ولا يمكن البحث عن وجوده من عدمه .
نفس المنطق نجده عند الفيلسوف فنتجنشتاين حيث قال أن الوصول إلى البديهيات الأولى لا يحتاج إلى دليل والتسلسل لا يمكن الاستمرار فيه إلى ما لا نهاية ، وحسب فنتجشتاين يحتاج المرء إلى قفزة إيمان كى تكون المعرفة ممكنة .
وفى كتابه الاستقراء والمنطق الذاتى ، يختلف يحيى محمد مع المفكر المرحوم باقر الصدر فيما يتعلق بإمكانية الوصول للواقع الموضوعى من خلال الاستقراء ، فبحسب يحيى محمد معرفة الواقع الموضوعى أشبه بغريزة وضها الله فى الإنسان ولا يمكن التدليل عليها ولا يمكن الهروب منها فى نفس الوقت، بل تتقبلها النفس بغير حاجة لبرهان .
كل علم يمر ببداية غامضة ، ثم بتوالى البحث يزداد هذا العلم وضوحا وعمقا ويصل إلى آفاق ما كانت تخطر على بال ، ففكرة الذرة كانت غامضة فى بدايتها ،ثم أصبحت مقبولة ومعترف بها ، وعلى هذا يعتبر يحيى محمد أن علم الطريقة مر أيضا بهذا النمط ، فقد بدأ فيه عام 1994، والآن وصل المجلد الأول فى 500 صفحة وأصبح أكثر وضوحا ، وعلم الطريقة يجمع بين فن التأويل ( الهرمنوطيقا ) و الابستمولوجيا المرتبطة بالعلوم الطبعيية التى يقل فيها التأويل ، فكل هرمونوطيقا تجد فيه جانبا من الابستمولوجيا والعكس صحيح ، كما فعل يحيى محمد فى كتابه " منهج العلم والفهم الدينى " ، حيث تعرض للفيزياء بوصفها أكثر العلوم اكتمالا، وبين الفهم الدينى .
كثيرا ما يتم تفسير النصوص عبر اسقاط النزعات وقبليات غير واضحة على النص ، لذا يسعى يحيى محمد إلى وضع قبليات منضبطة ، فبينما يتعمل العلمانى مع النص من الخارج ، عن طريق اخضاعة للتحقيق من ناحية صدقة أم لا ، ويخضعه إلى أفق التوقع والانتظار وغير ذلك ، وهو ما يسير علم الطريقة عكسه ، فينظر إلى النص من الداخل ، ولا يتعامل مع النص بهذه الطريقة ، فيعتبر القرآن (النص الدينى الأساس) هو صحيح بلا حاجة لإثبات .