دروس الفلسفة والعلم والمنطق الاستقرائي(1)
سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ
خلاصة الدرس الأول
تقسيم مباحث الفلسفة والمجرى التاريخي لها
مباحث الفلسفة
أ - مبحث المعرفة (الابستموليجيا)
ويعني التفكير في المعرفة ذاتها، اي جعل المعرفة هي موضوع البحث من خلال مصدرها وقيمتها ونموها....الخ
ب - مبحث الوجود (الانطلوجيا)
وهو البحث في الوجود العام
ج - مبحث القيم (الاكسيولوجيا)
وهو كل ما يتعلق بمباحث الخير والشر والحرية والجمال والفن والمسائل الاخلاقية .....الخ
لذا فالتسلسل من الناحية المنطقية يكون بهذا الاتجاه الخطي :-
نظرية المعرفة تتقدم على نظرية الوجود وتؤثر عليها، ونظرية الوجود ايضاً تتقدم على نظرية القيم وتؤثر عليها.
المجرى التاريخي
وهو ان الفلسفة بداءت من مبحث الوجود الانطلوجيا وليس من مبحث المعرفة الابستمولوجيا كما في تقسيم مباحث الفلسفة . وساد هذا المبحث لفترة زمنية طويلة حتى العصر الحديث.
مراحل تاريخ الفلسفة
1) اولاً: مرحلة الفلسفة التقليدية :
وهي المتمثلة بالبحث في الوجود وقد بدأت منذ الفلسفة اليونانية وحتى امتداداتها كالفلسفة الاسلامية. وفي هذه المرحلة كانت الفلسفة ام العلوم، اي ان كل العلوم نشاءت من الفلسفة واستمرت بهذا الشكل حتى استقلال العلوم شيئا فشيئا عن الفلسفة من قرن السابع عشر فصاعدا
2) ثانيا : مرحلة الفلسفة الحديثة :
وهي المتمثلة بالبحث في نظرية المعرفة.
وفي هذه المرحلة كان البحث الاساسي يتمثل بالتحليل المعرفي المنهجي. وكان هناك نقد للفلسفة القديمة المتمثلة بفلسفة ارسطو.
وفي هذه المرحلة ظهر تياران مختلفان وتيار ثالث حاول الجمع بينهما:
وبحسب هذا التيار فان المعرفة لابد من ان تبدء بالعقل.
ومن اتباع هذا التيار كل من الفلاسفة العقليين امثال الفرنسي ديكارت والهولندي سبينوزا والالماني لايبنتز خلال القرن السابع عشر.
وبحسب هذا التيار فان المعرفة لابد من ان تبدء بالحس والتجربة.
ومن اتباع هذا التيار كل من الفلاسفة التجريبيين امثال فرانسيس بيكون وجون لوك وديفيد هيوم وستيوارت مل.
وظهرت هذه المرحلة كتوفيق ما بين التيارين السابقين. ومؤسس هذه المرحلة هو عمانييل كانت خلال القرن الثامن عشر
وتتلخص هذه المرحلة بمقولة كانت: "ان المقولات العقلية من غير حدوس حسية جوفاء ليس لها مظمون، وان الحدوس الحسية من غير هذه المقولات العقلية عمياء لا تفعل شيئاً "
3) ثالثا : مرحلة اقصاء الفلسفة عن العلم كلياً
ومن اتباع هذه المرحلة عالم الاجتماع الفرنسي اوجست كونت خلال القرن التاسع عشر وكذلك الوضعية المنطقية التي هي تتويج للاتجاه الوضعي لاوجست كونت. وقد بدأت الوضعية المنطقية بحلقة فيينا اوائل العشرينات من القرن الماضي، وكان من بين رجالاتها كل من النمساوي موريس شليك والالمانيين كارناب وريشنباخ والفيزيائي فيليب فرانك والرياضي النمساوي جودل وهانزهان وغيرهم. وكان الفيلسوف النمساوي فتجنشتاين صاحب كتاب (رسالة منطقية فلسفية) على اتصال بهذه الحلقة وإن لم يكن احد رجالها.
وتتميز هذه المرحلة بأنها كانت تدعو الى الاقصاء الكلي للفلسفة عن العلم بقوة.
وهو اتجاه مضاد للمرحلة السابقة حيث اعتبرت الفلسفة ضرورية للعلم ولا يمكن التخلي عنها .حيث ان اساس العلم قائم على الاسس الفلسفية الميتافيزيقية وعلى رأسها مبدأ السببية. فبدون السببية فان العلم يتلاشى ولا تقوم له قائمة، كما يرى كارل بوبر. واليوم نشهد اختلاطاً كبيرا بين العلم والفلسفة كما في علم الفيزياء.
إدارة موقع فهم الدين