يحيى محمد
ابتداءاً نتساءل عن منهج إبن تيمية وأتباعه: هل حقاً ما يدعونه من أن حمل الصفات الإلهية على ظاهرها لا يستلزم التشبيه والتكييف؟
واقع الأمر هناك مؤشرات عديدة تدل على صعوبة تقبل هذا النحو من الجمع المتنافي. فالقول بالصفات السابقة وغيرها يماثل القول بصفات الإنسان، عضواً عضواً، وحالة حالة. فمثلاً أن القول بأن لله صورة وأنه خلق آدم على صورته لا يفهم إلا بهذا المعنى من التمثيل والتكييف. ثم أن القول بأن له عينين، والتعويل في ذلك على الحديث الذي يتضمن المقارنة بين عين الله وعين المسيح الدجال، لا يفهم إلا على نحو التشبيه والتكييف. وكذا القول أن له أصابع، وفي بعض الأحاديث المصححة نجد التمثيل على ذلك بقبضة يد النبي، ومثل ذلك أن له يدين وقبضة وقدمين وساقاً وجنباً، وأنه يضحك ويعجب ويستحي ويغار وينزل ويهرول ويتكلم بصوت وحرف، فكلها تدل على التشبيه.
وقس على ذلك القول بأن لله كرسياً هو موضع القدمين كالذي يرويه إبن تيمية عن إبن عباس[1]، وما يسلّم به من أن الله يهبط يوم التجلي في الآخرة على كرسيه وأن الأنبياء يأتون فيجلسون على منابر تحفّ بهذا الكرسي، إذ يستشهد بقول أحد أئمة المالكية، وهو محمد بن أبي زمنين، الذي صرح بأن من قول أهل السنة ما روي عن انس بأنه إذا كان يوم الجمعة في الآخرة هبط الله من عليين على كرسيه، ثم يحف الكرسي على منابر من ذهب مكللة بالجواهر، ثم يجيء النبيون فيجلسون عليها[2].
ومثله القول بأن لله عرشاً استقر عليه، وقد ذكر إبن تيمية بأنه لو شاء الله لإستقر على ظهر بعوضة فاستقلت به بقدرته ولطف ربوبيته فكيف على عرش عظيم أكبر من السموات والأرض[3]. وكذا قول إبن القيم بأن الله أجلس نبيه على هذا العرش، مستشهداً عليه بقول جماعة كبيرة من السلف والعلماء المتقدمين[4]، كما استشهد عليه ببعض من أبيات الشعر لأبي الحسن الدارقطني[5]. وهناك عدد من الروايات تروى عن علماء السلف بأن معنى المقام المحمود المنصوص عليه في آية الإسراء هو إجلاس النبي (ص) على العرش، كالتي ذكرها إبن أبي يعلى الحنبلي، ومن ذلك ما أُسند عن النبي وإبن عباس ومجاهد في عدد من الطرق، وفي بعضها أن الله يجلسه معه على العرش أو السرير[6]، وهو معنى قوله تعالى: ((عَسَى أن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَحْمُوداً)) (الإسراء/ 79). وروي عن عبد الله بن أحمد بن حنبل قوله: «أنا منكر على كل من ردّ هذا الحديث»[7].
والعجيب أن الكرسي موصوف في القرآن بأنه يسع السماوات والأرض، وأن العرش أكبر من ذلك بما لا يعلمه إلا الله، كما هو مقرر لدى القائلين بحقيقة الصفات المذكورة[8]، لكنهم مع ذلك يقرون أيضاً أن الله قد أقعد نبيه على عرشه، فأيّ نوع من الإقعاد هذا، والنسبة بين الطرفين معدومة من حيث الحجم والسعة؟!
كما ذكر إبن القيم أنه قد ورد بأن السماء منفطر به تعالى، الأمر الذي لم يسمح بنقله المتأخرون جبناً وضعفاً، بل قاله المتقدمون[9].
ومن المؤشرات التي تؤكد معنى التشبيه في المنهج السالف الذكر؛ ما أضافه إبن القيم من استدراك حول بعض الصفات، فعلى رأيه أن ذكر الساق والجنب لا يدل على أن لله واحدة لكل منهما. وهو استدراك صحيح، لكن استقباحه واستشناعه أن يكون الرب عبارة عن شخص له وجه وعلى ذلك الوجه أعين كثيرة وله جنب واحد عليه أيد كثيرة وله ساق واحد كما وردت هذه الصفات في القرآن والحديث؛ كل ذلك يدل على ما في النفس من أنه متصور كما في الشاهد، إذ ما المانع أن يكون للرب مثل هذه الصفات بلا تشبيه ولا تمثيل؟ وبعبارة أخرى، ما الذي جعل إبن القيم يعد هذه الصفات قبيحة وشنيعة لا تتناسب مع الله، مع أنها مذكورة في القرآن والأحاديث المصححة، إذ ورد أن لله أعيناً وأيدياً، وورد أن له جنباً وليس أكثر من ذلك، كما ورد أن له ساقاً ولم يرد ساقان أو أكثر. فلماذا يستنكر إبن القيم الأخذ بهذه المنطوقات لولا تأثره بالشاهد وتطبيقه على الغائب. إذ كان الأولى به تجويز مثل هذه النتائج التي أوردها بعض أصحاب الدائرة العقلية ليظهر من خلالها شناعة القول بإثبات الظواهر اللفظية للصفات[10].
وهناك من نقل عن إبن تيمية أموراً لها دلالة صريحة على التمثيل والتجسيم، لكنها تخالف ما هو معلوم من كتبه، ومن ذلك ما نقله صاحب (كشف الظنون) من أن لإبن تيمية كتاب العرش ذكر فيه «أن الله تعالى يجلس على الكرسي وقد أخلى مكاناً يقعد معه فيه رسول الله (ص) ذكره أبو حيان في النهر.. وقال قرأت في كتاب العرش لأحمد بن تيمية ما صورته بخطه»[11]. ونُقل عنه في بعض تصانيفه بأن الله بقدر العرش لا أكبر ولا أصغر[12]. كما نُقل أنه قال في الكلام على حديث النزول المشهور: أن الله ينزل إلى سماء الدنيا إلى مرجة خضراء وفي رجليه نعالان من ذهب[13]. ونُقل أيضاً أنه في يوم كان يخطب فذكر حديث النزول فنزل عن المنبر درجتين وقال كنزولي هذا[14].
هذا ما ينقل عن إبن تيمية، وهو مخالف لما هو معلوم من كتبه. لكن لا يعني ذلك أن ما تبناه من إتجاه لا يبعث على التشبيه، بل على العكس كما رأينا، وربما لهذه العلة كان السلف يأمرون بإمرار النصوص في الصفات التي يبدو عليها التشبيه دون تفسير وبحث وتنقيب، فربما كانوا يدركون أن الخوض فيها يجر إلى التشبيه ولو مع قيد (ليس كمثله شيء). خاصة أن بعض النصوص يعطي انطباعاً مباشراً بالتشبيه دون أن يؤثر عليه قيد عدم التشبيه والتكييف، كما هو الحال مع حديث الصورة الذي مر معنا. لذلك فقد كان بعض السلف يتمنى لو أن أصحاب الحديث يتركون عشرة أحاديث في الرؤية، كالذي يروى عن يحيى بن صالح، وقد علّق عليه أحمد بن حنبل بقوله: كأنه نزع إلى رأي جهم[15]. بل كان من الحنابلة من لا يتقبل أحاديث الصفات، معتذراً بأنها أخبار آحاد، كالذي عليه إبن سنينة (المتوفى سنة 610هـ) [16].
هكذا فإن الإتجاه الذي سلكه إبن تيمية في الجدل والتدقيق يأتي على خلاف ما أوصى به علماء السلف. فحاله في هذا الموضع كحال أبي الحسن الأشعري حينما أراد أن يدافع عن موقف الإمام أحمد بن حنبل وغيره من السلف بطريقة الجدل والكلام، لكن طريقته مع ذلك لم تكن مرضية لدى أتباع هذا الإمام، ربما لأنهم أدركوا أن النهج الذي سلكه في الجدل الكلامي سيفضي إلى تجاوز تلك النظرية، الأمر الذي تحقق لدى المتأخرين من الأشاعرة، فقد أصبحت نظريتهم في الصفات بعيدة كل البعد عما كانت عليه لدى شيخهم الأشعري، مثلما هي بعيدة عما ساد لدى السلف، ومنهم الإمام أحمد. وكذا يمكن القول بالنسبة لطريقة إبن تيمية، فهو يكثر الجدل والخوض في أمر الصفات بما لم يسبق إليه أئمة السلف المعروفين، مما أفضى به إلى التشبيه. وهو أمر يذكرنا بما قاله إبن هبيرة (وهو من حنابلة القرن السادس الهجري): تفكرت في أخبار الصفات، فرأيت الصحابة والتابعين سكتوا عن تفسيرها، مع قوة علمهم، فنظرت السبب في سكوتهم، فإذا هو قوة الهيبة للموصوف، ولأن تفسيرها لا يتأتى إلا بضرب الأمثال لله، وقد قال عز وجل: ((فلا تضربوا لله الأمثال)) (النحل/ 74). لذلك رأى أن الصفات لا تفسر على الحقيقة ولا على المجاز؛ لأن حملها على الحقيقة تشبيه، وعلى المجاز بدعة[17].
فالنتائج السلبية للخوض في البيان هي كالنتائج السلبية للخوض في العقل كما عليه أهل الكلام، فأولئك أورثهم التشبيه، وهؤلاء أورثهم الشك، حتى صرح الكثير منهم بندمه أو بنكوصه إلى تبني عقيدة الآباء والعجائز أو الإعتراف بعدم الدراية بشيء أو غير ذلك مما هو معلوم ومشتهر.
ناهيك عن أن البيانيين، سواء المتقدمين منهم أم المتأخرين، لم ينجوا من الممارسة التأويلية في عدد من الصفات، وينطبق هذا الحال على طريقة إبن تيمية. وبذلك يكون مآل الدائرة البيانية مؤيداً لما عليه غريمتها العقلية، رغم التناقضات التي لاحت كلاً منهما حتى أعادت المسألة في العلاقة بين العقل والنص إلى المربع الأول والصفر، فأيهما يحكم الآخر؟
هذه هي الإشكالية التي لم تحل دون تناقض إلا لدى السلف المفوضين للمعنى وإعتبار ذلك من الغيب الذي يعجز العقل عن إدراكه، بعد استبعاد ما قد يتبادر في الذهن من التمثيل والتكييف.
مهما يكن فقد أفضت طريقة إبن تيمية إلى إبتداع أمور لم تكن معروفة في العهد الأول، أهمها تقسيم التوحيد إلى توحيد ربوبية وإلهية، حيث الأول عبارة عن الإعتراف بالخالق الذي لا شريك له في الخلق، وقد عد إبن تيمية أن إثبات ربين للعالم لم يذهب إليه أحد من بني آدم ولا أثبت أحد إلهين متماثلين ولا متساويين في الصفات ولا في الأفعال. أما توحيد الإلهية فهو الإعتراف بعبادة الخالق وحده ودعائه والتقرب إليه دون وسائط، وهذا الصنف من التوحيد هو الذي ابتلي به الخلق، وظهر فيه الشرك بأصناف مختلفة مثل عبادة الشمس والقمر والكواكب والأوثان، وكذا عبادة الأنبياء والأولياء والملائكة أو تماثيلهم وما إلى ذلك. وقد استدل بالآيات القرآنية من أن المشركين والكافرين كانوا يعترفون بأن الخالق للعالم واحد هو الله، لكن مشكلتهم أنهم جعلوا له وسائط وشركاء يشاركونه في العبادة أو الخلق دونه، كالذي جاء في قوله تعالى: ((ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله)) (لقمان/ 25) وقوله: ((قل لِمَن الأرض ومن فيها إن كنتم تعلمون، سيقولون للّه، قل أفلا تذكّرون، قل من ربّ السماوات السبع وربّ العرش العظيم، سيقولون للّه، قل أفلا تتّقون، قل من بيده ملكوت كلّ شيء وهو يجير ولا يجار عليه إن كنتم تعلمون، سيقولون للّه، قل فأنّى تسحرون)) (المؤمنون/84ـ89)، وقوله: ((وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون)) (يوسف/ 106). على ذلك اعتبر أن الرسل قد دعوا الخلق إلى توحيد الإلهية، وهو يتضمن توحيد الربوبية[18]. إذ لم يكن مشركو العرب يعتقدون في الأصنام أنها مشاركة لله في خلق العالم، بل كان حالهم فيها كحال أمثالهم من مشركي الأمم من الهند والترك والبربر وغيرهم، تارة يعتقدون أن هذه تماثيل قوم صالحين من الأنبياء والصالحين، ويتخذونهم شفعاء، ويتوسلون بهم إلى الله، وهذا كان أصل شرك العرب، وجاء في حكاية عن قوم نوح قوله تعالى: ((وقالوا لا تذرنّ آلهتكم ولا تذرنّ وداً ولا سواعاً ولا يغوث ويعوق ونسراً)) (نوح/23). وجاء في صحيح البخاري وكتب التفسير وقصص الأنبياء وغيرها عن إبن عباس وغيره من السلف أن هذه أسماء قوم صالحين في قوم نوح، فلما ماتوا عكفوا على قبورهم، ثم صوروا تماثيلهم، ثم طال عليهم الأمد، فعبدوهم وأن هذه الأصنام بعينها صارت إلى قبائل العرب، ذكرها إبن عباس قبيلة قبيلة[19].
كما استدل إبن تيمية على مذهبه بقوله تعالى: ((لو كان معه آلهة كما يقولون إذاً لابتغوا إلى ذي العرش سبيلاً)) (الإسراء/ 42) حيث فيه نفي لوجود آلهة مشاركة لله دونه، ولو كانت الآلهة موجودة لسعت إلى التقرب إلى الله. وقيل لسعت إلى مغالبته، وهو على رأي إبن تيمية خلاف الظاهر[20].
لكن هذا شيء، وما نفته الآية الأخرى في التوحيد شيء آخر، وهي قوله تعالى: ((ما اتّخذ اللّه من ولد وما كان معه من إله إذاً لذهب كلّ إله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض)) (المؤمنون/91). فلو فرضنا أن الآلهة المذكورة لم تكن في عرض الله، وإنما دونه، أي لو كان دلالة الآية هي أن الآلهة ليست بصدد العلو على الله، بل العلو فيما بينها بالتغالب وذهاب كل منها إلى الخلق المستقل، فإن هذا النحو من الإفتراض يناقض ما في الآية التي قبلها، حيث في الحالتين يفترض وجود آلهة، لكن في الحالة الأولى أنها تسعى للتقرب إلى الله، في حين أنها في الحالة الثانية تتغالب بينها وتستقل في خلقها، وهو ما لا يتسق مع التقرب إلى الله، كما لا يتفق وقدرتها في الإستقلالية على الخلق. على ذلك لا يفهم من معنى الآية إلا إفتراض وجود آلهة مع الله بالتوازي والتنافس والتغالب، ومن ثم ذهاب كل منها إلى ما يخلق من عالم، فنفت الآية ذلك وإلا تعدد العالم ولأفضى الأمر إلى المغالبة أو علو البعض على البعض، وهو المعنى الذي يقرّه إبن تيمية. لكن هذا النفي قد يشير إلى وجود من يعتقد بأكثر من إله خالق للعالم من المشركين، لذلك أن الآية قد ردّت على هكذا إعتقاد، مما يعني أن ذلك جاء على خلاف المطلب الذي كرّس إبن تيمية جهده لإثباته. والشيء نفسه يقال في ما نص عليه القرآن بقوله: ((لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا)) (الأنبياء/22).
وإذا كانت لفظة (الإله) تستخدم في القرآن كدلالة على الخلق كما في الآية السابقة، مثلما تستخدم كدلالة على الوساطة بالعبادة والشفاعة، فإن ذلك لا يحتم تفسيرها طبقاً للمعنى الأخير عند فقد القرينة الدالة، مثلما التبس ذلك على إبن تيمية، حيث استدل على هذا المعنى؛ سواء بالقرينة الدالة أو بغير القرينة. ومن ذلك استشهاده على المعنى المذكور بمثل قوله تعالى عن المشركين: ((أجعل الآلهة إلهاً واحداً إن هذا لشيء عجاب)) (ص/5)، وقوله تعالى على لسان يوسف: ((أأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار)) (يوسف/39)، وكذا قوله على لسان ابراهيم: ((أئفكاً آلهة دون الله تريدون)) (الصافات/86).
فهذه الآيات لا تدل على أن المشركين نظروا إلى إلهتهم نظرة وسائطية أو شفعائية، وإن كانت هناك آيات أخرى كثيرة تدل على ذلك، وهي القرينة المطلوبة، لكن حيث أن القرآن أورد بعض الصور من الإعتقاد بالإلهة المتعددة المفترض فيها الخلق المستقل، فإن ذلك يبدي بأن الناس كانوا يختلفون في عقائدهم ومصادر شركهم.
على أن التقسيم الذي استحدثه إبن تيمية للتوحيد، ومن ثم جرى عليه تلميذه إبن أبي العز الذي أضاف في شرحه للعقيدة الطحاوية قسماً ثالثاً للتوحيد هو توحيد الصفات[21].. كل ذلك فتح الباب أمام الدعوة إلى تكفير المخالفين في مثل تلك الأصول، وما زلنا نعاني من تبعات ذلك حتى يومنا الحالي، مع أن هذا الأمر لم يكن مطروقاً لدى السلف وأن القرآن الكريم أظهر من صفات المشركين في التوحيد ما لا ينطبق على المسلمين، مثل قوله تعالى: ((وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده ولوا على أدبارهم نفوراً)) (الإسراء/46) وقوله: ((وإذا ذكر الله وحده اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة وإذا ذكر الذين من دونه إذا هم يستبشرون)) (الزمر/ 45) وقوله: ((إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون ويقولون أئنا لتاركوا آلهتنا لشاعر مجنون)) (الصافات/35ـ36)... الخ.
فالمسلمون يقرون بالإله الواحد الخالق، وأن العبادة مختصة به دون سواه، وأن الشريك في الفعل مملوك له لا يسعه أن يفعل شيئاً دونه وبما شاءت إرادته كالذي يوافق عليه إبن تيمية[22]. وكل ذلك يجعل المسلمين في طرف غير الطرف الآخر، آخذين بالإعتبار ما يرد عن بعض الجهلة من الأفعال التي تعود إلى شيء من الشرك، وأن بعض الأفعال ما تندرج ضمن حالات الخلاف بين العلماء. لكن في جميع الأحوال ليس هؤلاء كأولئك الذين نصّ عليهم القرآن الكريم من الشرك الواضح الصريح. فأي عذر يعذر به أولئك المكفرون[23] ؟!
[1] إبن تيمية: العقيدة الحموية الكبرى، شبكة المشكاة الإلكترونية، فصل حول وصف الله بما وصف به نفسه (لم تذكر ارقام صفحاته ولا فقراته). وبيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكلامية، شبكة المشكاة الإلكترونية، ضمن فصل حول قول الرازي البرهان الخامس (لم تذكر ارقام صفحاته ولا فقراته). مع أن هناك رواية تروى عن إبن عباس أنه يأول معنى الكرسي إلى العلم كالذي نقله الطبري كما مر معنا.
[2] العقيدة الحموية الكبرى، فصل حول وصف الله بما وصف به نفسه. ومجموع فتاوى إبن تيمية، ج5، ضمن فصل أن يوصف الله بما وصف به نفسه..
[3] بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكلامية، ضمن فصل للناس في حملة العرش.
[4] نقل إبن القيم أن المروزي صنف كتاباً في فضيلة النبي (ص) وذكر فيه اقعاده على العرش. كما نقل أن اقعاد النبي على العرش قال به جماعة كبيرة من أهل العلم، مثل أبي داود وأحمد بن أصرم ويحيى بن أبي طالب وأبي بكر بن حماد وأبي جعفر الدمشقي وعياش الدوري واسحاق بن راهويه وعبد الوهاب الوراق وإبراهيم الأصبهاني وإبراهيم الحربي وهارون بن معروف ومحمد بن إسماعيل السلمي ومحمد بن مصعب العابد وأبي بكر بن صدقة ومحمد بن بشر بن شريك وأبي قلابة وعلي بن سهل وأبي عبد الله بن عبد النور وأبي عبيد والحسن بن فضل وهارون بن العباس الهاشمي وإسماعيل بن إبراهيم الهاشمي ومحمد بن عمران الفارسي ومحمد بن يونس البصري وعبد الله بن الإمام أحمد والمروزي وبشر الحافي وإبن جرير الطبري وإمام هؤلاء كلهم مجاهد إمام التفسير (بدائع الفوائد، ضمن فقرة: بعض مسائل فقهية من فتاوى أبي الخطاب وإبن عقيل وإبن الزاغوني).
[5] أنظر: بدائع الفوائد، ضمن فقرة: بعض مسائل فقهية من فتاوى أبي الخطاب وإبن عقيل وإبن الزاغوني.
[6] حيث جاء في بعض الروايات عن إبن عمر أن النبي قال في معنى المقام المحمود كما في آية الاسراء أنه «يجلسه معه على السرير» (ابو الحسين بن أبي يعلى: كتاب الإعتقاد، تحقيق وتعليق محمد بن عبد الرحمن الخميس، مكتبة المشكاة الإلكترونية، باب الإسراء والمعراج، لم تذكر ارقام صفحاته).
[7] كتاب الإعتقاد، باب الإسراء والمعراج.
[8] بيان تلبيس الجهمية، ضمن فصل للناس في حملة العرش.
[9] السيف الصقيل، ص136.
[10] الصواعق المرسلة، ضمن الفصل الثامن.
[11] حاجي خليفة: كشف الظنون، دار إحياء التراث العربي، بيروت، عن مكتبة يعسوب الدين الإلكترونية، ج2، ص1438. جاء أن العبارة المذكورة موجودة في النسخ المخطوطة من تفسير أبي حيان، لكنها ليست موجودة في التفسير المطبوع، ونقل الشيخ الكوثري عن مصحح طبع الكتاب بمطبعة السعادة أنه استفظعها جداً فحذفها عند الطبع لئلا يستغلها أعداء الدين (تكملة الرد على نونية إبن القيم، ضمن: السيف الصقيل، ص97. والتوفيق الرباني في الرد على إبن تيمية الحراني، لجماعة من العلماء، مكتبة يعسوب الدين الإلكترونية، ص21).
[12] تكملة الرد على نونية إبن القيم، نشر ضمن: السيف الصقيل، ص163.
[13] تقي الدين الحصني: دفع شُبه من شبّه وتمرّد، ضمن التوفيق الرباني، ص21.
[14] إبن حجر العسقلاني: الدرر الكامنة في أعيان المئة الثامنة، شبكة المشكاة الإلكترونية، ج1، ص49.
[15] سير أعلام النبلاء، ج10، فقرة 455.
[16] ذيل طبقات الحنابلة، ج2، فقرة محمد بن عبد الله بن الحسين السامري.
[17] ذيل طبقات الحنابلة، ج1، فقرة يحيى بن محمد بن هبيرة. وكان إبن هبيرة يقول: ما أنزل الله آية إلا والعلماء قد فسروها، لكن يكون للآية وجوه محتملات، فلا يعلم ما المراد من تلك الوجوه المحتملات إلا الله عز وجل. كما قال: ليس مذهب أحمد إلا الاتباع فقط. فما قاله السلف قاله، وما سكتوا عنه سكت عنه، فإنه كان يقول في آيات الصفات: تمرّ كما جاءت (نفس المصدر والفقرة السابقين).
[18] درء تعارض العقل والنقل، ج9، في نقد الفلاسفة.
[19] شرح العقيدة الطحاوية، فقرة (قوله: نقول في توحيد الله..).
[20] درء تعارض العقل والنقل، ج9، في نقد الفلاسفة.
[21] والمقصود به إقرار ما ورد في القرآن والحديث من الصفات بما فيها تلك الموهمة للتشبيه (شرح العقيدة الطحاوية، فقرة قوله: نقول في توحيد الله..).
[22] قال إبن تيمية بهذا الصدد: «وأما إثبات الأسباب التي لا تستقل بالأثر، بل تفتقر إلى مشارك معاون وانتفاء معارض مانع وجعلها مخلوقة لله، فهذا هو الواقع الذي أخبر به القرآن ودل عليه العيان والبرهان، وهو من دلائل التوحيد وآياته ليس من الشرك بسبيل، فإن ذلك مما يبين أنه ليس في المخلوقات ما يستقل بمفعول من المفعولات» (درء تعارض العقل والنقل، ج9، في نقد الفلاسفة).
[23] روي أنه سئل نافع: كيف كان رأي إبن عمر في الحرورية - وهم من الخوارج -؟ قال: يراهم شرار خلق الله، انهم انطلقوا إلى آيات انزلت في الكفار فجعلوها على المؤمنين (محاسن التأويل، ج1، ص22).