-
ع
+

الحديث السني ومشكلة المتون الروائية

يحيى محمد

من المعلوم ان اغلب المتون في الروايات قد نقلت بالمعنى، وجرى على الكثير منها اللحن قبل التدوين، مما اقتضى اعراب الحديث وتصحيحه بعد ان تداوله  الأعاجم. وقيل ان اغلب رؤساء اهل الحديث والفقه كانوا من الموالي، وروى الحاكم النيسابوري في (معرفة علوم الحديث) حواراً جرى بين الزهري والخليفة عبد الملك بن مروان كشف فيه عن ان رؤساء الحديث والديانة في البلاد الاسلامية هم من الموالي باستثناء الكوفة { نقل الحاكم النيسابوري عن ابن شهاب الزهري انه قال: قدمت على عبد الملك بن مروان فقال لي من أين قدمت يا زهري؟ قلت من مكة، قال فمن خلفت يسود أهلها؟ قلت عطاء بن أبي رباح، قال فمن العرب أم من الموالي؟ قلت من الموالي، قال وبم سادهم؟ قلت بالديانة والرواية، قال إن أهل الديانة والرواية لينبغي أن يسودوا، فمن يسود أهل اليمن؟ قلت طاوس بن كيسان، قال فمن العرب أم من الموالي؟ قلت من الموالي، قال وبم سادهم؟ قلت بما سادهم به عطاء، قال إنه لينبغي، فمن يسود أهل مصر؟ قلت يزيد بن أبي حبيب، قال فمن العرب أم من الموالي؟ قلت من الموالي، قال فمن يسود أهل الشام؟ قلت مكحول، قال فمن العرب أم من الموالي؟ قلت من الموالي، قال فمن يسود أهل الجزيرة؟ قلت ميمون بن مهران، قال فمن العرب أم من الموالي؟ قلت من الموالي، قال فمن يسود أهل خراسان؟ قلت الضحاك بن مزاحم، قال فمن العرب أم من الموالي؟ قلت من الموالي، قال فمن يسود أهل البصرة؟ قلت الحسن بن أبي الحسن، قال فمن العرب أم من الموالي؟ قلت من الموالي، قال ويلك فمن يسود أهل الكوفة؟ قلت إبراهيم النخعي قال فمن العرب أم من الموالي؟ قلت من العرب، قال ويلك يا زهري فرجت عني والله ليسودن الموالي على العرب حتى يخطب لها على المنابر والعرب تحتها، قلت يا أمير المؤمنين إنما هو أمر الله ودينه؛ من حفظه ساد ومن ضيعه سقط[1]، وفي (العقد الفريد) رواية اخرى مشابهة لحوار جرى بين ابن ابي ليلى وعيسى بن موسى[2]. والذي يهمنا من ذلك هو ان الحديث فضلاً عن كونه نقل بالمعنى فانه قد جرى عليه اللحن بنقل الموالي، مما اقتضى اعرابه واصلاحه، فكان بهذا عرضة للتبديل والتحوير، وكذا الزيادة والنقصان.

وقيل انه اختلف السلف والفقهاء في جواز الرواية بالمعنى، فذهب البعض الى المنع واعتبر ان رواية الحديث على النقصان والحذف لبعض متنه غير جائزة؛ لأنها تقطع الخبر وتغيره فيؤدي ذلك الى ابطال معناه وإحالته، وكان بعضهم لا يستجيز أن يحذف منه حرفاً واحداً، واوجب تأدية اللفظ بعينه من غير تقديم ولا تأخير ولا زيادة ولا حذف. وفي قبال ذلك ذهب جمهور الفقهاء الى جواز الرواية بالمعنى شرط ان يكون الراوي عالماً بمواقع الخطاب ومعاني الألفاظ[3]. وعرف من السلف الذين يحدثون بالمعاني كل من الحسن والشعبي وإبراهيم وغيرهم. في حين كان القاسم بن محمد ورجاء بن حيوة وابن سيرين وابن سخبرة يحدثون كما سمعوا؛ رغم ما في ذلك من لحن[4].

ويبدو ان اغلب علماء السلف من التابعين وغيرهم اجازوا الرواية بالمعنى، وبعضهم اعتبر انه لا وجود لحديث لم يحصل فيه تغيير. ومن ذلك ما جاء عن واثلة بن الأسقع انه قال: حسبكم إذا جئناكم بالحديث على معناه[5]. كما قال سفيان الثوري: لو أردنا أن نحدثكم بالحديث كما سمعناه ما حدثناكم بحديث واحد[6]. وقال وكيع بن الجراح: إن لم يكن المعنى واسعاً فقد هلك الناس[7]. وقال ابن سيرين: كنت أسمع الحديث من عشرة؛ اللفظ مختلف والمعنى واحد[8]. وقال عمرو بن مرة: انا لا نستطيع ان نحدثكم الحديث كما سمعناه، ولكن عموده ونحوه[9]. وقال ابن بكير: ربما سمعت مالكاً يحدثنا بالحديث فيكون لفظه مختلفاً بالغداة وبالعشي[10]. وجاء عن سعيد بن عمرو البرذعي انه سأل ابا زرعة فقال: إذا سمعتك تذاكر بالشيء عن بعض المشيخة قد سمعته من غيرك فأقول حدثنا أبو زرعة وفلان وانما ذاكرتني أنت بالمعنى والإسناد؟ قال ارجو، قلت فان كان حديثاً طويلاً؟ قال فهذا أضيق، قلت فان قلت حدثنا فلان وأبو زرعة نحوه؟ فسكت[11]. كذلك عُرف البخاري انه كان يجيز الرواية بالمعنى مثلما اجاز تقطيع الحديث من غير تنصيص على اختصاره، ويعود السبب في ذلك الى انه قد صنف صحيحه الجامع طوال تطوافه على البلدان، اذ كان يقول: رب حديث سمعته بالشام فكتبته بمصر، ورب حديث سمعته بالبصرة فكتبته بخراسان، لذلك كان يكتب الحديث من حفظه فلا يسوق ألفاظه برمتها، بل يتصرف فيه ويسوقه بمعناه[12].

وذُكر ان ممن كان يلحن من المحدثين ولا يعيبه ابن سيرين ورجاء بن حيوة وإسماعيل بن أبي خالد وأحمد بن شعيب النسائي وسفيان ومالك بن أنس وأبو معمر وغيرهم[13]. فمثلاً جاء عن ابن شعيب النسائي انه قال: لا يعاب اللحن على المحدثين[14]. وجاء عن أبي معمر انه قال إني لأسمع الحديث لحناً فألحن اتباعاً لما سمعت[15]. وجاء انه قال رجل للاعمش بان ابن سيرين يسمع الحديث فيه اللحن فيحدث به على لحنه، فقال الأعمش: ان كان ابن سيرين يلحن فان النبي (ص) لم يلحن فقوموه[16]. وقد اختلف النقل عن القاسم بن محمد، فالبعض ينقل عنه انه يحدث باللحن[17]، وبعض اخر ينقل عنه انه يقول باعراب الحديث الملحن[18].

وهناك طائفة من السلف اجازوا تعريب الحديث واصلاحه، مثل الحسن وعامر الشعبي وابراهيم النخعي وابو سعيد وابو جعفر محمد بن علي وعطاء بن رباح والمغيرة والاعمش والاوزاعي ويحيى بن معين وعبد الله بن المبارك وغيرهم. فقد جاء عن الحسن والشعبي أنهما كانا لا يريان بأساً بتقديم الحديث وتأخيره[19]. وجاء عن عامر الشعبي انه قال: لا بأس بإقامة اللحن في الحديث[20]. ومثل ذلك نقل عن ابي جعفر محمد بن علي وعطاء بن رباح، حيث قالا باعراب الحديث الملحن[21]. وجاء عن الأوزاعي قوله: كان القوم يعربون وانما اللحن من حملة الحديث فأعربوا الحديث[22]. كما جاء عن يحيى بن معين قوله: لا بأس أن يقوم الرجل حديثه على العربية[23]. وقيل لابن المبارك: يكون في الحديث لحن أقومه؟ قال نعم؛ لأن القوم لم يكونوا يلحنون، انما اللحن منا[24]. وقيل لأبي سعيد إنك تحدثنا بالحديث أنت أجود له سياقاً منا، قال إذا كان المعنى واحداً فلا بأس[25]. وقال أحمد بن حنبل: إذا لم ينصرف الشيء في معنى فلا بأس ان يصلح[26]. وقيل أنه جاء الداروردي عبدالعزيز بن محمد يعرض على المغيرة بن عبد الرحمن المخزومي الحديث فجعل يقرأ ويلحن لحناً منكراً، فقال له المغيرة: ويحك يا داروردي كنت بإقامة لسانك قبل طلب هذا الشأن أحرى[27]. وجاء انه إذا حدث يزيد بن أبي عمر عن الحسن اعرب، وإذا حدث عن ابن سيرين لحن[28].

وعلى العموم جرت عادة تعريب اللحن واصلاحه في الحديث لدى الكثير من التابعين، حيث اجازوا تقويم الحديث الذي يرى فيه النقص واللحن، فكما علمنا انه عادة ما كان الرواة غير متقنين للعربية، مما جعل اطرافاً عدة تشترك في صياغة الحديث، يبدأ من النبي (ص) فيتحول بالتدريج الى الرواة الملحنين، ثم بعدهم المعربين المصلحين، فيتضاعف الشك في المعنى الذي اراده له صاحبه، ناهيك عن الاعتبارات الاخرى من طول سلسلة السند وكثرة العنعنة بما لا يدل على السماع المباشر، وكذا قلة فهم الرواة وعدم دقة السماع او التساهل فيه كما في المستملين الذين يكتبون ما يملى عليهم من غير سماع كاف مثلما عرفنا، وكذا تقطيع الاحاديث وتجريدها عن سياقها اللفظي والحالي.

وكان من جراء مثل هذه التغيرات أن ظهر الكثير من الاختلاف في الرواية للقضية الواحدة. وقد اجاز بعض السلف مثل هذا الاختلاف، مستشهداً انه اذا كان من الجائز ان ينزل الله كتابه على سبعة أحرف ليتسامح في قراءته، فان رواية الحديث الذي تختلف الفاظه تصبح جائزة بالاولى[29]. مع ان النقل يصل في كثير من الاحيان الى اختلاف المعنى للقضية الواحدة. وكان الشافعي يقول: ‹‹ما في التشهد إلا تعظيم الله وإني لأرجو أن يكون كل هذا فيه واسعاً وأن لا يكون الاختلاف فيه إلا من حيث ما ذكرت››. ومثله ما جاء حول صلاة الخوف من اختلاف الرواية، حيث اعتبر الشافعي ان اي وجه يؤتى بها ضمن هذا الاختلاف فهو مجزي. وقد سئل عن علة  اختياره لحديث ابن عباس عن النبي في التشهد دون غيره؟ فقال: ‹‹لما رأيته واسعاً وسمعته عن ابن عباس صحيحاً كان عندي أجمع وأكثر لفظاً من غيره››. وهو مع ذلك لم يعنف من اخذ بغير هذا الحديث مما ثبت عن رسول الله[30].

ومن الامثلة الهامة بهذا الصدد ما جاء في روايات حديث (الكذب على النبي) حيث كان عرضة للاختلاف الشديد في اللفظ والمعنى، واكثر صيغه تكرراً هي لفظ: (من كذب عليّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار). وهناك صيغ اخرى كثيرة تختلف عن هذا اللفظ قليلاً او كثيراً كما اوردها ابن الجوزي في كتابه (الموضوعات). ومن ذلك ما روي عن ابي سعيد الخدري، حيث جاء في بدء روايته زيادة تقول: (حدثوا عني). كما ورد الحديث عن ابن عباس وفي اوله زيادة تقول: اتقوا الحديث عني إلا ما علمتم. وكذا وردت زيادة في اول الحديث عن أبي أمامة تقول: (أيما رجل كذب). وفي رواية اخرى عن أبي أمامة ان الحديث جاء بصيغة تخلو من لفظة (متعمداً) فروى الحديث بالقول: من حدث عني حديثاً كاذباً يتبوأ به مقعده من النار. كذلك وردت صيغة اخرى مختلفة عن أبي أمامة تقول: من كذب عليّ متعمداً فليتبوأ مقلده بين عيني جهنم، فشق ذلك على أصحاب رسول الله (ص) فقالوا : يا رسول الله إنا نحدث عنك بالحديث فنزيد وننقص، فقال ليس ذاكم، إنما أعني الذي يكذب عليّ يريد عيبي وشين الاسلام. وفي رواية عن يعلى جاءت لفظة (شيئاً متعمداً) في وسط الحديث. كما جاء في رواية عن جابر وعبد الله وعازب زيادة في الوسط تقول: (ليضل الناس به فليتبوأ..) وفي رواية اخرى جاءت الزيادة عن جابر في الوسط كالاتي: (ليحل حراماً ويحرم حلالاً أو يضل الناس بغير علم فليتبوأ..). كما روي الحديث عن ابي بكر الصديق وفيه زيادة في الوسط كالاتي: (او قصر شيئاً مما أمرت به فليتبوأ..). وفي رواية اخرى مختلفة عن ابي بكر ان النبي قال: من تعمد عليّ كذباً أو رد شيئاً مما قلته فليتبوأ مقعده من النار. وفي رواية عن عثمان بن عفان جاء الحديث بصيغة: من تعمد عليّ كذباً فليتبوأ بيتاً في النار. كما جاء في رواية اخرى عن علي كما رواها البخاري ومسلم في الصحيحين بصيغة مختلفة: لا تكذبوا عليّ فإنه من يكذب عليّ يلج النار. كذلك روي عن علي صيغة اخرى تقول: من يقول عليّ ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار. ومثل هذه الصيغة رويت عن اسامة وابي هريرة وعبد الله بن عمرو، وهناك صيغة اخرى لابن عمرو فيها لفظ جهنم بدل النار، ومثلها ما روي عن عقبة بن عامر. كما ورد الحديث بصيغة مختلفة في رواية اخرى عن ابي هريرة، وهي: من أحدث حدثاً أو آوى محدثاً فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين وعلى من كذب عليّ متعمداً. وورد الحديث عن الزبير بصيغتين مختلفتين هما: من قال عليّ ما لم أقل فليتبوأ بيتاً في النار، كذلك: من حدث عليّ كذباً فليتبوأ مقعده من النار. وجاء الحديث عن سعد بصيغة مقاربة لاحدى صيغتي الزبير، وهي: من قال عليّ ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار. وهي ذات الصيغة التي رويت عن عدد من الصحابة، مثل السيدة عائشة وسلمة بن الاكوع وأبي موسى الغافقي. وورد على هذه الصيغة زيادة في البدء في الحديث المروي عن أبي قتادة، وهي قول النبي: يا أيها الناس إياكم وكثرة الحديث عني فمن قال عني فلا يقولن إلا حقاً وصدقاً، فمن قال عليّ.. الخ. وفي صيغة اخرى لابن الاكوع تقول: من حدث عني حديثاً لم أقله فليتبوأ مقعده من النار. كما جاء في رواية اخرى عن الغافقي فيها اضافة في بداية الحديث تقول: سيأتي قوم من بعدي يسألونكم حديثي فلا تحدثوهم إلا بما تحفظون. وجاء عن المغيرة وسعيد بن زيد اضافة في بداية الحديث تقول: إن كذباً عليّ ليس ككذب على أحد. وجاء الحديث عن رافع بن خديج بصيغة: لا تكذبوا عليّ فليس كذباً عليّ ككذب على أحد. وجاء الحديث عن صهيب ان في اخره اضافة تقول: وكلف يوم القيامة أن يقعد بين شعرتين، ولن يقدر على ذلك. وجاء في رواية عن عمران بن حصين لفظة (عمداً) اخر الحديث، كما جاء في رواية انس لفظة (متعمداً) اخر الحديث. وفي رواية اخرى عن انس ان الحديث جاء بصيغة: والذي نفس أبي القاسم بيده لا يروى عليّ أحد ما لم أقله إلا تبوأ مقعده من النار. وفي صيغة ثالثة عن انس وعابد بن شريح تقول: من كذب في رواية حديث فليتبوأ مقعده من النار. وفي رواية عن العرس بن عميرة جاءت الصيغة: من كذب عليّ كذبة متعمداً فليتبوأ مقعده من النار. وفي رواية عن قيس بن سعد بن عبادة جاء في اخرها: فليتبوأ مضجعاً من النار وبيتاً في جهنم. وفي رواية عن ابي قرصافة ان الصيغة تقول: حدثوا عني ولا تقولوا إلا حقاً، ومن قال عني ما لم أقل يبنى له في جهنم بيت يرتع فيه. وفي صيغة اخرى عنه تقول: حدثوا عني بما تسمعون ولا يحل لاحد أن يكذب عليّ فمن كذب عليّ أو قال عليّ غير ما قلت بني له بيت في جهنم يرتع فيه. وجاء في رواية لابن عمر تقول: من قال عليّ كذباً ليضل الناس بغير علم فإنه بين عيني جهنم يوم القيامة، وما قال من حسنة فالله ورسوله يأمران بها، قال الله عز وجل: ((إن الله يأمر بالعدل والاحسان)). وفي رواية عن رجل من الصحابة تقول: من يقول عليّ ما لم أقل - فليتبوأ - بين عيني جهنم مقعداً من النار، فقيل يا رسول الله هل لها من عينين؟ قال: نعم، ألم تسمع قول الله عز وجل : ((إذا رأتهم من مكان بعيد سمعوا لها تغيظاً وزفيراً)). كما في رواية اخرى تقول: إن الذى يكذب عليّ يبنى له بيت في النار. وفي رواية مرفوعة بعد سماع الحديث قال الصحابة: يا رسول الله نسمع منك الحديث فنزيد فيه وننقص فهذا كذب عليك؟ قال: لا، ولكن من حدث عليّ يقول أنا كذاب أو ساحر.

وليس هذا فحسب، بل كثيراً ما تفضي الروايات التي ترد في القضية الواحدة الى التعارض، ومثلما يقول ابن خلدون: ‹‹السنة مختلفة الطرق في الثبوت وتتعارض في الاكثر احكامها فتحتاج الى الترجيح، وهو مختلف ايضاً››. لذلك وقع الخلاف بين السلف والائمة من بعدهم[31]. فمثلاً جاء في حديث الشؤم والطيرة عبارات مختلفة بعضها دال على التعارض، ومن ذلك ما روي عن عبد الله بن عمر ان النبي (ص) قال: إنما الشؤم في ثلاثة: في المرأة والفرس والدار . لكن روي الحديث عن ابن عمر وسهل بن سعد وجابر بصيغة اخرى هي: إن كان الشؤم في شيء ففي ثلاثة: في الفرس والمسكن والمرأة. كذلك روي عن جابر ايضاً صيغة اخرى تعارض ما سبق، وهي قول النبي (ص): لا غول ولا طيرة ولا شؤم. وفي خبر اخر عنه: لا عدوى ولا صفر ولا غول. كما جاء في رواية اخرى معارضة عن مخمر بن معاوية عن النبي قوله: لا شؤم وقد يكون اليمن في المرأة والفرس والدابة[32].

وقد روي أن الزبير سمع رجلاً يحدث عن رسول الله (ص) فاستمع له الزبير حتى إذا قضى الرجل حديثه، قال له الزبير: أنت سمعت هذا من رسول الله (ص) ؟ أجاب: نعم، فقال الزبير: هذا وأشباهه يمنعنا أن نحدث عن رسول الله (ص)، ولعمري سمعت هذا من رسول الله وأنا يومئذ حاضر ولكن رسول الله ابتدأ بهذا الحديث، فحدثنا عن رجل من أهل الكتاب حدثه إياه، فجئت أنت يومئذ بعد انقضاء صدر الحديث، وذكر الرجل الذي من أهل الكتاب فظننت أنه من حديث رسول الله[33]. وسبق ان نقلنا عن الخليفة عثمان ما يشاكل هذه الرواية من تحفظه في الحديث.

كما جاء عن السيدة عائشة نقدها للكثير من الاحاديث التي كانت تسمعها، ومن ذلك ما رواه الحاكم في (المستدرك على الصحيحين) عن عروة بن الزبير انه قال: بلغ عائشة ان ابا هريرة يقول: ان رسول الله (ص) قال: لأن امتع بسوط في سبيل الله احب اليّ من ان اعتق ولد الزنا، وان رسول الله قال: ولد الزنا شر الثلاثة، وان الميت يعذب ببكاء الحي. فقالت عائشة: رحم الله ابا هريرة اساء سمعاً فاساء اصابة، اما قوله: لأن امتع بسوط في سبيل الله احب الي من ان اعتق ولد الزنا، انها لما نزلت ((فلا اقتحم العقبة وما ادراك ما العقبة)) قيل: يا رسول الله: ما عندنا ما نعتق الا ان احدنا له جارية سوداء تخدمه وتسعى عليه، فلو امرناهن فزنين فجئن بالاولاد فاعتقناهم، فقال رسول الله: لأن امتع بسوط في سبيل الله احب الي من ان آمر بالزنا ثم اعتق الولد. واما قوله: ولد الزنا شر الثلاثة فلم يكن الحديث على هذا، انما كان رجل من المنافقين يؤذي رسول الله (ص) فقال: من يعذرني من فلان؟ قيل: يا رسول الله مع ما به ولد زنا، فقال رسول الله (ص): هو شر الثلاثة. والله يقول: ((ولا تزر وازرة وزر اخرى))... الخ[34].

وهناك العديد مما قدمته السيدة عائشة من النقد للاحاديث كما وردت في صحيحي البخاري ومسلم على ما سيأتينا. فكل ذلك وغيره يظهر حال ما كان عليه زمن الصحابة، فكيف يكون الحال بعدهم، والزمان قد طال، والكذب انتشر، ورجال السند كثروا؟!


نقد المتون الروائية

قيل ان الطريق الى معرفة فساد الحديث هو ‹‹ان يكون مما تدفع العقول صحته بموضوعها والادلة المنصوصة فيها، نحو الاخبار عن قدم الأجسام ونفي الصانع وما اشبه ذلك، أو يكون مما يدفعه نص القرآن أو السنة المتواترة أو اجمعت الأمة على رده، أو يكون خبراً عن أمر من أمور الدين يلزم المكلفين علمه وقطع العذر فيه، فإذا ورد وروداً لا يوجب العلم من حيث الضرورة أو الدليل علم بطلانه.. أو يكون خبراً عن أمر جسيم ونبأ عظيم مثل خروج أهل اقليم بأسرهم على الامام أو حصر العدو لأهل الموسم عن البيت الحرام فلا ينقل نقل مثله بل يرد وروداً خاصاً لا يوجب العلم فيدل ذلك على فساده، لان العادة جارية بتظاهر الاخبار عما هذه سبيله››[35]. وذهب ابن الجوزي الى ‹‹ان الحديث الذي يخالف المعقول، أو يناقض الاصول، فانه موضوع دون حاجة لتكلف اعتبار رواته، حيث ان المستحيل لو صدر عن الثقات فانه يرد وينسب اليهم الخطأ، ألا ترى أنه لو اجتمع خلق من الثقات فأخبروا أن الجمل قد دخل في سمّ الخياط لما نفعتنا ثقتهم ولا أثرت في خبرهم، لانهم أخبروا بمستحيل››[36].

وابلغ من ذلك ما قدمه ابن خلدون من منهج في نقد متن الحديث، وإن كان نفسه لا يعد من علماء هذا الفن. فقد وضع معياراً لقبول الحديث او رده، وهو العرض على السنن الكونية والعمرانية (الاجتماعية) فاعتبر انه لابد من معرفة الحاضر لقياس الماضي عليه، وبذلك تثبت السنن، وعندها يمكن عرض الحديث على هذه السنن فيرد ما يعارضها، ولا يؤخذ بالمتفق ما لم يصحح السند، وذلك طبقاً للمهمة التي تعارف عليها علماء الحديث. فالحديث عند هذا المفكر مردد بين الامكان والاستحالة، اما الكشف عن صدقه فهو خارج عن دائرة منهجه واختصاصه، بل يدخل ضمن اهتمام علماء الحديث من الجرح التعديل وضبط السند[37]. وكما قال في (المقدمة): ‹‹ان الاخبار اذا اعتمد فيها على مجرد النقل ولم تحكم اصول العادة وقواعد السياسة وطبيعة العمران والاحوال في الاجتماع الانساني، ولا قيس الغائب منها بالشاهد والحاضر بالذاهب، فربما لم يؤمن فيها من العثور ومزلة القدم والحيد عن جادة الصدق، وكثيراً ما وقع للمؤرخين والمفسرين وأئمة النقل من المغالط في الحكايات والوقائع لاعتمادهم فيها على مجرد النقل غثاً او سميناً ولم يعرضوها على اصولها ولا قاسوها بأشباهها ولا سبروها بمعيار الحكمة والوقوف على طبائع الكائنات وتحكيم النظر والبصيرة فضلوا عن الحق وتاهوا في بيداء الوهم والغلط... فالماضي أشبه بالآتي من الماء بالماء››[38]. وقال ايضاً: ان تمحيص الاخبار ‹‹انما هو بمعرفة طبائع العمران وهو أحسن الوجوه وأوثقها في تمحيص الاخبار وتمييز صدقها من كذبها، وهو سابق على التمحيص بتعديل الرواة ولا يرجع الى تعديل الرواة حتى يعلم ان ذلك الخبر في نفسه ممكن او ممتنع، واما اذا كان مستحيلاً فلا فائدة للنظر في التعديل والترجيح. ولقد عد اهل النظر من المطاعن في الخبر استحالة مدلول اللفظ وتأويله بما لا يقبله العقل، وانما كان التعديل والتجريح هو المعتبر في صحة الاخبار الشرعية لأن معظمها تكاليف انشائية أوجب الشارع العمل بها حتى حصل الظن بصدقها وسبيل صحة الظن الثقة بالرواة بالعدالة والضبط . واما الاخبار عن الواقعات فلا بد في صدقها وصحتها من اعتبار المطابقة فلذلك وجب ان ينظر في امكان وقوعه وصار فيها ذلك اهم من التعديل ومقدماً عليه، اذ فائدة الانشاء مقتبسة منه فقط، وفائدة الخبر منه ومن الخارج بالمطابقة، واذا كان ذلك فالقانون في تمييز الحق من الباطل في الاخبار بالامكان والاستحالة ان ننظر في الاجتماع البشري الذي هو العمران ونميز ما يلحقه من الاحوال لذاته وبمقتضى طبعه وما يكون عارضاً لا يعتد به وما لا يمكن ان يعرض له، واذا فعلنا ذلك كان ذلك لنا قانوناً في تمييز الحق من الباطل في الاخبار والصدق من الكذب بوجه برهاني لا مدخل للشك فيه››[39].

اما علماء الحديث فمن الثابت انهم قلما يتعرضون لنقد المتن، وغايتهم المثلى هي نقد السند فحسب. وغالباً ما يكون رفضهم لمتون بعض الاحاديث غير منفصل عن رفض السند. فالاعتراض على السند الضعيف قد يفضي في الوقت ذاته الى الطعن في المتن المختل، لكن وجود السند القوي لا يبعث على رفض مثل هذا الاخير. وعليه غالباً ما تكون الروايات المختلة المتن في الصحاح بعيدة عن التحقيق والنقد، خلافاً لغيرها من الروايات التي ترد في الكتب الاخرى. فمثلاً يضطر العلماء احياناً الى تأويل الحديث قوي السند عندما لا يتفق ظاهره مع الواقع، كالحديث الوارد في صحيح مسلم: ‹‹لا تأتي مائة سنة وعلى الأرض نفس منفوسة اليوم››[40]، لكنهم يفعلون العكس فيما لو كان الحديث ضعيف السند، اذ يبادرون الى تكذيبه - دون تأويله - مثل الحديث القائل: ‹‹لا يولد بعد المائة مولود لله فيه حاجة››. فمع ان هذا الحديث يتفق ظاهره مع الحديث الوارد في صحيح مسلم، الا انه مكذب هنا ومؤول هناك. فقد قيل ان الحديث الاخير مخالف للواقع المشاهد، فأكثر الأئمة وأشهرهم ذكراً هم ممن ولدوا بعد القرن الاول للهجرة[41]. وعلى هذه الشاكلة حديث الحمّام، حيث ردّه العلماء معولين على الواقع التاريخي، وهو ان النبي لم يدخل حماماً قط، وان الحجاز في عصره لم تكن تعرف الحمامات. ومثل ذلك حديث وضع الجزية على أهل خيبر، حيث رده العلماء لأن الحوادث التاريخية لا تؤيده[42]. في حين سعى جماعة من العلماء الى الدفاع عن أحاديث وردت في صحيح مسلم تخالف بدورها الوثائق التاريخية بتأويلات بعيدة، كما هو الحال مع حديث تزويج ابي سفيان ابنته أم حبيبة للنبي (ص) وامارته للمسلمين في محاربة الكافرين.

وينطبق هذا الحال على الاحاديث الخاصة بالمسائل الطبية وما شاكلها، فعندما تتصف بضعف السند ولا تتفق مع ظواهر الحس والواقع فان العلماء يكذبونها، لكنهم لا يعترضون على امثالها من الاحاديث الواردة في الصحاح، بل تجد من يقول انه جرب مضمون الحديث الفلاني، او انه شهد صحته لدى ممارسة الناس، وذلك بدافع التقرير لا الفحص والاستجواب. والعملية أشبه بتسامح العلماء في دعاوى الاجماع الصادرة بين الحين والآخر، لذلك لم تعد حجة، للشك في صدقها، وانها كثيراً ما تكون معارضة بدعاوى مضادة.

لقد اهتم عدد من العلماء النقاد بالاحاديث الضعيفة تبعاً لما تحمله من متون فاسدة، كالذي شرع به ابن القيم الجوزية، حيث كذّب الكثير من الاحاديث لاعتبارات مختلفة، فبعضها يتعارض مع صريح القرآن الكريم كحديث ان الله خلق السموات والأرض يوم عاشوراء[43]، والحديث كما هو واضح يتعارض والقرآن الكريم. ومثله حديث مقدار الدنيا وأنها سبعة آلاف سنة، ونحن الآن في الألف السابعة، واعتبر ذلك من أبين الكذب؛ لأنه لو كان صحيحاً لكان الناس علموا أنه قد بقي للقيامة من وقتنا هذا مئتان وإحدى وخمسون سنة والله تعالى يقول: ((يسألونك عن الساعة أيان مرساها قل إنما علمها عند ربي لا يجليها لوقتها إلا هو ثقلت في السموات والأرض لا تأتيكم إلا بغتة يسألونك كأنك حفي عنها قل إنما علمها عند الله)) (الأعراف 187) ويقول: ((إن الله عنده علم الساعة)) (لقمان/34) وقال النبي (ص) لا يعلم متى تقوم الساعة إلا الله[44]. ومن ذلك ايضاً أحاديث صخرة بيت المقدس، كالحديث الذي يروى في الصخرة أنها عرش الله الأدنى، وقيل انه لما سمع عروة بن الزبير هذا الحديث قال: سبحان الله يقول تعالى: ((وسع كرسيه السموات والأرض)) (البقرة/255) وتكون الصخرة عرشه الأدنى! وقد عد ابن القيم هذا الحديث مما افتراه المزورون ليكثروا بذلك سواد الزائرين [45].

كما كذّب ابن القيم الاحاديث التي تتضمن الذم العنصري والعرقي، كاحاديث ذم السودان والحبشة والزنوج والاتراك والخصيان والمماليك وغيرها، واعتبرها جميعاً من الاحاديث الموضوعة[46].

وكذّب ايضاً الاحاديث المخالفة للعقل والواقع، كحديث إن الأرض على صخرة، والصخرة على قرن ثور، فإذا حرك الثور قرنه تحركت الصخرة فتحركت الأرض، وهي الزلزلة[47]. ونقل جملة من الاحاديث التي يكذبها الحس؛ مثل حديث الباذنجان لما أكل له، والباذنجان شفاء من كل داء[48]، وحديث عليكم بالعدس فإنه مبارك يرقق القلب ويكثر الدمعة قدس فيه سبعون نبياً[49]، وحديث اشربوا على الطعام تشبعوا[50]، وحديث إذا عطس الرجل عند الحديث فهو دليل صدقه[51]، وحديث أكذب الناس الصباغون والصواغون[52].

لكن رغم ان ابن القيم رفض الكثير من الاحاديث المتعلقة بالامور الطبية وما شاكلها استناداً الى مشاهدة الحس والواقع، الا انه تعامل مع نظائرها من الاحاديث الواردة في الصحاح معاملة المسلمات، ومن ذلك انه حمل الاحاديث الخاصة بالتمر والكمأة وامقال الذباب على اليقين والصحة[53].

ولا يفهم من هذا ان ابن القيم لم يمارس دور النقد لبعض المتون الواردة في الصحاح، بل على العكس انه كذّب عدداً منها لاعتبارات مختلفة، ابرزها ان بعضها يخالف القرآن كما جاء في صحيح مسلم، مثل حديث تلقيح التمر، حيث قال النبي (ص): ما أرى لو تركتموه يضره شيء، فتركوه فجاء شيصاً، فقال: أنتم أعلم بدنياكم[54]، واعتبر ابن القيم ذلك مخالفاً لقوله تعالى: ((قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب)) (الأنعام/5) وقوله: ((ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير)) (الأعراف/188)[55]، رغم ان ما ذكره لا دلالة له على المنافاة، وذلك لان العلم بما يثمره النخل ليس من امور الغيب، وان علم النبي به، سواء صح أم لم يصح، هو من الامور الدنيوية التي تعلم بالخبرة والتعلم.

كما كذب الحديث المروي في صحيح مسلم عن ابي هريرة من ان الله خلق السماوات والارض في سبعة ايام، حيث جاء عنه انه قال: أخذ رسول الله (ص) بيدي فقال: خلق الله عز وجل التربة يوم السبت، وخلق فيها الجبال يوم الأحد، وخلق الشجر يوم الإثنين، وخلق المكروه يوم الثلاثاء، وخلق النور يوم الأربعاء، وبث فيها الدواب يوم الخميس، وخلق آدم عليه السلام بعد العصر من يوم الجمعة في آخر الخلق في آخر ساعة من ساعات الجمعة فيما بين العصر إلى الليل[56]. وواضح ان الحديث يتضمن مدة التخليق سبعة ايام. وقد اعترض ابن القيم عليه واعتبر ان الغلط وقع في رفعه، معتقداً انه من قول كعب الأحبار، مع ان الحديث لو كان مروياً عن ابي هريرة حقاً لكان الكذب فيه مفضوحاً، وهو على رأي عدد من العلماء ومنهم البخاري يخالف ما اخبره الله تعالى من أنه خلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام[57]. واعترض بعض الحفاظ على هذا الحديث من حيث ما اتفق عليه الناس من ان يوم السبت لم يقع فيه خلق، وان ابتداء الخلق يوم الاحد[58]، وذلك كما يراه اليهود!

وعموماً رغم ان كتب الصحاح قد احتوت على الكثير من الروايات المختلة المتن الا ان العلماء تعاملوا معها - في الغالب - معاملة المسلمات. ويأتي اختلالها كونها تتعارض إما مع الحقائق الحسية والكونية، او مع السنن الحياتية، او مع الاعتبارات التاريخية الموثقة، او مع القيم والضرورات الدينية، او مع النصوص القرآنية، او مع غيرها من متون الاخبار الاخرى، كالذي كشفنا عنه في كتابنا (مشكلة الحديث).



[1] معرفة علوم الحديث، باب معرفة الموالي وأولاد الموالي).

[2] ابن عبد ربه: العقد الفريد، تحقيق عبد المجيد الترحيني، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الاولى، 1404هـ ـ1983م، ج3، ص363ـ364.

[3] الكفاية في علم الرواية، باب ذكر الحجة في إجازة رواية الحديث على المعنى.

[4] الكفاية في علم الرواية، باب ذكر من كان يذهب الى إجازة الرواية على المعنى من السلف. ومقدمة ابن الصلاح، باب في صفة رواية الحديث وشرط أدائه. والمحدث الفاصل بين الراوي والواعي، ص535، وجامع بيان العلم وفضله، باب الأمر بإصلاح اللحن والخطأ في الحديث.

[5] جامع بيان العلم وفضله، باب الأمر بإصلاح اللحن والخطأ في الحديث. وكتاب العلم، ص26. وجاء عن مكحول انه قال: دخلت أنا وأبو الأزهر على واثلة بن الأسقع فقلنا يا أبا الأسقع حدثنا بحديث سمعته من رسول الله (ص) ليس فيه وهم ولا زيادة ولا نقصان، فقال: هل قرأ أحد منكم من القرآن الليلة شيئاً؟ قلنا نعم وما نحن بالحافظين له حتى أنا لنزيد الواو والألف، فقال: هذا القرآن مذ كذا بين أظهركم لا تألون حفظه وإنكم تزعمون إنكم تزيدون وتنقصون؛ فكيف بأحاديث سمعناها من رسول الله (ص) عسى ألا يكون سمعناها منه إلا مرة واحدة، حسبكم إذا حدثتكم بالحديث على المعنى (جامع بيان العلم وفضله، باب الأمر بإصلاح اللحن والخطأ في الحديث. والكفاية في علم الرواية، باب ذكر من كان يذهب الى إجازة الرواية على المعنى من السلف).

[6] تذكرة الحفاظ، ج1، فقرة 198، والكفاية في علم الرواية، باب ذكر من كان يذهب الى إجازة الرواية على المعنى من السلف. وعن سفيان الثوري ايضاً انه قال: ان قلت لكم اني أحدثكم كما سمعت فلا تصدقوني. كما جاء ان البعض قال لسفيان الثوري حدثنا كما سمعت، فاجابه سفيان: لا والله ما اليه سبيل وما هو الا المعنى (الكفاية في علم الرواية، الباب السابق).

[7] قواعد التحديث، ص222

[8] جامع بيان العلم وفضله، باب الأمر بإصلاح اللحن والخطأ في الحديث.

[9] الكفاية في علم الرواية، باب ذكر من كان يذهب الى إجازة الرواية على المعنى من السلف.

[10] الكفاية في علم الرواية، الباب السابق.

[11] الكفاية في علم الرواية، الباب السابق.

[12] توضيح الافكار، ج1، ص47

[13] الكفاية في علم الرواية، باب ذكر الرواية عمن كان لا يرى تغيير اللحن في الحديث. وجاء ان اشهب سأل مالكاً عن الأحاديث يقدم فيها ويؤخر والمعنى واحد؟ فاجاب مالك: أما ما كان من قول النبي (ص) فإني أكره ذلك وأكره أن يزاد فيه أو ينقص، وما كان منها من غير قول النبي (ص) فلا أرى بذلك بأساً، قلت وحديث النبي (ص) يزاد فيه الواو والألف والمعنى واحد؟ قال أرجو أن يكون هذا خفيفاً (جامع بيان العلم وفضله، باب الأمر بإصلاح اللحن والخطأ في الحديث).

[14] الكفاية في علم الرواية، باب ذكر الرواية عمن كان لا يرى تغيير اللحن في الحديث.

[15] جامع بيان العلم وفضله، الباب السابق. والكفاية في علم الرواية، الباب السابق.

[16] الكفاية في علم الرواية، باب ذكر الرواية عمن قال يجب تأدية الحديث على الصواب. وجاء ان ابن سيرين كان يتكلف الحديث كما يسمع (جامع بيان العلم وفضله، الباب السابق).

[17] الكفاية في علم الرواية، باب ذكر من كان يذهب الى إجازة الرواية على المعنى من السلف.

[18] جامع بيان العلم وفضله، الباب السابق.

[19] جامع بيان العلم وفضله، الباب السابق

[20] جامع بيان العلم وفضله، الباب السابق. وقيل للشعبي: أسمع الحديث ملحوناً فأعربه؟ قال نعم (الكفاية في علم الرواية، باب ذكر الرواية عمن قال يجب تأدية الحديث على الصواب).

[21] جامع بيان العلم وفضله، الباب السابق. فعن أبي جعفر (الباقر) قال: لا بأس بالحديث إذا كان فيه اللحن ان يعربه (الكفاية في علم الرواية، باب ذكر الرواية عمن قال يجب تأدية الحديث على الصواب).

[22] وعنه ايضاً انه قال: لا بأس بإصلاح الخطأ واللحن والتحريف في الحديث (الكفاية في علم الرواية، باب ما جاء في تغيير نقط الحروف لما في ذلك من الإحالة والتصحيف. وجامع بيان العلم وفضله، الباب السابق).

[23] جامع بيان العلم وفضله، الباب السابق. كما جاء عن يحيى بن معين انه قال: إذا خفت ان تخطىء في الحديث فانقص منه ولا تزد (الكفاية في علم الرواية، باب ذكر الرواية عمن أجاز النقصان من الحديث ولم يجز الزيادة).

[24] جامع بيان العلم وفضله، الباب السابق.

[25] جامع بيان العلم وفضله، الباب السابق.

[26] الكفاية في علم الرواية، باب ذكر الرواية عمن كان لا يرى تغيير اللحن في الحديث.

[27] جامع بيان العلم وفضله، الباب السابق.

[28] الكفاية في علم الرواية، باب ذكر الرواية عمن كان لا يرى تغيير اللحن في الحديث.

[29] ومن ذلك ما قاله الشافعي: ‹‹إذا كان الله جل ثناؤه لرأفته بخلقه انزل كتابه على سبعة أحرف معرفة منه بأن الحفظ منه قد يزل ليحل لهم قراءته، وإن اختلف اللفظ فيه ما لم يكن في اختلافهم إحالة معنى، كان ما سوى كتاب الله أولى أن يجوز فيه اختلاف اللفظ ما لم يحل معناه، وكل ما لم يكن فيه حكم فاختلاف اللفظ فيه لا يحيل معناه، وقد قال بعض التابعين: رأيت أناساً من أصحاب رسول الله فأجمعوا لي في المعنى واختلفوا في اللفظ، فقلت لبعضهم ذلك، فقال: لا بأس ما لم يحل المعنى›› (قواعد التحديث، ص311).

[30] الشافعي: اختلاف الحديث، باب في التشهد، ص489، عن مكتبة العلوم الاسلامية ضمن موقع الجعفرية الالكتروني www.aljaafaria.com ، وقواعد التحديث، ص311ـ312.

[31] مقدمة ابن خلدون، مؤسسة الاعلمي، بيروت، ص445 و446

[32] مشكل الاثار، حديث 117، كما لاحظ روايات صحيح البخاري بهذا الصدد: باب الطيرة، وباب لا هامة ولا صفر، وباب لا هامة، وباب لا عدوى، وباب ما يذكر من شؤم الفرس، وباب ما يتقى من شؤم المرأة. وكذا لاحظ روايات صحيح مسلم: باب الطيرة والفأل ما يكون فيه من الشؤم، وباب لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر ولا نوء ولا غول ولا يورد ممرض على مصح.

[33] ابو الفرج ابن الجوزي: دفع شبه التشبيه بأكف التنزيه، حققه وقدم له حسن السقاف،  دار الامام النووي، الطبعة الثالثة، 1413هـ ـ1992م، عمان ـ الاردن، عن مكتبة يعسوب الدين الالكترونية، ص167.

[34] الحاكم النيسابوري: المستدرك على الصحيحين، عن شبكة المشكاة الالكترونية، ج2، حديث 2855.

[35] الكفاية في علم الرواية، باب الكلام في الاخبار وتقسيمها.

[36] الموضوعات، ج1، ص106

[37] مقدمة ابن خلدون، طبعة دار الهلال، 1986م، ص9ـ10.

[38] المصدر السابق، ص17.

[39] المصدر السابق، ص34.

[40] صحيح مسلم، ج4، حديث 2539.

[41] السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي، مصدر سابق، ص274

[42] السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي، ص274.

[43] ابن القيم الجوزية: المنار المنيف في الصحيح والضعيف، شبكة المشكاة الالكترونية، فقرة 58 (لم تذكر ارقام صفحاته).

[44] ابن القيم: نقد المنقول والمحك المميز بين المردود والمقبول، شبكة المشكاة الالكترونية، فقرة 93 (لم تذكر ارقام صفحاته).

[45] ومما علق به ابن القيم على هذا الحديث قوله: ان أرفع شيء في الصخرة أنها كانت قبلة اليهود وهي في المكان كيوم السبت في الزمان أبدل الله بها الأمة المحمدية الكعبة البيت الحرام. ولما أراد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب أن يبني المسجد الأقصى استشار الناس هل يجعله أمام الصخرة أو خلفها، فقال له كعب: يا أمير المؤمنين ابنه خلف الصخرة، فقال عمر: يا ابن اليهودية خالطتك اليهودية، بل أبنيه أمام الصخرة حتى لا يستقبلها المصلون، فبناه حيث هي اليوم (نقد المنقول، فقرة 94).

[46] مثل حديث: دعوني من السودان إنما الأسود لبطنه وفرجه. وحديث: الزنجي إذا شبع زنا وإذا جاع سرق. وحديث: إياكم والزنج فإنه خلق مشوه. وحديث انه رأى طعاماً فقال: لمن هذا؟ فقال العباس: للحبشة أطعمهم، قال: لا تفعل إنهم إن جاعوا سرقوا وإن شبعوا زنوا. وحديث: لو علم الله في الخصيان خيراً لأخرج من أصلابهم ذرية يعبدون الله. وحديث: شر المال في آخر الزمان المماليك (نقد المنقول، فقرة 115).

[47] نقد المنقول والمحك المميز بين المردود والمقبول، فقرة 89

[48] حيث علق عليهما ابن القيم بقوله: قبّح الله واضعهما فإن هذا لو قاله يوحنا أمهر الأطباء لسخر الناس منه، ولو أكل الباذنجان للحمى والسوداء الغالبة وكثير من الأمراض لم يزدها إلا شدة، ولو أكله فقير ليستغني لم يفده الغنى، أو جاهل ليتعلم لم يفده العلم (المنار المنيف في الصحيح والضعيف، فقرة 55).

[49] قيل انه سئل عبد الله بن المبارك عن هذا الحديث فقيل له إنه يروى عنك، فقال وعني أيضاً أرفع شيء في العدس أنه شهوة اليهود، ولو قدس فيه نبي واحد لكان شفاء من الأدواء فكيف بسبعين نبياً وقد سماه الله تعالى ((أدنى))؟! ونعى ابن المبارك على من اختاره على المن والسلوى وجعله قرين الثوم والبصل. وذكر ان مضاره كثيرة، حيث فيه تهييج السوداء والنفخ والرياح الغليظة وضيق النفس والدم الفاسد وغير ذلك من المضار المحسوسة (المنار المنيف في الصحيح والضعيف، فقرة 57).

[50] حيث رأى ابن القيم ان الشرب على الطعام يفسده ويمنع من استقراره في المعدة ومن كمال نضجه (المنار المنيف في الصحيح والضعيف، فقرة 59).

[51] حيث اعتبره ابن القيم مخالفاً للحس وإن صححه بعض الناس. وقال ابن القيم بهذا الصدد: ان الحس يشهد بوضعه؛ لأنا نشاهد العطاس والكذب يعمل عمله، ولو عطس مائة ألف رجل عند حديث يروى عن النبي (ص) لم يحكم بصحته بالعطاس، ولو عطسوا عند شهادة زور لم تصدق (المنار المنيف في الصحيح والضعيف، فقرة 56)

[52] وقد اعتبره ابن القيم مناف للحس، اذ إن الكذب في غيرهم أضعافه فيهم. وقد تأول البعض هذا الحديث بأن المراد بالصباغ هو الذي يزيد في الحديث ألفاظاً تزينه والصواغ الذي يصوغ الحديث ليس له أصل، لكن ابن القيم رد على هذا القول واعتبره تكلفاً بارداً لتأويل حديث باطل (المنار المنيف في الصحيح والضعيف، فقرة 60).

[53] من المسلمات التي ذكرها ابن القيم بهذا الصدد ما جاء حول تعليقه عن حديث التمرات السبع من تمر العالية، وهو احد اصناف التمور، حيث ورد الحديث في الصحيحين بأن من اصطبح بها لم يضره ذلك اليوم سم ولا سحر. وعلق ابن القيم على ذلك بأن هذه الفائدة والخواص لو قالها بقراط وجالينوس وغيرهما من الاطباء لتلقاها عنهم الاطباء بالقبول والاذعان والانقياد، مع ان القائل انما معه الحدس والتخمين والظن، فمن كلامه كله يقين وقطع وبرهان ووحي اولى ان تتلقى اقواله بالقبول والتسليم وترك الاعتراض (ابن القيم: زاد المعاد، شبكة المشكاة، ج3، ص92).

[54] نص الحديث الذي روي عن عائشة وعن أنس هو أن النبي (ص) مر بقوم يلقحون فقال: لو لم تفعلوا لصلح، فخرج شيصاً، فمر بهم فقال: ما لنخلكم؟ قالوا: قلت كذا وكذا، قال: أنتم أعلم بأمر دنياكم (صحيح مسلم، حديث 2363)

[55] نقد المنقول، فقرة 93

[56] صحيح مسلم، حديث 2789، وفي رواية ذكرها السيوطي في (الدر المنثور) ان ابا هريرة قال: أخذ رسول الله (ص) بيدي فقال: يا أبا هريرة إن الله خلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام، ثم استوى على العرش فخلق التربة يوم السبت، والجبال يوم الأحد... الخ (جلال الدين السيوطي: الدر المنثور في التفسير بالمأثور، دار المعرفة، بيروت، عن مكتبة يعسوب الدين الالكترونية، ج3، ص91).

[57] نقد المنقول، فقرة 93.

[58] تعليق الكوثري على: شروط الائمة الخمسة، ص62.

comments powered by Disqus