-
ع
+

الحديث النبوي وعصر الانشغال

يحيى محمد

بعد ذهاب عصر التحفظ للصحابة ظهر عصر جديد يحمل معاني الانقلاب على ما سلكه كبار الصحابة والتابعون ازاء التعامل مع الحديث، فبرزت سمات جديدة هي على الضد من تلك التي شهدها العصر الاول. لكن هذه السمات لم تظهر دفعة واحدة، بل ان بعضها بدأ بالتكون والنمو مع وجود العصر السابق، واخص بالذكر ما ظهر من الاكثار في الرواية لدى ما يطلق عليهم (صغار الصحابة). فقد كان بعض كبار الصحابة ينهى عن الاكثار في الرواية ويعاقب عليها، ومع ذهاب الكبار اخذ بعض الصغار يكثرون فيها من غير تحفظ. يضاف الى ما شهدته هذه الفترة من اهتمام اولي بمعرفة الرجال بعد ان تجرأ الناس على الكذب في الحديث، ثم تطور الحال - بعد تفشيه - الى البحث عن الإسناد. وبعد ذلك  بدأ الاهتمام بتدوين الحديث وجمعه والكشف عن الصحيح منه. وبهذا اخذ العصر الثاني يتمظهر بخصائص جديدة لم تكن معهودة من قبل. ويمكن تصنيفه الى طورين: الإسناد والتدوين، اذ ظهرت البداية عند البحث في الإسناد، ثم اعقبها العمل بالتدوين، وقد مر كل منهما بمراحل وتطورات مختلفة فيها بعض التداخل، كالذي سنعرضه خلال الفقرات التالية:


1ـ طور الإسناد


دواعي النشأة

معروف ان الإسناد هو خاصية تميز بها المسلمون على غيرهم من الامم، وكما قال ابو علي الجبائي: خص الله تعالى هذه الأمة بثلاثة أشياء لم تعط الى من قبلها، وهي: الإسناد والأنساب والإعراب[1]. ومع ان هناك مجالات عديدة للاسناد، كالاسناد في الحديث، وفي اللغة، وفي التاريخ، وفي القراءة.. الخ، لكن ما يعنينا هو الإسناد في الحديث دون غيره.

لقد ظهرت فكرة اسناد الحديث والبحث في الرجال عندما شعر صغار الصحابة والتابعون ان من الناس من يتجرأ الكذب على النبي. وهناك ما يشير الى ان الوضع في الحديث بدأ بعد نشوء الفرق العقدية والسياسية في عهد خلافة الامام علي. وكان ابن عباس يقول - كما جاء في صحيح مسلم -: إنا كنا نحدث عن رسول الله (ص) إذ لم يكن يكذب عليه، فلما ركب الناس الصعب والذلول تركنا الحديث عنه[2].

هذا ما كان في عهد صغار الصحابة، وقد تفاقم الوضع بمرور الزمن لتفشي الكذب وانتشاره، فروي عن شعبة انه قال: ما اعلم احداً فتش الحديث كتفتيشي؛ وقفت على ان ثلاثة ارباعه كذب[3]. كما روي عن احمد وشعبة والبخاري ومسلم قولهم ان نصف الحديث كذب. وذكر البعض ان الوضاعين للحديث هم اكثر من (300) وضاع، ووجد لخمسة منهم من الحديث الموضوع (35 ألف) حديث[4]. كما روي ان أحمد بن عبد الله الجوباري وضع على النبي نحو ثلاثين ألف حديث كالذي نصّ عليه أبو حاتم بن حبان[5].

وقيل ان الكذابين المعروفين بوضع الحديث على النبي اربعة، وهم ابراهيم بن أبي يحيى بالمدينة، والواقدي ببغداد، ومقاتل بن سليمان بخراسان، ومحمد بن سعيد المصلوب بالشام[6]. وقد أُتهم مقاتل بن سليمان بأنه كان يسأل أهل الكتاب من اليهود والنصارى ويفسر بذلك القرآن، وهو مشهور بالكذب والاختلاق[7].

ولا شك ان دوافع الكذب في الحديث متعددة ومختلفة، فتارة كانت لنصرة المذهب وابطال غيره من المذاهب، وثانية لاعتبارات سياسية، حيث كانت السلطة اوالمعارضة لا تتورع عن اختراع الحديث لاجل دحض الخصوم، وثالثة لاعتبار ما دخل من الامم الاخرى في الاسلام ورغبة بعضهم في تزييفه واظهار تناقضاته وابطاله، ومن ذلك وضع الاسانيد الصحيحة لمتون مزيفة، ورابعة لدعوى اصلاح المجتمع بعد العجز عن اصلاح فساده كما فعل الزهاد الصالحون.

وقد قال شيخ من الخوارج بعد ان تاب ورجع عن مذهبه: ان هذه الأحاديث دين فانظروا عمن تأخذون دينكم فانا كنا إذا هوينا أمراً صيرناه حديثاً[8]. وعلق بعض الحفاظ على هذا القول: إن هذه والله قاصمة الظهر للمحتجين بالحديث المرسل، إذ بدعة الخوارج كانت في صدر الإسلام والصحابة متوافرون، ثم في عصر التابعين فمن بعدهم، وهؤلاء كانوا إذا استحسنوا أمراً جعلوه حديثاً وأشاعوه، فربما سمع الرجل الشيء فحدث به ولم يذكر من حدثه به تحسيناً للظن فيحمله عنه غيره ويجيء الذي يحتج بالمقاطيع فيحتج به[9].

وجاء في هذا الصدد ان سليمان بن حرب قال: دخلت على شيخ وهو يبكي، فقلت له ما يبكيك؟ قال: وضعت أربعمائة حديث في الناس فلا أدري كيف أصنع[10]. وجاء ان أبا العيناء قال: أنا والحافظ وضعنا حديث فدك وأدخلناه على الشيوخ ببغداد فقبلوه إلا ابن شيبة العلوي فإنه قال: لا يشبه آخر هذا أوله. وقد كان أبو العيناء يحدث بهذا بعد ما تاب[11].

وروي في وضع الزنادقة عن النبي ما ذكره حماد بن زيد من انهم وضعوا على رسول الله أربعة عشر ألف حديث[12]. وقال المهدي: أقر عندي رجل من الزنادقة انه وضع أربعمائة حديث فهي تجول في أيدي الناس[13]. وجاء انه لما ايقن عبد الكريم بن أبي العوجاء بقتله لوضعه الاحاديث الكاذبة قال: والله لقد وضعت فيكم أربعة آلاف حديث أحرم فيها الحلال وأحل فيها الحرام، ولقد فطرتكم في يوم صومكم، وصومتكم في يوم فطركم[14]. وهناك جماعة اتهموا بوضع اكثر من عشرة آلاف حديث، وهم كل من أحمد بن عبد الله الجويباري ومحمد بن عكاشة الكرماني ومحمد بن تميم الفارابي[15]. ومن ذلك ايضاً ما اورده ابن حبان من انه رأى خمسمائة حديث وضعها أحمد بن محمد القيسي الأبلي، وقال: لعل هذا الشيخ قد وضع على الأئمة المرضيين أكثر من ثلاثة آلاف حديث[16].

 والبعض رغم صلاحه فقد كان يتهم بوضع الحديث، اذ قيل ان أحمد بن محمد الفقيه المروزي كان من أصلب أهل زمانه في السنة وأذپهم عنها وأقمعهم لمن خالفها، ومع هذا فقد كان يضع الحديث، ومن ذلك انه وضع في فضائل قزوين نحو أربعين حديثاً، وكان يقول إني أحتسب في ذلك[17].

وورد عن الزهاد والصالحين الكثير من الوضع، حتى قال أبو عاصم النبيل: ما رأيت الصالح يكذب في شيء أكثر من الحديث[18]. وهناك من فسر بعض الوضع بانه لم يكن من الكذب المتعمد، بل من الخطأ في نقل الحديث، فقد ورد في صحيح مسلم ان يحيى بن سعيد القطان قال: لم نر الصالحين في شيء أكذب منهم في الحديث. وفي خبر اخر عنه ايضاً: لم نر أهل الخير في شيء أكذب منهم في الحديث[19]. لكن مسلماً علق على ذلك وقال: يجري الكذب على لسانهم ولا يتعمدون الكذب[20].

وجاء انه اعتز قوم من الزهاد فوضعوا أحاديث في الترغيب والترهيب وقالوا: نحن لم نكذب عليه، بل فعلنا ذلك لتأييد شريعته[21]. وقيل لأبي عصمة -وهو نوح بن أبي مريم - من أين لك عن عكرمة عن ابن عباس في فضائل القرآن سورة سورة وليس عند أصحاب عكرمة هذا؟ فقال: إني رأيت الناس قد أعرضوا عن القرآن واشتغلوا بفقه أبي حنيفة ومغازي محمد بن إسحاق فوضعت هذا الحديث حسبة[22]. كما سئل احد الزهاد عن الاحاديث التي حدث بها فقال: انما وضعناها لنرقق بها قلوب العامة[23]. وجاء ان ابن مهدي سأل ميسرة بن عبد ربه: من أين جئت بهذه الاحاديث: من قرأ كذا فله كذا؟ فأجاب: وضعتها أرغب الناس فيها[24]. وقيل ان وهب بن حفص كان من الصالحين وقد مكث عشرين سنة لا يكلم أحداً، ومع ذلك وصفه أبو عروبة بانه كان يكذب كذباً فاحشاً[25].

وذهب قوم الى وضع الاسانيد لكل كلام حسن، فعن محمد بن سعيد انه قال: لا بأس إذا كان كلام حسن أن تضع له إسناداً[26]. ونُقل عن سليمان بن عمرو النخعي انه كان يضع الاحاديث كما يضع لكل مسألة وحديث اسناداً، ومن ذلك جاء انه كان في حجره كتاب فيه مصنف ابن أبي عروبة وهو يركب عليه الأسانيد ويقول حدثنا خصيف وحدثنا حصين، وفي مناسبة اخرى انه كان يصرح في جملة من الاحاديث انه ليس منها شيء الا وعنده فيه اسناد[27].

وقد يكون الوضع لدى الصالحين نتيجة طبيعية لما الفه العلماء من التساهل في الاحاديث التي تدور في الثواب والعقاب، وذلك تعويلاً على بعض الروايات؛ مثل ما روي عن ابي هريرة من ان النبي قال: من حدث عني حديثاً هو لله رضا فأنا قلته وبه أرسلت. ولهذا السبب اجاز بعض الكرامية وضع الاحاديث الخاصة بكل من الثواب والعقاب ترغيباً للناس في الطاعة وزجراً لهم عن المعصية[28].


تأريخ النشأة

يتفق الباحثون من ان البحث في الإسناد والتكلم في الرجال قد بدأ في عصر التابعين اثر تنامي الكذب وانتشاره. وتعد شخصية محمد بن  سيرين (المتوفى سنة 110هـ) من ابرز ما اعتمد عليه في التكهن بتأريخ نشأة الإسناد، فقد روى عنه مسلم في صحيحه انه قال: لم يكونوا يسألون عن الإسناد، فلما وقعت الفتنة، قالوا: سموا لنا رجالكم، فينظر إلى أهل السنة فيؤخذ حديثهم وينظر إلى أهل البدع فلا يؤخذ حديثهم[29]. ويحتمل ان يكون ابن سيرين قد قصد بالفتنة هي فتنة عبد الله بن الزبير عندما طرح نفسه كخليفة للمسلمين والتي انتهت بمقتله على يد الحجاج بن يوسف الثقفي (سنة 73). وفي هذه الفترة روي انه لم يكن الناس يسألون عن الإسناد حتى كان زمن المختار فاتهموا الناس[30]. كما قيل ان اول من فتش عن الإسناد هو عامر الشعبي (المتوفى سنة 103هـ) حيث جاء ان الربيع بن خيثم ذكر ان من قال (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير) فله كذا وكذا من الاجر، فسأله الشعبي: من حدثك؟ فقال: عمرو بن ميمون، ثم سأل هذا الاخير: من حدثك؟ فقال: أبو ايوب صاحب رسول الله (ص). فحول هذه الواقعة صرح يحيى بن سعيد القطان بانها أول حادثة فتش فيها عن الإسناد[31].

كما رأى البعض ان بداية الإسناد تعود الى ابن شهاب الزهري، وهو المنقول عن مالك بن انس[32]. وروي انه جلس إسحاق بن أبي فروة الى الزهري فجعل يقول قال رسول الله (ص) فقال له الزهري: قاتلك الله يا بن أبي فروة ما اجرأك على الله، تأتينا بأحاديث ليس لها خطم ولا ازمة، ألا تسند حديثك[33]؟ وفي رواية اخرى عن الوليد بن مسلم انه قال: خرج الزهري من الخضراء ومن ثم عبد الملك فقال: يا أيها الناس إنا كنا قد منعناكم شيئاً قد بذلناه لهؤلاء فتعالوا حتى أحدثكم، فسمعهم يقولون قال رسول الله وقال رسول الله، فقال: يا أهل الشام ما لي أرى أحاديثكم ليست لها أزمة ولا خطم، قال الوليد فتمسك أصحابنا بالأسانيد من يومئذ[34]. وتدل الرواية الاخيرة على ان الزهري هو اول من بدأ الإسناد في بلاد الشام، وانه يمكن ان يكون هناك من سبقه في غيرها من البلدان.

ونجد في رواية اخرى ان الإسناد يعود الى ما بعد الزهري، حيث جاء عن عبد الله بن سلمة بن أسلم انه قال: ما كنا نتهم أن أحداً يكذب على رسول الله (ص) متعمداً حتى جاءنا قوم من أهل المشرق فحدثوا عن أصحاب النبي (ص) الذين كانوا عندهم بأحاديث لا نعرفها، فالتقيت انا ومالك بن أنس، فقلت: يا أبا عبد الله والله انه لينبغي لنا ان نعرف حديث رسول الله (ص) ممن هو وعمن أخذنا، فقال: صدقت يا أبا سلمة، فكنت لا أقبل حديثاً حتى يسند لي، وتحفظ مالك بن أنس الحديث من ايامئذ، فجئت عبد الله بن الحسن في السويقة، فقال: يا ابن سلمة بن أسلم ما بلغني انك تحدث تقول حدثني فلان عن فلان، قلت بلى خلط علينا شيعتكم من أهل العراق وجاؤونا بأحاديث عن بعض أصحاب النبي (ص) فحدثته بعض ما حفظت، فعجب له وقال: أصبت يا ابن أخي فزادني في ذلك رغباً[35].

ويبدو ان البحث عن الإسناد قد سبق القرن الثاني، وعلى الاقل فان الوعي باهميته قد بدأ منذ ذلك الوقت كما تشير اليه بعض النصوص، ابرزها نص ابن سيرين الانف الذكر، وله نص اخر وجد صدى لدى غيره من العلماء، حيث يقول: إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم[36]. وقد روي النص ايضاً عن الضحاك بن مزاحم (المتوفى سنة 105هـ)[37]، وكذا عن مالك بن انس[38]، وعن ابي هريرة[39]، بل وعن النبي ايضاً[40].

وعلى هذه الشاكلة قال عبد الله بن المبارك: الإسناد عندي من الدين ولولا الإسناد لقال من شاء ما شاء[41]. وكذا قال يزيد بن زريع: لكل دين فرسان، وفرسان هذا الدين أصحاب الأسانيد[42]. وقال عمرو بن قيس: ينبغي لصاحب الحديث أن يكون مثل الصيرفي الذي ينقد الدراهم فان الدراهم فيها الزيف والبهرج وكذلك الحديث[43]. ومثل ذلك روي عن الاوزاعي، وهو انه قال: كنا نسمع الحديث فنعرضه على أصحابه كما يعرض الدرهم الزائف، فما عرفوا منه أخذنا، وما أنكروا منه تركنا[44]. وكان الاوزاعي ينقل عن يزيد بن أبي حبيب قوله: إذا سمعت الحديث فأنشده كما تنشد الضالة؛ فإن عُرف فخذه وإلا فدعه. وقال ابن عون: لا يؤخذ هذا العلم إلا عن من شهد له بالطلب. وروى المغيرة عن إبراهيم ان الناس كانوا إذا أرادوا أن يأخذوا عن الرجل الحديث نظروا إلى صلاته وهيئته وسمته[45].

وهناك من الروايات ما يشير الى ان الإسناد بدأ منذ خلافة الامام علي، اثر ما ظهر في عصره من الكذب على النبي، اذ روي عنه شبيه ما روي عن ابن سيرين وغيره، وهو انه قال في مسجد الكوفة: انظروا عمن تأخذون هذا العلم فإنما هو الدين[46].

هذا فيما يتعلق بالاسناد، اما عن التعديل والتجريح، فقد قيل ان اول من تكلم فيه هو شعبة بن الحجاج، ثم تبعه يحيى بن سعيد القطان، ومن بعده أحمد بن حنبل ويحيى بن معين. وقد اعتبر ابن الصلاح ان هؤلاء هم الاوائل فيمن تصدى للكلام في الرجال والاعتناء بذلك، وإلا فالكلام فيهم جرحاً وتعديلاً متقدم وثابت عن رسول الله (ص) ثم عن كثير من الصحابة والتابعين[47].


الاسناد المرسل والصحيح:

كانت بداية العمل بالاسناد لدى التابعين هي قبول الإسناد المرسل عن الثقة، والمقصود بالمرسل لدى علماء الاصول هو رواية الراوي عمن لم يسمع منه، سواء كان معاصراً له او غير معاصر، فقد يروي التابعي عن النبي دون ان يذكر اسم الصحابي الذي روى عنه، كما قد يروي المحدث عن غيره ممن لم يعاصره، مثل رواية مالك بن انس عن القاسم بن محمد بن ابي بكر، كما قد يروي الراوي عمن عاصره ولم يلقه، مثل رواية سفيان الثوري وشعبة عن الزهري[48]. لكن عادة ما يقصد بالمرسل لدى اهل الحديث  هو رواية التابعي عن النبي (ص) مباشرة، فيقول: قال النبي دون ان يذكر اسم الصحابي الذي ينقل عنه[49]، وهي طريقة سلم بها التابعون واعتادوا عليها، وربما اعتبروها متسقة مع قبول رفع الصحابي للحديث عن النبي رغم عدم سماعه منه. وتبعهم في ذلك علماء القرن الثاني للهجرة، ومن ثم اعترض عليها المتأخرون؛ حيث بحثوا عن ايجاد الاسانيد المتصلة التي تنتهي بالصحابة والنبي. وقد كان الطبري يقول ان التابعين بأسرهم اجمعوا على قبول المرسل ولم يأت عنهم انكاره ولا عن احد من الائمة بعدهم الى رأس المائتين[50].

كما اخذ العلماء يبحثون عن الاسانيد التي تتصف بقدر اكبر من العلو والصحة. والمقصود بعلو الإسناد هو الإسناد الذي يكون فيه رجال السلسلة المتصلة قليلين. وصرح احمد بن حنبل بان طلب الإسناد العالي هو من السنة او الدين[51]. كما قيل ليحيى بن معين، وهو في مرضه الذي مات فيه (توفي سنة 233 هـ): ما تشتهي؟ قال: بيت خالي وإسناد عالي. ذلك ان العلو يبعد الإسناد من الخلل، حيث ان كل رجل من رجاله يحتمل أن يقع الخلل من جهته سهواً او عمداً، ففي قلتهم قلة جهات الخلل، وفي كثرتهم كثرة جهاته[52]. لهذا عد النزول في الإسناد من الشؤم كالذي صرح به علي بن المديني[53]. لكن المقرر في المفاضلة هو ان الحديث الصحيح خير من الحديث الضعيف؛ حتى لو كان الاول بعيداً والثاني قريب الإسناد[54].

كذلك أخذ علماء الحديث يبحثون في الاسانيد الصحيحة، واختلفوا في أصحها، فقد جاء عن سليمان بن حرب ان اعتبر أصح الأسانيد هو سلسلة أيوب عن محمد بن سيرين عن عبيدة عن علي، وقريب منه ما جاء عن عمرو بن علي الفلاس، ومثل ذلك ما روي عن علي بن المديني. واعتبر عبد الرزاق ان أصحها هو سلسلة الزهري عن علي بن الحسين عن أبيه عن علي، وكذا قال ابو بكر بن أبي شيبة . في حين ذهب إسحاق بن إبراهيم الحنظلي وابن حنبل وإسحاق بن راهويه الى ان أصح الأسانيد كلها هو سلسلة الزهري عن سالم عن أبيه. واعتبر البخاري ان أصحها مالك عن نافع عن ابن عمر. واعتبر يحيى بن معين ان اجودها الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله[55].

وذكر الحاكم النيسابوري ان أصح أسانيد ابي بكر الصديق: إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم عنه، وان أصح أسانيد عمر: الزهري عن سالم عن أبيه عنه، وأصح أسانيد أهل البيت: جعفر بن محمد عن أبيه عن جده، وأصح أسانيد ابن عمر: مالك عن نافع عنه، وأصح أسانيد عائشة: عبيد الله بن عمر بن حفص عن القاسم عن عائشة، وأصح أسانيد ابن مسعود: سفيان الثوري عن منصور عن إبراهيم النخعي عن علقمة عنه، وأصح أسانيد أبي هريرة: الزهري عن سعيد بن المسيب عنه، او أبو الزناد عن الأعرج عنه، او حماد بن زيد عن أيوب السختياني عن ابن سيرين عنه. كما قيل ان اصح اسناد يروى عن سعد بن ابي وقاص هو: علي بن الحسين بن علي عن سعيد بن المسيب عنه[56].

وقيل ان المجمع على صحته هو المتصل السالم من الشذوذ والعلة، وأن يكون رواته ذوي ضبط وعدالة وعدم تدليس. ويقصد بالشذوذ هو ما يرويه الثقة مخالفاً لرواية الناس، او لرواية من هو اضبط منه. كما يقصد بالعلة هو ان فيه أسباباً خفية قادحة[57]. أما التدليس فيقصد به رواية المحدث عمن عاصره ولم يلقه، فيتوهم انه سمع منه، أو روايته عمن قد لقيه ولم يسمعه منه[58]. وسمي ذلك تدليساً لكون الراوي لم يسمِّ من حدّثه واوهم سماعه للحديث ممن لم يحدّثه به، ويرد في صيغته ما يحتمل وقوع اللقاء، كصيغة (عن) وصيغة (أن) وصيغة (قال). واذا كانت الصيغة صريحة في السماع المباشر مثل اخبرنا او حدثنا وهو لم يسمع عنه كان ذلك كذباً[59]. وقد اعتبره البعض على ثلاثة اقسام تختلف في الضعف[60].

فأعلى مراتب المجمع عليه: مالك عن نافع عن ابن عمر، أو منصور عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله، أو الزهري عن سالم عن أبيه، أو أبو الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة. ثم بعده معمر عن همام عن أبي هريرة، أو ابن أبي عروبة عن قتادة عن أنس، أو ابن جريج عن عطاء عن جابر وأمثاله. ثم بعده في المرتبة : الليث وزهير عن أبي الزبير عن جابر، أو سماك عن عكرمة عن ابن عباس، أو أبو بكر بن عياش عن أبي إسحاق عن البراء، أو العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة، ونحو ذلك من أفراد البخاري أو مسلم[61]. وقيل انه روي من خلال هذه الاسانيد القليلة الاف الاحاديث.

وقد كان التابعون المعول عليهم في الاحاطة بالحديث قليلين، فكما يرى أبو داود الطيالسي ان الحديث موجود عند أربعة؛ هم الزهري وقتادة وأبي إسحاق والأعمش، فكان قتادة أعلمهم بالاختلاف، والزهري أعلمهم بالإسناد، وأبو إسحاق أعلمهم بحديث علي وابن مسعود، وكان عند الأعمش من كل هذا ولم يكن عند واحد من هؤلاء إلا الفين الفين. واعتبر الخطيب البغدادي ان هؤلاء الاربعة هم من تدور الاسانيد عليهم، وهو معنى قول الطيالسي: وجدنا الحديث عند أربعة[62]. وهناك رجال اخرون ممن اعتنوا بجمع الحديث، حتى قيل: ان من لم يجمع حديث هؤلاء الخمسة فهو مفلس في الحديث: سفيان وشعبة ومالك بن أنس وحماد بن زيد وابن عيينة، وهم أصول الدين[63]. وذهب علي بن المديني الى ان الإسناد كان يدور على ستة ثم تفشى علمهم الى غيرهم، وهم الزهري وعمرو بن دينار وقتادة ويحيى بن أبي كثير وأبو إسحاق الهمداني وسليمان الأعمش، ثم صار علم هؤلاء الستة الى غيرهم، ففي الكوفة سفيان الثوري، وفي  الشام الاوزاعي، وفي البصرة شعبة بن الحجاج وابن أبي عروبة وحماد بن سلمة ومعمر وأبو عوانة، وفي الحجاز مالك بن انس وابن جريج ومحمد بن اسحاق وسفيان بن عيينة، وغير هؤلاء[64].


2ـ طور التدوين


مرحلة البدء

أشرنا الى ان الصحابة والتابعين ابدوا تحفظات عديدة حول كتابة الحديث، اذ كانوا يحفظونه ويؤدونه لفظاً، وقد استثني من ذلك كتاب الصدقات كما في العديد من الروايات لأغراض عملية[65]. لكن بتقادم الزمن اخذ الحفظ يقل بموت العلماء وضعف الذاكرة وانتشار الكثير منهم في الامصار، وقد رافق ذلك ازدياد الكذب على النبي وكثرة ظهور الفرق والابتداع، فخيف عليه من المحو والاندراس. من هنا بدأت فكرة التدوين العام، كما يشير اليها الكثير من العلماء والحفاظ. وكما قال الرامهرمزي: إنما كره الكتاب من كره من الصدر الأول لقرب العهد وتقارب الإسناد ولئلا يعتمده الكاتب فيهمله أو يرغب عن حفظه والعمل به، فأما والوقت متباعد والاسناد غير متقارب والطرق مختلفة والنقلة متشابهون وآفة النسيان معترضة والوهم غير مأمون فان تقييد العلم بالكتاب أولى وأشفى والدليل على وجوبه أقوى[66]. وكذا ذهب ابن حجر في (مقدمة فتح الباري) الى ان تدوين الآثار وتبويب الأخبار قد حصل في أواخر عصر التابعين بعد ان انتشر العلماء في الأمصار وكثر الابتداع من الخوارج والروافض ومنكري الأقدار، حيث اراد العلماء تقييد الامر بقوانين تمنع الابتداع والفرق الجديدة فكان لابد من التدوين[67].

هكذا يتضح ان العلة التي استند اليها العلماء في تفسير حالة التدوين تعود الى عدد من العوامل؛ كضعف الذاكرة وذهاب العلماء وانتشار الكذب وكثرة الابتداع وظهور الفرق العقدية. وقد يشار الى مثل هذه العوامل بعدد من الاخبار، اهمها ان بدء التدوين حدث بفعل الأمر الذي صدر عن السلطة السياسية في اواخر العهد الاموي. فقد جاء ان عمر بن عبد العزيز أمر عامله في المدينة أبا بكر بن عمرو بن حزم وكتب إليه قائلاً: انظر ما كان من حديث رسول الله (ص) فاكتبه، فإني خفت دروس العلم وذهاب العلماء، ولا تقبل إلا حديث النبي (ص) ولتفشوا العلم، ولتجلسوا حتى يعلم من لا يعلم، فإن العلم لا يهلك حتى يكون سراً {صحيح البخاري، حديث 34}. وفي رواية اخرى ان عمر بن عبد العزيز كتب إلى الآفاق: عليكم بابن شهاب (الزهري) فإنكم لا تجدون أحداً أعلم بالسنة الماضية منه[68].

ومع ان الكثير من الباحثين المعاصرين يعطون لهذا القرار السياسي اهمية خاصة لتفسير الكيفية التي بدأت فيها عملية التدوين، لكن ما يبدو هو ان هذه العملية لم تحدث بفعل ذلك القرار، فهناك اسباب اخرى دفعت العلماء على التدوين، ويحضرنا بهذا الصدد خبران اخران يبين كل منهما كيف كانت البداية، وكلاهما منقول عن أب التدوين ابن شهاب الزهري (المتوفى سنة 124هـ). فأحد الخبرين ينسب علة التدوين الى عدوى الوضع والكذب الاتي من جهة المشرق (العراق) اذ يقول الزهري: لولا أحاديث تأتينا من قبل المشرق ننكرها لا نعرفها ما كتبت حديثاً ولا أذنت في كتابه[69]. اما الخبر الثاني فيرجع العلة في بدء التدوين الى الاكراه الذي مارسته السلطة الاموية على كتابة الحديث لاغراض خاصة وضمن حدود شخصية، لكنه ساهم في تعميم تداول التدوين لدى عامة المسلمين، وكما يقول الزهري: كنا نكره كتاب العلم حتى أكرهنا عليه هؤلاء الأمراء، فرأينا أن لا نمنعه أحداً من المسلمين[70]. وجاء أن هشام بن عبد الملك سأل الزهري أن يملي على بعض ولده شيئاً، فأملى عليه أربعمائة حديث، وخرج الزهري فقال: أين أنتم يا أصحاب الحديث؟! فحدثهم بتلك الأربعمائة، ثم لقي هشاماً بعد شهر أو نحوه فقال للزهري: ان ذلك الكتاب ضاع، فدعا بكتاب فأملاها عليه ثم قابل بالكتاب الأول فما غادر حرفاً واحداً[71]. وجاء ان رجلاً سأل الزهري وعرض عليه كتاباً من علمه فقال: أأحدث بهذا عنك يا أبا بكر؟ قال نعم فمن يحدثكموه غيري[72].

وقيل ان الزهري اضاف اقوال الصحابة عند كتابة حديث النبي وعدها من السنة. فكما جاء عن  صالح بن كيسان انه قال: اجتمعت أنا وابن شهاب الزهري ونحن نطلب العلم فاتفقنا على أن نكتب السنن، فكتبنا كل شيء سمعنا عن النبي (ص) وبعدها قال الزهري: نكتب ما جاء عن أصحابه، فقلت لا ليس بسنة، فقال الزهري: بلى هو سنة، فكتب ولم أكتب، فألحج وضيعت[73].

ويمكن القول ان التدوين بدأ كسلاح ذي حدين. ففي الاول تحاشاه علماء السلف والتابعون لاسباب عديدة، منها خشيتهم من ان يتحول الى طريق للدس في الكتب والقراطيس، كما ان عن طريقه يمكن ان يسمح لمن هو ليس اهلاً للحديث بالتعاطي معه فيشيع تداوله بين عوام الناس ويكثر الكذب والتحريف. وقد كان الاوزاعي يقول: ‹‹كان هذا العلم كريماً يتلاقاه الرجال بينهم، فلما دخل في الكتب دخل فيه غير أهله››[74]. فهذا هو الجانب السلبي من التدوين، أما الجانب الايجابي منه فهو انه ساعد على منع الكذب والاقلال من الوضع والتحريف الذي تتناقله الالسن والشفاه. وقد لجأ الحفاظ الى كتابة الحديث لصونه من الكذب والتغيير والتحوير عبر الافواه. بل ان احدى الروايات المنقولة عن الزهري تشير الى ان علة تدوين الحديث جاءت لهذا الغرض، حيث في الرواية انه اضطر الى كتابة الحديث بفعل ما شاهده من الاحاديث غير المعروفة القادمة من المشرق. وآل الامر الى ان بعض علماء السلف المتأخرين اوصى بجعل التعامل بالرواية من خلال الكتاب، ومن ذلك ما قاله احمد بن حنبل: ‹‹لا تحدثن الا من كتاب››[75]، ويؤيده ما جاء عن علي بن المديني انه ذكر احمد بن حنبل وقال: بلغني أنه لا يحدث إلا من كتاب[76]. ومثل ذلك ما قاله جعفر الطيالسي: ينبغي لصاحب الحديث أن يتزر بالصدق ويرتدي بالكتب[77].

مع هذا صادف التدوين مشكلة تتعلق بالكتابة والاستملاء، حيث ان بعض الرواة المستملين قد لا يسمع الحديث بصورة صحيحة عن شيخه فيقع الاختلاف والتغيير، ومن ذلك ما ذكره ابن الصلاح من ان الكثير من اكابر المحدثين تعظم مجالسهم بالاف السامعين من الرواة المستملين، لكن الكثير منهم يكتب ما يملى دون ان يسمع جيداً. فمثلاً جاء عن الأعمش انه قال: كنا نجلس الى إبراهيم فتتسع الحلقة فربما يحدث بالحديث فلا يسمعه من تنحى عنه فيسأل بعضهم بعضاً عما قال ثم يروونه وما سمعوه منه. وعن حماد بن زيد أنه سأله رجل في مثل ذلك فقال: يا أبا إسماعيل كيف قلت؟ فقال: استفهم من يليك. وعن ابن عيينة أن أبا مسلم المستملي قال له: إن الناس كثير لا يسمعون، قال: أتسمع أنت؟ قال نعم، قال فأسمعهم[78] . لذلك لم يجز بعض العلماء ما يرويه المستملي بتلك الطريقة. فمثلاً جاء عن خلف بن تميم انه قال: سمعت من سفيان الثوري عشرة آلاف حديث أو نحوها فكنت أستفهم جليسي، فقال لي زائدة: لا تحدث منها إلا بما تحفظ بقلبك وسمع أذنك، قال فألقيتها[79]. بل وكان البعض يحتاط ويعرض ما كتبه على من املى عليه الحديث، خشية الزيادة والنقصان. وهناك من اوصى طالب العلم بمقابلة كتابه بأصل سماعه عن الشيخ الذي يرويه عنه. وجاء عن عروة بن الزبير أنه قال لابنه هشام: أكتبت؟ قال: نعم، قال: عارضت كتابك؟ قال لا، قال لم تكتب! وعن الامام الشافعي ويحيى بن أبي كثير قالا: من كتب ولم يعارض كمن دخل الخلاء ولم يستنج[80].

مهما يكن فقد استقر الامر على لزوم الكتابة، وكان هناك اجماع على تسويغها للحاجة والضرورة، فلولا التدوين لدرس الحديث في العصور المتأخرة كالذي اشار اليه ابن الصلاح[81].

لنعد الى الزهري الذي يعتبر المسئول الاول عن تدوين الحديث. فهو اول من شرع بكتابة الحديث بعد ان كان التابعون قبله يكرهون كتابته لاسباب سبق عرضها. وروي عنه انه قال: لم يدّون هذا العلم أحد قبل تدويني[82]. ويعد الزهري من صغار التابعين ومن فضلاء اهل الفقه والحديث في المدينة، وكان يعرف بحفظه لعلم الفقهاء السبعة المعروفين[83]، وقيل انه ادرك عشرة من الصحابة[84]، والبعض زاد على ذلك قليلاً[85]. وقد اشاد الكثير من العلماء بفضل هذا الرجل، فجاء عن سفيان بن عيينة قوله: كان الزهري أعلم أهل المدينة[86]. وقال عنه عمر بن عبد العزيز: ما ساق الحديث أحد مثل الزهري[87]. وقال ايضاً: لم يبق أحد أعلم بسنة ماضية من الزهري[88]. كما ذكره عمرو بن دينار بقوله: لقد جالست جابراً وابن عباس وابن عمر وابن الزبير فما رأيت احداً انسق للحديث من الزهري[89]، وفي رواية اخرى عن عمرو بن دينار انه قال: والله ما رأيت مثل هذا الفتى القرشي قط[90]. وقيل لمكحول: من أعلم من رأيت؟ قال ابن شهاب، قيل له ثم من؟ قال ابن شهاب، قيل له ثم من؟ قال ابن شهاب[91]. ومثل ذلك نُقل عن أيوب انه قال: ما رأيت أعلم من الزهري، فقال له صخر بن جويرية: ولا الحسن؟ قال: ما رأيت أحداً أعلم من الزهري[92]. وكان مالك بن أنس يقول: كنت أكتب الحديث فإذا اختلج في قلبي منه شيء عرضته على الزهري فما أمرني فيه قبلته، وما أثبته فهو الثبت عندي، وكنت أوثر علمه فيه على علم غيره لتقدمه في هذا الامر وعلمه بسنن رسول الله (ص)[93].

هكذا يعتبر الزهري اعلم زمانه بالسنة والحديث. وروي عنه انه قال: مكثت خمساً واربعين سنة اختلف من الحجاز الى الشام، ومن الشام الى الحجاز، فما كنت اسمع حديثاً استطرفه[94].

ومن بين ما تعود اليه اهمية الزهري هو ان له من الاحاديث الكثيرة التي لم يروها غيره. فقد ذكر مسلم في صحيحه ان له ما يقارب تسعين حديثاً عن النبي بأسانيد جياد لا يرويها غيره[95]. ونقل عن معمر انه قال: كنا نرى أنا قد أكثرنا عن الزهري حتى قتل الوليد بن يزيد فإذا الدفاتر قد حملت على الدواب من خزانته من علم الزهري[96].

على ذلك يكون الزهري هو الممهد الاول لجميع التطورات التي جرت على الحديث المدون، اذ اتكأ عليه من جاء بعده، فبدأت مراحل جديدة؛ اولها التبويب، ثم المساند، ومن بعدها الصحاح. وهذا ما سنتعرف عليه كالاتي..


مرحلة التبويب

جاءت عملية جمع الحديث وتبويبه كخطوة متممة لما بدأه الزهري من التدوين. اذ نشط العديد من العلماء في وقت متقارب لجمع وتدوين كل من الفقه والتفسير والمغازي والتاريخ وغيرها من العلوم. وعلى تقدير الذهبي فان هذا الحدث العظيم قد حصل في منتصف القرن الثاني للهجرة (سنة 143هـ). وقيل ان اول من جمع الحديث وبوبه هو مالك بن انس، كما قيل ان اول من فعل ذلك هو الربيع بن صبيح وسعيد بن أبي عروبة وغيرهما، الى ان قام بعدهم عدد من العلماء فدونوا الأحكام في الحديث، كمالك وابن جريج وسفيان الثوري والاوزاعي وابن دينار وغيرهم. وقيل ايضاً ان هناك عدداً من العلماء ظهروا في فترة واحدة وفي اماكن متعددة شرعوا في تصنيف الحديث كل باب على حدة دون ان يعرف سابقهم من لاحقهم. وقد عرفت مثل هذه الكتب في جمع الحديث وتبويبه بالموطآت، وهي كثيرة لكن لم يبق منها سوى موطأ مالك الذي صنفه في المدينة وتوخى فيه القوي من حديث أهل الحجاز ومزجه بأقوال الصحابة وفتاوى التابعين، وصنف عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج التصانيف بمكة، وصنف سفيان بن سعيد الثوري كتاب الجامع بالكوفة، وكذا صنف أبو حنيفة الفقه والرأي بالكوفة ايضاً، ومثل ذلك فعل أبو عمر وعبد الرحمن بن عمر والأوزاعي بالشام، وحماد بن سلمة بن دينار بالبصرة[97]، وصنف ابن إسحاق المغازي، وكذا صنف معمر باليمن، وعلى هذه الشاكلة صنف هشام كتبه، وكذا الليث بن سعد وعبد الله بن لهيعة، ثم فعل ذلك عبد الله بن المبارك والقاضي أبو يوسف وابن وهب وغيرهم. وبذا كثر تبويب العلم وتدوينه، ورتبت ودونت كتب العربية واللغة والتاريخ وأيام الناس. وقبل هذا العصر كان سائر العلماء يتكلمون عن حفظهم ويروون العلم عن صحف صحيحة غير مرتبة[98].

وكما قلنا انه لم يصلنا من الموطآت في الحديث سوى موطأ مالك، وقد كتبه بناء على طلب من ابي جعفر المنصور، حيث قال له: إن الناس قد اختلفوا بالعراق فضع للناس كتاباً تجمعهم عليه فوضع الموطأ[99]، وهو يتضمن ثلاثة آلاف مسألة[100]. كما روي انه قال لمالك: ‹‹ضم هذا العلم يا ابا عبد الله ودونه كتباً وتجنب فيها شدائد عبد الله بن عمر ورخص ابن عباس وشواذ ابن مسعود، واقصد اوسط الامور وما اجتمع عليه الائمة والصحابة››[101]. واستغرق مالك في تصنيف كتابه اربعين سنة، وقيل انه روى فيه من الاثار ما سلم في معيار النقد وجرب من جهات الصحة، واعتبرت أحاديثه اصح الاحاديث، حتى قيل في الكتاب انه انفع كتاب بعد القرآن الكريم، ومن ذلك ما قاله عبد الرحمن بن مهدي: ما كتاب بعد كتاب الله انفع للناس من الموطأ، ولا اعلم من علم الاسلام بعد القرآن اصح من موطأ مالك[102]. وقال الشافعي: ما كتب الناس بعد القرآن شيئاً هو انفع من موطأ مالك[103]. وجاء عن أبي زرعة انه قال: لو حلف رجل بالطلاق على أحاديث مالك التي في (الموطأ) أنها صحاح كلها لم يحنث، ولو حلف على حديث غيره كان حانثاً[104]. وروي ان المنصور شاور مالكاً في تعليق الكتاب بالكعبة لاهميته الفائقة فرفض[105].

وجاء في الثناء على علم مالك ان عبد الرحمن بن مهدي لا يقدم على مالك أحداً، وكان يقول: مالك أفقه من الحكم وحماد. كما قال الشافعي: لولا مالك وسفيان بن عيينة لذهب علم الحجاز، وقال ايضاً: إذا ذكر العلماء فمالك النجم. وقال ابن وهب: لولا مالك والليث لضللنا. وقال عبد الرزاق: يوشك الناس أن يضربوا أكباد الإبل في طلب العلم فلا يجدون عالماً أعلم من عالم المدينة، اي مالك. كما سأل عبد الله اباه احمد بن حنبل: من أثبت أصحاب الزهري؟ فاجاب: مالك أثبت في كل شيء، ومثله نقل عن يحيى بن معين[106]. وفي رواية اخرى عن ابن حنبل انه وصف مالكاً بأنه اثبت الناس مع قلة ما روى، وفي رواية ثالثة أضاف انه كان يخطئ[107]. وكان أبو عبد الرحمن النسائي (المتوفى سنة 303هـ) يرى انه ليس أحد بعد التابعين أوثق وآمن على الحديث من مالك، ثم يليه شعبة، ثم يحيى بن سعيد القطان. فعلى رأيه انه ليس غير هؤلاء الثلاثة ما يؤَمّن به على الحديث وقلة الرواية عن الضعفاء. فمثلاً انه ذكر من أقران مالك عبد الله بن المبارك ووصفه بأنه أجل أهل زمانه إلا أنه يحدث عن الضعفاء، وكذا كان سفيان الثوري. في حين كان مالك أقل رواية عن الضعفاء، اذ لم يروِ عن احد منهم سوى عدد محدود للغاية مثل عبد الكريم أبي أمية وعبد الغفار بن القاسم وعاصم بن عبيد الله[108].

واهم ما امتاز به كتاب الموطأ هو ان معظم رواته كانوا من الحجاز، وقد اكثر فيه مالك المرسل والمنقطع، واغلب ما نقله من اسناد هو اقوال الصحابة والتابعين[109]. وهو في احيان قليلة كان يمارس التدليس، فمثلاً انه يروي عن ثور بن زيد حديث عكرمة عن ابن عباس دون ذكر عكرمة، وقد وقع ذلك منه في اكثر من حديث، وكذا كان يسقط عاصم بن عبد الله من إسناد آخر ذكره الدارقطني[110]. لكنه اشتهر بشدة نقده للرجال وحرصه على ان لا يضع في كتابه الا من كان ثقة، وكان يرى ان من لم يرو عنه من المعاصرين له في المدينة فهو ممن لم يوثقه[111].

كما اشتهر مالك بقلة روايته وتحفظه في الحديث ومراعاته للصحة باكبر قدر ممكن[112]، الى درجة انه كان يسقط الكثير من أحاديثه بين فترة واخرى، حتى اختلفت الرواية في عدد أحاديثه ومقدار ما اسقط منها عبر السنين، ومن ذلك ما ذكره الكيا الهراسي من ان مقدار أحاديثه كانت (7000) ثم اخذ العدد يتناقص عنده الى (700) حديث. وقال سليمان بن بلال: لقد وضع مالك الموطأ وفيه (4000) حديث فمات وهي (1000) حديث ونيف، يخلصها عاماً عاماً بقدر ما يرى انه اصلح للمسلمين وامثل في الدين[113]. كما ذكر عتيق الزبيري بان ما وضعه مالك في (الموطأ) هو ما يقارب (10000) حديث فلم يزل ينظر فيه ويسقط منه حتى بقي هذا، ولو عاش قليلاً لاسقطه كله[114]. وقال صفوان بن عمر بن عبد الواحد: عرضنا على مالك (الموطأ) في اربعين يوماً فقال: كتاب الفته في اربعين سنة اخذتموه في اربعين يوماً، ما اقل ما تفقهون فيه[115].

وذكر ابو بكر الأبهري ان جملة ما في الموطأ من الآثار عن النبي (ص) وعن الصحابة والتابعين ألف وسبعمائة وعشرون حديثاً؛ المسند منها ستمائة حديث، والمرسل مائتان واثنان وعشرون حديث، والموقوف ستمائة وثلاث عشر حديث[116]، ومن قول التابعين مائتان وخمسة وثمانون[117]. وهذا يعني ان ما نقله مالك عن النبي (ص) من الحديث المتصل يقارب ثلث المجموع، او انه يقارب نصف ما نقله من الحديث غير المتصل.

وروي الموطأ بروايات عديدة اشهرها روايتان: احداهما رواية يحيى بن كثير الليثي الاندلسي (المتوفى سنة 234هـ) والاخرى رواية صاحب ابي حنيفة محمد بن الحسن الشيباني[118]، وذكر الكتاني انه إذا أطلق في الازمان المتأخرة موطأ مالك فإنما ينصرف للرواية الاولى[119]. وقد اعتنى الكثير من المالكيين وغيرهم بكتاب مالك ورواته، وعدّ منهم القاضي عياض نحواً من تسعين رجلاًً[120].

وقد ذكر ابن حزم الاندلسي ان موطأ مالك كان يروى لدى الكثير من الناس منذ ألفه، وآخر من رواه عنه من الثقات أبو المصعب الزهري لصغر سنه، وعاش بعد موت مالك ثلاثاً وستين سنة، وموطؤه أكمل الموطآت، لان فيه خمسمائة وتسعين حديثاً بالمكرر، أما بإسقاط التكرار فخمسمائة وتسعة وخمسون حديثاً[121]. مع ان ما ورثه المتأخرون من موطآت مالك اكثر من ذلك، حتى ان بعضها يزيد على ذلك عدة اضعاف، فكما عرفنا ان البعض قال ان فيه ثلاث الاف مسألة، واكبر الظن انه يعني ثلاث الاف رواية، وبعض اخر قال ان فيه اكثر من ألف وسبعمائة رواية. وفي النسخة المطبوعة حالياً لرواية يحيى بن يحيى الليثي يوجد اكثر من ألف وثمانمائة (1843) رواية[122].وكل ذلك يتنافى مع ما استقر عليه عالم المدينة، وبالتالي أصبح من المحال معرفة ما عوّل عليه دون غيره.

واهم خصوصية امتازت بها هذه المرحلة وما قبلها هي التعويل على الحديث المرسل والمنقطع، كالذي اشتهر لدى مالك وابي حنيفة وغيرهما، اذ كان العلماء انذاك يتقبلون ان يقول التابعي: قال رسول الله، وان لم يذكر اسم الصحابي الذي ينقل عنه، وهو معنى المرسل كما عرفنا[123]. وعرف ان أكثر ما تروى المراسيل من أهل المدينة عن ابن المسيب، ومن أهل مكة عن عطاء بن أبي رباح، ومن أهل البصرة عن الحسن البصري، ومن أهل الكوفة عن إبراهيم بن يزيد النخعي، ومن أهل مصر عن سعيد بن أبي هلال، ومن أهل الشام عن مكحول. وقيل ان مراسيل سعيد بن المسيب ومحمد بن سيرين وإبراهيم النخعي تعد من الصحاح، وان مراسيل عطاء والحسن لا يحتج بها؛ لأنهما كانا يأخذان عمن كان، وكذا مراسيل أبي قلابة وأبي العالية[124].

وقد عدت مراسيل ابن المسيب اصحها جميعاً، كالذي ذهب اليه يحيى بن معين على ما حكاه الحاكم النيسابوري، معللاً ذلك بانه من أولاد الصحابة وأدرك العشرة وفقيه أهل الحجاز ومفتيهم وأول الفقهاء السبعة الذين اعتد مالك بإجماعهم كإجماع كافة الناس. وقيل ان الأئمة المتقدمون تأملوا مراسيله فوجدوها بأسانيد صحيحة، وهذه الشرائط لم توجد في مراسيل غيره[125].


مرحلة المساند

ما إن انتهى القرن الثاني للهجرة حتى بدأت مرحلة جديدة شرعت بوضع المساند من الحديث. فقد رأى جماعة من الحفاظ ان يفردوا للحديث النبوي بما يرويه كل صحابي من أحاديث في مختلف القضايا؛ دون التقيد باعتبارات التصحيح والتوثيق، اي سواء كان مما يحتج به أم لا، وسواء كان راويه ثقة او غير ثقة. وقيل ان اول من صنف المسند هو عبيد الله بن موسى العبسي الكوفي، وأبو داود سليمان بن داود الطيالسي، ومن ثم ظهرت بعدهما المساند الاخرى؛ كمسند أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وعبد بن حميد والدارمي وأبي يعلى الموصلي والحسن بن سفيان وأبي بكر بن أبي شيبة، وإسحاق بن إبرهيم الحنظلي وأبي خيثمة زهير بن حرب ومسدد بن مسرهد البصري وأسد بن موسى الأموي ونعيم بن حماد الخزاعي وغيرهم. ومن هؤلاء من صنف بحسب التبويب والمساند معاً، كأبي بكر بن أبي شيبة[126].

والمساند التي ظهرت خلال هذه الفترة وما بعدها كثيرة جداً، فقد عدد البعض اثنين وثمانين مسنداً خلال القرنين الثالث والرابع للهجرة، واغلبها أصبح في عداد المفقود، ولم يبق منها الا الشيء القليل. ويتضمن البعض من هذه المساند الكثير من الاجزاء، ومن ذلك مسند ابي يوسف بن شيبة الذي يتضمن مساند لعدد من الصحابة، قيل أن نسخة مسند أبي هريرة منه قد شوهدت بمصر فكانت مائتي جزء. وكذا مسند ابن شاهين البغدادي الذي يحتوي على ألف وستمائة جزء، ومسند الحسين الماسرجسي النيسابوري الذي يحتوي على ألف وثلاثمائة جزء، وقدّر انه لو كتب بخطوط الوراقين لكان في أكثر من ثلاثة آلاف جزء، وقيل أنه لم يصنف في الإسلام مسند أكبر منه[127].

وتختلف هذه المرحلة عن سابقتها بميزتين: فاولاً انها اهتمت بكتب المساند التي افردت فيها لكل صحابي الاحاديث المروية عنه، وذلك على خلاف المرحلة السابقة التي عولت على فكرة التبويب حسب الموضوعات دون ان تفرد لاحد شيئاً من الحديث الجامع. وثانياً هو ان هذه المرحلة بخلاف سابقتها لا تعول على المرسل والمنقطع من الحديث. وقد يكون الشافعي هو اول من نقد هذه الطريقة كما زاولها علماء التبويب ومن سبقهم، فقرر ان لا يأخذ بالمرسل الا بشروط[128]، حيث لم يتقبل المرسل ما لم يكن عائداً الى كبار التابعين، بل وان ينضم اليه ما يؤكده من قرائن[129]. وقيل انه يتقبل المرسل عن كبار التابعين شرط العلم بانه يروى عن العدل الثقة، فيكون المرسل بهذا حجة، ومن ذلك انه وافق على مراسيل سعيد بن المسيب، لأنه تفرد بهذه المزية. اذ سئل مرة: كيف قبلتم عن ابن المسيب منقطعاً ولم تقبلوه عن غيره؟ فأجاب: لأنا لا نحفظ لسعيد منقطعاً إلا وجدنا ما يدل على تسديده، ولا انه حدث عن احد الا كان ثقة معروفاً، فمن كان بمثل حاله أحببنا قبول مرسله[130].


مرحلة الصحاح

تلك كانت مرحلة المساند التي لها تأثيرها البالغ على فكرة كتابة الحديث المتصل الصحيح كما دشنها الامام محمد بن اسماعيل البخاري (المتوفى سنة 256هـ) حينما صنف كتابه (الجامع المسند الصحيح) كاول مصنف توخى به الصحيح من أحاديث النبي. وجاءت هذه الفكرة كمحاولة للجمع بين كمال مرحلة التبويب وكمال مرحلة المساند مع ترك ما اتصفا به من نقاط ضعف، فعول البخاري على ما اهتمت به مرحلة التبويب من توخي الحديث الصحيح مع ترك المرسل والمنقطع، كما عول على مرحلة المساند باخذ الاتصال في الحديث المؤدي الى النبي مع اهمال الحديث الضعيف. وبذلك أصبحت فكرة الحديث المتصل الصحيح فكرة مألوفة سار عليها العديد من اصحاب المصنفات الحديثية، كما تحدثنا عنها في دراسة مستقلة.

***

وعموماً ان هناك فروقاً جوهرية بين عصر الصحابة وعصر الصحاح والجوامع الحديثية ازاء الموقف من الرواية والحديث، ويمكن اجمال هذه الفروق بالنقاط التالية:

1ـ كان العصر الاول للصحابة يمنع تدوين الحديث وكتابته، في حين كان عصر الصحاح والجوامع الحديثية يشجع عليه.

2ـ كان العصر الاول يقل من الرواية، في حين كان العصر الاخير يكثر منها.

3ـ كان العصر الاول يتهم المكثرين للرواية ويتجنبهم، في حين كان العصر الاخير يعتمد عليهم.

4ـ كان العصر الاول يبدي تحفظاً من ان ينسب الحديث الى النبي، في حين كان العصر الاخير لا يتحفظ من ذلك.

5ـ كان العصر الاول يتثبت من الحديث غير المعروف؛ بالقسم او بطلب شاهد ثان رغم قرب العهد بالنبي، في حين كان العصر الاخير لا يعمل بمثل هذا التثبت.

6ـ كان العصر الاول لا يدقق في بحث الرجال والاسناد، في حين كان العصر الاخير يدقق في ذلك.

7ـ اخيراً كان العصر الاول يكره الانشغال بالحديث والاشتغال فيه؛ خشية ان يتبدل الدين الى دين اخر كالذي حصل مع اهل الكتاب. في حين كان العصر الاخير يشجع على الانشغال بالحديث والاشتغال فيه، ولا يخشى ان يتبدل الدين ازاء فعله المستحدث.



[1] قواعد التحديث، ص201

[2] وفي صحيح مسلم ايضاً انه جاء بشير العدوي إلى ابن عباس فجعل يحدث ويقول: قال رسول الله (ص) قال رسول الله (ص) فجعل ابن عباس لا يأذن لحديثه ولا ينظر إليه، فقال يا ابن عباس! مالي لا أراك تسمع لحديثي؟ أحدثك عن رسول الله (ص) ولا تسمع، فقال ابن عباس: إنا كنا مرة إذا سمعنا رجلاً يقول: قال رسول الله (ص) ابتدرته أبصارنا وأصغينا إليه بآذاننا، فلما ركب الناس الصعب والذلول لم نأخذ من الناس إلا ما نعرف (صحيح مسلم، ج1،  باب النهي عن الرواية عن الضعفاء والاحتياط في تحملها).}. وروي عن أنس بن مالك انه حدث بحديث عن رسول الله (ص) فقال له رجل: أسمعته من رسول الله (ص)؟ فغضب انس غضباً شديداً وقال: والله ما كل ما نحدثكم به عن رسول الله (ص) سمعناه ولكن كان يحدث بعضنا بعضاً ولا يتهم بعضنا بعضاً { الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع، فقرة 100، وسليمان بن خلف الباجي: التعديل والتجريح لمن خرج عنه البخاري في الجامع الصحيح، دراسة وتحقيق أحمد لبزار،  مكتبة يعسوب الدين الالكترونية، ج1، ص371ـ372

[3] والعجيب ان بعض علماء السلف علق على قول شعبة فقال: لا ينبغي ان يكون الكذب في الحلال والحرام، فأجابه اخر: أجل لأن الله تعالى يقول: ((وإنه لكتاب عزيز لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه)) (الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع، فقرة 1899)

[4] عبد الحي الكتاني: نظام الحكومة النبوية المسمى التراتيب الادارية، دار الكتاب العربي، بيروت، ج2، ص208

[5] التعديل والتجريح لمن خرج عنه البخاري في الجامع الصحيح، ج1، ص271ـ272

[6] الموضوعات، ج1، ص9}. ونقل عن احمد بن حنبل ذات هذا المضمون سوى انه ذكر أحمد بن عبد الله الجوباري مكان الواقدي { التعديل والتجريح لمن خرج عنه البخاري في الجامع الصحيح، ج1، ص272

[7] التعديل والتجريح، ج1، ص271

[8] الكفاية في علم الرواية، باب ما جاء في الأخذ عن أهل البدع والأهواء. والجامع لاخلاق الراوي، فقرة 161، والمدخل إلى الإكليل. والمحدث الفاصل، ص416، وعلى هذه الشاكلة جاء ان شيخاً من الشيعة قال:  كنا إذا اجتمعنا استحسنا شيئاً جعلناه حديثاً (الموضوعات، ج1، ص39).

[9] قواعد التحديث، ص136

[10] المدخل إلى الإكليل. والموضوعات، ج1، ص49، وعلى هذه الشاكلة جاء ان أبا شيبة قال: كنت أطوف بالبيت ورجل من قدامى يقول: اللهم اغفر لي، وما أراك تفعل، فقلت يا هذا قنوطك أكثر من ذنبك، فقال دعني، فقلت له: أخبرني، فقال: إني كذبت على رسول الله (ص) خمسين حديثاً وطارت في الناس لا استطيع أن أرد منها شيئاً (الموضوعات، ج1، ص49).

[11] الموضوعات، ج1، ص50

[12] الموضوعات، ج1، ص10

[13] الكفاية في علم الرواية، والموضوعات، ج1، ص38

[14] الموضوعات، ج1، ص37

[15] الموضوعات، ج1، ص9

[16] سبط بن العجمي الحلبي: الكشف الحثيث عمن رمي بوضع الحديث، حققه وعلق عليه صبحي السامرائي، مكتبة النهضة العربية، الطبعة الاولى، 1407هـ ـ1987م، عن مكتبة يعسوب الدين الإلكترونية، ص55

[17] الموضوعات، ج1، ص41

[18] الكفاية في علم الرواية، باب الرد على من زعم أن العدالة هى إظهار الإسلام وعدم الفسق الظاهر.

[19] وفي خبر اخر قوله: ما رأيت الصالحين في شيء أشد فتنة منهم في الحديث (لاحظ: الكفاية في علم الرواية، باب ترك الاحتجاج بمن لم يكن من أهل الضبط والدراية).

[20] صحيح مسلم، ج1، باب بيان ان الإسناد من الدين.

[21] قواعد التحديث، ص173

[22] المدخل إلى الإكليل. ومقدمة ابن الصلاح، باب معرفة الموضوع. والموضوعات، ج1، ص41

[23] الموضوعات ج1، ص40

[24] الموضوعات ج1، ص40

[25] الموضوعات ج1، ص41

[26] الموضوعات، ج1، ص42، والتعديل والتجريح لمن خرج عنه البخاري في الجامع الصحيح، ج1، ص272

[27] وقال يحيى بن معين أخبرني رجل أنه نزل عليه سليمان بن عمرو النخعي وكان عنده أصحاب الحديث يوماً وهو يملي عليهم، فاطلعت فإذا في حجره كتاب من كتب أبي حنيفة وهو يملي عليهم خصيف عن سعيد بن جبير وسالم عن سعيد، يعني انه يضع لكل مسألة اسناداً (الخطيب البغدادي: تاريخ بغداد، مكتبة يعسوب الدين الالكترونية، ج9، ص20).

[28] الموضوعات، ج1، ص96.

[29] صحيح مسلم، ج1، باب بيان ان الإسناد من الدين. والكفاية في علم الرواية، باب ما جاء في الأخذ عن أهل البدع والأهواء. وعبد الكريم السمعاني: أدب الاملاء والاستملاء، دار الهلال، بيروت، الطبعة الاولى، 1409هـ ـ1989م، عن مكتبة يعسوب الدين الالكترونية، ص11.

[30] الجامع لأخلاق الراوي، فقرة 141

[31] المحدث الفاصل، ص208

[32] ابن ابي حاتم الرازي: تقدمة المعرفة، شبكة المشكاة الالكترونية (لم تذكر ارقام صفحاته).

[33] انظر: الحاكم النيسابوري: معرفة علوم الحديث، مراجعة معظم حسين، المكتبة العلمية، المدينة المنورة، 1397هـ ـ1977م، عن مكتبة سحاب السلفية الالكترونية، باب معرفة عالي الإسناد (لم تذكر ارقام صفحاته). وابن حجر العسقلاني: النكت على كتاب ابن الصلاح، ملتقى أهل الحديث الالكترونية، عن شبكة المشكاة الالكترونية، ج2، باب أقوال العلماء في حكم المرسل (لم تذكر ارقام صفحاته). والكفاية في علم الرواية، باب ذكر ما احتج به من ذهب الى قبول المراسيل. وأدب الاملاء والاستملاء، ص12.

[34] سير أعلام النبلاء، ج5، ص1136، وفي رواية اخرى قال الزهري لاهل الشام: ما لي ارى أحاديثكم لا خطم لها ولا ازمة، فصاروا حينئذ الى قوله (ابن حزم الاندلسي: الاحكام في اصول الاحكام، قوبل الكتاب على نسخة أشرف على طبعها أحمد شاكر، 1345هـ، عن مكتبة يعسوب الدين الالكترونية، ج1، ص102).

[35] الكفاية في علم الرواية، باب ذكر ما احتج به من ذهب الى قبول المراسيل.

[36] صحيح مسلم، ج1، باب بيان أن الإسناد من الدين. والكفاية في علم الرواية، باب ما جاء في الأخذ عن أهل البدع والأهواء.

[37] المحدث الفاصل، ص415

[38] الكفاية في علم الرواية، باب ما جاء في الأخذ عن أهل البدع والأهواء.

[39] الجامع لأخلاق الراوي، فقرة 137

[40] الجامع لأخلاق الراوي، فقرة 136

[41] صحيح مسلم، ج1، الباب السابق. وانظر ايضاً: مقدمة ابن الصلاح، باب معرفة الإسناد العالي والنازل، والكفاية في علم الرواية، باب ما جاء في الأخذ عن أهل البدع والأهواء. وعن عبد الله بن المبارك ايضاً قال: مثل الذي يطلب أمر دينه بلا إسناد كمثل الذي يرتقي السطح بلا سلم (الكفاية في علم الرواية، باب ذكر ما احتج به من ذهب الى قبول المراسيل. وأدب الاملاء والاستملاء، ص12). وعنه ايضاً انه قال: بيننا وبين القوم القوائم، يعني الإسناد (صحيح مسلم، ج1، الباب السابق). كما روي انه قيل له ان هذه الأحاديث مصنوعة، فقال: يعيش لها الجهابذة (الكفاية في علم الرواية، باب وجوب البحث والسؤال للكشف عن الأمور والاحوال، التعديل والتجريح لمن خرج عنه البخاري في الجامع الصحيح، ج1، ص268).

[42] المدخل إلى الإكليل، مصدر سابق.       

[43] الكفاية في علم الرواية، باب ذكر ما احتج به من ذهب الى قبول المراسيل.

[44] الموضوعات، ج1، ص104، واحتاط البعض اكثر من هذا، فكما جاء عن عفان انه قال: كتبت عن حماد بن سلمة عشرة آلاف حديث وما حدثت منها بألفي حديث، وكتبت عن وهيب اربعة آلاف ما حدثت منها بألف حديث، وكتبت عن عبد الواحد بن زياد ستة آلاف ما حدثت منها بألف، واحدهم يكون عنده الحديث يسوقه بالمقرعة حتى يخرجه (الجامع لاخلاق الراوي، ج2،  باب القول في انتقاء الحديث وانتخابه، فقرة 1530).

[45] التعديل والتجريح لمن خرج عنه البخاري في الجامع الصحيح، ج1، ص268

[46] الكفاية في علم الرواية، باب ما جاء في الأخذ عن أهل البدع والأهواء.

[47] مقدمة ابن الصلاح في مصطلح الحديث، باب معرفة الثقات والضعفاء من رواة الحديث

[48] الكفاية في علم الرواية، باب الكلام في إرسال الحديث ومعناه.

[49] وكما يلاحظ ان المرسل لدى اهل الحديث مخصوص بالتابعين. اما إذا انقطع الإسناد قبل الوصول إلى التابعي بأن سقط ذكر شخص واحد سمي منقطعاً فحسب، وإن كان أكثر من واحد سمي معضلاً، ويسمى أيضاً منقطعاً. في حين ان كل ذلك يعد لدى اهل الفقه وأصوله من المرسل، وإليه ذهب من أهل الحديث أبو بكر الخطيب وقطع به، واشار الى أن أكثر ما يوصف بالإرسال من حيث الاستعمال هو ما رواه التابعي عن النبي (ص) (مقدمة ابن الصلاح، باب معرفة المرسل. والكفاية في علم الرواية، معرفة ما يستعمل أصحاب الحديث من العبارات).

[50] محمد بن علي الشوكاني: ارشاد الفحول، دار الكتب العلمية، بيروت، ص99

[51] الجامع لأخلاق الراوي، فقرة 116، والرحلة في طلب الحديث، ص89

[52] مقدمة ابن الصلاح، باب معرفة الإسناد العالي والنازل.

[53] الجامع لأخلاق الراوي، فقرة 119، وكان يقول: الحديث بنزول كالقرحة في الوجه (المصدر السابق، فقرة 118).

[54] انشد البعض حول ذلك شعراً كهذين البيتين:

علم النزول اكتبوه فهو ينفعكم          وترككم كتبه ضرب من العنت       

ان النزول اذا ما كان عن ثبت         اعلى لكم من علو غير ذي ثبت

وانشد اخر:

 لكتابي عن رجال ارتضيهم بنزول   هو خير من كتابي بعلو عن طبول

(الجامع لأخلاق الراوي، فقرة 123ـ125).

[55] الكفاية في علم الرواية، باب القول في ترجيح الأخبار. ومقدمة ابن الصلاح، باب معرفة الصحيح من الحديث.

[56] الحاكم النيسابوري: معرفة علوم الحديث، باب معرفة الجرح والتعديل. ودليل ارباب الفلاح لتحقيق فن الاصطلاح، مصدر سابق.

[57] قواعد التحديث، ص80

[58] الكفاية في علم الرواية، معرفة ما يستعمل أصحاب الحديث من العبارات

[59] ابن حجر: نخبة الفكر في مصطلح أهل الأثر، مكتبة سحاب السلفية الالكترونية (لم تذكر ارقام صفحاته).

[60] ويُعرف القسم الاول من الأقسام الثلاثة بتدليس الإسناد، وهو ان يسقط الراوي اسم شيخه الذي سمع منه ويرتقي إلى شيخ شيخه بصيغة (عن أو أن أو قال) أو يسقط أداة الرواية ويسمي الشيخ فقط فيقول: فلان مثلاً. ويُعرف القسم الثاني بتدليس الشيوخ، وهو ان يصف الشيخ المسمع بوصف لا يُعرف به من اسم أو كنية أو لقب أو نسبة إلى قبيلة أو بلدة أو صنعة ونحو ذلك. ويعتبر هذا القسم أخف من الاول. أما القسم الثالث فهو تدليس التسوية، وهو ان يروي حديثاً عن شيخ ثقة غير مدلس، وذلك الثقة يرويه عن ضعيف عن ثقة، فيأتي المدلس الذي سمع من الثقة الاول غير المدلس فيسقط الضعيف الذي في السند، ويجعل الحديث عن شيخه الثقة عن الثقة الثاني بلفظ محتمل، فيستوي الإسناد كله ثقات. ويعد هذا أشر الاقسام الثلاثة (سبط بن العجمي: التبيين لأسماء المدلسين، تحقيق يحيى شفيق، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الاولى، 1406هـ ـ1986م، عن مكتبة يعسوب الدين الإلكترونية. ص11ـ12).

[61] الذهبي: المـوقظـة في علم مصطلح الحـديث، شبكة المشكاة الالكترونية، فقرة الحديث الصحيح (لم تذكر ارقام صفحاته).

[62] الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع، ج2، فقرة 1895، وتذكرة الحفاظ، ج1، فقرة 99

[63] مقدمة ابن الصلاح، باب معرفة آداب طالب الحديث.

[64] تقدمة المعرفة، باب ما ذكر من صحة حديث مالك وعلمه بالآثار. والجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع، ج2، فقرة 1896

[65] محمد بن إدريس الكتاني: الرسالة المستطرفة، مكتبة نداء الايمان الالكترونية، ص3.

[66] المحدث الفاصل بين الراوي والواعي، ص386

[67] مقدمة فتح الباري، ضمن الفصل الاول، كذلك: قواعد التحديث، ص69

[68] ابن خلكان: وفيات الأعيان وأنباء الزمان، تحقيق إحسان عباس، دار الثقافة، 1968م، عن شبكة المشكاة الالكترونية، ج5، فقرة 177

[69] تقييد العلم، ص30

[70] تقييد العلم، ص30، وسير اعلام النبلاء، ج5، ص1137، وجامع بيان العلم وفضله، باب ذكر الرخصة في كتاب العلم. وجاء ان الزهري كان يمنع الناس أن يكتبوا عنه، فلما ألزمه هشام بن عبد الملك أن يملي على بنيه أذن للناس بالكتابة عنه (اعلام النبلاء، ج5، ص1137).

[71] تذكرة الحفاظ، ج1، فقرة 97

[72] جامع بيان العلم وفضله، باب في العرض على العالم.

[73] الجامع لاخلاق الراوي، ج2، فقرة 1574، والتعديل والتجريح لمن خرج عنه البخاري في الجامع الصحيح، ج2، ص870

[74] مقدمة ابن الصلاح، باب في كتابة الحديث وكيفية ضبط الكتاب وتقييده. ومما يذكر ان البخاري ترك الرواية عن حماد بن سلمة مع علمه بثقته، وذلك تعويلاً عما قيل بأنه كان لحماد ربيب يدخل في حديثه ما ليس منه (الموضوعات، ج1، ص34).

[75] ابو بكر محمد بن موسى الهمذاني: الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الاثار، نشر وتعليق وتصحيح راتب حاكمي، مطبعة الاندلس، حمص، الطبعة الاولى، 1386هـ ـ1966م، ص17، وطبقات الحنابلة، ج2، مادة (أبو الحسن الحافظ المبرز بصري الدار).

[76] التعديل والتجريح لمن خرج عنه البخاري في الجامع الصحيح، ص300

[77] أدب الاملاء والاستملاء، ص.58

[78] يروى عن البعض ما ظاهره انه يتساهل في سماع الحديث، اذ جاء عن الحافظ الاصبهاني ابي عبد الله بن مندة انه قال لواحد من أصحابه: يا فلان يكفيك من السماع شمه. واعتبر ابن الصلاح ان هذا إما متأول أو متروك على قائله، والبعض فسر هذا القول بانه اذا سئل عن اول شيء عرفه ولا يعني التساهل في السماع (مقدمة ابن الصلاح، باب معرفة كيفية سماع الحديث وتحمله وصفة ضبطه).

[79] مقدمة ابن الصلاح، باب معرفة كيفية سماع الحديث وتحمله وصفة ضبطه، والكفاية في علم الرواية، باب ما جاء في استفهام الكلمة والشيء من غير الراوي.

[80] مقدمة ابن الصلاح، باب في كتابة الحديث وكيفية ضبط الكتاب وتقييده. والجامع لأخلاق الراوي، فقرة 576 و577، وأدب الاملاء والاستملاء، ص93ـ94

[81] مقدمة ابن الصلاح، باب في كتابة الحديث وكيفية ضبط الكتاب وتقييده.

[82] الرسالة المستطرفة، ص3

[83] وهم سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير وابو بكر بن عبد الرحمن المخزومي وعبد الله بن عبد الله بن عتيبة وخارجة بن زيد بن ثابت والقاسم بن محمد وسليمان بن يسار.

[84] وفيات الاعيان، ج5، فقرة 177

[85] البحر المحيط، فقرة 1158

[86] سير أعلام النبلاء، ج5، ص1137، وتقدمة المعرفة، باب ما ذكر من معرفة بن عيينة بالعلم.

[87] سير أعلام النبلاء، ج5، ص1137، وتقدمة المعرفة، باب ما ذكر من معرفة بن عيينة بالعلم.

[88] تذكرة الحفاظ، ج1، فقرة 97، والبداية والنهاية، ج9، ص374

[89] ابن كثير: البداية والنهاية، حققه ودقق اصوله وعلق حواشيه علي شيري، دار إحياء التراث العربي، عن مكتبة يعسوب الدين الالكترونية، ج9، ص374

[90] وفيات الاعيان، ج5، فقرة 177

[91] وفيات الاعيان، ج5، فقرة 177

[92] التعديل والتجريح لمن خرج عنه البخاري في الجامع الصحيح، ج2، ص696

[93] التعديل والتجريح لمن خرج عنه البخاري في الجامع الصحيح، ج2، ص696

[94] البداية والنهاية، ج9، ص375

[95] صحيح مسلم، حديث 1647

[96] جامع بيان العلم وفضله، باب في العرض على العالم. وتذكرة الحفاظ، ج1، فقرة 97، وسير أعلام النبلاء، ج5، ص1137

[97] مقدمة فتح الباري، ضمن الفصل الاول.

[98] جمال الدين يوسف بن تغري بردي: النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة، عن مكتبة نداء الايمان.

[99] تقدمة المعرفة، فقرة مالك بن انس.

[100] الرسالة المستطرفة، ص14

[101] ابن عاشور: تحقيقات وانظار في القرآن والسنة، ص76، وابن فرحون: الديباج المذهب في معرفة أعيان علماء المذهب، شبكة المشكاة الالكترونية، ضمن فصل من وصاياه وآدابه (لم تذكر ارقام صفحاته).

[102] تحقيقات وانظار في القرآن والسنة، ص76

[103] كما قال: ما في الارض كتاب في العلم اكثر صواباً من كتاب مالك (تحقيقات وانظار في القرآن والسنة، ص76، وسير اعلام النبلاء، فقرة 111). وقال ايضاً: وجدت أحاديث الاحكام كلها عند مالك سوى ثلاثين حديثاً، ووجدتها كلها عند ابن عيينة سوى ستة أحاديث (تذكرة الحفاظ، ج1، فقرة 249).

[104] الديباج المذهب في معرفة أعيان علماء المذهب، باب في ذكر الموطأ وتأليفه إياه

[105] ونُسب ذلك ايضاً الى هارون الرشيد، وانه شاور مالكاً في ان يعلق الموطأ في الكعبة ويحمل الناس على ما فيه، فقال: لا تفعل فان اصحاب رسول الله (ص) اختلفوا في الفروع وتفرقوا في البلدان وكل سنة مضت (حجة الله البالغة، ص145). وقيل انه لما حج المنصور قال لمالك: قد عزمت ان آمر بكتبك هذه التي صنفتها فتنسخ نسخاً ثم ابعث إلى كل مصر من أمصار المسلمين بنسخة وآمرهم ان يعملوا بما فيها ويدعوا ما سوى ذلك من العلم المحدث فإني رأيت أصل العلم رواية أهل المدينة وعلمهم. فقال: يا امير المؤمنين لا تفعل فإن الناس قد سيقت إليهم أقاويل وسمعوا أحاديث ورووا روايات وأخذ كل قوم بما سيق إليهم وعملوا به ودانوا به من اختلاف أصحاب رسول الله (ص) وغيرهم وإن ردهم عما اعتقدوه شديد، فدع الناس وما هم عليه وما اختار أهل كل بلد أنفسهم. فقال المنصور: لعمري لو طاوعتني لأمرت بذلك (سير اعلام النبلاء، ج8، فقرة 78 و79).

[106] تذكرة الحفاظ، ج1، فقرة 199، وتقدمة المعرفة، باب ما ذكر من صحة حديث مالك وعلمه بالآثار. وسير اعلام النبلاء، ج8، فقرة 74 و75، والتعديل والتجريح لمن خرج عنه البخاري في الجامع الصحيح، ج2، ص765

[107] أبو المحاسن بن المبرد: بحر الدم فيمن تكلم فيه الامام احمد بمدح أو ذم تأليف، تحقيق وتعليق روحية عبد الرحمن السويفي، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الاولى، 1413هـ ـ1992م، عن مكتبة يعسوب الدين الالكترونية، ص145.

[108] التعديل والتجريح لمن خرج عنه البخاري في الجامع الصحيح، ج2، ص767ـ768

[109] اذا كان المرسل عند اهل الحديث يرد عند قول التابعي: قال رسول الله، مع عدم ذكر اسم الصحابي الذي نقل عنه، فان معنى المنقطع هو الرواية التي تروى عن الصحابي من دون ذكر التابعي، وذلك على عكس المرسل، مثل أن يروي مالك بن أنس عن عبد الله بن عمر، أو سفيان الثوري عن جابر بن عبد الله، أو شعبة بن الحجاج عن أنس بن مالك... الخ (الكفاية في علم الرواية، معرفة ما يستعمل أصحاب الحديث من العبارات). فاكثر ما يوصف بالإرسال هو رواية التابعي عن النبي (ص)، وأكثر ما يوصف بالانقطاع هو رواية من دون التابعي عن الصحابة (مقدمة ابن الصلاح، باب معرفة المرسل). لكن هناك من اعتبر الحديث المنقطع بانه المروي عمن دون الصحابة موقوفاً عليه من القول أو الفعل، سواء كان تابعياً او غيره (الكفاية في علم الرواية، الباب السابق).

[110] ابن حجر: طبقات المدلسين، شبكة المشكاة الالكترونية، فقرة 22 (لم تذكر ارقام صفحاته).

[111] مما جاء بهذا الصدد ان مالكاً قال لسائل سأله عن احد الرجال: هل رأيته في كتبي؟ فاجابه السائل بالنفي، فقال مالك: لو كان ثقة لرأيته في كتبي. وقد اعتبر يحيى بن معين ان كل من حدث عنه مالك فهو ثقة الا رجلاً أو رجلين (لاحظ: تقدمة المعرفة، باب ما ذكر من صحة حديث مالك وعلمه بالآثار. وسير اعلام النبلاء، ج8، فقرة 72)

[112] وقد كان ابن حنبل يفضله على بقية أصحاب الزهري في قلة روايته وتثبّته (بحر الدم فيمن تكلم فيه الامام احمد بمدح أو ذم تأليف، ص145).

[113] تحقيقات وانظار في القرآن والسنة، ص76، ومحمد بن إسماعيل الأمير الحسني الصنعاني: توضيح الأفكار لمعاني تنقيح الأنظار، تحقيق محمد محي الدين عبد الحميد، نسخة دار التراث، نشر المكتبة السلفية، المدينة المنورة، عن شبكة المشكاة الالكترونية، ج1، ص62

[114] محمد بن محمد الاندلسي الراعي: انتصار الفقير السالك لترجيح مذهب الامام مالك، تحقيق محمد ابو الاجفان، دار الغرب الاسلامي، بيروت، الطبعة الاولى، 1981م، ص209، والديباج المذهب في معرفة أعيان علماء المذهب، باب في ذكر الموطأ وتأليفه إياه.

[115] انتصار الفقير السالك، ص213، والديباج المذهب، باب في ذكر الموطأ وتأليفه إياه.

[116] المقصود بالموقوف هو ما أسنده الراوي الى الصحابي ولم يتجاوزه (الكفاية في علم الرواية، معرفة ما يستعمل أصحاب الحديث من العبارات).

[117] توضيح الافكار، ج1، ص62

[118] تاريخ المذاهب الاسلامية، ص431

[119] الرسالة المستطرفة، ص14

[120] الديباج المذهب، ضمن باب في ذكر الموطأ وتأليفه إياه

[121] الاحكام في أصول الاحكام، ج2، ص247

[122] انظر: موطأ الامام مالك، رواية يحيى بن يحيى الليثي، اعداد احمد راتب عرموش، دار النفائس، بيروت، الطبعة الثانية عشرة، 1414هـ ـ 1994م.

[123] نقل عن بعض التابعين انه لا يرسل الا عندما يكون الحديث مروياً عن عدة من الصحابة، فقد روي ان الحسن البصري قال: ‹‹اذا اجتمع اربعة من الصحابة على حديث ارسلته ارسالاً››، وعنه انه قال: ‹‹متى قلت لكم حدثني فلان فهو حديثه لا غير، واذا قلت: قال رسول الله (ص) اكون قد سمعته من سبعين او اكثر›› (تاريخ المذاهب الاسلامية، ص269) .

[124] البحر المحيط، فقرة 1158

[125] معرفة علوم الحديث. وقواعد التحديث، ص141، ولاحظ ايضاً: البحر المحيط، فقرة 1163.

[126] مقدمة فتح الباري، ضمن الفصل الاول.

[127] الرسالة المستطرفة، ص69ـ73

[128] حجة الله البالغة، ج1، ص146، وتاريخ المذاهب الإسلامية، ص270

[129] ابن كثير: اختصار علوم الحديث، شبكة المشكاة الالكترونية، فقرة النوع التاسع (لم تذكر ارقام صفحاته). والبحر المحيط، فقرة 1163، وقواعد التحديث، ص169.

[130] النكت على كتاب ابن الصلاح، ج2، باب أقوال العلماء في حكم المرسل. والبحر المحيط، فقرة 1162

comments powered by Disqus