يحيى محمد
لا شك أن ما يبرر الإعتقاد بتطابق العقل مع الوجود هو الإعتماد على قانون السنخية، فهي جوهر الإرتباط الضروري في النظام السببي. إذ السببية في المفهوم الفلسفي محكومة بآصرة الضرورة. فهذه الآصرة هي التي تجعل المعلول مشدوداً إلى علته شداً مطلقاً ومحتماً. فالمعلول ليس كياناً مستقلاً ومنفصلاً عن علته كانفصال الرسم عن الرسام، والبناء عن البنّاء، بل هو يرتبط معها بعلاقة الضرورة فيكون محض الربط والتعلق. فهو من هذه الجهة يفتقر لها، بإعتبارها فاعلة له بقوس التنزل في الوجود، لكنه من جهة ثانية يحاكيها في الشبه، فهي غايته التي يتشبه بها للكمال والصعود، رغم أنه في جميع الأحوال لا يمكنه بلوغ رتبتها من الوجود والكمال، فهو لا يخرج عن كونه ظلاً لها ولمعة من نورها.
وبحسب هذا المفهوم تتضمن علاقة (العلية) ثلاث صور متكاملة، كما يلي:
الأولى: علاقة الضرورة، وتعني الإرتباط الثابت بين العلة والمعلول مع تعذّر إنفكاك أحدهما عن الآخر مطلقاً.
الثانية: علاقة المناسبة، وتعني أن يكون بين العلة والمعلول نوع من الخصوصية والمناسبة، بحيث أن أحدهما يناسب الآخر ويصلح له دون غيره، كما في مناسبة الاذن للسمع، والعين للبصر، والخشب للسرير، والماء للبرودة، والنار للصعود، والحق الأول للخير، والمادة للنقص والشر.
الثالثة: علاقة المشابهة، وتعني أن يكون بين العلة والمعلول شيء من الشبه، بحيث يمكن إرجاعهما إلى حقيقة واحدة مشتركة، فهما بالتالي ينضويان تحت نوع واحد لا أكثر.
وتتصف هذه العلاقات الثلاث بالتكامل، فالعلاقة الثانية تتضمن الأولى وتزيد عليها بضميمة زائدة هي المناسبة، كما أن العلاقة الثالثة تزيد على الثانية والأولى بضميمة أخرى هي المشابهة. ومن حيث التفصيل فإن هذه العلاقات تكون كالتالي..
1 ـ علاقة الضرورة في النظام السببي
عرفنا بأن هذه العلاقة تعني إستحالة فك وكسر آصرة اللزوم والإرتباط بين العلة والمعلول، فحيث العلة موجودة فلا بد أن يكون المعلول معها موجوداً، كما أن بعدم العلة يكون المعلول معدوماً معها، فهما ثابتان وجوداً وعدماً، وهما متعاصران دائماً، فليس تقدم العلة على معلولها تقدماً زمانياً، بل هو تقدم ذاتي رتبي وجودي.
وينطبق هذا التصور على المفارقات، كما ينطبق على علاقات الطبيعة الكونية. فهو يلوح جميع المراتب الوجودية من أعلاها رتبة إلى أدناها، رغم أن التأثير الحقيقي الوحيد يرجع في آخر الأمر إلى المرتبة الأولى بإعتبارها العلة الوحيدة التي ليست بمعلولة لغيرها. لذلك قال الفلاسفة «لا مؤثر في الوجود سوى الله»1.
ويقع في قبال هذا التصور، تصور آخر مضاد لا يعترف بوجود الضرورة في علاقة العلية، بل يعتبر العلاقة بينهما علاقة إقتران زمني مضطرد تفسره العادة أو حالة تداعي المعاني النفسية. فمثلاً يقول الفلاسفة أنه لو حصلت شروط الإحراق المادية كاملة لتحقق الإحتراق بدون توقف ولا تخلف. بينما يقول مخالفوهم، كالمتكلمين، أنه من الجائز أن لا يحصل الاحتراق حتى مع وجود كامل الشروط المادية، إذ يتوقف الأمر على الإرادة الإلهية بوصفها مختارة، لا بوصفها واقعة تحت أسر الضرورة العلية.
وكما تجسد مثل هذا الخلاف في الحضارة الإسلامية، فإنه تجدد مرة أخرى في العصر الحديث، إذ إنقسم بين آخذ بالضرورة كديكارت واسبينوزا ولايبنتز وغيرهم من العقليين، وبين منكر لها كديفيد هيوم ومن على شاكلته. وقد ظن البعض أن القرن التاسع عشر حسم الموقف لصالح إثبات الضرورة من خلال الإستقراء والواقع العلمي2. وهو ليس صحيحاً، فنظرية الكوانتم السائدة اليوم قائمة على خلاف هذه الفكرة3، كما أن التسليم بوجود قوانين ثابتة للطبيعة لا تحيد عنها لا يعني إثباتاً للضرورة، فهناك فرق بين اضطراد القوانين وبين الضرورة التي تتضمنها. فلو قلنا بأن الإرادة الإلهية اختارت هذا الاضطراد - كما يقول إبن حزم مثلاً - لكان هذا المعنى منافياً للضرورة، وبالتالي فنجاح الإستقراء في كشفه عن القوانين الثابتة لا يقدم شيئاً مفيداً إزاء إثبات الضرورة، فهي علاقة حتمية غير قابلة للخرق والتجاوز حتى من طرف الإرادة الإلهية.
2 ـ علاقة المناسبة في النظام السببي
تتضمن الضرورة في علاقة السببية حسب التفكير الفلسفي الوجودي نوعاً من الخصوصية والمناسبة بين العلة والمعلول. فالضرورة السببية بهذا المعنى ليست مجهولة الكيف، أو أن العلاقة السببية ليست كيفما كان، بل تتضمن رابطة من نوع خاص دون غيره. فالمعلول لا ينتج إلا عن علته الخاصة التي يشترك معها بالنوعية أو الخصوصية. وبالتالي لا بد من أن تكون هناك مادة مشتركة تتضمن شكل التناسب بين العلة والمعلول.
وينحصر الخلاف بين الفلاسفة والمتكلمين في هذه القضية بالذات، فهم وأن اتفقوا جميعاً على أن الموجودات التي تشترك في مادة واحدة بمقدورها أن تتقبل صوراً متعددة متقابلة، إلا أن خلافهم منحصر في الموجودات التي ليس لها مادة مشتركة، بل لها مواد مختلفة، فهل يقبل بعضها صور البعض الآخر أم لا؟
فمثلاً هل يمكن أن تتشكل صورة إنسان من التراب دون تلك الوسائط من الأب والأم والحيمن والبيضة؟ فحيث أحال الفلاسفة ذلك خالفهم المتكلمون وأجابوا بجوازه إعتماداً على معيار القدرة الإلهية وإرادتها. ومع أن إبن رشد في (تهافت التهافت) اعتبر الخلاف بين الفلاسفة والمتكلمين لا يحسم النتيجة لهذا الموضوع، فكل فريق يدعي أن ما يقوله معروف بنفسه دون أن يملك كل منهما دليلاً على مذهبه4، لكنه حاول في (مناهج الأدلة) أن يبطل نظرية الكلاميين عبر مسألة الحكمة في قبال الإتفاق. فهو يرى أنه لو كان تكوين الصورة من مواد متخالفة أو بدون وسائط ممكناً لانتفت الحكمة في جعل الوسائط، إذ تصبح علاقتها بتكوين الصورة إتفاقاً لا مقصوداً. فهو يعترض على هذه النظرية ويتساءل: أي حكمة هناك لو كانت جميع أفعال الإنسان تصدر عن أي عضو كيفما اتفق أو بغير عضو أصلاً، حتى يحصل الإبصار بالأذن كما هو بالعين، والشم بالعين كما هو بالأنف. ولِمَ اختصت صفة النار بالنار وصفة الأرض بالأرض ولم يكن الأمر معكوساً بالقلب؟ فمثل هذا وغيره يبطل الحكمة. لهذا قرر بأن من جحد وجود ترتيب المسببات على الأسباب في العالم فقد جحد الصانع الحكيم. كما أكد بأن العقل يقضي قضاءاً كلياً وقطعياً بأن الطبيعة لا يمكن أن تتغير ولا أن تنقلب5. وبالتالي اعتبر أن إبطال نظام الأسباب هو إبطال للمعقولات «لأن العقل إنما يدرك الأشياء من جهة أسبابها»6.
ويعتبر هذا الموقف لإبن رشد منسجماً تماماً مع التفكير الفلسفي. لذا شعر بصعوبة تبرير المعجزات التي أخبرت عنها الشرائع السماوية والتي ظاهرها لا يستقيم مع ترتيب الأسباب الطبيعية ولا مع وجود شرط المادة المشتركة، كقلب العصا أفعى، والولادة من غير أب، وخلق الطير بالنفخ في الطين...الخ. وهذا ما جعله يتحفظ من إبداء موقف صريح في هذه القضية، إذ اعتبرها من القضايا التي تفوق الطاقة المعرفية للعقل البشري، وإن أقرّ بها تثبيتاً للشرائع، وقال بصددها: «إن مبادئها هي أمور إلهية تفوق العقول الإنسانية فلا بد أن يعترف بها، مع جهل أسبابها، ولذلك لا نجد أحداً من القدماء تكلم في المعجزات، مع انتشارها وظهورها في العالم، لأنها مبادئ تثبيت الشرائع»7.
مع هذا نجد لبعض الفلاسفة تجاوزاً - غير معلن - للوسائط والمادة المشتركة بطريقة هي أقرب للعرفان منه إلى الفلسفة، كما هو الحال مع إبن سينا، فهو يثبت المعجزات واستجابة الدعوات بتحقيق النتائج دفعة من دون توسط سلسلة العلل الطبيعية لها، وذلك بواسطة نفوس الأجرام السماوية التي اعتبرها ذات قدرة على فعل الخوارق. فهو يرى أن هذه المدبرات السماوية تكون عالمة بالجزئيات، فتعلم ما هو أصلح وأقرب الى الخير المطلق عبر ما يفاض عليها من صور المبادئ العلوية، ومن ثم باستطاعتها القيام بأعمال غير معتادة ولا مألوفة، كتحريك ساكن أو تسكين متحرك وكتبريد حار أو تسخين بارد، دفعة واحدة بلا أسباب طبيعية، وبالتالي تكون قادرة على اغاثة الملهوفين والإنتقام من الظلمة وإقامة العقوبات والعذاب على خلق حل غضب الرحمن عليهم؛ فإليها ترفع يد الدعاء فوق، دلالة على شرفها وفضيلتها8.
وعلى هذه الشاكلة من الخروقات للتراتب السببي يحاول صدر المتألهين ان يفسر قضايا البداء والنسخ والمحو والإثبات بطريقة تنتهي إلى نتائج عكسية لما توصل إليه إبن سينا، إذ يرى بأن النفوس السماوية رغم ما لها من سببية وعلم في حدوث بركات الأرض؛ الا أنها لا تحيط علماً بكل تفاصيل ما يقع، فتظن بشيء ولكن يظهر ما هو خلافه، فيحصل ما يسمى البداء والنسخ والمحو والاثبات. فقد يحصل لتلك النفوس - مثلاً - علم بموت زيد بسبب مرض ما في ساعة محددة؛ دون ان تطلع على ما يتصدق به قبل ذلك الموعد؛ لعدم اطلاعها بأسباب التصدق بعد، ثم حين تعلم بأسباب هذا التصدق فإنها ستحكم عليه بالشفاء والحياة بعد ان حكمت عليه بالموت أولاً. ولو كانت الأسباب متكافئة بالنسبة الى وقوع الحادثة وعدم وقوعها، ولم يحصل لتلك النفوس علم برجحان أحدهما بعد، فسيحصل لها تردد في الوقوع وعدم الوقوع، فينتقش في لوحها الوقوع تارة وعدمه تارة ثانيةا9.
لكن ما يقوله صدر المتألهين هنا يخالف اقراره مع بقية الفلاسفة بأن النفوس الجرمية تمثل عللاً لعالم ما تحت القمر، وبالتالي فهي تعلم ما يحصل في هذا العالم بعلمها بذاتها، اذ العلم بالعلة يستلزم العلم بالمعلول، فكيف لا يمكنها الاطلاع على ما يجري في الأرض بالتفصيل؟! وكيف يمكن التوفيق بين هذه الوجهة من النظر وبين ما سبقه فيها إبن سينا؟ رغم أن كلاً منهما قد تجاوز (القوانين الحكمية).
كما هناك من لجأ إلى تبرير فعل الخوارق من خلال تقديم مفهوم مرن وواسع للمادة المشتركة لتشمل مختلف الممكنات الطبيعية؛ كطريقة تتوسط بين الفلاسفة الذين اوجبوا المناسبة في العلية وبين متشرعة النظام المعياري الذين لم يوجبوها، وهي طريقة تنسجم مع نظرية العرفان الوجودية. وهذا ما لجأ إليه الغزالي، فهو وإن كان يتفق مع الفلاسفة في إحالة تعاقب الصور في المواد المختلفة، ويتفق معهم أيضاً في ضرورة وجود مادة تشترك في اخلاع الصور لتلبس صوراً غيرها، لكنه يختلف عنهم حول مفهوم هذه المادة، فهو يعتبرها تحمل صفة الإطلاق دون أن تكون مخصصة لنوع غير آخر، لهذا أجاز قلب العصا ثعباناً والتراب حيواناً وتحريك يد الميت ونصبه على صورة حي. لكنه استثنى من ذلك بعض الأمور، فأحال أن يكون القلب بين العرض والجوهر، وكذا بين السواد والقدرة، وما إلى ذلك لإنعدام المادة المشتركة10.
وعلى هذه الشاكلة من تبرير فعل الخوارق ذهب ابن عربي إلى ان الحقيقة الجوهرية للأشياء لا تنقلب، فالحجر حجر، والذهب ذهب، انما هناك خلع ولبس للصور، فالحجر يتلبس بصورة الذهب، وهو يبقى حجراً لا يتغير، مثلما يتلبس الجسم صورة الحرارة او البرودة ويظل جسماً لا ينقلب الى حرارة او برودة. ونفس الحال هو ان الانسان يتلبس بصور الأسماء الإلهية، ويتقلب من صورة الى أخرى، وبه تفسر قضايا الكرامات والمعجزات والسحر، ومنه انقلاب عصا موسى الى الحية مثلاً11. بل ان هذه الوجهة من النظر تلقي بظلالها على ان العالم متوهم بحسب الرائي وفق نظرية وحدة الوجود كالتي صرح بها ابن عربي، فالصور المتكثرة والتي لا تقبل الحصر تخفي وراءها الحقيقة الواحدة الخفية بلا تعدد ولا شريك.
وحول الأدلة التي قُدّمت لإثبات المناسبة، فقد قيل أنه لو لم تجب الخصوصية بين العلة والمعلول للزم جواز صدور كل شيء عن أي شيء، كما للزم الترجيح بلا مرجح12.
لكن هذين الدليلين يصلحان أن يقدما- من باب أولى - لإثبات علاقة الضرورة. فحتى مع إفتراض خطأ مقالة صدور كل شيء عن أي شيء، وكذا الترجيح بلا مرجح، فذلك لا يكفي لإثبات المناسبة، إلا إذا أخذت بمعنى الضرورة دون الضميمة الزائدة التي سبق أن أشرنا إليها في مطلع بحثنا عن علاقات السببية.
مهما يكن، فإفتراض وجود إرادة إلهية بالطريقة التي يقول بها أصحاب النظام المعياري - كالكلاميين - يجعل من ذينك الدليلين لا قيمة لهما، فبهذه الإرادة يتحقق المرجح للترجيح، كما أن بها يمكن إفتراض وجود اضطراد في قوانين الطبيعة كسنّة إلهية تمنع من صدور كل شيء عن أي شيء، دون حاجة لإفتراض الضرورة ولا المناسبة في علاقة السببية. وبالتالي يصبح فرض تدخل الإرادة الإلهية معادلاً لفرض الضرورة والمناسبة من دون ترجيح أحدهما على الآخر.
3 ـ علاقة المشابهة في النظام السببي
عرفنا بأن العلاقة بين العلة والمعلول في التفكير الفلسفي لا تتضمن الضرورة ولا المناسبة فحسب، بل تحمل ضميمة أخرى أهم من ذلك، هي المشابهة والمماثلة بين الأصل وفرعه. وقديماً كان الفلاسفة يطلقون على هذا المعنى لفظ «المواطأة». فالمعلول تبعاً لهذه العلاقة يعد طوراً من أطوار العلة الحقيقية وشأناً من شؤونها، يحاكيها ويطابقها، فهو مثال وظل لها، إذ كل ما يملك من كمالات ووجود إنما يعد من فيضها بالذات13.
وقد اشتهر هذا المعنى حتى لدى فلاسفة الغرب المحدثين. فالمعروف أن ديكارت اقتبس عن المدرسيين بأن ما في المعلول يجب أن يكون في العلة على نفس الشاكلة ولكن بصورة أسمى وأكمل، كما أن اسبينوزا اعتبر أن من الواجب أن يكون المعلول وعلته من نوع واحد، وإلا كان المعلول صادراً عن العدم14.
وإذا كان هذا هو التصور العام للسنخية في المفهوم الفلسفي الوجودي، فإن هناك من اعتبر هذه المقالة تصدق على نحوين كالتالي:
1 ـ أن تكون السنخية من قبيل الزيادة والقلة، كما بين الماء القليل والماء الكثير، أي أن يكون المعلول بحيث لو انضم إلى العلة زادت العلة في سنخ ذاتها، وإذا انفصل عنها نقصت، فتكون العلة في معرض الزيادة والنقصان، ومدركة بكنه ذاتها إذا أدرك المعلول بكنه ذاته. وهذه الحالة متحققة في العلل العرضية للممكنات، ككون النار علة لنار أخرى.
2 ـ أن تكون السنخية من قبيل العلاقة بين الصورة وذيها، فلا يلزم من انضمام المعلول وعدم انضمامه إلى العلة زيادة أو نقصان في العلة من حيث كمالها، فترجع السنخية بهذا المعنى إلى تخالف العلة والمعلول بحسب الحقيقة، لأن هذه السنخية لا تزيد على كونها مشابهة صورية، فمثلاً أن صورة الإنسان في المرآة ليست بإنسان على وجه الحقيقة، مما يعني أن إدراك الصورة لا يفضي إلى إدراك حقيقة الإنسانية. فالعلة والمعلول هنا متخالفان من حيث الحقيقة رغم أنهما يشتركان في السنخية، وفي جميع الأحوال يظل المعلول شأناً من شؤون العلة وطوراً من أطوارها يحاكيها ويكون لها ظلاً15.
لكن الحقيقة أن إختلاف العلة عن المعلول بحسب التفكير الفلسفي الوجودي ليس إختلافاً نوعياً، فهو إختلاف على نحو الشدة والضعف، يجعلهما داخلين في خصوصية من الإتحاد المشترك ضمن وحدة الوجود النوعية.
وطبقاً لبعض القدماء كما هو الحال عند الاسكندر فإن السنخية أو (المواطأة) لا تتحقق إلا حسب شروط ثلاثة، هي «ان تكون في الفاعل لا في الآلة، وفي القريب لا في البعيد، وفي الفاعل الذي يفعل بالذات لا بالعرض». لذا نفى أن تكون بعض الأمثلة مما يصدق عليها المواطأة، من قبيل ما يحدثه السوط من أثر في ظهر المجلود، وما يحدثه المنشار من قطع وتقسيم في الخشب، إذ ليس في السوط ولا في المنشار صور ما يحدثانه في المنفعلات لها. والسبب في ذلك هو أن السوط والمنشار من الآلات وليسا من الأسباب الفاعلة على وجه الحقيقة16.
وهناك من أعاد النظر في علاقة السنخية بين العلة والمعلول، كما هو الحال مع سيد الشيخية كاظم الرشتي. فالعلة عنده ليست هي عين الذات المؤثرة، بل هي عين فعلها وصفته. فالسنخية على هذا لا تكون بين المعلول وتلك الذات، بل بينه وبين صفة الفعل. وقد مثّل على ذلك بالكتابة من حيث أنها معلولة للكاتب لكنها لا تدل على ذاته، بل هي دالة على استقامة حركة اليد واعوجاجها، وهكذا لا يستدل بحسن الخط على حسن ذات الكاتب، وبقبحه على قبح ذاته، لأن السنخية ليست بين الذات والأثر، بل بين صفة المؤثر وهذا الأخير. وكذا الأمر مع مراتب الوجودات. فالعلة معتبرة بعين الفاعل والخالق، وهما صفتان للفعل لا للذات. والسنخية كائنة بين الفعل والمفعول لا بين الذات والمفعول، فالذات تحدث الفعل بنفسه بلا كيف ولا إقتران ولا ربط ثم تحدث المفعولات به، ولا يصح السؤال عن كيفية إحداث الفعل، حيث لا كيف، بإعتبار أن هذا الأخير مخلوق به17. وكأن هذا الإحداث هو نوع مبطن لعلية غير مفهومة. وقد اضطر الرشتي إلى هذا التصور كي لا تكون الموجودات على مثال مبدأ الوجود الأول وصورته. فهو وإن اعترف بالسنخية في عالم المخلوقات، لكنه منع ذلك قياساً بذات المبدأ الأول، واعتبر أن كل ما يجب في عالم الخلق يمتنع في عالم الإله، والعكس بالعكس، مع حفظ المسانخة بين فعله من جهة وبين خلقه وأثره من جهة أخرى، فهو يرى أن الحق أوجد الموجودات بفعله لا بذاته خلافاً لما يقوله الفلاسفة18.
ولا شك أن الدافع من هذا التنظير الجديد للسنخية هو التحرز من الوقوع في أي نوع من أنواع المشابهة مع مبدأ الوجود الأول. فهذا المشكل قد أفضى بعدد من الفلاسفة المسلمين إلى أن يقعوا بنحوٍ من التردد. لذلك احتفظ بعضهم بالسنخية على مستوى علاقة الأشياء بالفعل الإلهي المعبر عنه بالعقل الأول أو الوجود المنبسط العام.
على أن هناك من تردد في صدق حكم السنخية صدقاً مطلقاً، كما هو الحال مع إبن سينا الذي خالف المشهور وحكم بإنعدام السنخية في بعض منفعلات الطبيعة؛ بالرغم من حفاظه على حكمها في ما يتعلق بخاصية الوجود المناطة بهذه الظواهر. فقد لاحظ أن النار - مثلاً - تسوّد، والسواد ليس مثالاً للنار، لذا ذكر بأنه «ليس الفاعل كل ما أفاد وجوداً أفاده مثل نفسه، فربما أفاد وجوداً مثل نفسه وربما أفاد وجوداً لا مثل نفسه، كالنار تسود أو كالحرارة تسخن، والفاعل الذي يفعل وجوداً مثل نفسه، فإن المشهور أنه أولى وأقوى في الطبيعة التي يفيدها من غيره، وليس هذا المشهور ببيّن ولا بحق من كل وجه، إلا أن يكون ما يفيد هو نفس الوجود والحقيقة، فحينئذ يكون المفيد أولى بما يفيده من المستفيد»19.
لكنه مع ذلك عاد وخالف هذا التقرير في رسالة (العشق)، إذ أكد على شمول حكم السنخية حتى في مثل تلك الظواهر، إذ اعترف بوجود مناسبة الشبه والتماثل في جميع المنفعلات عن الأسباب القريبة، معتبراً الظواهر التي تفتقر إلى المشابهة والمماثلة ليست من الأسباب القريبة. فبرأيه أن كل منفعل عن سبب قريب فإنما ينفعل بتوسط مثال يقع فيه، مثل الحرارة النارية التي ينفعل بها جرم من الأجرام عن طريق وضع مثالها المتمثل بالسخونة، وكذا سائر القوى الأخرى من الكيفيات، إضافة إلى النفس الناطقة التي تضع مثالها - الصورة المعقولة - في نفس ناطقة أخرى، وكذا السيف إنما يقطع بأن يضع عنه مثاله الذي هو شكل السيف، والمِسَنّ إنما يحد السكين بأن يضع في جوانب حده مثال ما مسّه، وهو إستواء الأجزاء وملاستها. وهكذا الحال مع بقية الظواهر الأخرى التي يتوفر فيها شرط القرب المباشر بين الفاعل والمنفعل. لذا استدرك بمثال الشمس التي تسخّن وتسوّد دون أن تكون السخونة والسواد مثالها، معللاً ذلك بعدم توفر القرب المباشر بين الشمس من جهة وبين السخونة والسواد من جهة ثانية، معتبراً الشمس لا تضع غير مثالها المتمثل بالضوء، إلا أن بحصول الضوء تحصل السخونة في المنفعل عنه، ومن السخونة يحصل السواد20.
لكن صدر المتألهين اعترض على إبن سينا فاعتبر أن جميع ما ذكره من أمثلة هي من المنفعلات المباشرة، حتى تلك التي تخص مثال الشمس والسواد، وحاول بنفسه أن يجيب على الإشكال، فقرر بأن الشبه والمماثلة المراد به ليس في التعينات الكلية المسماة بالماهيات، وإنما هو في الوجود ذاته المتفاوت في الكمال والنقص21. وإتساقاً مع هذا أنكر المشابهة بين مبدأ الوجود الأول وبين ماهيات الأشياء الكلية، بإعتباره يرى السنخية محددة بدائرة الوجودات22، انسجاماً مع نظريته في أصالة الوجود بدل الماهية. وهذا ما أفضى به إلى الوقوع بنحوٍ من التناقض. فهو يعد الماهيات اظلال الوجود في الشبه والمحاكاة والتبعية23، وحيث أن شبيه الشبيه هو أيضاً شبيه للأصل، فإن الماهيات تكون شبيهة بهذا الأصل ولو على نحو التبعية والعرض. إضافة إلى أنه يعتبر المبدأ الأول كل الماهيات المعبّر عنها بالأعيان الثابتة أو الصور العلمية للأشياء24، فهو من هذه الناحية يكون شبيهاً بالماهيات، مثلما أن الوجودات شبيهة بها. فضلاً عن أنهيجعل المشاكلات في مراتب الوجود هي نفس المشاكلات المتعلقة بالماهيات، كمشاكلاته الجسمية للوجود، إلى الحد الذي يرى بأن الذات الإلهية عبارة عن جسم إلهي. وهو ما يجعل الوجود قائماً على الماهية. وليس المقصود بالماهية - هنا - التعينات الكلية أو الذهنية المجردة، إذ المنظور في ذلك هو الأمر الخارجي. فلا فرق بين أن يُحمل هذا الأمر على الوجود أو على الماهية؛ ما دامت بينهما محاكاة وشبه، إذ يصبح مفهوم الوجود في هذه الحالة مفهوماً له خصوصية الذات والهوية - أي الماهية - التي تخرجه عن المعنى النسبوي الذي يلاحقه مع مرادفاته كالكون والثبوت والصيرورة وما إليها، إذ لا مشابهة بين المعنى الأخير ومفهوم الماهية الآنف الذكر25.
وما نريد التوصل إليه هو أن ما فعله صدر المتألهين من حمل مراتب الوجود على الماهية أو الذات؛ لا يختلف عما بحثه إبن سينا حول المشكل المتعلق بالمنفعلات الطبيعية، فهو مشكل خارجي لا علاقة له بالتعينات الكلية المجردة.
أما عن دليل السنخية فالمعوّل عليه لدى الفلاسفة هو أنها مستنتجة من علاقة الضرورة بين العلة والمعلول. فمن حيث هذه الضرورة أو من حيث إستحالة صدور شيء من لا شيء؛ فالمعلول لا بد أن يكسب صفة علته فيكون شبيهاً بها.
وهناك من الغربيين من أكد هذا النحو من التضمن والإستنباط، فمثلاً أن القديس الاكويني (المتوفى سنة 1274م) اعتبر بأن الذي يصدر صدوراً ضرورياً عن الذات يكون كالذات شبهاً، لذا رفض نظرية الفيض الحتمية ليؤكد مفارقة الخالق عن المخلوق كلياً26. كما أن الفلاسفة العقليين من أمثال ديكارت واسبينوزا؛ اضطرهم الإعتقاد بوحدة الوجود ونفي تعدده إلى إنكار القول بالخلق من لا شيء. فلو اقروا بالخلق لتناقضوا27. فالإعتقاد السائد هو أن السنخية مستنبطة من الحتمية، أو أن هذه الأخيرة تتضمنها. حتى أن الفلاسفة الإسلاميين يستدلونبعدم صدور كل شيء عن أي شيء؛ على كل من السنخية والحتمية معاً، فهم يعتبرون إحداهما دالة على الأخرى.
لكن حقيقة الأمر هي أن السنخية غير مستنبطة من الحتمية، فمن الناحية المنطقية قد تكون العلاقة بين العلة والمعلول قائمة على الضرورة وحتمية الإرتباط من دون سنخية ولا مناسبة بالمعنى التقليدي للكلمة. نعم في قبال ذلك لا يمكن أن تتحقق السنخية بلا ضرورة أو حتمية - مع فرض عدم تدخل إرادة قاصدة لذلك - وإلا كان الأمر محض صدفة. فشرط السنخية أن تتضمن الحتمية أو تقتضيها.
هكذا فمقولة السنخية وإن كانت تتضمن القول بالضرورة، لكن هذه الضرورة لا تدل في حد ذاتها عليها، إذ لا مانع من وجود علاقة حتمية بين العلة ومعلولها الخاص من دون شبه ولا حتى ضميمة المناسبة بمعناها الضيق. ولعل هذا ما يجري وسط العديد من ظواهر الطبيعة ومنفعلاتها، لا سيما في المركبات الكيميائية. فالمركب الكيميائي مع أنه نتاج عناصره الأساسية، إلا أنه لا يشابهها في الصفات والمظاهر العامة. فمثلاً أن الماء له طبيعة وصفات تختلف كلياً عن طبيعة وصفات العنصرين المؤلف منهما، وهما الهايدروجين والأوكسجين، فأقل ما يقال هو أن الأوكسجين يساعد على الاشتعال والهايدروجين يشتعل، لذا فالمناسب من التفاعل بينهما هو أن يفضي الأول منهما إلى إشعال الأخير، لكن ما يحدث هو شيء آخر مناقض لهذا بالتمام، ففي نسبة محددة - ذرتا هايدروجين لكل ذرة أوكسجين - يتكون الماء الذي خاصيته هو أنه لا يشتعل ولا يساعد على الإشتعال، بل يفعل العكس في إخماده للإشتعال، وبالتالي فخاصية الماء تخالف خاصية كل من الهايدروجين والأوكسجين.
كذلك قد تنقلب بعض الظواهر الفيزيائية إلى العكس عند الإستمرار في زيادة كمية الشرط المؤدي إلى إيجادها بإضطراد. فمثلاً عندما تخترق بعض فوتونات الضوء الزجاج وينعكس بعضها الآخر؛ فإن ذلك يكون ضمن حد غير قابل للتجاوز، فكلما ثخُنَ الزجاج كلما زاد الإنعكاس، حتى يصل الأخير إلى نسبة قصوى قدرها (16%) من الفوتونات، فبعد هذه النسبة أن زيادة الثخن أكثر تفضي إلى فعل عكسي، وهو تقلص كمية الإنعكاس وانخفاضها بإضطراد حتى تصل إلى درجة الصفر. وبعبارة أخرى، يزداد انعكاس الضوء من الصفر فصاعداً كلما زاد ثخن الزجاج، حتى يصل الإنعكاس إلى درجة (16%)، ثم بعد ذلك تضعف نسبة الإنعكاس كلما زاد الثخن إلى أن يعود إلى الصفر، وعلى ما يقوله الباحث جورج جونسون: «إذا استطعنا أن نتلاعب بقرص مدرج لتعديل ثخانة الزجاج، فإننا سنكتشف أنه عندما نزيد الثخانة أكثر فأكثر، فإن نسبة الضوء الذي ينعكس سوف ترتفع وتهبط، وترتفع وتهبط في تموجات جيبية مستوية»28.
أيضاً قد تبدو بعض الأسباب الطبيعية صغيرة، لكنها تؤدي إلى نتائج كبيرة لا تتناسب وحجم الأسباب، ومن ذلك النشاط النووي، فهو من حيث الحجم ليس له قيمة تذكر، لكنه يفضي إلى تدمير مدن كاملة، وهو ما لا يتفق ومنطق التناسب والسنخية بمعناهما الفلسفي. ومثل ذلك ما يُعرف بالعلاقات السببية الإضطرابية – الشواش - أو غير الخطية، فأي تأثير بسيط في منطقة ما من العالم قد يؤدي إلى تغيير كبير في غيرها من المناطق، ويُمثَّل عليها بإسم (أثر جناح الفراشة)، وهي أن خفقان جناح فراشة في مدينة باستراليا - مثلاً - يمكن أن يغيّر نظام العواصف في أمريكا. وثمة أغنية فلكلورية أمريكية تقول:
بسبب مسمار سقطت حدوة الحصان.. وبسبب الحدوة تعثر الحصان.. وبسبب الحصان سقط الفارس.. وبسبب الفارس خُسرت المعركة.. وبسبب المعركة فُقدت المملكة29. وهي على شاكلة المثل العربي الشائع: ذهبت الدولة ببولة.
وهناك دليل آخر على السنخية ذكره بعض العرفاء، وهو «أن كل معلول فهو مركب في طبعه من جهتين، جهة بها يشابه الفاعل ويحاكيه، وجهة بها يباينه وينافيه، إذ لو كان بكله من نحو يشابه نحو الفاعل كان نفس الفاعل لا صادراً منه، فكان نوراً محضاً، ولو كان بكله من نحو يباين نحو الفاعل إستحال أيضاً أن يكون صادراً منه، لأن نقيض الشيء لا يكون صادراً عنه، فكان ظلمة محضة.. فالمعلول من العلة كالظل من النور يشابهه من حيث ما فيه من النورية، ويباينه من حيث ما فيه من شوب الظلمة..»30.
والواقع أن المباينة الكلية بين الشيئين لا تدل على المناقضة إلا إذا كان أحدهما يعبّر عن الوجود ذاته، حيث نقيضه العدم، أما إذا لم يعبّر عن هذا المعنى فالمباينة يمكنها أن تحصل، فليس من التناقض لو أن (أ) قد تضمّن كلاً من (ج، د، هـ)، وأن (ب) تضمّن (ك، ل، م)، فكلاهما موجودان وهما متباينان كلياً. فلو صدر (أ) عن (ب) فذلك لا يعبّر عن صدور النقيض، فالعلاقة بينهما تظل علاقة ضرورة وإن لم تتضمن المشابهة ولا المناسبة.
هكذا فليس من السهل ردّ إختلاف الأشياء وتشابهها إلى الشدة والضعف والنور والظلمة كما هو منطق علاقة الشبه بين العلة والمعلول.
1الأسفار،ج8،ص224.
2نجيبمخول: الغزاليوإبنرشد،ضمنسلسلةمباحثفيالفلسفةالعربية،توزيعمكتبةانطوانفيبيروت،1962م،ص141.
3انظر كتابنا: منهج العلم والفهم الديني، مؤسسة الانتشار العربي، بيروت، الطبعة الاولى، 2014م.
4تهافتالتهافت،ص540ـ541.
5مناهجالأدلة،ضمنكتابفلسفةإبنرشدلمحمودقاسم،دارالعلمللملايين،ص114 و124. كذلك: تهافتالتهافت،ص476.
6تهافتالتهافت،ص479.
7تهافتالتهافت،ص527.
8إلهيات الشفاء، ص437ـ438. والمبدأ والمعاد لإبن سينا، مؤسسة مطالعات إسلامي، دانشگاه مك گيل في طهران، ص86. وانظر ايضاً لصدر المتألهين: الشواهد الربوبية، ص239. والمبدأ والمعاد، ص195ـ196.
9الشواهد الربوبية، ص353ـ354. وتحفه، ص303.
10الغزالي: تهافتالفلاسفة،دارالمعارفبمصر،الطبعةالخامسة،ص232ـ235.
11الفتوحات المكية، طبعة دار احياء التراث العربي،، ج1، ص300ـ302.
12عبدالكريمالزنجاني: دورسالفلسفة،ص173.
13الأسفار،ج1،ص418ـ420،وج2،ص299ـ300،وج3،ص273،وج7،ص236. والأقطابالقطبية،ص34.
14تاريخالفلسفةالحديثة،ص116ـ117.
15دورسالفلسفة،ص173ـ174.
16تفسيرمابعدالطبيعة،ج3،ص1530ـ1531.
17الرشتي: شرححديثعمرانالصابي،وهوخلفشرحآيةالكرسيللرشتي،ص203.
18شرحآيةالكرسيللرشتي،نفسالمعطياتالسابقة،ص11ـ12.
19الهياتالشفاء،ص268.
20رسالةالعشق،ضمنرسائلإبنسينافيأسرارالحكمةالمشرقية،ص23ـ24. كمالاحظهذهالرسالةضمنرسائلإبنسينا،ص393ـ395. ولاحظأيضاً: الأسفار،ج1،ص419ـ420.
21الشواهدالربوبية،ص79.
22الأسفار،ج1،ص418ـ419.
23الشواهدالربوبية،ص40ـ41. وشرحالهدايةالاثيرية،ص322ـ323.
24الأسفار،ج6،ص270ـ272.
25انظرالتفاصيلحولالوجودوالماهيةفيالفصلالأولمنكتابنا: الفلسفةوالعرفانوالإشكالياتالدينية.
26يوسفكرم: تاريخالفلسفةالاوربيةفيالعصرالوسيط،دارالكتابالمصري،الطبعةالأولى،1946م،ص182.
27محمودعبدالقادر: الفلسفةالصوفيةفيالإسلام،دارالفكرالعربيفيمصر،الطبعةالأولى،1966مـ1967م،ص648.
28جورج جونسون: بحث في نظام الكون، ترجمة أحمد رمو، منشورات وزارة الثقافة السورية، ص104، عن مكتبة الموقع الإلكتروني: www.4shared.com.
29جايمسغليك: نظريةالفوضى،ترجمةأحمدمغربي،دارالساقي،الطبعةالأولى،2008م،ص39،عنالموقع الإلكتروني: www.4shared.com.
30الأسفار،ج1،ص420.