مثلما اقتضى مبدأ التكثير في الرواية التعويل على عدالة الصحابة، فانه اقتضى التسامح ايضاً في توثيق الرواة. وقيل ان علماء الجرح والتعديل منقسمون الى ثلاثة اقسام، فمنهم من نفسه حاد في الجرح، ومنهم من هو معتدل، ومنهم من هو متساهل. فالحاد فيهم : يحيى بن سعيد وابن معين وأبو حاتم وابن خراش وغيرهم . والمعتدل فيهم : أحمد بن حنبل والبخاري وأبو زرعة. والمتساهل كالترمذي والحاكم والدارقطني في بعض الأوقات[1]. كما ذكر ان اسلوب التحقيق في عدالة الراوي يختلف بين عالم واخر، ومن ذلك ما جاء بان أهل العراق اعتبروا عدالة الراوي لا تتعدى إظهار الإسلام وسلامة المسلم من الفسق الظاهر. في حين ذهب البغدادي الى ان غلبة الظن بالعدالة لا تعرف الا باختبار احوال الراوي وافعاله[2].
وهذا الذي يقوله البغدادي هو رأي سليم، لكنه يواجه مشكلة في التطبيق على الرواة الماضين، فليس من السهل التدقيق في احوالهم واختبار افعالهم. لذلك تجد كتب الجرح والتعديل مشحونة بالكلمات القليلة في التعريف بالراوي، كأن يقال عنه ضعيف او ثقة او ليس بشيء او غير ذلك، كما هو حال البخاري في تاريخه الكبير، اذ لا يذكر تفاصيل حول الرواة، فالغالب في عباراته عنهم لا تتعدى القول: روى عنه فلان، او سمع منه فلان، او روى عن او سمع من... الخ. وهو لم يسود لكل راو في الغالب اكثر من سطر او سطرين او ثلاثة، واحياناً يضمّن ترجمة الراوي بحكاية تروى عنه، كما احياناً لا يذكر عن الراوي سوى اسمه فقط، او يزيد عليه انه مات سنة كذا، او ان له صحبة، او انه يعد في الكوفيين او المصريين او البصريين او الشاميين، واحياناً يقول فيه لفظة او اكثر قليلاً للتعبير عن موقفه منه او من حديثه، كإن يقول حديثه مرسل، او عنده مراسيل، او كان فاضلاً، او سكتوا عنه، او يرمى بالكذب، او تكلموا فيه، او ترك احمد حديثه، او كان يحيى بن معين يتكلم فيه، او قال يحيى ليس بشيء، او قال عنه فلان كان ثقة، او كذبه بعضهم فيه نظر، او فيه نظر لا يعرف بكبير حديث، او هذا غريب الحديث ليس له كبير حديث، او ذهب حديثه، او يخالف في بعض حديثه، او لا يتبع في حديثه، او لم يصح حديثه، او حديثه منقطع، او حديثه مناكير، او عنده مناكير، او منكر الحديث، او منكر الحديث لا يكذب حديثه، او ليس بالقوي، او لم يصح اسناده، او اسناده مجهول، او اسناده ليس بقوي... الخ[3]. وواضح ان هذه العبارات البسيطة لا تفيد شيئاً في البحث الدقيق عن احوال الرجال، ومع ذلك فان البخاري قد خرّج للكثير منهم في صحيحه.
وتتعقد المشكلة اكثر عندما نعلم ان القدماء من الحفاظ والعلماء كثيراً ما كانوا يتبادلون التهم والتسقيط والتكذيب. لكنها لم تؤثر على مجرى التوثيق الذي سلكه اصحاب الصحاح. وللاطلاع على تلك الحالات من التهم والتجريح بين علماء السلف نتبع ما جاء في عدد من كتب الحفاظ والمؤرخين؛ ابرزها كتاب (جامع بيان العلم وفضله) لابي عمر بن عبد البر الذي ضمّنه فصلاً بهذا الخصوص، وذلك كالاتي:
مما يذكر ان مالك بن انس قد تبادل التهم مع الكثير من العلماء، ومن ذلك انه وصف عبد الله بن يزيد بن سمعان بالكذاب[4]، ووصف محمد بن اسحاق بدجال الدجاجلة[5]. وقال في أهل العراق: انزلوهم منكم منزلة أهل الكتاب لا تصدقوهم ولا تكذبوهم ((وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد))[6]. كما انه حط من منزلة علماء الشام وكذا علماء الكوفة، وهؤلاء بادلوا ذلك بعلماء المدينة، حيث تحامل بعضهم على البعض الاخر[7]. وجاء عن عبد الله بن المبارك انه لم ير في مالك صاحب علم[8]. كما تكلم ابن أبي ذئب في مالك بكلام فيه جفاء وخشونة، قاله إنكاراً منه لقول مالك في حديث البيعين بالخيار، حيث قال عنه: يستتاب في الخيار؛ فإن تاب وإلا ضربت عنقه[9]. وكان ابراهيم بن سعد يطعن في نسبه ويتكلم فيه ويدعو عليه[10]. وتكلم فيه أيضاً كل من عبد العزيز بن أبي سلمة وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم وابن اسحاق وابن أبي يحيى وابن أبي الزناد وعابوا أشياء من مذهبه. وتكلم فيه غيرهم لتركه الرواية عن سعد بن ابراهيم وروايته عن داود بن الحصين وثور بن زيد. وتحامل عليه الشافعي وبعض أصحاب أبي حنيفة في شيء من رأيه. واعتبر ابن عبد البر ان ذلك كان حسداً لموضوع إمامته. كما عابه قوم في إنكاره المسح على الخفين في الحضر والسفر وفي كلامه في علي وعثمان[11]، وفي فتياه باتيان النساء في الأعجاز، وفي قعوده عن مشاهدة الجماعة في مسجد رسول الله، ونسبوه بذلك - كما يقول ابن عبد البر - إلى ما لا يحسن ذكره[12].
وقال حماد بن أبي سليمان في كل من عطاء وطاوس ومجاهد بان الصبيان اعلم منهم[13]. وذم ابن شهاب الزهري ربيعة وابا الزناد[14].
وجاء عن ابي حنيفة انه لم ير احداً أكذب من جابر الجعفي. وقال ابو حنيفة في الاعمش تحقيراً له بانه لم يصم رمضان قط ولم يغتسل من جنابة[15]. في حين تعرض ابو حنيفة الى التجريح من قبل الكثير من العلماء والحفاظ، فقال عنه سفيان الثوري عندما علم بموته: الحمد لله الذي أراح المسلمين منه؛ لقد كان ينقض عرى الإسلام عروة عروة، وما ولد في الإسلام مولود أشأم على أهل الإسلام منه[16]، وقال الثوري ايضاً: استتيب أبو حنيفة من الكفر مرتين[17] . وجاء عن سفيان بن عيينة انه قال فيه: ما ولد في الاسلام مولود أضر على أهل الاسلام من أبي حنيفة[18]، ومثله ما قاله الاوزاعي وحماد[19]. كما قال ابن عون: نبئت أن فيكم صدادين يصدون عن سبيل الله؛ سليمان بن حرب وأبو حنيفة وأصحابه ممن يصدون عن سبيل الله[20]. وقيل انه سئل مالك بن أنس عن قول عمر في العراق (بها الداء العضال) قال: الهلكة في الدين ومنهم أبو حنيفة[21]. وجاء عن ابي بكر بن أبي داود السجستاني انه قال يوماً لأصحابه: ما تقولون في مسألة اتفق عليها مالك وأصحابه والشافعي وأصحابه والأوزاعي وأصحابه والحسن بن صالح وأصحابه وسفيان الثوري وأصحابه وأحمد بن حنبل وأصحابه؟ فقالوا له يا أبا بكر لا تكون مسألة أصح من هذه، فقال هؤلاء كلهم اتفقوا على تضليل أبي حنيفة[22].
كما تبادل الشعبي وابراهيم النخعي كلمات من التهم والذم ووصف احدهما الاخر بالكذاب[23]. وجاء عن سعيد بن حميد انه كذب الشعبي في بعض الفتاوى[24]. وقيل انه كانت هناك حساسية بين سعيد بن المسيب وعكرمة، وكان سعيد يعد عكرمة من الكذابين، وحكي عن الاول انه قال لغلامه لا تكذب عليّ كما كذب عكرمة على ابن عباس[25]، كما روي عن ابن عمر أنه قال لنافع: لا تكذب عليّ كما كذب عكرمة على ابن عباس[26]، وكذا كان مالك لا يرى عكرمة ثقة، ويأمر أن لا يؤخذ عنه، وقال القاسم إن عكرمة كذاب يحدث غدوة بحديث يخالفه عشية، وكان عكرمة يرمى بثلاث قضايا، احدها الكذب، وثانيها انه يرى رأي الخوارج، وثالثها انه يقبل جوائز الامراء[27].
وقيل ايضاً انه كان بين منصور بن عمار والشاعر أبي العتاهية اتهامات متبادلة، ومن ذلك الاتهام بسرقة الكلام والزندقة[28].
كما جاء ان سليمان التيمي لم يجز شهادة سعيد بن أبي عروبة ولا معلمه قتادة، وقيل ان ذلك لاعتقادهما بالقدر. كما كان قتادة يعرض بيحيى بن أبي كثير[29]. وكان كل من ابن القاسم وابن وهب يحذر الناس بالاخذ عن الاخر[30]. وكذا ورد ان أبا عبد الرحمن النسائي قد جرح الحافظ أحمد بن صالح وصرح بأنه غير ثقة[31]، اذ قيل انه كان من أحمد بن صالح إلى النسائي جفاء أفسد قلبه عليه[32]. وكان احمد ابن حنبل يعرض بالحارث المحاسبي، وكذا كان يفعل الكرابيسي بابن حنبل، والذهلي بالبخاري[33].
وكان ابن معين يطلق لسانه بأشياء في أعراض الأئمة أنكرت عليه، منها قوله ان عبد الملك بن مروان ابخر الفم وكان رجل سوء، وقوله كان أبو عثمان النهدي شرطياً، وقوله في الأوزاعي إنه من الجند ولا كرامة، وقوله في طاوس انه كان شيعياً، وقوله: حديث الأوزاعي من الزهري ويحيى بن أبي كثير لا يثبت. ومما نقم على ابن معين وعيب عليه قوله في الشافعي أنه ليس بثقة، وقوله في الزهري إنه ولي الخراج لبعض بني أمية وإنه فقد مرة مالاً فاتهم به غلاماً له فضربه فمات من ضربه، وذكر كلاماً خشناً في قتله غلامه[34].
وجاء في اتهام الزهري الشيء الكثير لعلاقته القوية بالسلطة الاموية، اذ كان صاحباً لعبد الملك بن مروان ومربياً لاولاده، ثم من بعده لازم ابنه هشاماً، وبعد ذلك يزيد بن عبد الملك الذي نصبه قاضياً[35]. وكان ممن اجاز لبعض رجال بني امية الرواية عنه، ومن ذلك انه جاءه رجل منهم يقال له إبراهيم بن الوليد وعرض عليه كتاباً وقال: أأحدث بهذا عنك يا أبا بكر؟ قال إي لعمري فمن يحدثكموه غيري[36]. وقد تكلم البعض في الزهري لكونه خضب بالسواد ولبس زي الجند وخدم هشام بن عبد الملك. وعلق الذهبي على ذلك بقوله: ان هذا باب واسع والماء إذا بلغ قلتين لم يحمل الخبث، والمؤمن إذا رجحت حسناته وقلت سيئاته فهو من المفلحين[37]. وحكى الحاكم عن ابن معين قوله بان أجود الأسانيد الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله، فقال له بعض الحاضرين: الأعمش مثل الزهري، فأجابه ابن معين: برئت من الأعمش أن يكون مثل الزهري؛ الزهري يرى العرض والاجازة ويعمل لبني أمية، والأعمش فقير صبور مجانب للسلطان ورع عالم بالقرآن[38].
وذكر ابن عبد البر ان الذين يترددون على الملوك كثيرون، منهم الشعبي وقبيصة بن ذؤيب ورجاء بن حيوة الكندي وأبو المقدام والحسن وأبو الزناد ومالك بن أنس والأوزاعي والشافعي وغيرهم[39]. وكان سفيان الثوري يقول بشأن هؤلاء الملوك: ما أخاف من إهانتهم لي، إنما أخاف من إكرامهم فيميل قلبي إليهم[40]. وقد عرف ان قبول جوائز الأمراء جائزة وغير قادحة عند الغالب من اهل العلم[41].
***
كانت تلك نماذج من التجريح بين العلماء انفسهم، وقد اعتبر الحفاظ انه لو قدم الجرح على التعديل لما سلم احد من النقد والتضعيف، لذلك رأوا انه لابد من معرفة سبب الجرح والطعن، ومعرفة ما اذا كان يؤثر على قبول روايته ام لا. وهذا ما جعلهم يعولون على توثيق الرواة المعروفين رغم ما جرى بينهم من تهم وطعون متبادلة كالذي رأينا. فقد ذهب ائمة الحديث ونقاده مثل الشيخين وغيرهما الى عدم اعتبار الجرح الا اذا كان مفسراً مبين السبب، اذ قد يطلق أحدهم الجرح بناء على أمر اعتقده جرحاً، وليس بجرح في نفس الأمر، خاصة وان مذاهب النقاد للرجال غامضة مختلفة كما يقول ابو داود السجستاني. وقد عقد الخطيب البغدادي باباً في بعض أخبار من استفسر في جرحه، فذكر ما لا يصلح جارحاً؛ منها عن شعبة انه قيل له لِمَ تركت حديث فلان؟ فقال رأيته يركض على برذون فتركت حديثه، ومنها عن مسلم بن إبراهيم انه سئل عن حديث لصالح المري فقال: ما تصنع بصالح ذكروه يوماً عند حماد بن سلمة فامتخط حماد[42].
على هذا احتج البخاري بجماعة سبق لغيره ان جرحهم، كعكرمة مولى بن عباس وكاسماعيل بن أبي أويس وعاصم بن علي وعمرو بن مرزوق وغيرهم، واحتج مسلم بسويد بن سعيد وجماعة اشتهر الطعن فيهم[43]. واعتبر النووي في شرحه لصحيح البخاري ان ما ضعفه البعض من احاديث الشيخين انما هو مبني على علل ليست قادحة[44].
وقد ذهب ابن الصلاح الى ان المسؤولية في المشكلة السابقة تقع على عاتق ائمة الحديث في الجرح، حيث قل ما يتعرضون فيها لبيان السبب في الجرح، بل يقتصرون على مجرد القول فلان ضعيف وفلان ليس بشيء ونحو ذلك، أو هذا حديث ضعيف وهذا حديث غير ثابت ونحو ذلك. وهذا يعني ان اشتراط بيان السبب سيفضي الى تعطيل ذلك العلم وسد باب الجرح في الغالب. لكنه رأى في الجواب عن هذه المشكلة هو التوقف في اثبات الجرح وعدم قبول حديث من قيل فيه جرح غير مفسر السبب، وذلك ريثما تزال عنه الشبهة بمعرفة حاله فيزال عنه الجرح وتوجب الثقة به ويقبل حديثه[45].
ومن الناحية المنطقية يفترض ان يجرى هذا الحال على التعديل لا الجرح فقط، وذلك لان نوازع النفس غامضة ودوافعها مختلفة[46]. فمثلما يقال ان الجرح لا يقبل الا مفسراً مبين السبب، فكذا يفترض ان يقال الشيء نفسه في التعديل، مما يتطلب معرفة احوال الرواة دون الاكتفاء بالعبارات القليلة التي تحدد مسلك الراوي وعدالته. ومع ان هناك من يذهب فعلاً الى لزوم ذكر سبب التعديل، كما في الجرح، كالذي ذهب اليه الماوردي[47]، لكن من الناحية العملية يتعسر حل المشكلة، وذلك لقلة معرفة احوال الرجال، خاصة من هم في عداد الموتى، وهم الغالب الاعظم. وهذا ما جعل اصحاب الصحاح يضفون عليهم سمة التعديل بلا توقف، ومن ذلك ما جاء في (الميزان) للذهبي بان في الصحيحين عدداً كثيراً من الرواة لم تثبت وثاقتهم، وبحسب جمهور الحفاظ ان من كان من المشايخ قد روى عنه جماعة ولم يأت بما ينكر عليه فحديثه صحيح. وقال الذهبي: ان في الصحيحين خلقاً كثيراً مستورون ما ضعفهم احد ولا هم بمجاهيل[48]. وربما يميل الحفاظ الى التسامح في التجريح لحفظ اكبر قدر ممكن من الرواية والحديث، وكما جاء عن يحيى بن سعيد القطان انه قال: لو لم أحدث إلا عن كل من أرضى لما حدثت إلا عن خمسة[49]. كما قد يكون ذلك لشعورهم ان الواجب الديني يتطلب منهم التوثيق قبل التجريح؛ شبيه بحال التعامل مع المؤمنين في الحالات العادية، فعند التعارض يقدم الاول على الاخر كي لا يكون هناك امتهان لكرامة المسلم[50]. لكن يظل التجريح مبرراً لدى علماء الرجال، وهم لا يعدونه من الغيبة المنهي عنها، بل يعتبرونه من الدين، حيث به يُعرف الحديث الصحيح من غيره كالذي ينص عليه احمد بن حنبل[51]. وقد قيل ليحيى بن سعيد: أما تخشى أن يكون هؤلاء الذين تركت حديثهم خصماءك عند الله يوم القيامة؟ فقال: لأن يكون هؤلاء خصمائي أحب إلي من أن يكون خصمي رسول الله (ص) وهو يقول: لم حدثت عني حديثاً ترى أنه كذب[52].
هكذا فان الاصل لدى ائمة الحديث هو التوثيق والتعديل ما لم يثبت العكس، وهم بقدر ما تسامحوا في التجريح لم يشددوا في التعديل، وقد انعكس ذلك على تساهلهم مع اولئك الذين كانت لهم صلات حسنة بالسلطات الظالمة، وعلى رأسهم المسؤول الاول عن تدوين الحديث.
[1] المـوقظـة في علم مصطلح الحـديث، فصل ضمن فقرة الثقة.
[2] الكفاية في علم الرواية، باب الرد على من زعم أن العدالة هى إظهار الإسلام وعدم الفسق الظاهر. وعلى شاكلته ذهب الزركشي في كتابه (البحر المحيط، فقرة 1058).
[3] البخاري: التاريخ الكبير، مكتبة سحاب السلفية الالكترونية.
[4] جاء عن أحمد بن صالح انه قال: سألت عبد الله بن وهب عن عبد الله بن يزيد بن سمعان، فقال ثقة، فقلت أن مالكاً يقول فيه كذاب، فقال لا يقبل قول بعضهم في بعض (جامع بيان العلم وفضله، باب حكم قول العلماء بعضهم في بعض).
[5] عن عبد الله بن ادريس أنه قال: قدم علينا محمد بن اسحاق فذكرنا له شيئاً عن مالك، فقال: هاتوا علم مالك فإنا بيطاره، قال ابن ادريس فلما قدمت المدينة ذكرت ذلك لمالك بن أنس، فقال: ذلك دجال الدجاجلة ونحن أخرجناه من المدينة، وعندها قال ابن ادريس وما كنت سمعت بجمع دجال قبلها على ذلك الجمع. وقيل ان مالكاً كذّب ابن اسحاق لقول هذا الاخير في مالك إنه مولى لبني تيم قريش، حيث ان مالكاً أعلم بنسب نفسه. واحتمل ابن عبد البر ان التكذيب جاء لتشيع ابن اسحاق وما نسب إليه من القول بالقدر، وأما الصدق والحفظ فقد عدّ صدوقاً حافظاً اثنى عليه ابن شهاب الزهري ووثقه شعبة والثوري وابن عيينة وجماعة جلة، وقد روي عن مالك أنه قيل له من أين قلت في محمد بن اسحاق أنه كذاب، فقال سمعت هشام بن عروة يقول ذلك. وهو على رأي ابن عبد البر من التقليد الذي لا برهان عليه (جامع بيان العلم وفضله، باب حكم قول العلماء بعضهم في بعض).
[6] جاء ان محمد بن الحسن دخل على مالك بن أنس يوماً فسمعه يقول هذه المقالة التي حكاها عنه ابن وهب في أهل العراق، ثم رفع رأسه فنظر مني، فكأنه استحيا وقال: يا ابا عبد الله أكره أن تكون غيبة. وقال سعيد بن منصور كنت عند مالك بن أنس فأقبل قوم من أهل العراق فقال: ((تعرف في وجوه الذين كفروا المنكر يكادون يسطون بالذين يتلون عليهم آياتنا)) (جامع بيان العلم وفضله، باب حكم قول العلماء بعضهم في بعض. وسير اعلام النبلاء، ج8، فقرة 68).
[7] قيل ان مالكاً سئل عن مسألة فأجاب فيها، فقال له السائل أن أهل الشام يخالفونك فيها فيقولون كذا وكذا، فقال: ومتى كان هذا الشأن بالشام؟ إنما هذا الشأن وقف على أهل المدينة والكوفة. وهذا خلاف ما تقدم من قوله في أهل الكوفة واهل العراق، وخلاف المعروف عنه من تفضيله للأوزاعي في الشام، وخلاف قوله في أبي حنيفة الذي تعود اليه المسائل في الكوفة مع اصحابه والثوري. كما قال عبد الله بن غانم لمالك: إنا لم نكن نرى الصفرة ولا الكدرة شيئاً ولا نرى ذلك إلا في الدم العبيط، فقال مالك: وهل الصفرة إلى دم، ثم قال: إن هذا البلد إنما كان العمل فيه بالنبوة وإن غيرهم إنما العلم فيهم بأمر الملوك. وقول مالك هذا خلاف ما تقدم عنه. وقد كان أهل العراق يضيفون إلى أهل المدينة إن العمل عندهم بأمر الأمراء مثل هشام بن اسماعيل المخزومي وغيره. وجاء ان ابا سعيد الرازي كان يماري أهل الكوفة ويفضل أهل المدينة، فهجاه رجل من أهل الكوفة ولقبه شرشير، وقال كلب في جهنم اسمه شرشير، وقال: عندي مسائل لا شرشير يحسنها إن سئل عنها، ولا أصحاب شرشير، وليس يعرف هذا الدين إلا حنيفة كوفية الدور، لا تسألن مدينياً فتحرجه إلا عن اليم والمثناة والزير. فكتب أبو سعيد إلى أهل المدينة: قد هجيتم بكذا فأجيبوا، فأجابه رجل من المدينة فقال:
لقد عجبت لغاو ساقه قدر وكل أمر إذا ما حم مقدور
قال المدينة أرض لا يكون بها إلا الغناء إلا اليم والزير
لقد كذبت لعمر الله إن بها قبر الرسول وخير الناس مقبور
(جامع بيان العلم وفضله، الباب السابق).
[8] جاء عن سلمة بن سليمان انه قال لابن المبارك: وضعت من رأي أبي حنيفة ولم تضع من رأي مالك، فأجاب ابن المبارك: لم أره عالماً (جامع بيان العلم وفضله، الباب السابق).
[9] طبقات الحنابلة، ج2، مادة (الفضل بن زياد القطان البغدادي). وجامع بيان العلم وفضله، الباب السابق.
[10] ابن أبي شيبة: سؤالات ابن أبي شيبة لعلي بن جعفر المديني، مكتبة يعسوب الدين الالكترونية، ص93، وجامع بيان العلم وفضله، الباب السابق.
[11] من ذلك ما يرويه الزبيريون من أن مالك بن أنس كان يذكر عثماناً وعلياً وطلحة والزبير فيقول: والله ما اقتتلوا إلا على الثريد الأعفر (المبرد: الكامل في اللغة والادب، شبكة المشكاة الالكترونية، ج2، فقرة: كتاب معاوية إلى مروان بن الحكم، لم تذكر ارقام صفحاته).
[12] جامع بيان العلم وفضله، الباب السابق. قال الواقدي: كان مالك يأتي المسجد ويشهد الصلوات والجمعة والجنائز ويعود المرضى ويقضي الحقوق ويجلس في المسجد فيجتمع إليه أصحابه، ثم ترك الجلوس في المسجد فكان يصلي وينصرف الى مجلسه، وترك حضور الجنائز فكان يأتي أصحابها فيعزيهم، ثم ترك ذلك كله فلم يكن يشهد الصلوات في المسجد ولا الجمعة ولا يأتي أحداً يعزيه ولا يقضي له حقاً، واحتمل الناس له ذلك حتى مات عليه، وكان ربما قيل له في ذلك فيقول: ليس كل الناس يقدر أن يتكلم بعذره (الديباج المذهب، ج1، باب شهادة أهل العلم والصلاح له بالإمامة في العلم، وسير اعلام النبلاء، ج8، فقرة 64).
[13] فقد جاء عن مغيرة انه قال: قدم علينا حماد بن أبي سليمان من مكة فأتيناه لنسلم عليه فقال لنا: والله يا أهل الكوفة لقيت عطاء وطاوساً ومجاهداً فلصبيانكم اعلم منهم، بل صبيان صبيانكم. وعلق مغيرة على هذا القول بقوله: هذا بغي منه. وقال أبو عمر بن عبد البر: صدق مغيرة. وقد كان أبو حنيفة وهو أقعد الناس بحماد يفضل عطاء عليه. وعلق أبو عمر فقال: فهذا حماد بن أبي سليمان وهو فقيه الكوفة بعد النخعي القائم بفتواها وهو معلم أبي حنيفة يقول في عطاء وطاوس ومجاهد، وهم عند الجميع أرضى منه وأعلم، وانه لم ينسب واحد منهم إلى الارجاء وقد نسب إليه حماد وعيب به وعنه أخذه أبو حنيفة (جامع بيان العلم وفضله، الباب السابق).
[14] جاء انه قيل لابن شهاب: تركت المدينة ولزمت شغباً وإداماً وتركت العلماء بالمدينة يتامى؟ فقال أفسدها علينا العبدان: ربيعة وأبو الزناد. وفي خبر اخر عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن انه قال للزهري: لو جلست للناس في مسجد رسول الله في بقية عمرك؟ فقال رجل للزهري: اما أنه ما يشتهي أن يراك، فقال الزهري اما أنه لا ينبغي أن أفعل ذلك حتى أكون زاهداً في الدنيا راغباً في الآخرة (جامع بيان العلم وفضله، الباب السابق). كما ان لأبي الزناد في ربيعة كلاماً يفيد الذم. وكذا ذم الزهري اهل مكة واتهمهم بنقض عرى الاسلام ولم يستثن منهم احداً رغم ان فيهم من اجلة العلماء كما اشار الى ذلك ابن عبد البر الذي رجح ان قول الزهري جاء لما روي عنهم في الصرف ومتعة النساء فقد جاء عن الزهري انه قال: ما رأيت قوماً انقض لعرى الإسلام من أهل مكة، ولا رأيت قوماً أشبه بالنصارى من السبئية. ويقصد بالسبئية (الرافضة) كما اشار الى ذلك أحمد بن يونس. وممن قال في متعة النساء والصرف ابن عباس، ومعنى الصرف هو القول بجواز الدرهم بالدرهمين (جامع بيان العلم وفضله، الباب السابق).
[15] فقد جاء عن الفضل بن موسى انه قال: دخلت مع أبي حنيفة على الأعمش نعوده، فقال أبو حنيفة: يا أبا محمد لولا التثقيل عليك لزدت في عيادتك اكثر، فقال له الأعمش: والله إنك عليّ لثقيل وأنت في بيتك، فكيف إذا دخلت عليّ، قال الفضل: فلما خرجنا من عنده قال أبو حنيفة: ان الأعمش لم يصم رمضان قط ولم يغتسل من جنابة، وفسر ذلك بان الاعمش كان يرى الماء من الماء ويتسحر على حديث حذيفة (جامع بيان العلم وفضله، الباب السابق).
[16] تاريخ بغداد، ج13، ص398، وعلى هذه الشاكلة قال الاوزاعي عند وفاة ابي حنيفة: الحمد لله إن كان لينقض الإسلام عروة عروة (المصدر السابق، ص399)
[17] تاريخ بغداد، ج1، ص318
[18] تاريخ بغداد، ج4، ص430
[19] تاريخ بغداد، ج13، ص399
[20] المصدر السابق، ص399
[21] كما جاء عن مالك انه سأل البعض: أيذكر أبو حنيفة ببلدكم؟ فقيل له نعم، قال ما ينبغي لبلدكم أن تسكن. كما نقل الشافعي بان مالكاً سئل مرة: هل تعرف ابا حنيفة؟ قال نعم؛ ما ظنكم برجل لو قال هذه السارية من ذهب لقام دونها حتى يجعلها من ذهب وهي من خشب أو حجارة. وقد فسر كلامه هذا بان معناه أنه كان يثبت على الخطأ ويحتج دونه ولا يرجع الى الصواب إذا بان له. ونقل عن مالك ايضاً انه قال بان ابا حنيفة كاد الدين ومن كاد الدين فليس له دين. وقال: الداء العضال الهلاك في الدين وأبو حنيفة من الداء العضال (تاريخ بغداد، ج13، ص400ـ401).
[22] تاريخ بغداد، ج13، ص383.
[23] فقد جاء عن الأعمش انه قال: ذُكر ابراهيم النخعي عند الشعبي فقال: ذاك الأعور الذي يستفتيني بالليل ويجلس يفتي الناس بالنهار، قال فذكرت ذلك لابراهيم، فقال ذاك الكذاب لم يسمع من مسروق شيئاً قط (جامع بيان العلم وفضله، الباب السابق).
[24] فقد جاء عن سعيد بن حميد أنه قال في العمرة أنها واجبة، فقيل له ان الشعبي يقول انها ليست بواجبة، فقال كذب الشعبي (جامع بيان العلم وفضله، الباب السابق).
[25] وجاء انه سأل رجل سعيد بن المسيب عن رجل نذر نذراً فيه معصية، فأمره سعيد أن يوفي بنذره، فسأل الرجل عكرمة فأمره أن يكفر عن يمينه ولا يوفي بنذره، فرجع الرجل إلى سعيد فأخبره بقول عكرمة، فقال: لينتهين عكرمة أو ليوجعن الأمراء ظهره، فرجع الرجل إلى عكرمة فأخبره، فقال عكرمة: أما إذ بلغتني فبلغه: أما هو فقد ضربت الأمراء ظهره واوقفوه في تبان من شعر، وسله عن نذرك أطاعة هو لله أم معصية؛ فإن قال هو طاعة فقد كذب على الله لأنه لا تكون معصية الله طاعة، وإن قال هو معصية فقد أمرك بمعصية الله (جامع بيان العلم وفضله، الباب السابق).
[26] مقدمة فتح الباري، فقرة عكرمة ابو عبد الله.
[27] مقدمة فتح الباري، فقرة عكرمة ابو عبد الله.
[28] فقد جاء أن منصور بن عمار قص يوماً على الناس وأبو العتاهية حاضر، فقال إنما سرق منصور هذا الكلام من رجل كوفي، فبلغ قوله منصوراً فقال ان أبا العتاهية زنديق؛ أما ترونه لا يذكر في شعره الجنة ولا النار وإنما يذكر الموت فقط، فبلغ ذلك أبا العتاهية فقال فيه:
يا واعظ الناس قد أصبحت متهماً إذ عبت منهم أموراً أنت تأتيها
اصبحت تنصحهم بالوعظ مجتهداً فالموبقات لعمري انت جانيها
تعيب دنيا وناساً راغبين لها وانت لأكثر منهم رغبة فيها
كالملبس الثوب من عرى وعورته للناس بادية ما أن يواريها
وأعظم الإثم بعد الشرك نعلمه في كل نفس عماها عن مساويها
عرفتها بعيوب الناس تبصرها منهم ولا تبصر العيب الذي فيها
لا تنه عن خلق وتأتي مثله عار عليك اذا فعلت عظيم
فلم تمض إلا أيام يسيرة حتى مات منصور بن عمار، فوقف أبو العتاهية على قبره وقال: يغفر الله لك أبا السرى ما كنت رميتني به. قال أبو عمر بن عبد البر: قد تدبرت شعر أبي العتاهية عند جمعي له فوجدت فيه ذكر البعث والمجازاة والحساب والثواب والعقاب (جامع بيان العلم وفضله، الباب السابق).
[29] فقد جاء عن يحيى بن أبي كثير انه قال: لا يزال أهل البصرة بشر ما أبقي الله فيهم قتادة. قال وسمعت قتادة يقول: متى كان العم في السماكين، وهو يعرض بيحيى بن أبي كثير اذ كان أهل بيته سماكين (جامع بيان العلم وفضله، الباب السابق).
[30] فقد جاء عن عبيد الله عن أبيه يحيى بن يحيى انه قال: كنت آتي ابن القاسم فيقول لي من أين؟ فأقول من عند ابن وهب، فيقول: الله الله اتقي الله فإن أكثر هذه الأحاديث ليس عليها العمل، ثم آتي ابن وهب فيقول لي: من أين؟ فأقول: من عند ابن القاسم، فيقول: اتق الله فإن أكثر هذه المسائل رأي (جامع بيان العلم وفضله، الباب السابق).
[31] جامع بيان العلم وفضله، الباب السابق. ويعد احمد بن صالح المصري (المتوفى سنة 248هـ) من الثقاة الذين قيل فيهم انه لا يعلق بهم جرح، وهو من الذين أخرج لهم البخاري في صحيحه. وكان أبو نعيم يقول عنه: ما قدم علينا فتى أعلم بحديث الحجاز من هذا الفتى (التعديل والتجريح لمن خرج عنه البخاري في الجامع الصحيح، ج1، ص303).
[32] وعلق الحافظ أبو يعلى الخليلي على ذلك بقوله: اتفق الحفاظ على أن كلامه فيه تحامل ولا يقدح كلام أمثاله فيه. لكن عقّب على ذلك ابن الصلاح بقوله: النسائي إمام حجة في الجرح والتعديل (مقدمة ابن الصلاح، باب معرفة الثقات والضعفاء من رواة الحديث). وكان أبو جعفر العقيلي يقول: إن أحمد بن صالح من أئمة المسلمين الحفاظ المتقنين لا يؤثر فيه تجريح، وإن هذا القول ليحط من أبي عبد الرحمن النسائي أكثر مما حط من أحمد بن صالح، وكذلك التحامل يعود على أربابه (التعديل والتجريح لمن خرج عنه البخاري في الجامع الصحيح، ج1، ص304).
[33] شروط الائمة الخمسة، ص49ـ50، يُذكر ان الكرابيسي كان يقول: من لم يقل لفظه بالقرآن مخلوق فهو كافر، فقال ابن حنبل: بل هو كافر، وقد عدّه هذا الاخير من اتباع جهم في قوله بخلق القرآن واعتبره كافراً، وقال عنه: لا يُجالس ولا يُكلم، ولا تكتب كتبه، ولا تجالس من يجالسه (بحر الدم، ص192).
[34] جامع بيان العلم وفضله، الباب السابق.
[35] وفيات الاعيان، ج5، فقرة 178
[36] الكفاية في علم الرواية، باب ذكر الروايات عمن قال أن القراءة على المحدث بمنزلة السماع منه. وجامع بيان العلم وفضله، باب في العرض على العالم.
[37] قواعد التحديث، ص187
[38] ابن حجر العسقلاني: تهذيب التهذيب، الطبعة الاولى، 1404 هـ ـ1984، عن مكتبة يعسوب الدين الالكترونية، ج4 ص197
[39] جامع بيان العلم، باب ذم العالم على مداخلة السلطان الظالم. جاء انه قيل لمالك إنك تدخل على السلطان وهم يظلمون ويجورون، فقال يرحمك الله فأين الكلام بالحق (جامع بيان العلم، باب ذم العالم على مداخلة السلطان الظالم. وتقدمة المعرفة، باب ما ذكر من كلام مالك بن أنس عند السلطان بالحق، وسير اعلام النبلاء، ج8، فقرة 111). كما جاء ان مالكاً قال: والله ما دخلت على ملك من هؤلاء الملوك حتى أصل إليه إلا نزع الله هيبته من صدري (سير اعلام النبلاء، ج8، فقرة 66). لكن جاء على خلاف ذلك ما روي عن احمد بن حنبل انه سئل: من أعلم مالك أو ابن أبي ذئب، فقال: ابن أبي ذئب في هذا أكبر من مالك، وابن أبي ذئب أصلح في بدنه وأورع ورعاً وأقوم بالحق من مالك عند السلطان، وقد دخل ابن أبي ذئب على أبي جعفر (المنصور) فلم يمهله أن قال له الحق، اذ خاطبه: الظلم فاش ببابك، وأبو جعفر أبو جعفر، وقال حماد بن خالد: كان يشبه ابن أبي ذئب بسعيد بن المسيب، وما كان ابن أبي ذئب ومالك في موضع عند السلطان إلا تكلم ابن أبي ذئب بالحق والأمر والنهي ومالك ساكت (طبقات الحنابلة، ج2، مادة: الفضل بن زياد القطان البغدادي).
[40] ابن الجوزي: تلبيس ابليس، مكتبة سحاب السلفية (لم تذكر ارقام صفحاته ولا فقراته).
[41] مقدمة فتح الباري، فقرة عكرمة ابو عبد الله.
[42] مقدمة ابن الصلاح، باب معرفة صفة من تقبل روايته ومن ترد روايته. وقد عُرف ان العلماء مختلفون في عدالة الراوي إن كان ممن يتعاطى المباحات المسقطة للمروءة، كالجلوس على قارعة الطرق للنزهة، والاكل فيها، وصحبة أراذل العامة. وكذا بخصوص ما يعرف بأصحاب الحِرف الدنيئة كالدبّاغ والجزّار وما اليهما (البحر المحيط، فقرة 1056ـ1057).
[43] مقدمة ابن الصلاح، باب معرفة صفة من تقبل روايته ومن ترد روايته.
[44] قواعد التحديث، ص189، قال الحافظ الذهبي: قد كتبت في مصنفي (الميزان) عدداً كثيراً من الثقات الذين احتج البخاري أو مسلم أو غيرهم بهم لكون الرجل منهم قد دوّن اسمه في مصنفات الجرح وما أوردتهم لضعف فيهم عندي، بل ليعرف ذلك، وما زال يمر بي الرجل الثبت وفيه مقال من لا يعبأ به، ولو فتحنا هذا الباب على نفوسنا لدخل فيه عدة من الصحابة والتابعين والأئمة، فبعض الصحابة كفر بعضهم بتأويل ما، والله يرضى عن الكل ويغفر لهم، فما هم بمعصومين وما اختلافهم ومحاربتهم بالتي تلينهم عندنا أصلاً، وبتكفير الخوارج لهم انحطت رواياتهم، بل صار كلام الخوارج والشيعة فيهم جرحاً في الطاعنين، فانظر إلى حكمة ربك نسأل الله السلامة، وهكذا كثير من كلام الأقران بعضهم في بعض ينبغي أن يطوى ولا يروى، ويطرح ولا يجعل طعناً، ويعامل الرجل بالعدل والقسط (قواعد التحديث، ص188).
[45] مقدمة ابن الصلاح، باب معرفة صفة من تقبل روايته ومن ترد روايته.
[46] علماً ان البعض يعتذر عن ذلك بتبرير ان أسباب التعديل كثيرة يشق ذكرها، بخلاف الجرح فإنه يحصل بأمر واحد (البحر المحيط، فقرة 1067).
[47] البحر المحيط، فقرة 1067
[48] تعليق الكوثري على: شروط الائمة الخمسة، ص46
[49] التعديل والتجريح لمن خرج عنه البخاري في الجامع الصحيح، ج1، ص260
[50] جاء عن محمد بن الفضل العباسي انه قال: كنا عند عبد الرحمن بن أبي حاتم، وقيل إنه كان يعد من الأبدال، وهو إذ يقرأ علينا كتاب الجرح والتعديل، فدخل عليه يوسف بن الحسين الرازي، وهو صوفي، فقال له يا أبا محمد: ما هذا الذي تقرؤه على الناس؟ قال: كتاب صنفته في الجرح والتعديل، قال: وما الجرح والتعديل؟ قال: أظهر أحوال أهل العلم من كان منهم ثقة أو غير ثقة، فقال له يوسف بن الحسين: استحييت لك يا أبا محمد كم من هؤلاء القوم حطوا رواحلهم في الجنة منذ مائة سنة ومائتي سنة وأنت تذكرهم وتغتابهم على أديم الأرض، فبكى عبد الرحمن وقال: يا أبا يعقوب لو سمعت هذه الكلمة قبل تصنيفي هذا الكتاب لما صنفته (الكفاية في علم الرواية، باب وجوب تعريف المزكى ما عنده من حال المسئول عنه. ومقدمة ابن الصلاح، باب معرفة الثقات والضعفاء من رواة الحديث).
[51] ذُكر ان محمد بن بندار سأل ابن حنبل: إني ليشتد عليّ أن أقول: فلان ضعيف، فلان كذاب، فقال ابن حنبل: إذا سكتَّ أنت، وسكتُّ أنا، فمتى يعرف الجاهل الصحيح من السقيم (بحر الدم، ص8)؟.
[52] التعديل والتجريح لمن خرج عنه البخاري في الجامع الصحيح، ج1، ص255.