يحيى محمد
لا يختلف منطق حق الملكية، كما يتمثل في الأشاعرة، عن منطق الحق الذاتي في أن له اعتبارات عقلية تنافس ما عليه سلطة التشريع لدى الخطاب الديني. لكن هذه الإعتبارات حددت مجال العقل خارج دائرة التكليف والواجبات الملقاة على عاتق المكلَّف. وقد يُستشف من هذه الازدواجية وجود نوع من التناقض وعدم الاتساق. فمن جهة أن هذا المنطق وضع ثقته بالخطاب في كل ما يتعلق بالتكليف، وهو اعتراف ضمني ببيانية الخطاب وقطعيته، وهذا ما رام اليه الأشعري في تأسيس مذهبه الجديد، معتبراً طريقته على شاكلة السلف، الى الحد الذي تعبّد فيه بجميع ما نطق به الخطاب الديني من اسماء توقيفية ومن صفات لا يستسيغ ظاهرها العقل.. أما من جهة ثانية فهي أن هذا المنطق قد تعامل مع القضايا الأخرى للخطاب الديني معاملة قائمة على الظن والتشابه. وبذلك أصبح التعامل مزدوجاً. فتارة يضع المنطق المذكور ثقته في العقل دون الخطاب، واخرى يجعلها في الأخير دون الاول. مما يعني الوقوع في شرك التذبذب والتناقض.
وبتعبير اخر، إذا كان هذا المنطق يعترف بأن الخطاب الديني هو مصدر التشريع، وان العقل العملي لا يملك هذه الصلاحية، فكيف اجاز للعقل النظري ممارسة دوره في التشريع دون إذن من ذلك الخطاب؟ بل كيف جعل منه حاكماً على هذا الاخير؟ فهذا التناقض هو على خلاف الاتساق الذي حظي به منطق الحق الذاتي في علاقته مع الخطاب.
ويمكن القول أن التطورات التي حصلت داخل المذهب الأشعري جعلته يضيق ببيان الخطاب الديني مع تقدم الزمن باضطراد، حيث أخذ الدليل العقلي يحل محل الدليل اللفظي. ولم يكن هذا الحال جارياً داخل المذهب الاعتزالي، إذ ظل موقفه ثابتاً إزاء ترجيح الدلالة العقلية على اللفظية عند التعارض. وأما ما جرى على المذهب الأشعري فهو أنه نشأ لغرض الدفاع عن منطق الخطاب الديني قبال التشريع العقلي، لكن تطورات المذهب افضت الى قلب المعادلة رأساً على عقب، إذ أصبح الهدف هو الدفاع عن منطق العقل قبال الخطاب الديني. وبذلك وقف المذهب الأشعري على ذات الخشبة التي وقف عليها عدوه التقليدي المعتزلي، واصبح كلا الاتجاهين يدافعان عن العقل قبال النص، مع فارق التناقض الذي اصاب الأول خلافاً لما عليه غريمه الآخر. كذلك مع لحاظ جانب الاختلاف في المعاملة التي كان يبديها المذهب الأشعري للنصوص المتعلقة بالمجال المعياري مقارنة مع تلك التي تتعلق بالمجال الوجودي. فهناك ثبات في الرؤية التي عبر عنها المذهب اتجاه المجال الأول (المعياري)، حيث ظل الموقف العام معبراً عن ممارسة نمط من التأويل لكل ما لا يتسق مع البداهة الأولية لحق الملكية. وذلك على خلاف ما حصل من تباين في الرؤية ازاء التعامل مع المجال الثاني (الوجودي)، إذ نجد اختلافاً واضحاً في الرؤية والتطور. وكل ذلك كان له مضاعفاته على الازمة التي لاحت المذهب وأصله المولد.
أما بخصوص ممارسات هذا الإتجاه التأويلية فسنستعرض جملة منها ضمن المجالين المعياري والوجودي، وذلك كما يلي:
اولاً
لنبدأ بذكر شواهد من الممارسات التأويلية ضمن المجال المعياري، كتلك التي قام بها الباقلاني، كما في تأويله لقوله تعالى: ((لا يكلف الله نفساً الا وسعها)) (البقرة/286)، ومثله قوله: ((لا يكلف الله نفساً الا ما اتاها)) (الطلاق/7)، اذ ذكر بان المراد من ذلك هو ان الله تعالى لم يكلف احداً بنفقة الزوجة الا بما تمكن من المال الذي في حوزته دون ما لا يتملك، واعتبر ان الايتين لا تريدان اثبات الاستطاعة قبل الفعل (62). وهو تأويل جاء ليتسق مع البداهة الاولية لحق الملكية في نفي تلك الاستطاعة. كذلك قام بتأويل قوله تعالى: ((فوكزه موسى فقضى عليه، قال هذا من عمل الشيطان)) (القصص/15)، حيث نفى ان يكون ذلك العمل من فعل الشيطان كما هو نص الاية، واعتبره من فعل الله وعمله، لكنه مع هذا استدرك فاعتبر ان الواجب الذي يلزم على العبد الذي يقع في الذنب؛ هو ان ينسب ذلك الى نفسه ووسوسة الشيطان، ولا يجوز ان ينسبه الى فعل الله، حتى لا يكون احتجاجاً عليه تعالى (63). ويعود مصدر هذا التأويل الى ما تمسك به اصحاب هذا المنطق من رد جميع الافعال والاعمال الى الله دون سواه، حيث انه الفاعل الوحيد في الوجود.
لكن هذه الطريقة تجعل ما ينسبه الله الينا من افعال واعمال يوحي بالوهم والخداع، الامر الذي يفضي الى التناقض. فهي من جانب تتسق مع البداهة الاولية لحق الملكية، لكنها من جانب اخر تصطدم مع مقولة هذا المنطق حول ضرورة صدق الكلام الالهي الذي يتوقف عليه اثبات المسألة الدينية كما عرفنا.
كما اعتبر الباقلاني ان معنى قوله تعالى: ((والله لا يحب الفساد)) (البقرة/205)، هو ان الله تعالى لا يحب كون الفساد ديناً وصلاحاً، او لا يحبه من اهل الصلاح؛ وإن أحب ان يكون قبيحاً من اهل الفساد. وكذا الحال مع تأويله لآية: ((ولا يرضى لعباده الكفر)) (الزمر/7)، حيث اعتبر معنى الاية هو ان الله لا يرضى بالكفر ديناً وشريعة لعباده، او هو لا يرضاه للمؤمنين من عباده دون الكافرين (64) ، وقد كرر الجويني المعنى الاخير في (لمع الادلة) (65).
وتستمد هذه التأويلات تبريرها من سلطة الاصل المولد لحق الملكية، حيث يفعل الله ما يريد ويشاء، ولا حسن ولا قبح الا ما حسّنه الله وقبّحه. فالكفر والفساد مذمومان؛ لا لأن حقيقتهما الذاتية هي كذلك كما يقول اصحاب منطق الحق الذاتي، بل لان الله ذمهما ولم يجعلهما ديناً وشريعة، ولو ان الله جعلهما كذلك لكانا ممدوحين مقبولين كدين يدين الله بهما عباده.
وعلى هذه الشاكلة تم تأويل الايات الخاصة بالغرض والحكمة الالهيين، كما اعتبرت اللامات المتعلقة بذلك لامات عاقبة لا لامات تعليل، مثلما جاء في قوله تعالى: ((وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون)) (الذاريات /56).
ثانياً
أما الممارسات التأويلية في المجال الوجودي فالملاحظ انها شهدت نوعاً من الاختلاف والتطور لدى اصحاب هذا المنطق. صحيح انهم اتفقوا في المجال الطبيعي على ممارسة التأويل فيما يخص القضايا التي لا تتسق مع الاصل المولد الذي اعتمدوه، ومن ذلك انهم قاموا بتأويل الايات التي وردت فيها الباءات التي تربط بين الاسباب ومسبباتها، معتبرين ذلك دالاً على المصاحبة لا السببية، تعويلاً على مقولتهم لا فاعل في الوجود الا الله، وهي المقولة التي عرفنا انها تتسق مع بداهة حق الملكية.. لكن الحال في المجال الوجودي الذي لا علاقة له بالبداهة الاولية فأمره مختلف.
فرغم اتفاق اتباع هذا المنطق على ضرورة ممارسة التأويل لكل ما يخالف احكام العقل القبلية، لكننا نجد خطين متمايزين لهم، يتمثل احدهما بالمتقدمين الذين تأثروا بالاتجاه السلفي، كما هو الحال مع الشيخين الاشعري والباقلاني. ويعود الاخر الى المتأخرين الذين تاثروا بالتيارات العقلية، كما يظهر عند الجويني وابن فورك والرازي وغيرهم. وقد اختلف الفريقان حول الكثير من القضايا التي لها علاقة بفهم الخطاب، وابرزها تلك المتعلقة بالاوصاف والاسماء الالهية، كما هي مذكورة في القرآن والحديث، من قبيل ان لله عينين ووجهاً ويدين واصابع واستواءاً على العرش وما الى ذلك. فبينما اجرى الفريق الاول تلك الاوصاف على حالها مانعاً بذلك التأويل، اضطر الفريق الثاني الى تأويلها تماشياً مع نزعته العقلية. وهذا الاختلاف بينهما ليس اختلافاً حول اثبات التجسيم ونفيه، فالفريق الاول صريح في منعه (66)، بل ان اطلاق هذا اللفظ على الله لا يجد له مساغاً لدى عموم اصحاب هذا المنطق، فهم يمنعون اطلاق الاسماء عليه وعلى صفاته ما لم يرد في ذلك نص من الكتاب او السنة (67) ، فالاسماء عندهم توقيفية لا تطلق الا بإذن شرعي، وكما يقول امام الحرمين الجويني: ان اطلاق الالفاظ في الذات والصفات موقوف على اطلاق النص الشرعي (68). لذا ادرك المتقدمون ان فهم تلك الاوصاف لا يكون صحيحاً ما لم يتم اجراء الوصف على حاله من غير جسمية. فقد اعتقد الاشعري بان اليد هي صفة لله تعالى غير القدرة، كما ان الوجه صفة له غير الوجود، واعتبر الاستواء صفة اخرى غير الاستيلاء، وهكذا مع البقية (69). كما صرح الباقلاني بأن الوجه والعينين واليدين هي من صفات الله الذاتية، لكنها ليست من الجوارح ولا تعطي مدلولاً جسمياً (70). فمثلاً بالنسبة للاية: ((ما منعك ان تسجد لما خلقت بيديّ)) (ص/75) منع الباقلاني ومن قبله الاشعري تأويل اليدين بمعنى القدرة او النعمة، واستدل على ذلك بانه لو كان المعنى هو القدرة لكان لله تعالى قدرتان، ولو كان بمعنى النعمة لكانت له نعمتان في خلقه لادم، مع ان نعم الله على ادم وغيره لا تحصى. كما انه لا يجوز ان يقول القائل مثلاً: «رفعت الشي بيدي» او «وضعته بيدي» او «توليته بيدي» وهو يعني بذلك نعمته (71).
ولا شك ان هذا الفهم لا يتسق والمرونة التي عرفت بها لغة العرب في استخدام المجاز والتشبيه لتقريب المعنى. وليست اليد وإن ثنيت بعيدة في استخدامها عن معنى القدرة او النعمة. ويؤيد ذلك ما جاء في بعض الايات التي استشهد بها الباقلاني للدلالة على رأيه، وهي قوله تعالى: ((وقالت اليهود يد الله مغلولة.. بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء)) (المائدة/64)، فواضح ان معنى الغل والبسط في اليد او اليدين هو ما يتعلق برزق الله وانعامه، وانه لا يوجد معنى اخر يدل على اليدين غير تلك الدلالة المستنبطة من سياق النص. وكذا يقال عن معنى الوجه في قوله تعالى: ((ويبقى وجه ربك ذو الجلال والاكرام)) (الرحمن/27)، حيث ليس له من معنى راجح سوى الذات الالهية.
مع هذا فهناك مشكلة تخص مسألة الاستواء كما في قوله تعالى: ((ثم استوى على العرش)) (يونس/3)، اذ منع الباقلاني ان يكون معنى الاستواء هو الاستيلاء الذي يعني القدرة والقهر، ورأى ان الله تعالى لم يزل قادراً قاهراً عزيزاً مقتدراً، وفي قوله ((ثم استوى...)) دلالة على استفتاح هذا الوصف بعد ان لم يكن. ومع ذلك فان الباقلاني يرى ان الله على عرشه لا بالمعنى الجسمي من الملاصقة والمجاورة (72) ، حيث الكيف مجهول، كالذي اشتهر عن الامام مالك حين سُئل عنه فقال: «الاستواء معقول، والكيف غير معقول، والايمان به واجب، والسؤال عنه بدعة» (73). والحاصل في جواب الباقلاني هو ان يكون الاستواء معقولاً والكيف غير معقول، وهو موقف احترازي يبعد الجانب الالهي عن اشكال المكان والجسمية، وإن كان لا يعطي اي فكرة اخرى يستعاض بها عن ذلك المحذور.
وسبق للاشعري ان أكد على تلك الصفة من الاستواء وانه ذو جهة فوق السماوات السبع، فذكر: «إن قال قائل: ما تقولون في الاستواء؟ قيل له نقول: ان الله عز وجل مستو على عرشه كما قال: ((الرحمن على العرش استوى)) (طه/5) و((اليه يصعد الكلم الطيب)) (فاطر/10) وقال: ((بل رفعه الله اليه)) (النساء/158) وقال: ((يدبر الامر من السماء الى الارض ثم يعرج اليه)) (السجدة/5) وقال حكاية عن فرعون: ((يا هامان ابنِ لي صرحاً لعلّي ابلغ الاسباب، اسباب السماوات فاطلع الى اله موسى، واني لأظنه كاذباً)) (غافر/63)، حيث كذّب موسى في قوله ان الله عز وجل فوق السماوات، وقال عز وجل: ((أأمنتم من في السماء ان يخسف بكم الارض)) (الملك/16)، فالسماوات فوقها العرش، فلما كان العرش فوق السماوات قال: ((أأمنتم من في السماء)) لانه مستو على العرش الذي فوق السماوات، وكل علو فهو سماء، فالعرش اعلى السماوات وليس اذا قال ((أأمنتم من في السماء)) يعني جميع السماوات، وانما اراد العرش الذي هو اعلى السماوات» (74). كما ذكر بعض الاحاديث الدالة على كون الله على العرش وانه ينزل الى السماء الدنيا، وروى عن ابي هريرة من ان النبي قال: «اذا بقي ثلث الليل ينزل الله تبارك وتعالى فيقول: من ذا الذي يدعوني فاستجيب له، من ذا الذي يستكشف الضر فاكشفه عنه، من ذا الذي يسترزقني فارزقه؟ حتى ينفجر الفجر» (75). وهناك ايات اخرى وظفها الاشعري حول المكان الالهي وجهته فوق العرش، ومن ذلك قوله تعالى: ((يخافون ربهم من فوقهم)) (النحل/50)، ((تعرج الملائكة والروح اليه)) (المعارج/4)، ((ثم استوى الى السماء وهي دخان)) (فصلت/11)، ((ثم استوى على العرش الرحمن فاسأل به خبيراً)) (الفرقان/ 59)، ((اني متوفيك ورافعك الي)) (ال عمران/ 55)... الخ (76).
مع ان هناك ايات اخرى ينص بعضها على ان الله محيط بكل شيء، وانه اقرب الاشياء الينا، وانه في الارض مثلما في السماء، وانه ظاهر الاشياء وباطنها. وبالتالي فان التعويل على ظواهر تلك النصوص يعني تأويلاً للاوصاف الاخيرة، والعكس صحيح ايضاً.
وفي القبال مارس الاشاعرة المتقدمين التأويل بحق الايات التي تتحدث عن بعض الصفات الالهية، ومن ذلك صفة الكلام وصفة الحب والرضا والبغض والغضب والولاية والعداوة وما اليها. فقد حدد الباقلاني صفة غضب الله ورضاه بمعنى ارادته الذاتية في العقاب والثواب. والتبرير الذي لجأ اليه هو ان من المحال وصف الله تعالى بالغضب الذي يعني نفور الطبع وتغيره، وكذا بالرضا الذي يعني سكون الطبع بعد تغيره. لهذا اعتبر ان الغضب والرضا وكذا الحب والبغض والولاية والعداوة؛ كلها بمعنى واحد هو ارادة النفع والاضرار لا غير (77).
ومع ان عقولنا تستبعد حقاً ان يكون معنى الغضب والرضا هو بمثل ما عندنا من صفة وغريزة، الا ان هذا لا يبرر تفسير معناهما على نحو الارادة فحسب، بل هما من امور الغيب التي يستحيل معرفة معناهما على نحو التشخيص والتفصيل (78).
أما صفة الكلام فقد علمنا ان هذا المنطق يوليها وظيفة جوهرية لتأسيس الخطاب الديني من الخارج، لذلك تم تأويل النصوص التي تخصها اتساقاً مع الاصل المولد. ومن ذلك ما قام به الاشعري واتباعه في تأويل الاية: ((ما يأتيهم من ذِكر من ربهم محدث الا استمعوه وهم يلعبون)) (الانبياء/ 2)، حيث فسرها بان «الذكر الذي عناه الله عز وجل ليس القرآن، بل هو كلام الرسول (ص) ووعظه اياهم، وقد قال الله تعالى لنبيه: ((وذكّر فان الذكرى تنفع المؤمنين)) (الذاريات/ 59)، وقال:((قد انزل الله اليكم ذِكراً، رسولاً يتلوا عليكم آيات الله مبينات..)) (الطلاق/ 10ـ11)، فسمى الرسول ذِكراً والرسول محدث، وايضاً فان الله عز وجل قال: ((ما يأتيهم من ذِكر من ربهم محدث الا استمعوه وهم يلعبون)) يخبر انهم لا يأتيهم ذِكر محدث الا استمعوه وهم يلعبون، ولم يقل: لا يأتيهم ذِكر الا كان محدثاً، واذا لم يقل هذا لم يوجب ان يكون القرآن محدثاً» (79).
مع ان الذِكر في الاية منسوب الى الله صراحة وليس الى الرسول، وقد وصفه بأنه محدث صراحة.
كذلك قام الاشعري بتأويل الاية: ((إنّما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون)) (النحل/40)، فظاهرها يؤيد فكرة حدوث القول الالهي، وهو ما لم يتقبله الاشعري، ورأى فيه استحالة عقلية لاعتقاده بقدم كلام الله وكونه احد صفاته الذاتية. بل انه استدل عقلاً من الاية ذاتها على استحالة حدوث كلام الله، وذكر بانه لو كان القرآن - وهو كلام الله - مخلوقاً لكان الله تعالى قائلاً له (كن)، وهذا الاخير لما كان مخلوقاً ايضاً باعتباره قولاً فهو يحتاج الى قول (كن) اخر، وهكذا الى ما لا نهاية له من الاقوال وهو مستحيل (80).
ومع ان سياق الاية السابقة ليس بصدد المعنى اللفظي واللساني للقول والكلام بقدر ما له من المعنى الكوني (81) ، الا انه حتى مع التسليم بكون الاية تنص على المعنى اللساني للقول، وهو انه ما من شيء يخلقه الله الا ويقول له باللسان الحرفي (كن)، فان ذلك لا يدل على قدم الكلام، والا كانت الاية متناقضة والاشياء قديمة غير حادثة. فالاية صريحة على حدوث القول؛ فكيف يستدل من خلالها على نقيض ذلك؟ ذلك ان خلق الاشياء مناط بالقول، فلو كان القول قديماً لا حادثاً لكان خلق الشيء قديماً مثله، وكذا فان ارادة الشيء في الاية لو كانت ارادة قديمة لكان الشيء المراد قديماً مثلها، وهو ما لا يقره اغلب أتباع النظام المعياري ومنهم اصحاب هذا المنطق.
بل ان التسلسل الذي تحدث عنه الاشعري في اثبات قدم الكلام الالهي لا يستقيم الا عندما نعمم لفظة (شيء) في الاية على القول والكلام ذاته، لكن اذا عرفنا ان الاية قد ذكرت هذه اللفظة بتمايز عن لفظة القول؛ علمنا انه لا يصح تعميم الاولى على الثانية.
وبعبارة اخرى، يدل النص على ان الشيء لا يُخلق ما لم يكن ذلك مسبوقاً بقول (كن) - فضلاً عن الارادة - مما يعني ان من غير الممكن ان يكون القول خاضعاً لمسمى الشيء، والا حصل التناقض، حيث يكون المعنى هو ان الشيء لا يُخلق الا عندما يكون مسبوقاً بالشيء، وهو تناقض. لذا فبحسب تمييز الاية هو ان القول غير الشيء، وانه اذا اعتبرنا القول حادثاً، واعتبرنا الشيء حادثاً مثله، فالملاحظ ان بينهما تمايزاً، وهو ان خلق الشيء يتوقف على عاملين بحسب الاية، هما قول الله وارادته، في حين ان القول لا يعتمد الا على عامل واحد هو ارادة الله. ويمكن تصوير هذه العملية بان خلق الشيء يتوقف على حدوث قول الله مباشرة، وان هذا القول يتوقف بدوره على الارادة.
كذلك هناك اختلاف بين الشيء والقول في الاية، فالقول منسوب الى الله، حاله في هذا حال الارادة، في حين ان الشيء اجنبي غير منسوب اليه، وربما لهذا الاختلاف جاءت بعض الروايات عن الامام الصادق تشير الى ان كلام الله محدث لا مخلوق، مثل الرواية القائلة: «ان القرآن كلام الله محدث غير مخلوق وغير أزلي مع الله تعالى.. كان الله عزّ وجل ولا شيء غير الله معروف ولا مجهول، كان عزّ وجل ولا متكلم ولا مريد ولا متحرك ولا فاعل.. فجميع هذه الصفات محدثة عند حدوث الفعل منه..» (82).
***
أما المتأخرون من اصحاب هذا المنطق فقد ذهبوا الى ممارسة عملية التأويل بطريقة موسعة، ومن ذلك تأويلهم للنصوص المتعلقة بالصفات الالهية والتي منع تأويلها المتقدمون. وسبق للغزالي ان وصف الاشاعرة بقوله: «ذهبت طائفة الى الاقتصاد، وفتحوا باب التأويل في كل ما يتعلق بصفات الله سبحانه، وتركوا ما بالاخرة على ظاهرها، ومنعوا التأويل فيه، وهم الاشعرية» (83). ويبدو انه قصد بالاشعرية - هنا - المتأخرين منهم دون المتقدمين الذين ابقوا النصوص الخاصة بالصفات على حالها دون تأويل كما عرفنا. أما المتأخرون من امثال الجويني وابن فورك (المتوفى سنة 460هـ) فقد ذهبوا الى تأويل تلك النصوص.
فمثلاً جوّز الجويني في (الارشاد) تأويل اية الاستواء على العرش بمعنى القهر والغلبة، واعتبر ذلك سائغاً في اللغة. كما لم يستبعد معنى كون الاله قصد الى امر العرش، مثلما هو تأويل سفيان الثوري (84). وقال بهذا الصدد: «فانا نعلم ان الاستواء اذا لم يكن تمكناً بالذات وتخصصاً ببعض الجهات فلا بد ان يرجع اما الى معنى القهر، واما الى معنى علو العظمة، واما الى فعل من افعال الله عز وجل، ولا مزيد على هذه الاقسام» (85). كما انه نفى الجهات عن الله وقال: «ومن ينتمي الى الحق من الائمة ومخلصي الامة يعترف بتقدس الرب عن الجهات والمقابلات» (86) ، بل وعقد فصلاً في كتابه (الشامل في اصول الدين) هاجم فيه الذين عولوا على ظواهر الايات والاحاديث الخاصة بصفات الله، وسمى هذا الفصل: (في ذكر تأويل جمل من ظواهر الكتاب والسنة).
وعموماً ذهب الاشاعرة المتأخرون الى الاعتراف بضرورة تأويل كل ما يشعر بالجهة والتجسيم لاستحالتها على الله (87)، ومن ذلك ما صرح به الغزالي من ان الاشاعرة تنفي الجهة والجسمية (88) ، وهو موقف يختلف عما كان عليه الاشعري والباقلاني القائلان بالجهة وسائر الصفات الاخرى. كما ذهب صاحب (مرهم العلل المعضلة) الى عدم القطع بتعيين التأويل في احاديث الصفات، حيث نفى كل ما يدل على الجسمية والتغير والنقص، لكنه لم يقطع بالمراد (89) .
وعلى ما ذكره ابن فورك من ان تأويل قوله تعالى: ((وهو الله في السماوات وفي الارض)) (الأنعام/3) بأن معناه لدى اصحابه من الاشاعرة هو «ان الله جل ذكره يعلم سركم وجهركم الواقعين في محل السماوات والارض.. ولا يصح الوقوف على معنى قوله تعالى: ((وهو الله في السماوات وفي الارض)) دون ان يوصل بقوله تعالى: ((يعلم سركم وجهركم)) » (90). كما ذكر في تفسير قوله تعالى: ((وجاء ربك والملك صفاً صفاً)) (الفجر/22) بان من الاشاعرة من قال ان معناه هو جاء ربك بالملك صفاً، وزعم ان الواو ههنا بمعنى الباء، ومنهم من قال انه بمعنى جاء امر ربك (91). كما ذكر في تفسير قوله تعالى: ((هل ينظرون الا ان يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة)) (البقرة/210)، هو ان معناه بحسب ما قاله بعض اهل التفسير: هل ينظرون الا ان يأتيهم الله بالعذاب في ظلل من الغمام، وهو امر سائغ في اللغة حيث يعبر عن الشيء بفعله اذا وقع عن امره وتدبيره.. وقال بعضهم ان قوله: ((في ظلل من الغمام)) يراد به بظلل من الغمام وان (في) جاءت بمعنى الباء. وقد روي ذلك في التفسير عن ابن عباس.. وروى ابن ابي نجيح عن مجاهد في تفسير تلك الاية انه قال بانها السحاب التي يأتي بها الله يوم القيامة.. وروى ابو صالح عن ابن عباس ايضاً انه قال يأتيهم بوعده ووعيده وان الله يكشف لهم عن امور كانت مستورة عنهم، ومثل ذلك روي عن الحسن (92).
كما قال ابن فورك بصدد تأويل الايات الخاصة بتحديد المكان: «فأما قرب المكان فلا يليق بوصف الله تعالى، وعلى ذلك يتأول جميع ما في القرآن، مثل قوله تعالى: ((ونحن اقرب اليه من حبل الوريد)) (ق/16) وقوله: ((نحن اقرب اليه منكم)) (الواقعة/85) وقوله: ((فكان قاب قوسين او ادنى)) (النجم/8ـ9) وقوله: ((واسجد واقترب)) (العلق/19).. فجميع ذلك لا يخلو من ان يكون قرباً بالطاعة من العبد او قرباً بالكرامة واظهار الرحمة من الله» (93).
كذلك قام ابن فورك بتأويل الكثير من الاحاديث التي يبدو انها تدل في الظاهر على التشبيه والتجسيم، اذ وضع العديد من التأويلات الممكنة المحتملة على طريقة المتأخرين؛ مخالفاً في ذلك ما اشتهر لدى السلف، ومن هذه الاحاديث نذكر ما يلي:
خلق الله ادم على صورته، وخلق ادم في قبضة قبضها الله، والحجر الاسود يمين الله، وان الله استلقى ووضع احدى رجليه على الاخرى، وقال الله لداود مر بين يدي، وضحك الرب لقنوط عباده، وان الله خلق الملائكة من شعر ذراعيه، وان هناك من سئلت اين الله فأشارت الى السماء فاعتبرها النبي مؤمنة، وان لله صفة العجب (قد عجب ربكم..)، وكذا صفة الغيرة (ان الله أغير من سعد)، وهناك حديث النزول، وحديث الرؤية حيث «ترون ربكم يوم القيامة كما ترون القمر ليلة البدر لا تضارون في رؤيته»، وان الله يطوي المظالم فيجعلها تحت قدمه، وان الله يجعل ذلك في كفه، وان قلوب بني ادم بين اصبعين من اصابع الرحمن، وان لله ساعداً اشد من ساعدك، وان الله يستحي..، وانه دخلت على ربي فاذا هو شاب جعد..، وانه يكشف عن ساق، واني رأيت ربي جعداً قططاً، وانه في صورة شاب امرد، وان الله في السماء، وان له وجهاً، وله عينان، وله يد وكف وقبضة ويمين وساق وقدم ورجل يمنى ورجل اخرى..
الهوامش
(1) الباقلاني: تصحيح الأب رتشرد يوسف اليسوعي، المكتبة الشرقية، بيروت، 1957م، ص22ـ23، والهمداني: شرح الاصول الخمسة، تعليق الامام احمد بن الحسين بن أبي هاشم، حققه وقدم له عبد الكريم عثمان، مكتبة وهبة، مصر، الطبعة الثالثة، 1416هـ ـ1996م، ص94، والمفيد: النكت الاعتقادية، طبعة طهران، ص5ـ6 .
(2) يلاحظ بهذا الصدد ان العلم الحديث يخالف كلا النظريتين الفلسفية والكلامية حول انقسام الجزء، كالذي بيناه في بعض الدراسات (انظر: نقد العقل العربي في الميزان، مؤسسة الانتشار العربي، بيروت، الطبعة الاولى، 1996م، الفصل الخامس)..
(3) ابن رشد: مناهج الأدلة في عقائد الملة، تحقيق وتقديم محمود قاسم، مكتبة الانجلو المصرية، الطبعة الثانية، ص140 .
(4) الاشعري: اللمع، مطبعة مصر، 1955م، ص20ـ21، والتمهيد، ص25 .
(5) لاحظ هذه الشبهة في: صدر المتألهين الشيرازي: الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة، مع تعليقات ملا هادي السبزواري ومحمد حسين الطباطبائي، دار احياء التراث العربي، بيروت، الطبعة الثانية، 1981م، ج6، ص58ـ60، وج1، ص132 .
(6) انظر كتابنا: الفلسفة والعرفان والاشكاليات الدينية، دار الهادي، ص51 .
(7) انظر حول ذلك كتابنا: الاستقراء والمنطق الذاتي، مؤسسة الانتشار العربي، ص212ـ214.
(8) لاحظ كتابنا: القطيعة بين المثقف والفقيه، مؤسسة الانتشار العربي، بيروت، الطبعة الاولى، 2005م، ص20ـ21..
(9) شرح الاصول الخمسة، ص226 و355.
(10) الكاظمي: فوائد الاصول، من افادات الميرزا محمد حسين النائيني، تعليقات ضياء الدين العراقي، مؤسسة النشر الاسلامي، قم، ج3، ص59 .
(11) الهمداني: المجموع المحيط بالتكليف في العقائد، تحقيق عمر السيد عزمي، مراجعة احمد فؤاد الاهواني، المؤسسة المصرية للتأليف والانباء والنشر، ج1، ص22 .
(12) الزركشي: البحر المحيط، شبكة المشكاة الالكترونية، فقرة 81.
(13) الطوسي: مهيد الاصول في علم الكلام، انتشارات دانشگاه طهران، 1362هـ.ش، ص313، كما لاحظ على هذه الشاكلة: النكت الاعتقادية، ص26 .
(14) الحلي: كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد، مؤسسة الاعلمي، بيروت، الطبعة الاولى، 1979م، ص375 .
(15) عبد الكريم عثمان: نظرية التكليف، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1391هـ ـ1971م، ص94ـ95، وشرح الاصول الخمسة، ص564.
(16) نظرية التكليف ص95ـ96.
(17) السيوري الحلي: ارشاد الطالبين الى نهج المسترشدين، منشورات مكتبة المرعشي النجفي، قم، 1405هـ، ص297ـ298 .
(18) الغزالي: الاقتصاد في الاعتقاد، ضبطه وقدم له موفق فوزي الجبر، دار الحكمة، دمشق، الطبعة الاولى، 1415هـ ـ1994م، ص184 .
(19) اللمع للاشعري، ص90 و118، والتمهيد، ص343، والفخر الرازي: محصل أفكار المتقدمين والمتأخرين، والطوسي: تلخيص المحصل، ص267 .
(20) اليافعي: مرهم العلل المعضلة، ص291ـ292.
(21) مرهم العلل المعضلة، ص154 .
(22) الجويني: الارشاد، نشر مكتبة الخانجي، مصر، ص356 ، وكأنه بهذا عبّر عن وجدانه في حقيقة كون هذه القضايا معيارية غير محتمة.
(23) الاقتصاد في الاعتقاد للطوسي، ص162.
(24) المجموع المحيط بالتكليف، ج1، ص419.
(25) الفخر الرازي: اصول الدين، ص25، والمحصل، ص71، كذلك كتابنا: مدخل الى فهم الاسلام، ص340 .
(26) الهمداني: متشابه القرآن، تحقيق عدنان محمد زرزور، ص35 و38 .
(27) الهمداني: المغني في أبواب التوحيد والعدل، تحقيق أبي العلا عفيفي، مراجعة ابراهيم مدكور، اشراف طه حسين، الدار المصرية للتأليف والترجمة، ج15، ص27 .
(28) السيوطي: صون المنطق والكلام عن فن المنطق والكلام، تعليق علي سامي النشار، دار الكتب العلمية، بيروت، ص174ـ175 .
(29) الزمخشري: أطواق الذهب في المواعظ والخطب، المقالة السابعة والثلاثون، مكتبة الوراق الالكترونية، عن موقع: http://islamport.com .
(30) رسائل الشريف المرتضى، اعداد مهدي رجائي، تقديم واشراف احمد الحسيني، نشر دار القرآن الكريم، قم، 1405هـ، ج2، ص228ـ229.
(31) رسائل الشريف المرتضى، ج2، ص224ـ225 .
(32) يضاف الى وجود نوع اخر للهداية لا يتعلق بالتكليف، انما يراد به الغريزة والفطرة التي تسهل للحيوان تحقيق اغراضه ومعاشه، كالذي يشير اليه قوله تعالى: ((الذي خلق فسوى والذي قدر فهدى)) (الأعلى/2ـ3).
(33) الهمداني: تنزيه القرآن عن المطاعن، دار النهضة الحديثة، بيروت، ص137 .
(34) المصدر السابق، ص146 .
(35) المصدر السابق، ص271 .
(36) المصدر السابق، ص103 .
(37) المصدر السابق، ص19ـ20 .
(38) المصدر السابق، ص14 .
(39) المصدر السابق، ص15 .
(40) المصدر السابق، ص16 .
(41) متشابه القرآن، ج1، ص57 .
(42) تنزيه القرآن، ص301 .
(43) تنزيه القرآن، ص144 .
(44) المصدر السابق، ص183 .
(45) المصدر السابق، ص83
(46) المصدر السابق، ص379، وص112 .
(47) الشريف الرضي: حقائق التأويل في متشابه التنزيل، شرحه محمد الرضا آل كاشف الغطاء، دار المهاجر، عن مكتبة يعسوب الدين الإلكترونية، ج5، ص23ـ25 .
(48) حقائق التأويل في متشابه التنزيل، ص26ـ29.
(49) جار الله محمود بن عمر الزمخشري: الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل، مكتب الإعلام الاسلامي في الحوزة العلمية، قم، الطبعة الاولى، 1414هـ، ج1، ص634.
(50) الكشاف، ج1، ص48 وما بعدها. .
(51) يلاحظ بهذا الصدد مقالنا: القضاء والتطبع، مجلة الغدير، لبنان، عدد (5)، 1981م، ص28ـ33 . (52) ابن القيم: شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل، ص88 .
(53) النكت الاعتقادية، ص15.
(54) الطوسي: التبيان في تفسير القرآن، مقدمة وتحقيق آغا بزرك الطهراني، دار إحياء التراث العربي، بيروت، ج2، ص144.
(55) الطبرسي: مجمع البيان في تفسير القرآن، مؤسسة الاعلمي، بيروت، الطبعة الاولى، 1415هـ ـ1995م، ص198 و200.
(56) الكشاف، ج1، ص301.
(57) الكشاف، ج3، ص564.
(58) الكشاف، ج4، ص509.
(59) الكشاف، ج4، ص189 .
(60) الكشاف، ج2، ص176.
(61) شرح الاصول الخمسة، ص599ـ600.
(62) التمهيد، ص251ـ252 .
(63) التمهيد، ص284 .
(64) التمهيد، ص284
(65) لمع الأدلة، ص99ـ100 .
(66) لاحظ: اللمع للاشعري، ص23، والتمهيد، ص264 .
(67) اللمع، ص24
(68) الجويني: الشامل في اصول الدين، تحقيق علي سامي النشار وفيصل بدير عون وسهير محمد مختار، ص350، وشرح المواقف، ج3، ص168 .
(69) تلخيص المحصل، ص313 .
(70) التمهيد، ص259ـ260 و262 .
(71) التمهيد، ص258ـ259، والابانة عن اصول الديانة، ص79ـ82.
(72) التمهيد، ص262 و264
(73) الشامل، ص551، والغزالي: قواعد العقائد في التوحيد، ضمن رسائل الامام الغزالي (2)، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الاولى، 1414هـ ـ1994م، ص59، والذهبي: سير أعلام النبلاء، تحقيق شعيب الأرناؤوط ومحمد نعيم العرقسوسي، مؤسسة الرسالة، الطبعة التاسعة، 1413هـ، شبكة المشكاة الالكترونية، ج8، فقرة 100ـ101 .
(74) الاشعري: الابانة عن اصول الديانة، دار الكتاب العربي، بيروت، الطبعة الاولى، 1405هـ ـ 1985م، ص69ـ70.
(75) الابانة، ص72.
(76) الابانة، ص73ـ74.
(77) التمهيد، ص27ـ28 و262 .
(78) جاء عن الامام علي قوله بهذا الصدد: «يحب ويرضى من غير رقة، ويبغض ويغضب من غير مشقة» نهج البلاغة، ضبط نصّه وإبتكر فهارسه صبحي الصالح، منشورات دار الهجرة، قم، الطبعة الخامسة، 1412هـ، ص274.
(79) الابانة، ص65ـ66.
(80) اللمع، ص33ـ34، والابانة، ص42 و52 .
(81) ورد بهذا الصدد عن الامام علي ما هو قريب عن التفكير الاعتزالي، حيث قال في معنى الاية: «يقول لمن اراد كونه: ((كن فيكون))، لا بصوت يقرع ولا ابتداء يسمع، وانما كلامه سبحانه فعل منه انشأه ومثّله، لم يكن من قبل ذلك كائناً، ولو كان قديماً لكان الهاً ثانياً» (نهج البلاغة ص274). وكان الزمخشري يقول في هذه الاية: «هذا مجاز من الكلام وتمثيل ولا قول ثم» (الكشاف، ج1، ص181).
(82) الصدوق: التوحيد، منشورات جماعة المدرسين في الحوزة العلمية في قم، ص227، وإن كان في حديث اخر بيّنت الرواية ان علة عدم وصف كلام الله او القرآن بالمخلوق؛ هو لأنه يعني المكذوب (المصدر، ص225). لكن القاضي الهمداني أكد على صحة لفظ المخلوق، وردّ على الفرض الذي اعتبر هذا اللفظ بمعنى الكذب والمكذوب، إذ صوّر الخلق بمعنى التقدير، والمخلوق هو الفعل المقدر بالغرض والداعي المطابق له على وجه لا يزيد عليه ولا ينقص عنه (شرح الاصول الخمسة، ص546).
(83) الغزالي: قواعد العقائد، ص59، واحياء علوم الدين.
(84) مرهم العلل المعضلة، ص245.
(85) الشامل في اصول الدين، ص551.
(86)الشامل، ص551
(87) مرهم العلل المعضلة، ص234
(88) الغزالي: روضة الطالبين، ضمن رسائل فرائد اللآلي، نشر فرج الله ذكي الكردي، مصر، 1343هـ ـ1924م، ص175
(89) مرهم العلل المعضلة، ص252.
(90) ابن فورك: مشكل الحديث وبيانه، دائرة المعارف العثمانية، حيدر آباد الدكن، الطبعة الاولى، 1367هـ، ج1، ص50.
(91) مشكل الحديث وبيانه، ج1، ص63.
(92) مشكل الحديث، ج1، ص63ـ64.
(93) مشكل الحديث، ج1، ص70.