يقول الأستاذ يحيى محمّد في جملة من كتاباته ان الشهيد الصدر قد عدل عن اطروحته في الاسس المنطقية للاستقراء (لاحظ: الاستقراء والمنطق الذاتي، يحيى محمّد: 46 ـ 48؛ الوجه الآخر من الفكر المنطقي للشهيد الصدر، يحيى محمّد: مجلة الفكر الإسلامي، العددان 24 ـ 25، السنة السابعة، 1421 هـ؛ المهمل والمجهول في فكر الشهيد الصدر، يحيى محمّد، مجلة قضايا إسلامية معاصرة، العددان 11 ـ 12، 1421 هـ، 2000 م).
وسار على منواله السيّد رضا الغرابي في كتابه (في رحاب الفكر الاستقرائي للشهيد الصدر ج3 ص 721) مفترضًا وجود (مرحلة ما بعد الأسس المنطقيّة للاستقراء)
ما الداعي إلى هذا الاعتقاد؟
فقرة كتبها الشهيد الصدر في كرّاسة (بحث حول المهدي عليه السلام) يقول فيها: ‹‹وأمّا على ضوء الأسس المنطقيّة للاستقراء فنحن نتّفق مع وجهة النظر العلميّة الحديثة في أنّ الاستقراء لا يبرهن على علاقة الضرورة بين الظاهرتين، ولكنّا نرى أنّه يدلّ على وجود تفسير مشترك لاطّراد التقارن او التعاقب بين الظاهرتين باستمرار، وهذا التفسير المشترك كما يمكن صياغته على أساس افتراض الضرورة الذاتيّة، كذلك يمكن صياغته على أساس افتراض حكمة دعت منظِّم الكون إلى ربط ظواهر معيّنة بظواهر أخرى باستمرار، وهذه الحكمة نفسها تدعو أحياناً إلى الاستثناء، فتحدث المعجزة›› (بحث حول المهدي عليه السلام، محمّد باقر الصدر: 28).
باعتبار أنّني أريد إغلاق هذه السلسلة فلن أدخل في تحليل المقولة من الناحية العلميّة؛ لأنّ الدخول في ذلك يقع في رتبة ثانية.
يألف طلبة العلوم الدينيّة مصطلحي (عالم الثبوت) و(عالم الإثبات)، وهما يعنيان على التوالي: (عالم الإمكان) و(عالم الوقوع وعالم الأدلّة).. ويلجأون في كثيرٍ من الاحيان إلى تحليل المسألة محلّ البحث، فيبحثون في إمكانها في عالم الثبوت، فإن كانت مستحيلة فإنّ النوبة لا تصل إلى عالم الإثبات. أمّا إذا كانت ممكنة ثبوتًا، فساعتئذٍ ننتقل إلى عالم الإثبات حيث نلاحق الأدلّة، وربما نخلص إلى عدم الوقوع؛ لأنّه لا ضرورة في وقوع كلّ ما يمكن وقوعه..
هذا كان لتقريب الفكرة فحسب، ولا نقصد أنّ ما نحن فيه بحاجة إلى أن نبحثه بحثًا عقليًّا..
لقد أغفل الأستاذ يحيى محمّد والسيّد رضا الغرابي ـ عن غير عمد طبعًا ـ الكثير من المحطّات التاريخيّة المرتبطة بوجهة نظر الشهيد الصدر في موضوع الاستقراء.. كما غفلا عن محاضراته التي ألقاها في علم الأصول على مدى ما يقرب من عشرين عامًا:
1 ـ هل التفتا إلى أنّ الشهيد الصدر في محاضراته الأصوليّة ـ قبل الأسس المنطقيّة وبعدها ـ كان يطرح نظريّتين من الممكن أن نفسّر عالم الوجود على أساس أيّ منهما، هما نظريّة (الوجوب والضرورة) التي قام على أساسها كتاب (الأسس المنطقيّة)، ونظريّة السلطنة التي تتماشى مع ما طرحه في النصّ الملتبس في كتاب (بحث حول المهدي عليه السلام)؟!
وهاتان النظريّتان تعبّران ـ بتعبير الشهيد السيّد محمّد الصدر ـ عن أطروحتين في المقام..
السيّد الحائري يقول إنّ هذا طرحه السيّد الشهيد بعد كتابة (الأسس)، ولكنّ الحقّ أنّه كان يقول به قبله وبعده، فكأنّه كان يقول بما هو جامعٌ بين مبدأ الأشاعرة وغيرهم..
وإذا رجعنا إلى تقريرات الشهيد الصدر الأصوليّة، فنجد حديثاً عن مبدأ السلطنة في بحث حجيّة لدليل العقلي من الدورة الأصوليّة الأولى سنة 1383هـ (1963م)، ثمّ في بحث الطلب والإرادة من مباحث الأوامر من الدورة الأصوليّة الثانية، والذي يظهر من دفاتر المرحوم السيّد عبد الغني الأردبيلي أنّه بحثه سنة 1392هـ (1972م)، وبحث مسألته الفلسفيّة بتاريخ الأحد 22/شعبان/1392هـ بالتحديد، أي بعد طباعة الأسس المنطقيّة للاستقراء بفترة وجيزة جدّاً، ثمّ في بحث حجيّة الدليل العقلي من الدورة الأصوليّة الثانية سنة 1397هـ (1977م).
لقد أكّد السيّد كاظم الحائري في بعض أبحاثه على أنّ سَير الأمور والأحداث دائماً ـ فلسفيّاً وعقليّاً ـ لا يخلو من أن يكون خاضعاً لأحد مبدأين:
أ ـ مبدأ العلّيّة: وهو الذي يُسيّر الحوادث، أي: أنّ الأحداث تتكرّر وتتغيّر وتتحرّك وتتبدّل وفق عللها، وهذا ما قال به الفلاسفة العقليّون الذين آمنوا بضرورة العلّيّة، وبحجّة أنّ الشيء الممكن نسبته إلى الوجود والعدم على حدٍّ سواء، فلا يمكن أن يرجّح جانب الوجود فيه إلاّ بعلّة؛ إذ لو لم تكن هناك علّة لكان ترجيح جانب الوجود على جانب العدم ترجيحاً بلا مرجّح، وهو مستحيل.
وأشار السيّد الحائري إلى أنّ للشهيد الصدر في هذه المسألة بحثاً مفصَّلاً وطريفاً وممتعاً في كتاب الأسس المنطقيّة للاستقراء، حيث يقول ـ خلافاً للفلاسفة المحدَثين الذين قالوا: إنّ العلّيّة لا تثبت بالتجربة ـ: إنّ إيماننا بمبدأ العلّيّة لا يقوم على أساس المباني الفلسفيّة العقليّة التي تقول باستحالة الترجيح بلا مرجّح، وإنّ الممكن نسبته إلى الوجود وإلى العدم على حدّ سواء، فلا بدّ من علّة كي تترجّح كفّة الوجود على كفّة العدم فحسب، بل نضيف إلى ما قاله الفلاسفة العقليّون أنّ التجربة لوحدها أيضاً كافية لإثبات مبدأ العلّيّة؛ ذاك أنّنا حينما نكرّر إيجاد شيء ونرى نتيجةً ما تقترن مع ذاك الشيء، عندها نستكشف بحساب الاحتمالات من هذا التكرار والتعدّد نقطةً مشتركةً ثابتةً في كلّ هذه الأعداد من التجربة، هي العنصر المشترك بين هذه التجارب العديدة، وليس هذا العنصر المشترك إلاّ العلّيّة؛ إذ لولا أنّ النار علّة للاحتراق لكان هذا التكرار مجرّد تجمّع صدف ومن دون وجود نقطة مشتركة فيما بينها، وهذا مستبعد جدّاً بضرب القيم الاحتماليّة بعضها في بعض.
ب ـ مبدأ القدرة والسلطنة: وهو المبدأ الثاني الذي يمكن افتراض قيام العالم على أساسه. وقد اعتبر السيّد الحائري أنّ هذا المبدأ هو «ما اعتقده أستاذنا الشهيد مبدأً لظهور العالم»؛ فإيجاد الله سبحانه وتعالى للعالم ليس بالعلّيّة؛ فإنّ العلّيّة أمرٌ يَستبطن استحالة الانفكاك بين العلّة والمعلول، وهذا بدوره يستبطن الجبر. أمّا الله تبارك وتعالى، فهو يفعل ما يشاء وفق إرادته ووفق قدرته وسلطنته، والقدرة شيء والعلّيّة شيء آخر، وقد مضت إشارتنا إلى موقف الشهيد الصدر من مبدأ السلطنة.
والمهمّ ما سجّله السيّد الحائري هنا؛ فقد ذكر أنّه يوجد «لأستاذنا الشهيد رأيٌ آخر طرحه على مستوى الافتراض والاحتمال لا الجزم واليقين بعد أن كتب الأسس المنطقيّة للاستقراء يقول فيه: إنّنا نفترض أنّ مبدأ العلّيّة بالمعنى الفلسفي لا وجود له في العالم، وهذا احتمال لا دليل لدينا يمنعنا عن ذلك أو يبطله، فمن المحتمل أنّ كلّ ما نراه يعود إلى مبدأ السلطنة والقدرة وإرادة الله تبارك وتعالى، وحتّى ما نراه من أنّ النار تحرق، فالتفكير الفلسفي الاعتيادي المتعارف وإن كان يقول: إنّ النار علّة للإحراق وإنّ الله تعالى خلق العلّة وهي النار مثلاً، وعلّيّتها ذاتيّة لها، ولكن توجد إلى جانب ذلك فرضيّة أخرى معقولة أيضاً، وهي: أن تكون قد اقتضت الحكمة الربّانيّة أن يخلق الله تعالى دائماً الإحراق متى ما تتحقّق الملاقاة بالنار، وكلا هذين الأمرين محتملان، فالأوّل ـ وهو الرأي الفلسفي المعروف ـ محتمل، والثاني ـ وهو الذي طرحه السيّد الشهيد الصدر وهو أن لا تكون النار علّة للإحراق، وإنّما شاءت إرادة الله تبارك وتعالى أن يخلق الإحراق متى وجدت النار ـ محتمل أيضاً، ولا ينفيه القانون الفلسفي الذي يقول بأنّ الممكن نسبته إلى الوجود والعدم على حدّ سواء ولا يوجد إلاّ بمرجّح، فصحيح أنّ الممكن بحاجة إلى مرجّح، ولكن من قال: إنّ مرجّحه مبدأ العلّيّة؟ فلعلّ مرجّحه مبدأ الإرادة، إرادة الله وقدرته تبارك وتعالى، فالقانون الفلسفي لا يبطل هذا الاحتمال، وكذلك القانون التجريبي الذي أشرنا إليه، فإنّ كثرة التجارب بإشعالنا النار آلاف المرّات ـ مثلاً ـ ورؤيتنا ترتّب الإحراق على ذلك، يدلّنا على وجود عنصر مشترك فيما بين هذه التجارب العديدة، ولكن من قال: إنّ هذا العنصر المشترك هو عبارة عن العلّيّة؟ فلعلّه عبارة عن إرادة الله تبارك وتعالى وقدرته وسلطنته، فهو أراد أن يخلق الاحتراق متى ما صنعنا النار» (الإمامة وقيادة المجتمع، كاظم الحائري 1: 120 ـ 123. وراجع: دروس في علم الأصول، الحلقة الأولى، محمّد باقر الصدر، تحقيق علي أكبر الحائري، مقدّمة السيّد علي أكبر الحائري: 35).
هذا ما نقله السيّد الحائري عن أستاذه الشهيد الصدر، وهو نقلٌ نطمئنُّ إلى أنّه ليس بالواسطة؛ لأنّ ديدن السيّد الحائري في كلّ ما نقله عن أستاذه الشهيد الصدر أنّه إذا لم يسمعه منه مباشرةً فإنّه يُسنده إلى مصدره، وما لم يشر إلى كونه منقولاً بالواسطة فقد تلقّاه مباشرةً عن الشهيد الصدر، وهذا واضحٌ لمن وقف على مذاق السيّد الحائري في مصنّفاته.
وإذا علمنا في المقابل أنّ السيّد الحائري خرج من العراق مبتعداً عن أستاذه بتاريخ 28/جمادى الأولى/1394هـ، فهذا يعني أنّ هذا الرأي كان مطروحاً من قبل الشهيد الصدر قبل هذا التاريخ، وهو سنة 1392هـ بحسب تقريرات الدورة الأصوليّة الثانية المتوفّرة لدينا، وقبل ذلك سنة 1383هـ بحسب تقريرات الدورة الأصوليّة الأولى، لا أنّه طرحه للمرّة الأولى سنة 1397هـ سنة كتابة بحث حول المهدي ع.
وإذا كان الحال كذلك، فهذا يعني أنّ ما طرحه في بحث حول المهدي ع يعبّر عن قناعة مستديمة لدى الشهيد الصدر بهذا المبنى، وليس في بحث حول المهدي ع أيُّ مؤشّر جديد لم يكن قبل الأسس أو بعده، وأقصد من المبنى: لا خصوص مبنى السلطنة، بل مبنى الجامع بين مبدأ السلطنة ومبدأ الضرورة: «وهذا التفسير المشترك كما يمكن صياغته على أساس افتراض الضرورة الذاتيّة، كذلك يمكن صياغته على أساس افتراض حكمة دعت منظِّم الكون إلى ربط ظواهر معيّنة بظواهر أخرى باستمرار، وهذه الحكمة نفسها تدعو أحياناً إلى الاستثناء، فتحدث المعجزة» (بحث حول المهدي عليه السلام، محمّد باقر الصدر: 28)، فلاحظ.. ولا يبقى علينا في نهاية المطاف سوى المقارنة بين عبارة السيّد الحائري المتقدّمة «لأستاذنا الشهيد رأيٌ آخر طرحه على مستوى الافتراض والاحتمال لا الجزم واليقين بعد أن كتب الأسس المنطقيّة للاستقراء يقول فيه: إنّنا نفترض أنّ مبدأ العلّيّة بالمعنى الفلسفي لا وجود له في العالم، وهذا احتمال لا دليل لدينا يمنعنا عن ذلك أو يبطله»، وبين قوله في بحث حول المهدي.
2 ـ هل أخذا بعين الاعتبار طبيعة كتاب (بحث حول المهدي عليه السلام)، وأنّه كتاب كلامي وليس كتابًا فلسفيًّا؛ فحيث إنّ نظريّة السلطنة ممكنة ـ بحسب الشهيد ـ فإنّ ذلك يكفي سندًا لكتابة ما كتبه في (بحث حول المهدي)..
فإذا كانت حجّة الأشاعرة ممكنة بنظر السيّد الشهيد ـ لا متعيّنة ـ فما الخطأ في تفسير المعجزة على أساسها؟!
الذي يعتبر كلاميّاً بامتياز، فلا تمتاز فيه الأبحاث الجدليّة عن غيرها بشكل واضح. وبالتالي فليس من المعلوم أن يكون معبّراً عن موقف معرفي لصاحبه بقدر ما يعبّر عن محاججات هدفها تقريب الخصم إلى الفكرة الكلاميّة المتبنّاة. إذن كان لا بدّ أن يُلاحظ بدايةً الفارق المنهجي الأساس القائم بين طبيعة كلٍّ من هذين الكتابين، فنن نلاحظ أنّ كتاب الأسس وإن كان على صعيد الهدف الأخير كتاباً كلاميّاً، إلاّ أنّه ـ على صعيد المنهج وآليّات البحث ـ كتابٌ منطقيٌّ بامتياز لم يتأثّر منهجيّاً بأيّ نمط بحثي كلامي، بخلاف بحث حول المهدي
3 ـ هناك إشكال تاريخي صعب تواجهه هذه الفرضيّة، وهو يفتّتها ولا يبقي لها قائمة إلاّ إذا فسّرناها وفق النقطة السابقة تحت رقم (2)؛ فإنّ كون (بحث حول المهدي ع) قد صنّف سنة 1977 في مقابل (الأسس) الذي طبع سنة 1972م لا يكفي للبناء على ما تقدّم؛ لأنّنا نواجه علامات استفهام من ناحية أخرى، وهي أنّ هذا التحوّل لو كان حاصلاً فعلاً لنبّه إليه الشهيد الصدر عند إحالته في أبحاثه الأصوليّة إلى (الأسس المنطقيّة للاستقراء)، خاصّة عند إحالته في بحث التواتر إلى مصادرة (تطابق المستقبل مع الحاضر) المرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالبحث محلّ الشاهد، بل عندما ذكر في البحث خلاصة ما انتهى إليه في كتاب (الأسس المنطقيّة للاستقراء).
فمتى ألقى الشهيد الصدر محاضراته حول التواتر؟
لقد كان ذلك سنة 1977 جزمًا؟ أي سنة كتابة (بحث حول المهدي ع)، لكن أيّهما متقدّم على الآخر؟
قبل الوصول إلى بحث التواتر ب(200) صفحة أحال السيّد الشهيد إلى مقدّمة الطبعة الثانية من الفتاوى الواضحة، أي إلى بحث موجز في أصول الدين الذي فرغ منه في محرّم الحرام من سنة 1397هـ، بينما فرغ من بحث حول المهدي ع في 17 جمادى الثانية 1397هـ، فيكون بحث التواتر متاخماً ـ من ناحية زمنيّة ـ لـ(بحث حول المهدي ع) (يتقدّم عليه بقليل أو يتأخّر عنه بقليل)، فلو كان الشهيد الصدر قد عدل فعلاً عمّا جاء في الأسس، لانعكس ذلك على تقرير هذه المصادرة في البحث الأصولي.
إلّا إذا استساغ القوم عدوله بين ليلة وضحاها!!
4 ـ ثمّ هل يعقل أن يكون الشهيد الصدر قد عدل عن أطروحة الأسس سنة 1977م هذا العدول الجذري ، ثمّ:
أ ـ لا ينعكس شيءٌ من ذلك في (موجز في أصول الدين) الذي كتبه مطلع العام نفسه وقبل (البحث) بفترة وجيزة جدًّا، بل جاء وفقًا لأطروحة (الأسس)؟!
ب ـ عندما يصل في بحثه الأصولي إلى الدليل العقلي وبناء القضيّة المتواترة ويريد تلخيص ما انتهى إليه في (الأسس المنطقيّة للاستقراء) يذكر ذلك وفق (الأسس) دون أن يشير بكلمة واحدة إلى أنّه عدل عن ذلك؟ أو أنّ لديه إشكالًا في مكان ما، مع أنّه كان يلقي هذا البحث في نفس الوقت الذي كان يكتب فيه (بحث حول المهدي ع) كما رأينا؟!
ج ـ لا يسمع طالبٌ من طلابه هذا الكلام؟ وقد سألت سيّدي الأستاذ السيّد محمود الهاشمي ن هذه الفرضيّة وإن كان قد سمع من الشهيد شيئًا حول الموضوع فأجاب بابتسامته، ونفى لي ذلك..
ب ـ لا ينعكس ذلك على مستوى رسائله؟! بل العكس تماماً؛ حيث يذكر في بعض رسائله المتأخرة زمانًا عن (بحث حول المهدي ع): «كما صدر لنا (بحث حول المهدي عليه السلام) على وزان (بحث حول الولاية) وصدر (بحث حول الولاية) بصورة شبه مضاعفة كما طبعت الكلمة الموجزة في أصول الدين (المرسل والرسول والرسالة) بصورة مستقلّة وكذلك (نظرة عامّة في العبادات) وأرجو أن أتوفّق إذا ساعد حالي وأعانت صحّتي إلى كتابة كتاب دراسي في أصول الدين تمتزج فيه المقدّمة المعهودة للطبعة الثانية من الفتاوى الواضحة بقدر كبير من أبحاث فلسفتنا بجزء معتدٍّ به من نظريّتنا في الأسس المنطقيّة للاستقراء لكي يكون كتاباً دراسيّاً حديثاً في أصول الدين إن شاء الله تعالى» (السيرة والمسيرة 3: 393).
لاحظوا جيّدًأ: يقول بعد (بحث حول المهدي ع): «نظريّتنا في الأسس المنطقية للاستقراء»، فهل يعقل أن يكون قد عدل عن ذلك ثمّ يعبّر بهذا التعبير؟!
د ـ على أبواب انتصار الثورة الإسلاميّة في إيران يكون مشغولًا بتصنيف موسوعته الفلسفيّة المقارنة على ضوء ما انتهى إليه في (الأسس المنطقيّة للاستقراء)، ويكون بصدد إلقاء نواتها على جملة من طلابه، ثمّ لا يسمع أحدٌ منهم شيئًا عن هذا العدول المفترض؟!
أرجو أن يكون ذلك كافيًا لاستبعاد وقوع ذلك فعلًا، وبالتالي تجنيبنا الدخول في أبحاث بنحو (القضيّة الشرطيّة)..
المصدر: صفحة الاستاذ أحمد أبو زيد العاملي في الفيسبوك ضمن سلسلة محمّد باقر الصدر (126)
https://www.facebook.com/profile.php?id=100004742556829