-
ع
+

    جديد فلسفة العلم والفهم: الانبثاق الكوني والنظريات الضمنية (1)

    رغم عمق التطورات التي حدثت للفيزياء المعاصرة الا انها بحسب التحليل ما زالت تواجه مشكلتين ميتافيزيائيتين مستعصيتين عن الحل، وقد كثرت حولهما التكهنات، ويمكن تلخيصهما بمشكلتي الانبثاق الكوني والنظام. فالسؤال الذي يطرح بهذا الصدد: من أين أتى الكون بطاقته الرهيبة؟ كذلك كيف تشكّل النظام الدقيق وسط حرائق هذه الطاقة الضخمة وانفجاراتها النووية؟ وبعبارة اخرى، كيف تولد النظام من فوضى عارمة كما تصورها النظريات الفيزيائية؟ فما زال الفيزيائيون يسلمون بان العشوائية هي الاصل السابق على النظام لا العكس.

    هاتان هما المشكلتان الاساسيتان اللتان تواجهما الميتافيزيا المعاصرة، فهما مختلفتان من حيث التحديد، وعلاج احداهما ووضع الافتراضات التي تخصها يغاير علاج الثانية وافتراضاتها، اذ ترتبط الأولى منهما بالسببية الانطولوجية، فيما تتعلق الثانية بمنطق الاحتمالات. ولو انه تم تفسير المشكلة الاولى، لكانت هناك حاجة اخرى لتفسير الثانية. وحتى عندما نفترض تفسيراً مشتركاً لعلاج المشكلتين السابقتين مثل الاعتماد على وجود سبب خارجي يتصف بالذكاء والتصميم، فهو وان كان يكفي لعلاج كلا المشكلتين ميتافيزيقياً، الا انه لا يكفي لتوضيح ما حدث من تفاصيل فيزيائية، فما هي الافتراضات والقوانين الفيزيائية التي خضعت لهما آلية الانبثاق والنظام؟

    ومبدئياً تميل الميتافيزيا المعاصرة الى التفسير الضمني للحالتين الانفتي الذكر. فقد تعاملت مع المشكلة الأولى طبقاً لاعتبارات السببية الضمنية للتخلص من الأصل الميتافيزيقي الخارجي وبرج السلاحف. كما تعاملت مع المشكلة الثانية استناداً الى المنطق الاحتمالي وفقاً لبعض الاطروحات الرائجة والمفترضة حالياً. وفي كلا الحالين لا مجال لتجاوز مبدأ السببية العامة ولا منطق الاحتمالات.

    هكذا فمن وجهة النظر السائدة اليوم لدينا سببية ضمنية، مثلما لدينا نظام ضمني ضروري. وان ازمة الفيزياء المعاصرة قد تعاظمت بفعل هذه الافتراضات الضمنية، ما جعلها تتراوح في محلها لعدم وجود آلية مشتركة واضحة لعلاج اي من المشكلتين الانفتي الذكر، انما هناك نظريات واقتراحات تزداد مع الوقت.

    للمزيد اضغط هنا http://www.philosophyofsci.com/index.php?id=126

    comments powered by Disqus