-
ع
+

نظريات الإحتمال لدى الغربيين (1): النظريات الذاتية

يحيى محمد 

ظهرت في الغرب نظريات عديدة لتفسير الإحتمال يتداخل بعضها ويتسمى بالبعض الآخر، ويمكن أن نجد ثلاثة اتجاهات تحتضن العديد من المذاهب، ويتصف أحد هذه الإتجاهات بالنزعة الذاتية التي لها علاقة بالذات البشرية وجهلها، وفي قباله الإتجاه الموضوعي الذي يتحدث عن الإحتمال بإعتباره نسبة معرفية موضوعية بعيدة عن ذلك الجهل، ثم أخيرا هناك اتجاه جامع بين الاتجاهين السابقين، أي انه يعترف بوجود نوعين من الإحتمال، أحدهما له علاقة بالجهل الذاتي، والآخر له صفة موضوعية. وعليه لا بد أن نوضح هذه الإتجاهات الثلاثة بتعرجاتها ومذاهبها المتعددة، وسنبدأ بالإتجاه التقليدي كما يلي..

المفهوم التقليدي ومبدأ تساوي الإحتمال

اولى النظريات التي ظهرت حول تحديد طبيعة الإحتمال هي تلك التي تعود إلى لابلاس (1749ـ1827)، وترجع جذورها إلى جملة من المفكرين الرياضيين من امثال باسكال وفرما، لكن لابلاس هو أول من صاغها صياغة منظمة في بحث له بعنوان (رسالة فلسفية في الإحتمالات) سنة 1812، فسميت النظرية باسمه، كما أطلق عليها النظرية التقليدية.

يرى لابلاس ان الإحتمال هو تعبير عن الجهل، إذ فيه جهتان؛ إحداهما تعكس الجهل، والأخرى تعبر عن المعرفة المجملة. فإذا كنا نحتمل ان حادثة ما سوف تقع بقيمة إحتمالية تساوي ربعاً، فهذا يعني اننا لا نعلم وقوع الحادثة على وجه اليقين. وبالتالي فما لدينا من علم هو تعبير عن علم ناقص نطلق عليه ‹‹الإحتمال››، إذ منشأ علمنا وتشخيصنا للدرجة الإحتمالية الآنفة الذكر نابع من أنه إذا كانت هناك أربعة عوامل فإن ثلاثة منها تكون مانعة للوقوع وواحدة فقط هي الملائمة له. وفي حالة وجود عدة صور مختلفة نتيقن بأن إحداها لا بد أن تقع من غير تعيين؛ فإن ذلك يعكس جهة العلم الإجمالي بحتمية وقوع واحدة من تلك الصور، مع الجهل بتعيين الصورة التي يصادفها حظ الوقوع. وعليه يقرر لابلاس ان الإحتمال عبارة عن النسبة ما بين عدد الحالات الملائمة للحدوث وبين كافة الحالات الممكنة إمكاناً متساوياً، وذلك عندما لا نجد ما يجعلنا نعتقد بأن حالة ما ستحدث أكثر من أي حالة أخرى، وبالتالي فهذه الحالات بالنسبة إلى معرفتنا تكون متساوية الإمكان1. ويُطلق على المبدأ المعتمد في عدم الترجيح بين هذه الحالات الممكنة؛ مبدأ السبب غير الكافي، وتعود هذه التسمية إلى العالم الرياضي برنولي (المتوفى سنة 1705)، إذ استخدم هذا المبدأ عندما لم يجد سبباً ظاهراً يرجح فيه حالة محتملة على حالة أخرى مماثلة. وقد تردد ذكر المبدأ السابق لدى القدماء حتى مجيء العالم الاقتصادي كينز الذي فضّل أن يصكّ له مصطلح (عدم التمييز) سنة 1921، ومن ثم شاع هذا الاستخدام الأخير2.

وفي نظرية لابلاس ان التعبير عن الإحتمال رياضياً يتخذ الصورة التالية:

 

عدد الحالات الملائمة للحادثة

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

عدد الحالات الممكنة الكلية

 

فعلى سبيل المثال ان القيمة الإحتمالية لظهور الآس ‹‹1›› من آسات قطعة زهر منتظمة خلال رمية واحدة هي (1\6)، إذ هناك حالة واحدة ملائمة من ست حالات ممكنة إمكاناً متساوياً. وعلى هذه الشاكلة يمكن القول ان قيمة إحتمال ظهور وجه الكتابة لقطعة نقد منتظمة خلال رمية واحدة هي (1\2)، إذ توجد حالة واحدة ملائمة من بين حالتين ممكنتين ومتساويتين. وعلى هذا القياس ان قيمة إحتمال أن يظهر وجه الكتابة مرة واحدة على الاقل خلال رميتين متتاليتين هي (3\4)، حيث توجد أربعة إمكانات متساوية، ثلاثة منها فقط لصالح ظهور وجه الكتابة، أي انها كالتالي:

1 ـ ظهور وجه الكتابة في المرة الأولى فقط.

2 ـ ظهور وجه الكتابة في المرة الثانية فقط.

3 ـ ظهور وجه الكتابة في المرتين معاً.

4 ـ عدم ظهور وجه الكتابة مطلقاً.

وفي مثال آخر - كما ذكره لابلاس - انه لو كانت لدينا ثلاث حقائب؛ نعلم ان واحدة منها تحتوي على كرات سود، أما الأخريتان فنعلم انهما تحتويان على كرات بيض، وقد اختيرت إحداها للسحب عشوائياً، فما هو إحتمال أن تكون الكرة المسحوبة منها سوداء؟ فعلى رأي لابلاس انه إذا لم تكن لدينا أي معرفة بالحقائب غير ما تقدم فإن ذلك يجعل من الإمكانات والخيارات التي امامنا ازاء الحقائب الثلاث متساوية، لذا فإن قيمة إحتمال سحب الكرة السوداء من الحقيبة المنتخبة هي (1\3). لكن لو علمنا أن إحدى الحقيبتين المتبقيتين تحتوي على كرات بيض، فستكون قيمة إحتمال سحب الكرة السوداء من الحقيبة المنتخبة (1\2). ولو علمنا أن كلا الحقيبتين المتبقيتين يحتويان على كرات بيض فقط، فاننا سنكون على يقين من أن السحب من الحقيبة المنتخبة لا بد أن يعطينا كرة بيضاء3.

وعلى رأي عدد من الباحثين الغربيين وعلى رأسهم وليم نيل وكارل بوبر وغيرهما ان هناك من سبق لابلاس في تعريفه للإحتمال بما في ذلك استعانته بالقيم الرياضية العددية في التحديد أو التعريف. فكما يرى نيل ان أول من استخدم التحديد الرياضي في تعريف الإحتمال هو مويفر Moivre (سنة 1718)، أي سبق لابلاس بقرن من الزمان، حيث جاء في كتابه (نظرية المصادفات) بأن قيمة إحتمال حادثة ما؛ تتحدد تبعاً لعدد الحالات الصدفوية التي يتكرر حدوثها قياساً بجميع إمكانات الصدف الكلية المتضمنة لإمكانات الحدوث وعدم الحدوث معاً. فإذا كانت الحادثة تمتلك ثلاث حالات للحدوث، وحالتين لعدم الحدوث، فإن قيمة إحتمال حدوثها عبارة عن (3\5)، أما قيمة إحتمال عدم حدوثها فهي (2\5)4.

ومن حيث التطبيق اخذ العلماء يستفيدون من حسابات هذه النظرية في الكتب الرياضية التي تتعامل مع الإحتمال طبقاً للتصورات الخاصة بالعاب الحظ والمصادفة، وهو انه عبارة عن عدد الحالات الممكنة الملائمة مقسمة على جميع عدد الحالات المتساوية الإمكان5. كما اخذوا يطبقونها على الظواهر الجينية، وفي تجارب مندل الوراثية، وقضايا إحتمالات تحديد الموضع والسرعة للجسيمات في الفيزياء الذرية وغير ذلك6.

وتنطوي نظرية لابلاس للإحتمال على هاتين النقطتين:

1 ـ ان الإحتمال يعكس بعداً ذاتياً يعود إلى نقص المعرفة البشرية. فهو تعبير عن جانب الجهل الإنساني، ولولا هذا الجهل ما كان هناك شيء محتمل اطلاقاً.

2 ـ ان الإحتمال عبارة عن علاقة تربط بين عدد الحالات الملائمة وعدد الحالات الممكنة الكلية، مع فرض ان تكون الحالات الممكنة الكلية متساوية.

وقد واجه لابلاس في نظريته عدة اعتراضات، إذ بدأت عملية نقده بعد وفاته بخمس عشرة سنة، وكان من الاوائل الذين اعترضوا عليه كل من أليس Ellis (سنة 1842)، وبول Boole (سنة 1854)، وفِن Venn (سنة 1866)، وميزس (سنة 1928)7. وانصبت اغلب الاعتراضات على النقطة الأخيرة، وبالذات على مبدأ عدم التمييز (او مبدأ السبب غير الكافي) الذي يفترض التساوي في الحالات الممكنة الكلية، ومن الاعتراضات المبكرة على هذا المبدأ ما قدمه بيرس Peirce (سنة 1878)8.

نقد المفهوم التقليدي

أهم ما جاء في نقد نظرية لابلاس ما يلي:

1ـ ان نظرية لابلاس هي نظرية عقلية قبلية حين تفترض التساوي بالنسبة للحالات الممكنة، حيث ليس هناك ما يجعلنا نعتقد بأن حالة ما ستحدث أكثر من أي حالة أخرى، فهي بالتالي لم تستند في ذلك إلى التجربة والإستقراء والاستفادة من البينات الموضوعية. وهناك عدد من القدماء اعترضوا على مبدأ التساوي في التوزيع انطلاقاً من الجهل، ومن ذلك ان أليس كتب بأن الجهل ليس أساساً لاي إستدلال يمكن أن يعتمد عليه9. كما رفض بول الأحكام القبلية التي ادلى بها لابلاس، بإعتباره لم يستعن بالبينات الخارجية10. فلو كانت لدينا قطعة زهر فسوف لا يمكننا الحكم بتساوي وجوهها ما لم يكن لدينا علم مسبق بطبيعتها الخاصة كشكلها وتنظيمها، وكذا العلم المسبق بالظروف العشوائية التي تؤثر على الرمية.. فكل هذه الأمور تتدخل في تحديد طبيعة الحالات الممكنة من حيث التساوي وعدمه. وهذا يعني ان مبدأ التساوي ليس ذا طبيعة قبلية وإنما مرده إلى التجربة والإستقراء11. أو يمكن القول ان مبدأ لابلاس يعترف بالجهل التام، فيبرر التساوي في الإحتمالات العائدة للحالات الممكنة، بينما الصحيح هو ان يكون لنا علم ومعرفة تبرر الحكم في تساوي الإحتمالات. وبالتالي فنظرية لابلاس تخلط بين قضيتين إحداهما صحيحة، واخرى خاطئة. فالقضية الأولى تؤكد بأن الحالات الممكنة متساوية الإحتمال إذا ما كنا نعلم انه لا يوجد سبب يبرر الإعتقاد بعدم التساوي. أما الأخرى الخاطئة فهي القول بأن الحالات الممكنة متساوية الإحتمال لعدم وجود ما يدعو للإعتقاد بأنها غير متساوية. فكلا القضيتين كانت موضع تطبيق مبدأ عدم التمييز رغم سعة الفارق بينهما، فإحداهما قائمة على المعرفة وهي القضية الأولى، أما الأخرى فقائمة على الجهل المحض12. ومثل ذلك ما قرره نيل بأن من حقنا ان نتعامل مع حالات الإمكان كإحتمالات متساوية وذلك فقط عندما نعرف بأن البينة المتوفرة لدينا لم تزودنا شيئاً يبعث على ترجيح إحدى تلك الحالات على غيرها، لا اننا نتعامل معها عندما نجهل البينة كلياً13. وكذا الحال فيما ذهب إليه ميلور Mellor14.

وهناك من ذكر ثلاثة انتقادات لنظرية لابلاس؛ فأولاً انها قبلية تضع حساب الإحتمال من غير اهتمام باي معلومات حقيقية أو احصائية حول الحادثة. وثانياً انها عقلية لا تشير إلى الخصائص الخارجية للحوادث ذاتها، وإنما إلى درجة الإعتقاد العقلي، فتحديد درجة الإحتمال غير معنية بما عليه الحادثة في واقع امرها إن كانت تتخذ فعلاً تلك الدرجة أم لا؟. أما ثالثاً فهو ان الحكم الإحتمالي يظل نسبياً في علاقته بمعرفتنا، أو بالبينات، إذ عندما تتغير معطيات البينات فإن الإحتمال سوف يتغير تبعاً لذلك15.

2ـ تبعاً للنقد السابق من البعد الذاتي القبلي في نظرية لابلاس؛ اظهر العديد من الباحثين ما تفضي إليه النظرية من نتائج متناقضة تترتب عن عدم اشتراط اللجوء إلى البينات والذي يبرر التساوي في الحالات الممكنة. وكانت أولى المحاولات التي تصب في هذا الإتجاه من النقد هي تلك التي تعرف بتناقض برتراند (Bertrand Paradox)، وهي محاولة تعود إلى برتراند (سنة 1889)، إذ تُظهر التناقض في النتائج التي تسفر عن الاخذ بمبدأ عدم التمييز.

وكمثال على هذا التناقض، لو فرضنا ان لدينا صندوقاً فيه ثلاث حقائب، في كل منها قطعتا نقد، واحدة منها تحوي قطعتين ذهبيتين، وثانية تحوي قطعتين فضيتين، والثالثة فيها قطعة ذهبية واخرى فضية. ولو فرضنا اننا اخترنا إحدى هذه الحقائب عشوائياً وسحبنا منها قطعة واحدة فتبين انها ذهبية، فما هو إحتمال أن تكون القطعة الأخرى لنفس الحقيبة ذهبية أيضاً؟ وتبعاً لمنطق نظرية لابلاس في مبدأ عدم التمييز هناك اجابتان مختلفتان ومتكافئتان حول هذا السؤال. فمن حيث الاجابة الأولى، اننا عندما سحبنا قطعة النقد فظهرت ذهبية فإما ان تكون الحقيبة ذات قطعتين ذهبيتين أو ذات قطعة ذهبية واحدة مع أخرى فضية، وعليه ليس لدينا سبب يرجح أحد هذين الفرضين على الآخر، ومن ثم فهناك إمكان واحد ملائم بين إمكانين متنافيين، وبالتالي فإحتمال كل منهما يساوي (1\2). أما الجواب الثاني فهو ان هناك ستة إمكانات بعدد القطع جميعاً، وقد تم تصفية ثلاثة منها، حيث لم يعد هناك أي مجال لإحتمال القطعتين الفضيتين، كذلك فإنه عند سحب القطعة الذهبية فإنه لم يبق إلا ثلاثة خيارات متكافئة، أو متساوية الإحتمال، اثنان منها يعبران عن وجود القطعتين الذهبيتين والثالث يعبّر عن وجود القطعة الفضية، فإحتمال أن تكون القادمة ذهبية يساوي (2\3)، قبال الإحتمال الآخر الذي تكون فيه القطعة فضية والذي يساوي (1\3). هكذا فبحسب هذا الاعتراض ان مبدأ عدم التمييز لنظرية لابلاس يمكن تطبيقه على الاجابة الأولى والثانية بلا فرق16. مع ان واقع نظرية لابلاس تختار الاجابة الثانية وترجحها على الأولى تبعاً لبعض قوانينها المشتقة كما سنرى.

وعلى هذه الشاكلة هناك أمثلة عديدة عُرضت في بيان عدم دقة مبدأ عدم التمييز الذي ارتكزت عليه نظرية لابلاس. فمثلاً إذا كانت لدينا قنينة بحجم لترين فيها ماء لا نعرف مقداره سوى انه يتراوح بين لتر إلى لترين. فبحسب المبدأ السابق يمكن أن نعتبر انه ليس هناك ما يرجح كون الماء لتراً على كونه لترين، لذا فإحتمال كل منهما يساوي نصفاً، كما لا يوجد ما يرجح حجمه لتراً ونصف اللتر على كونه لترين، فإحتمال كل منهما نصف أيضاً. لكن قد نقول وفق هذا القياس لمبدأ عدم التمييز ان إحتمال كون الماء لتراً هو نصف، وكونه لترين هو نصف أيضاً، لذا فإحتمال كونه لتراً ونصفاً هو صفر وليس نصفاً، أو هو عبارة عن الواحد والنصف (3\2) بحسب جمع الإحتمالات17.

ومن ذلك أيضاً ما ذكره الاستاذ واتلن Watling وايده الاستاذ آير من أنه لو كنا نتبع خطوات رجل يسير في شارع طويل ينتهي في الأخير إلى ثلاثة فروع، اثنان منها يصعد إلى تل، والآخر ينزل إلى واد، ولنفترض اننا لم نستطع ان نرى الرجل في أي اتجاه اتخذه عبر تلك الممرات الثلاثة، والسؤال هو كيف نحدد قيمة إحتمال نزوله إلى الواد؟ فلو اننا إعتبرنا الممرات ذوات قيم إحتمالية متساوية لجهلنا بالخيارات حولها؛ فإن قيمة إحتمال النزول إلى الواد هي (1\3). لكن قد نعتبر الوصول إلى التل والى الواد لهما إمكانان متساويان، لذا فقيمة كل منهما تساوي (1\2). مما يدل على تعسفية مثل هذه النتائج. وعلى رأي الاستاذ اير ان خطأ هذه الطريقة يعود إلى ان القيم الإحتمالية أصبحت لا تعتمد فقط على ما هو موضوعي، وإنما متأثرة كذلك بتركيب اللغة التي نستخدمها ونوظفها بالاتجاه الذي نفترض به الأمور18.

وهناك مثال آخر يطلق عليه (تناقض الحياة في المريخ)، ففيه نفترض أن إحتمال الحياة في المريخ يساوي إحتمال عدم الحياة لجهلنا بحقيقة الحال، وبالتالي فكل منهما يساوي (1\2). لكن يمكن أن نصل إلى نتائج أخرى مغايرة ومناقضة لما سبق، وهو ان نقول ان إحتمال وجود الابقار في المريخ يساوي (1\2)، وكذا نفس القيمة بالنسبة إلى وجود الخيل، وكذا أي نوع نفترضه من أنواع الحيوانات والنباتات، وبالتالي فإن إحتمال وجود هذه الكائنات جميعاً ولنعبر عن عددها بالحرف (ن) هو (1\2) مضروبة في نفسها (ن) من المرات، وبالتالي فإن وجود أي واحد منها هو: 1 - (1\2)ن، وهي نتيجة تؤكد على أن إحتمال وجود أي واحد منها قريب جداً من الواحد أو اليقين، وذلك بإعتبار ان قيمة (1\2)ن هي قيمة ضئيلة جداً. مما يعني ان إحتمال الحياة الذي قدرناه في الأول بأنه (1\2) أصبح فيما بعد عبارة عما يقارب الواحد، وهو تناقض واضح19.

كما ان كينز عرض مثالاً نقد فيه مبدأ عدم التمييز وما يفضي إليه من نتائج متناقضة. فمثلاً يحق لنا حين عدم معرفة لون غلاف كتاب ما ان نطبق عليه المبدأ السابق في إحتمال أن يكون أحمر اللون بقيمة إحتمالية قدرها (1\2)، حيث نجهل لونه كلياً، فهو بالتالي إما أحمر أو ليس بأحمر، وقيمة كل فرض من هذين الفرضين تساوي نصفاً، لعدم معرفة السبب الذي يمكن أن يرجح أحدهما على الآخر. لكن يمكن أن نعطي ذات هذه القيمة بإفتراض انه أزرق اللون، ونفس الحال في سائر الالوان الأخرى. إلا ان جمع هذه الإحتمالات لتعيين قيمة إحتمال الغلاف سوف يفوق الواحد20. وهذا المثال الذي قدمه كينز هو ذاته الذي قدمه كيبارج في كتابه (الإحتمال والمنطق الإستقرائي)، لكن مع اخذ إعتبار انه استعان بنموذج الوان الكرات لا الأغلفة21. وكذا صنع كارناب الشيء نفسه22. وعلى شاكلته ما ذكره فون ميزس23، وكذا عند وليام نيل الذي استند إلى كينز في إعتبار ذلك المبدأ يقود إلى نتائج عبثية، وقدم مثالاً على شاكلة ما قدمه كينز، وهو انه وفقاً لذلك المبدأ يمكننا ان نعتبر إحتمال سقوط زهر النرد على الوجه الذي يحمل الآس ‹‹1›› هو (1\6). لكن من الممكن ان يستخدم المبدأ السالف الذكر ليقود بإعتبار آخر إلى اعطاء قيمة أخرى مختلفة هي (1\2). فنعتبر مثلاً ان أمامنا حالتين فقط، إحداهما سقوط الزهر على ذلك الوجه، والأخرى سقوطه على وجه آخر غيره، فتصبح لدينا إمكانيتان متساويتان، حيث نعلم انه لا يوجد هناك سبب يرجح إحدى الحالتين على الأخرى، وبذا تكون لكل منهما نفس القيمة الإحتمالية وهي (1\2) بدل ما كانت عليه القيمة (1\6). ونفس الحال يمكن فعله مع الاس ‹‹2››، وهكذا مع البقية24. فلو اردنا ان نجمع إحتمالات الوجوه الستة على هذه الشاكلة لكانت تساوي ثلاثة اضعاف الواحد، وهو عبث.

وواضح انه من الممكن تفادي هذه الاعتراضات إذا ما كانت هناك بعض القيود التي تقيد العمل بمبدأ عدم التمييز ضمن شروط خاصة تمنعه من الوقوع في المفارقة والنتائج التعسفية. ولا يمكن أن نعد هذه الاعتراضات جذرية لا علاج لها، ومن ذلك ان كينز حاول ان يتجنب ما يترتب على المبدأ السابق من تناقضات عبر تقييد استخدامه في حالات الخيارات الممكنة متناهية العدد، وكذا ان تكون غير قابلة للتجزئة والتقسيم25. كما انه لا غنى من استخدام اللغة الدقيقة في التعبير عن الإفتراضات المطلوبة، كي لا تتعدد الإفتراضات والإمكانات.

3ـ طبقاً لـ (فون ميزس) ان تساوي الإمكان في مبدأ لابلاس لا يمكن فهمه إلا بمعنى تساوي الإحتمال، مما يؤول إلى وقوع تلك النظرية في الدور الباطل26. وكذا ما سبق إليه بوانكاريه في نقده لنظرية لابلاس، وهو ان هذه النظرية تعرّف الإحتمال بالإحتمال27، وهو مصادرة على المطلوب.

وعلى رأي المفكر الصدر ان مبدأ لابلاس في تساوي الحالات الممكنة يجعل من تعريف الإحتمال تعريفاً ناقصاً، ذلك ان هذا المبدأ إنما يفسر لنا الإحتمال من خلال إحتمال آخر قد عجز عن تفسيره لكونه مفترضاً بشكل قبلي لا يقبل العلاج28.

4ـ ان تفسير لابلاس للإحتمال طبقاً لمبدأ التساوي يجعل علاقة الإحتمال ضيقة بحدود الوقائع التي تتضمن المساواة في إمكاناتها، أما الحالات التي تختلف إمكاناتها فلا ينطبق عليها ذلك المبدأ. لهذا فقد إعتبر ميزس ان مبدأ لابلاس لا يصدق إلا على الوقائع البسيطة، كتلك المتعلقة بالعاب الحظ والمصادفة. بينما يندر ان تكون الإمكانات التي تتعلق بالموضوعات الخارجية متساوية. فعلى سبيل المثال ان إمكانات حياة رجل عمره اربعون عاماً لا يمكن أن تكون متساوية خلال الاعوام التالية، إذ لا شك ان إحتمالات الحياة خلال العقد الخامس أو السادس مثلاً أعظم بكثير مما هي خلال العقد العاشر، ومن ثم فإنه لا يوجد تماثل في إمكانات الحياة خلال تلك الاعوام والعقود29.

وقد يجاب على هذا الاعتراض من خلال إفتراض وجود عوامل متساوية القيم؛ تقوم بتوزيع الإحتمالات على الحالات المختلفة بصورة متباينة ضمن شروط محددة. وتوضيحاً لهذه الفكرة نلاحظ ان إحتمالات ظهور وجه الكتابة في جميع الإختبارات لقطعة نقد متساوية الجانبين تتفاوت مع اخذ إعتبار مرات الرمي، فهي في مرة واحدة (1\2)، وفي مرتين (1\4)، وفي ثلاث مرات (1\8)، وفي أربع مرات (1\16)، وهكذا. ومع ان هذه القيم الإحتمالية ليست متساوية؛ فإن طريقة تكونها تستند إلى وجود عوامل مفترضة متساوية، حيث تتوزع بنسب مختلفة على الحالات فتظهر القيم المتباينة فيها. وكذا يمكن أن يقال بأن الحال هو نفسه بالنسبة لتقدير القيمة الإحتمالية لوفاة الرجل الذي عمره اربعون عاماً؛ لولا اننا نواجه مشكلة واقعية تتحدد بعدم دقة معرفتنا الإستقرائية التي تستهدف دراسة ظروفه الخاصة كاملة.

لكن حقيقة الحال ان المثال الأخير لا يمكن أن يخضع إلى إعتبارات وجود عوامل مفترضة متساوية؛ حتى إذا ما تهيء لنا دراسة كافة الظروف التي لها إمكانات التأثير على حياة الرجل، وذلك لوجود أنواع مختلفة من الإمكانات يجعلها غير قابلة للتسوية الإحتمالية.

5ـ لقد وضع لابلاس عدداً من القوانين الرياضية المستمدة من تعريفه للإحتمال تبعاً لمبدأ عدم التمييز (او مبدأ السبب غير الكافي)، أحدها يتحدث عن إحتمال نجاح حادثة مستقبلية بعد عدد من الحالات المختبرة، فلو رمزنا إلى عدد النجاح بـ (م)، والى عدد الحالات المختبرة بـ (ن)، فإن إحتمال فرصة نجاح الحادثة لمرة قادمة ستكون حسب قانون لابلاس كالتالي: (م+1\ن+2). لكن لو فرضنا ان جميع الحالات المختبرة كانت ناجحة، ففي هذه الحالة تصبح: (ن = م)، وبالتالي يمكن صياغة القانون بالشكل التالي: (م+1\م+2). وقد جاء في تفسير هذه الصيغة ما ذكره زكي نجيب محمود بالقول: ‹‹اذا فرضنا ان الحادثة لم تقع ابداً، وان إحتمال وقوعها مساوٍ لإحتمال عدم وقوعها، فعندئذ تكون درجة الإحتمال هي (1\2)، لكنها إذا حدثت مرة، زادت نسبة إحتمال وقوعها في المرة الثانية، وأصبحت (1+1\1+2 = 2\3)، إذ الممكنات المتساوية في القوة الإحتمالية أصبحت الان ثلاثة، واحد مضى وهو بالايجاب، واثنان منتظران: أحدهما بالايجاب والآخر بالسلب، اعني انه قد أصبح هنالك عاملان يشيران في صالح الوقوع، وعامل واحد يشير في غير صالحه. وبصفة عامة إذا وقعت حادثة ما (م) من المرات فهذا يعطينا (م) من الممكنات في صالح وقوعها، ثم نضيف إلى ذلك ممكنين جديدين أحدهما في صالح وقوعها والآخر في غير صالحه، فتكون نسبة إحتمال الحدوث الجديد هي: م+1\م+2››30.

وهناك قانون آخر يتحدث عن تقدير إحتمال نجاح حادثة بالنسبة إلى جميع الحالات الكلية، فلو فرضنا ان عدد نجاح الحادثة في السابق هو (م)، وان الحالات الكلية هي (ن)، فإن إحتمال نجاح الحادثة بالنسبة إلى جميع الحالات يكون بحسب صياغة لابلاس كالتالي: (م+1\ن+1)31.

وقد تعرضت مثل هذه القوانين إلى عدد من الاعتراضات بإعتبارها قائمة على مبدأ عدم التمييز، حيث صرح بول بأن بعضها تعسفي32، وذهب رسل إلى ان الصحيح في الحساب يعتمد على نظرية التكرار المحدود33. كما ان كوهين ونيل إعتبرا ان مثل هذه القوانين يمكن أن تفضي إلى نتائج غير صحيحة تناقض بديهات الإحتمال. فمثلاً لو كانت لدينا حقيبة نعلم ان فيها كرات بيضاء وسوداء وصفراء، وسحبنا واحدة فظهرت بيضاء، ثم سحبنا أخرى فظهرت سوداء، وسحبنا ثالثة فظهرت صفراء، وحينها اردنا ان نعرف قيمة إحتمال أن تكون الكرة الرابعة بيضاء، حيث في هذه الحالة تقدر القيمة بحسب قانون لابلاس كما يلي:

م+1\ن+2 = 2\5

لكن هذه النتيجة هي ذاتها عبارة عن قيمة إحتمال أن تكون الكرة الرابعة سوداء، وكذا ان تكون هذه الكرة صفراء. ومن المعلوم ان قيمة إحتمال أن تكون الكرة الرابعة إما بيضاء أو سوداء أو صفراء عبارة عن جمع هذه الإحتمالات الثلاثة، ويفترض أن يفضي هذا الجمع إلى الواحد الصحيح، لعلمنا بعدم وجود غير هذه الكرات، لكن عند الجمع يظهر الحساب أكثر من واحد، وهو (6\5)، مما يعني خطأ القانون وتعسفه34.

وقد سبق لكينز ان اظهر ما يشابه هذا التناقض، فلو اننا لم نسحب من الحقيبة شيئاً لكان إحتمال أن تكون الكرة القادمة بيضاء عبارة عن (1\2)، وذلك بحسب القانون التالي:

م+1\م+2 = 0+1\0+2 = 1\2

وكذا نفس النتيجة بالنسبة إلى إحتمال أن تكون الكرة القادمة سوداء، مما يعني ان الحقيبة ليس فيها إلا كرات بيض وسود، وهو خلاف الفرض والواقع، وذلك لأن جمع الإحتمالين السابقين عبارة عن واحد35. ولو اننا قدرنا إحتمال الكرة القادمة صفراء كالسابق لكان جمع إحتمالات ان تكون القادمة إما بيضاء أو سوداء أو صفراء عبارة عن (3\2)، وهو يناقض بديهيات الإحتمال بإعتباره أكثر من واحد.

6ـ إعتبر كارناب ان توزيع الحصص بحسب مبدأ عدم التمييز لا يتبع طريقة واحدة، بل هناك طريقتان مختلفتان لهما نتائج متغايرة، وقد انقسم الباحثون إلى فريقين كل منهما يناصر طريقة دون الأخرى. والطريقتان تختلفان في تحديد القيم الإحتمالية القبلية، كما تختلفان في تحديد هذه القيم تبعاً لموقفهما من مبدأ التعلم من الخبرة السابقة، حيث أطلق كارناب على تلك التي تأخذ بمبدأ التعلم سمة الطريقة الاحصائية، وعلى الأخرى التي لا تعول على هذا المبدأ سمة الطريقة الفردية. فمثلاً لو كانت لدينا حقيبة فيها أربع كرات لا نعلم عنها سوى انها تتردد بين ان تكون بيضاء أو سوداء، كلاً أو بعضاً، ففي هذه الحالة يمكن أن نحصل على الإحتمالات القبلية لهذه الكرات بحسب الطريقتين الآنفتي الذكر. فبحسب الطريقة الاحصائية توجد خمسة إفتراضات متساوية تبعاً لمبدأ عدم التمييز، وذلك كالتالي:

1 ـ إحتمال أن تكون جميع الكرات الاربع سوداء.

2 ـ إحتمال أن تكون ثلاث منها سوداء فقط.

3 ـ إحتمال أن تكون اثنان منها سوداء فقط.

4 ـ إحتمال أن تكون واحدة منها سوداء فقط.

5 ـ إحتمال عدم وجود أي كرة سوداء مطلقاً.

فهذه إفتراضات خمسة تتساوى في القيم الإحتمالية حسب مبدأ عدم التمييز، حيث لا يوجد ما يرجح بعضها على البعض الآخر، وبالتالي فإن قيمة كل منها تساوي (1\5). لكن للفرض الأول حالة توافيقية واحدة، إذ لا يمكن أن تظهر الكرات الاربع السود إلا بحالة واحدة فقط، أما الفرض الثاني فله أربعة إمكانات متساوية، ذلك ان الكرات السود الثلاث قد تكون عبارة عن الأولى والثانية والثالثة، أو الأولى والثانية والرابعة، أو الأولى والثالثة والرابعة، أو الثانية والثالثة والرابعة. وجميع هذه الإمكانات متساوية بحسب مبدأ عدم التمييز، وبالتالي فإن كل منها يحظى بإمكانية قدرها (1\5 × 1\4 = 1\20). في حين أن الفرض الثالث له ستة إمكانات متساوية، ذلك ان الكرتين السوداويتين قد تكونا عبارة عن الأولى والثانية، أو الأولى والثالثة، أو الأولى والرابعة، أو الثانية والثالثة، أو الثانية والرابعة، أو الثالثة والرابعة. وجميع هذه الإمكانات متساوية، وكل منها لا بد أن يساوي: (1\5 × 1\6 = 1\30).

أما الفرض الرابع فله أربعة إمكانات، ذلك ان الكرة السوداء إما ان تكون الأولى أو الثانية أو الثالثة أو الرابعة. وجميع هذه الإمكانات متساوية، وكل منها يساوي: (1\5 × 1\4 = 1\20). في حين أنه ليس للفرض الأخير إلا حالة إمكانية واحدة، وبالتالي فإن قيمة إحتماله عبارة عن (1\5).

أما الطريقة الفردية فنتائجها تختلف، ذلك انها تتحدث عن جميع الإمكانات التوافيقية الفردية كإمكانات متساوية لعدم وجود ما يرجح بعضها على البعض الآخر، وحيث انه توجد (16) حالة توافيقية فإن كل واحدة منها تساوي (1\16)، وهي نتيجة تختلف كلياً عن النتائج الحاصلة في الطريقة الاحصائية الأولى.

لكن لو فرضنا اننا سحبنا ثلاث كرات من تلك الكرات الاربع، فظهرت اثنتان سوداويتان وواحدة بيضاء، فما هو إحتمال أن تكون الرابعة سوداء؟

حقيقة الأمر هناك اختلاف في الجواب بين الباحثين، فكما قلنا ان بعضهم لا يأخذ بمبدأ التعلم من الخبرة السابقة في الحوادث الإحتمالية المستقلة، إنما التعويل فقط على الإمكانات الذاتية المتاحة بحسب مبدأ عدم التمييز، وبالتالي فإن تقدير الجواب عن إحتمال هذه الحالة هو (1\2)، أي ان الكرة الرابعة إما ان تكون سوداء أو بيضاء، وكل من هذين الإحتمالين يساوي الآخر. فهذا هو جواب الطريقة الفردية. أما بحسب الطريقة الاحصائية التي تعول على مبدأ التعلم من التجربة السابقة، والتي فيها علمنا ظهور كرتين سوداويتين وواحدة بيضاء، فإن إحتمال كون الكرة الرابعة سوداء هو (3\5)، وكونها بيضاء (2\5). ولو فرضنا اننا سحبنا ثلاث كرات وتبين كلها سود، فإن إحتمال الرابعة سوداء سيكون (4\5)36. وجميع هذه القيم يمكن استخراجها بحسب قاعدة لابلاس: (م+1\ن+2).

لكن يمكن أن يقال ان النتيجة الأخيرة ليست كذلك، فحيث اننا سحبنا ثلاث كرات وتبين انها سوداء فإن ذلك سوف يؤثر عما تبقى من الإفتراضات الخمسة التي مرت معنا، فقد أصبحت ثلاثة عوامل لصالح ان تكون الرابعة سوداء، وهي انها كسبت جميع الإفتراضات التي ابطلتها حقيقة ظهور الكرات الثلاث السود، أي الإفتراض القائل بعدم وجود أي كرة سوداء، وكذا القائل بوجود واحدة سوداء، ومثله القائل بوجود كرتين، وهذه ثلاثة عوامل لصالح القضية المحتملة، ويظل إفتراضان فقط من الإفتراضات الخمسة، وهي ان هناك أربع كرات سود، أو ثلاث كرات فقط. ويمكن التعبير عن هذين الإفتراضين بصيغة أخرى، وهي ان الكرة القادمة ستكون سوداء على فرض ان الكرات الاربع سود كلها، أو ان الكرة القادمة ستكون بيضاء على فرض ان هناك ثلاث كرات سود فقط. وحيث ان الفرضين متساويان، فإن لكل منهما النصف، واذا جمعنا هذه النتيجة مع النتيجة السابقة التي كسبناها عند ظهور الكرات الثلاث السود، فإن الناتج الأخير لإحتمال أن تكون الكرة القادمة سوداء هو:

 

3 + 1\2

ــــــــــــــــــــ = 7\10

5

وهي نتيجة مغايرة لما سبق.

كما يمكن القول اننا عندما سحبنا ثلاث كرات فظهرت سوداء، فإن ذلك يعني اننا كسبنا ثلاثة اسهم من المجموعة الرباعية المتمثلة بعدد الكرات، وبقيت امامنا كرة اخيرة قد تكون سوداء، كما قد تكون بيضاء، وبالتالي فإن لكل منهما النصف، وبالجمع فإن الناتج لصالح ان تكون الكرة الرابعة سوداء هو كما يلي:

 

3 + 1\2

ـــــــــــــــــــــــ = 7\8

4

وهذه هي أيضاً نتيجة مغايرة لما سبق..

هكذا فإن هناك طرقاً مختلفة لتحديد القيم الإحتمالية اعتماداً على مبدأ عدم التمييز، والمشكلة كيف يمكن اختيار طريقة على أخرى بالشكل الذي يكون فيه المبدأ السابق منتجاً بصورة سليمة؟

***

أخيراً ما الذي تعنيه مثل تلك الانتقادات لمبدأ عدم التمييز؟

لقد اختلفت ردت فعل الباحثين ازاء ذلك، فمنهم من إعتبر المبدأ بحاجة إلى اصلاح يفضي إلى تحويل نظرية لابلاس مما هي ذاتية إلى نوع آخر منطقي كالذي يبشر به كينز. ومع ذلك فإن المبدأ لا يمكن تطبيقه على الحالات المختلفة الإمكان التي يشهد عليها الواقع. وعلى رأي عالم الرياضيات جينس انه لا يوجد من تلك الانتقادات ما يشكل اعتراضاً صحيحاً سوى نقد واحد، وهو ان ذلك المبدأ لا ينطبق على الحالات المختلفة الإمكان، بل يجري تطبيقه على الحالات المتساوية الإمكان فحسب. وقد سبق لبرنولي خلال القرن السابع عشر ان ادرك بأن الاعتماد في نظريته على تساوي الإمكان يجعلها تنطبق على حالات بسيطة كالعاب الحظ والمصادفة، دون ان يكون لها تطبيق على حالات الواقع وتشعباته، ومن ذلك مثلاً ان تحديد إحتمال نسبة الوفيات طبقاً للامراض يتمشكل في كيفية تحديد عدد الامراض المميتة37. وهو النقد الذي تكرر لدى العديد من الباحثين وعلى رأسهم كينز. لكن هناك من إعتبر مثل تلك النقود كفيلة بهجر النظرية التقليدية وابدالها بنظرية أخرى لا تعول على المبدأ المذكور، وهو ما اخذ به الإتجاه الموضوعي، وعلى رأسه النظرية التكرارية.

هكذا فنحن نواجه نوعين من الاعتراض على مبدأ عدم التمييز، أحدهما يعمل على اصلاحه والآخر على هجره، وسنبدأ بمحاولة كينز التي سعت إلى اصلاح هذا المبدأ ثم ننتقل إلى الإتجاه الآخر الذي تخلى عن المبدأ بلا رجعة.

المفهوم المنطقي واصلاح المبدأ

من وجهة نظر كارناب ان النظرية التقليدية للإحتمال لا تقبل الفهم ما لم يتم تفسيرها بالمعنى المنطقي الذي احياه المفكر الاقتصادي كينز لاول مرة في كتابه (رسالة في الإحتمال) سنة 1921. وعلى رأيه ان هذا النوع من الإحتمال يستخدم بوضوح في مختلف مجالات حياتنا العادية والعلمية38.

لقد إعتبر كينز ان الإحتمال لا يقبل التعريف لكونه مفهوماً بسيطاً لا يمكن ردّه إلى تصورات أخرى أبسط منه. مع هذا فقد وصفه بأنه عبارة عن علاقة منطقية بين مجموعتين من القضايا، حيث بمعرفة إحدى المجموعتين يمكن تحديد القيمة الإحتمالية للمجموعة الثانية. وهو بهذا ينفي ان يكون الإحتمال معبراً عن علاقة تخص الوقائع الخارجية، كما لا يعتقد بوجود قضية مفردة تصدق عليها الظاهرة الإحتمالية، فلا معنى للقول مثلاً بأن (ب محتملة) مثلما لا معنى للقول بأن (ب متساوية)، أو (ب أكبر). فالقضية لا تكون محتملة إلا من حيث نسبتها إلى قضية أخرى هي البينة أو الدليل، حيث بها يتحقق الحكم الإحتمالي39. وبذلك يتخلص كينز من أول مشكلة صادفت النظرية التقليدية، وهي انها يجب ان تستند إلى المعرفة والبينات للتوصل إلى الأحكام الإحتمالية عبر مبدأ عدم التمييز.

ويعد كال Khale أول من ربط الإحتمال بالبينة (سنة 1735). لكن ايضاح هذا التقرير لم يتم إلا على يد كينز40، فأطلق على نظريته (الإحتمال المنطقي)، والتي وجدت لها صدى كبيراً لدى كارناب من بعده. فالإحتمال لدى كينز يتخذ طابعاً منطقياً بفضل ارتباطه بالبينة، أو هو علاقة منطقية بين الفرضية والبينة، وذلك تمييزاً له عن الإحتمال الذاتي الذي يعمل على فصل البينة عن الفرضية، كالذي جوّزه اصحاب النظرية التقليدية، معتبرين ان من الممكن الحديث عن إحتمال فرضية (ب) مثلاً من دون حاجة لربطها بالبينة41.

وبحسب هذه النظرية تستند المجموعة الأولى من القضايا إلى ما يرد من وقائع وبينات قابلة للاختلاف والتغير والتعديل، لكنها في جميع الأحوال تعمل على تحديد القيم الإحتمالية بالنسبة إلى قضايا المجموعة الثانية، وتكون هذه القيم ذات طابع عقلي وضروري. فمثلاً قد نواجه قضية إحتمال أن يكون الطقس ممطراً غداً، استناداً إلى البينة المقدمة من مشاهدات علم الانواء الجوية، كأن يبعث ذلك على أن يكون الإحتمال (1\5)، فهذه النسبة لا تصف إحتمال حادثة المطر غداً، بل تصف العلاقة المنطقية بين التنبؤ بالمطر وبين تقرير علم الانواء الجوية، وهي نسبة موضوعية عقلية مستقلة عن إعتقاد الفرد الخاص42. وقد يختلف الإحتمال بين شخص واخر بحسب ما تختلف معلومات البينة بينهما، مع هذا فإن كلا القيمتين مبررتان تبعاً للعلاقة مع البينة. كما قد تتغير القيمة الإحتمالية بتغير معطى البينات، ومع ذلك يظل الحكم فيها محتفظاً بضرورته من حيث علاقته بالبينة دون ان يكون له علاقة بالواقع الخارجي43.

وفي جميع الأحوال ان ما يحدد القيم الإحتمالية لدى كينز هو مبدأ عدم التمييز بعد توجيهه بما يضمن التخلص من اشكالية الوقوع بتلك النتائج المتناقضة والتعسفية، فقد عرفه كالتالي: ان القيم الإحتمالية لـ (ن) و(م) في علاقتهما بالبينة التي نحصل عليها هي قيم متساوية، وذلك إذا لم يكن هناك بينة ملائمة في علاقتها بـ (ن) مثلما هو الحال في علاقتها بـ (م)، أي ان الإحتمالين متساويين إذا ما كانت البينة متماثلة في علاقتها بكل من (ن) و(م). وقد اشرط كينز لهذا التحديد مبدأ عدم التقسيم الذي يعني عدم تقسيم الخيارات الممكنة إلى خيارات ثانوية، فإذا كانت (ن) و(م) حالتين ممكنتين ومستقلتين بالنسبة إلى بينة حقيقية غير مصطنعة، فإنه لا يصح تقسيم أي منهما إلى أقسام ثانوية، كي لا نقع بما سبق الوقوع به من نتائج متناقضة وتعسفية44. وبالتالي فإن مبرر التساوي في الإحتمال هو تماثل البينة، ولم يعد الأول مفترضاً من الناحية القبلية.

مع هذا فإن كينز وجد ان الاعتماد على مبدأ عدم التمييز لا يجدي نفعاً في اغلب القضايا العملية. وبالتالي كان من الصعب ان يخضع الإحتمال بدوره إلى التحديدات الكمية أو العددية، فما لم يتوفر شرط التساوي بحسب ذلك المبدأ فإنه لا يمكن إستنتاج القيم العددية45. وعليه فإنه إعتبر الرياضيين قد بالغوا حينما تصوروا ان الإحتمالات العددية قابلة للتطبيق على العالم الخارجي، فعلى رأيه انها لا تنطبق إلا في حالات القضايا البسيطة من امثال العاب المصادفة، وهي التمارين المألوفة التي يستند إليها هؤلاء الرياضيون في تطبيقاتهم46. أما القضايا الأخرى فقد رجح كينز ان يكون التعامل معها بطريقة المقارنة بين القيم الكيفية للإحتمالات، مثل قولنا بأن إحتمال أن يكون الوليد القادم لهذه الحامل ذكراً هو أقوى من كونه انثى47. لذلك ظهرت هناك بعض النزعات التي اهتمت بالمنطق الكيفي للإحتمال، مثل ما قام به الاستاذ كوبمان Koopman (سنة 1940)، ومن بعده الاستاذ فاين Fine (سنة 1973)48.

وعلى العموم تنطوي نظرية كينز على بعض نقاط الضعف كالآتي:

1ـ ليس الإحتمال معلقاً دائماً بوجود مجموعة القضايا التي تتمثل بالبينات. فهناك نوع منه لا يتضمن وجود بينة اطلاقاً، من قبيل إحتمال وجود عالم آخر يختلف نظامه عن نظام عالمنا الكوني هذا.

2ـ تفتقر نظرية كينز إلى الجسر الذي يربط قضاياها المنطقية بالواقع الموضوعي. فنحن حين نقول إن هذه القضية محتملة لا نعني بالقضية تلك الفكرة المنطقية المجردة عن الواقع، بل ما نعنيه هو اضفاء الحكم على الواقع من خلال المقدمات اللازمة. فإحتمال نجاح زيد ليس إحتمالاً للقضية وإنما هو إحتمال لواقع النجاح من خلال التقديرات المنطقية، وكذا حين نقرر طبقاً لقانون برنولي في التوزيع انه كلما ازدادت الإختبارات في رمي قطعة النقد فإن نسبة ما يحظاه ظهور أحد الوجهين ستزداد قرباً من قيمة الإحتمال القبلي له، أي النصف مثلاً، فلا شك ان هذا الحكم ليس بصدد القضية المنطقية وإنما هو تنبؤ للواقع. مع ان هذا المعنى من الإحتمال الواقعي لا ينفي وجود المعنى الآخر المرتبط بالناحية المنطقية، والذي لا يتحدث عن الوقائع الخارجية.

3ـ عرفنا أن كينز قد تخلص من مشكلة إفتراض التساوي في الإحتمالات الممكنة عبر ارجاعه إلى تماثل البينة. لكن مع هذا يمكن القول ان التماثل هو أيضاً لا يمكن أن يثبت من غير الاستناد إلى نوع آخر من الإحتمال نطلق عليه الإحتمال غير السوي.

المفهوم السايكولوجي وتسييب المبدأ

جاء إصطلاح الذاتية بمعان عديدة مختلفة، تصل أحياناً إلى التضاد. وربما يكون مصدر الالتباس والابهام عائداً إلى نظرية برنولي التي تضمنت هذا الإصطلاح. فعلى رأي البعض ان هذه النظرية هي اقرب للتصور الفيزيائي للإحتمال منه إلى التصور الذاتي والشخصي، ذلك ان برنولي هو أول من قام بفحص كم هي عدد مرات التكرار المطلوبة قبل الثقة والتأكد من تقديراتنا الإحتمالية، وعليه كانت نظريته اقرب إلى استخدام التصور الفيزيائي للإحتمال. كما استخدم العالم الفيزيائي هايزنبرغ مصطلح الذاتية بالمعنى التكراري الموضوعي، فاعتبر الإحتمالات الذاتية يمكن فحصها بتكرار التجربة مرات عديدة. لذلك فضّل هاكن تجنب هذه اللفظة لما فيها من غموض. ففي الاعمال الحديثة هناك ثلاثة أنواع مختلفة من نظريات الإحتمال يطلق عليها الذاتية، وهي كالآتي:

1 ـ أكثرها ذاتية وتعود إلى فنتي وسفج، ويطلق عليها أيضاً النظرية الشخصية أو السايكولوجية.

2 ـ نظرية الإحتمال المنطقي كما برزت لدى كينز وغيره، حيث أطلق الخصوم عليها النظرية الذاتية، رغم ما ترى نفسها بأنها من النظريات التي تمتلك النزعة الموضوعية للإحتمال. كذلك هناك من يطلق على نظرية لابلاس سمة الذاتية، ويرجح بوبر ان يطلق عليها المنطقية.

3 ـ كما يوجد تصور آخر للذاتية يجري لدى عدد من فلاسفة الفيزياء الكوانتية المعاصرين49.

ويعد رامسي أول من طرح النظرية السايكولوجية، وذلك في كتابه (الحقيقة والإحتمال) سنة 1926، كما ظهرت النظرية باستقلالية تامة على يد فنتي (سنة 1937)، والذي دعا للاستفادة منها - لاول مرة - في العمليات الاحصائية، لكن هذه الدعوة لم تؤثر كثيراً على الاحصائيين الناطقين بالانجليزية، حتى جاء سفج فكرر الدعوة في كتابه اصول الاحصاءات (سنة 1954)50.

وتعد هذه النظرية مخالفة للنظرية التقليدية والمنطقية والتكرارية، وذلك من حيث انها لا تعترف بإمكان تقدير الإحتمالات تقديراً عددياً ثابتاً. فمثلاً إذا اعتقد شخص بأن الطقس ممطر غداً بإحتمال قدره (80%)، فإنه لا يوجد طريق لفحص وضبط هذا الزعم والإعتقاد51. ومن وجهة نظر فنتي ان هذا التفسير هو الوحيد الذي يمكن تطبيقه في حالة التنبؤات العملية مثل حقائق الانواء الجوية والحوادث السياسية وغيرها52.

وحسب هذه النظرية ليس هناك تناقض ومفارقة بين الزعمين المتناقضين حول القضية الواحدة، كأن يقول شخص ان من المتوقع ان يكون الطقس ممطراً غداً، ويقول آخر خلاف هذا الزعم، حيث يتفاوت الناس في تقديراتهم الإحتمالية للقضية الواحدة، وكل ذلك يعد صحيحاً تبعاً لما تفضي إليه الإعتبارات الشخصية أو الذاتية53.

واهم ما توصف به هذه النظرية هو انها قائمة على المراهنات الشخصية دون الإعتبارات المنطقية، وبالتالي فإنها لا تخضع لإعتبارات بديهات الإحتمال وحساباته الرياضية، بل إنها تبيح لدرجات الإعتقاد ان تبرز كيفما تكون من غير قيود، وذلك بخلاف النظريتين التقليدية والمنطقية التين تجعلان من مبدأ عدم التمييز كفيلاً بتوزيع الإحتمالات المتساوية على الحالات عند علمنا بعدم وجود ما يرجح بعض الحالات على البعض الآخر.

فمثلاً لو ان قضية واحدة اعتقد فيها أحد الاشخاص بأنها قابلة للحدوث بنسبة تقديرية هي (3\5)، وان آخر توقع عدم حدوثها بقيمة إحتمالية قدرها (4\5)، فإن الجمع بين هذين الإحتمالين المتنافيين لا يتفق مع بديهيات الإحتمال، وهو ان الإحتمالات تتراوح بين الصفر والواحد. وكذا لو ان أحد المراهنين راهن على فوز فرس سباق بنسبة إحتمالية كبيرة ولتكن (75%)، وان آخر اعتقد بأن هذا الفرس سيخسر بما يقارب هذه النسبة، فإن ذلك لا يتوافى مع قاعدة الجمع في الإحتمالات المتنافية تبعاً للبديهيات المتفق عليها. وهذا يعني ان هذه النظرية ليست بصدد الجوانب المنطقية والرياضية من نظرية الإحتمال. لذلك انتقد رامسي نظرية كينز لقيامها على مبدأ عدم التمييز بإعتباره مبدءاً منطقياً تتأسس عليه فكرة التساوي في الإحتمالات وتوزيعها على الحالات الممكنة. ففي النظرية الذاتية لا يوجد هكذا الزام كما هو واضح54.

وقد لوحظ ان هذه النظرية تواجه صعوبة كبيرة في معالجتها للقضايا الإحتمالية كحواصل مراهنة، وهي الملاحظة التي ابداها الاستاذ بريثوايت، رغم أنه يميل إلى هذه النظرية ويرجحها على غيرها. حيث اقرّ بصعوبة اسقاط المراهنة على الفرضية، لذلك فإن فنتي سمح للمراهنات ان تطبق فقط على الحوادث الخاصة، وان سفج سمح لها ان تطبق على فرضيات حقيقة الكون أو الوجود55. مما يعني انها وإن كان يمكن التعويل عليها في بعض المجالات الشخصية، إلا انها تعجز عن أن تغطي مجالات أخرى، خصوصاً تلك التي يمكن تحديد مقاديرها الإحتمالية عددياً، أو تلك التي يمكن النظر إليها تبعاً للعناوين المنطقية والموضوعية.

1انظر:Laplace, ‘Probability and its Principles’, in: Madden; p.251. See also: George Boole, The Laws of Thought, Dover Pulications, 1958, p.251 and 253. And also: Kneale; p.170. And: John Patrick Day, Inductive Probability, edited by Ayer, New York, The Humanities Press, 1961, p.128.

2انظر:Day; p.129. See also: D. A. Gillies, An Objective Theory of Probability, United Kingdom, William Clowes and Sons limited,1973, p.11. .

3 Laplace; p.252.

4انظر:Kneale; p.119. And: Day; p.125. Also: Karl Popper, The Logic of Scientific Discovery, United Kingdom, Anchor Press, First Impression 1959, Seventh Impression, 1974, p.148.

5 Kneale; p.119.

6 Tricker; p.58.

7انظر:E.T. Jaynes, Papers on Probability, Statistics and Statistical Physics, Holland, D. Reidel Publishing Company, 1983, p.217.

8 Popper; p.148.

9 Kneale; p.150ـ151.

10 Jaynes; 200ـ201.

11انظر:Richard Von Mises, Probability, Statistics and Truth, New York, Dover publication, 1957, p.72ـ73.

12 Day; p.129.

13 Kneale; p.172.

14انظر:J. L. Mackie, Truth, Prabability and Paradox, United Kingdom, Oxford University Press, 1973, p.200. .

15انظر:Edward H. Madden, ‘Introduction; Philosphy Problems of Phisics’, in: The Structure of Scientific Thought, Great Britian, 1968, p.244. .

16انظر:Henry E. Jr. Kyburg, Probability and Inductive Logic, U.S.A, 1970, p.34ـ35.

17 Kyburg;1970; p.36.

18انظر:A. J. Ayer, Probability and Evidence, United Kingdom, Richard Clay LTD, 1972, p.35.

19 A. C. King, and C. B. Read, Pathways to Probability, U.S.A, 1963, p.81. .

20 Mises; p.75.

21 Kyburg;1970; p.33.

22 Carnap; p.273.

23 Mises; p.77.

24 Kneale; p.147.

25 Gillies; p.12.

26 Mises; p.68 and p.80.

27انظر:Day; p.129. See also: C. D. Broad, Induction, Probability and Causation, Holland, D. Reidel Published Company, 1968. p.192.

28الأسسالمنطقيةللإستقراء،ص169 ومابعدها. .

29 Mises; p.69 and p.79. .

30 عن: الأسسالمنطقيةللإستقراء،ص305ـ306.

31 Broad; p.100.

32 Boole; p.370.

33 Russell; 1948; p.425.

34انظر:L. Jonathan Cohen, An Introduction to the Philosophy of Induction and Probability, Oxford University Press, New York, 1989, p.98. Also: Kneale; p.204. .

35 Broad; p. 90.

36 Carnap; p.274ـ278.

37 Jaynes; p.213.

38 Carnap; p.272ـ273.

39انظر:Cohen;1989; p.74. See also: Storrs McCall, A Model of the Universe, New York, Oxford University Press, 1996, p.142. Also: Russell; 1948. p.393.

40 Kneale; p.9.

41 Hacking; p.148.

42 McCall; p.141ـ142.

43انظر:Emile Borel, ‘A Propos of a Treatise on Probability’, in: Kyburg and Smokler, Studies in Subjective Probability, U.S.A, 1964, p.49.

44 Russell; 1948; p.391ـ392.

45 McCall; p142. See also: Gillies; p.10ـ11.

46 Broad; p.55ـ56.

47 Carnap; p.272ـ273.

48 Hacking; p.73.

49 Hackinng; p.147ـ149 . Also: Popper; p.148.

50 Kyburg; 1970; p.68.

51انظر:Richard Eggleston, Evidence; Proof and Probability, London, Butler and Tanner Limited, 1983, p.9.

52 Finetti; p.152.

53 Kneale; p.7.

54انظر:Halina Mortimer, The Logic of Induction, England, Ellis Horwood limited, 1988, p.81.

55انظر:Braithwaite, ‘Discussion on Leblanc Paper’, in: Kyburg and Nagel, Induction: Some Current Issues, Wesleyan University Press, 1963, p.24.   

comments powered by Disqus