يحيى محمد
كثيرة هي الروايات التي يظهر فيها الكذب على أئمة أهل البيت (ع)، كما أن بعضاً من الروايات ما يشير الى هذا الكذب. وقد اعترف المرحوم هاشم معروف الحسني في (الموضوعات في الآثار والأخبار) بحجم الضرر الذي أصاب الحديث الشيعي جرّاء فعل الدس والتزوير الذي قام به جماعة كثيرة تظاهروا بالولاء لأهل البيت واندسوا بين الرواة وأصحاب الأئمة مدة طويلة حتى استطاعوا ان يتقربوا من الإمامين الصادقين واطمأن اليهم جمع من الرواة، فوضعوا مجموعة كبيرة من الأحاديث ودسوها بين أحاديث الأئمة وفي أصول كتب الحديث، ولم يسلم من فعلهم هذا حتى القرآن الكريم الذي اوهموا بتحريفه، تفسيراً وتنزيلاً، وظهرت أثر ذلك كتب الحديث والتفسير وهي مشحونة بمثل هذا الزور والتضليل. وكما قال: وبعد التتبع في الأحاديث المنتشرة في مجاميع الحديث كالكافي والوافي وغيرهما، نجد ان الغلاة والحاقدين على الائمة والهداة لم يتركوا باباً من الأبواب إلا دخلوا منه لإفساد أحاديث الائمة والإساءة إلى سمعتهم، وبالتالي رجعوا إلى القرآن الكريم لينفثوا عن طريقه سمومهم ودسائسهم لأنه الكلام الوحيد الذي يحتمل ما لا يتحمله غيره، ففسروا مئات الآيات بما يريدون والصقوها بالائمة الهداة زوراً وتضليلاً. وألّف علي بن حسان وعمه عبدالرحمن بن كثير وعلي بن أبي حمزة البطائيني كتباً في التفسير كلها تخريف وتضليل لا تنسجم مع اسلوب القرآن وبلاغته واهدافه.
وكان من أهم الكتب التي صُنّفت للتأكيد على التحريف كتاب الشيخ الإخباري النوري الطبرسي وهو بعنوان (فصل الخطاب في تحريف كتاب رب الأرباب). وقد حشد فيه أقوال وروايات كثيرة جداً دالة على التحريف. ومما جاء فيه أن بعض السور القرآنية مفقودة مثل سورة الولاية وما اليها. ونقل بعض السور المدعاة عن صاحب كتاب (دبستان مذاهب) وظن بأن ظاهر كلامه يفيد كونه نقل السورة من كتب الشيعة، لكنه لم يجد لها أثراً في هذه الكتب؛ سوى ما حُكي عن ابن شهرآشوب المازندراني في كتاب (المثالب) قوله: أنهم أسقطوا من القرآن تمام سورة الولاية، فعلّق النوري على ذلك بقوله: ولعلها هذه السورة والله أعلم. ومما جاء في هذه السورة المدعاة القول: (يا أيها الرسول بلّغ إنذاري فسوف يعلمون، قد خسر الذين كانوا عن آياتي وحكمي مُعرِضون، مثل الذين يوفون بعهدك إني جزيتهم جنّات النعيم، إن الله لذو مغفرةٍ وأجرٍ عظيم، وإن علياً لمن المتّقين، وإنّا لنوفيه حقه يوم الدين، ما نحن عن ظلمه بغافلين، وكرّمناه على أهلك أجمعين..)[1]. وفي بعض المصاحف تمّ العثور على ما أُطلق عليه سورة الولاية كما صوّرها المستشرق (كلير تسكال) في بحث له اعتماداً على بعض المخطوطات، وهي في سبعة آيات مزعومة كالتالي: (يا أيها الذين آمنوا آمنوا بالنبي وبالولي اللذين بعثناهما يهديانكم الى صراط مستقيم، نبي وولي بعضهما من بعض وأنا العليم الخبير، إن الذين يوفون بعهد الله لهم جنات النعيم، والذين إذا تليت عليهم آياتنا كانوا بآياتنا مكذبين، إن لهم في جهنم مقاما عظيما إذا نودي لهم يوم القيامة أين الظالمون المكذبون للمرسلين، ما خالفهم المرسلين إلا بالحق وما كان الله ليُظهرهم الى أجل قريب، فسبح بحمد ربك وعلي من الشاهدين). يضاف إلى سورة النورين اللتين تمّ اكتشافهما في مصحف لدى إحدى مكتبات بانكيبور في الهند عام 1912. ويبلغ عدد آيات سورة النورين المزعومة اثنين وأربعين آية، ومطلعها: (يا أيها الذين آمَنوا آمِنوا بالنورين أنزلناهما يتلوان عليكم آياتي ويحذرانكم عذاب يوم عظيم، نوران بعضهما من بعض وأنا السميع العليم..) [2]. وقيل إن نسخة المصحف ربما تعود إلى القرن السابع عشر أو ما قبل ذلك[3].
وعلى العموم إن هذا المصحف وسوره المزعومة لم تُعرف لدى علماء الشيعة القدماء ولا كتبهم المعلومة، فهي من الموضوعات المتأخرة لبعض المجهولين.
[1] النوري الطبرسي: فصل الخطاب في تحريف كتاب رب الأرباب، ص108، انظر نسخة الكتاب المصورة في الموقع الالكتروني: http://ia600200.us.archive.org
[2] انظر كامل النص وملابساته في: تيودور نولدكه: تاريخ القرآن، ترجمة جورج تامر، مؤسسة كونراد – أدناور للنشر، بيروت، الطبعة الاولى، 2004، ص329 وما بعدها، عن الموقع الالكتروني: www.4shared.com.
[3] انظر التفصيل في:
William St. Clair Tisdall, Shi’ah Additions To The Koran, In: The
Moslem World, Vol. III, No. 3, July, 1913, pp. 227-241. Look;
http://www.muhammadanism.org/Tisdall/shiah_additions/shiah_additions_koran.pdf