-
ع
+

درس الفلسفة الرابع: نمو المعرفة وأساليب الاستدلال

الفلسفة والعلم والمنطق الاستقرائي (4)

وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا

تناول هذا الدرس موضوع المصادر الرئيسية للاستدلال، وتتحدد بالاستنباط والاستقراء. وقد كانت محاور الدرس كالتالي:

الدليل الاستنباطي والاستقرائي

فالمقصود بالدليل الاستنباطي (القياس المنطقي) بأنه استدلال يعتمد على حالة عامة لينتهي بالنتيجة الى حالة لا تكون اكبر من المقدمة. أما الدليل الإستقرائي فيعرّف عادة بأنه إستدلال يعتمد على حالات خاصة قليلة لينتهي بالنتيجة إلى حالة عامة، كما هو الحال في القانون الإستقرائي القائل ‹‹كل حديد يتمدد بالحرارة››، فلا شك انه ناتج عن إختبار عدد محدود من قطع الحديد بالحرارة.

التمييز بين الاستنباط والاستقراء

والفرق بين الإستنباط والإستقراء، هو ان الإستنباط يستمد صدق نتيجته من ضرورة مبدأ عدم التناقض المنطقي، وذلك بإعتبار ان المقدمة فيه تستبطن ذات النتيجة، سواء كانت هذه الأخيرة أصغر من المقدمة أو مساوية لها. أما الإستقراء فإن النتيجة فيه لما كانت زائدة أو انها أكبر من المقدمة، لذا فمن المحال ان تكون مستبطنة داخلها، وإلا لترتيب التناقض، إذ كيف يكون الزائد متضمناً في الفاقد، وكذا كيف يكون الأكبر محتضناً في الأصغر، مع ان عناصرها تشكل نفس التماثل. وعليه فمن الناحية المنطقية ان عدم صدق النتيجة مع المقدمات لا يتضمن التناقض، بخلاف الحال مع الإستنباط. فمثلاً إذا قلنا: زيد يموت، وعلي يموت، وعمرو يموت.. الخ، فالإنسان يموت.. نلاحظ ان النتيجة أكبر من المقدمة، وبالتالي قد لا تكون صادقة رغم صدق المقدمة، مما يعني ان القفزة والزيادة في النتيجة تحتاج إلى تفسير، وذلك إذا ما كنا على ثقة بالدليل الإستقرائي.

التمييز بين الاستقراء الناقص والكامل 

كما تعرض الدرس الى التمييز بين الاستقراء الناقص والكامل، وكون الكامل يعود الى الاستنباط لا الاستقراء وفقاً للتعريف.

كما اشار الدرس الى علاقة الاستقراء بالمبادئ العقلية الاولية وفقاً لارسطو.

أنماط الاستقراء

كذلك تعرض الدرس الى ثمانية انماط مختلفة للاستقراء.

مشكلة الاستقراء

واخيراً تعرض الدرس الى المشاكل المتعلقة بالاستقراء. ففي مثالنا الانف الذكر ‹‹كل حديد يتمدد بالحرارة›› علمنا انه جاء نتيجة عدة إختبارات لقطع محدودة من الحديد، وبالتالي كيف جاز لنا ان نعمم النتيجة ونعتبر كل حديد يتمدد بالحرارة؟ وبعبارة أخرى: كيف نحكم بما هو شاهد على ما هو غائب؟ وكيف نحول ما هو خاص جزئي إلى ما هو عام كلي؟ ومن ثم كيف نبرر عملية اليقين في التعميم، بل وكيف نبرر كذلك حالة اليقين في إثبات القضايا الفردية؟ وكيف يسوغ لنا ان نحول الإحتمال مهما بلغت قوته إلى يقين جازم مطلق؟

وهكذا فإن مشكلة الإستقراء في جوهرها هي مشكلة اليقين والتعميم.

تاريخ تحديد مشكلة الإستقراء

من الناحية التاريخية ان أقدم المصادر التي تطلعنا على الاعتراف بوجود مشكلة في الإستقراء هي تلك التي تعود إلى جابر بن حيان الكوفي خلال القرن الثاني للهجرة، حيث انه لا يرى ما يبرر اليقين في التنبؤ بالحوادث والتعميمات الإستقرائية، ويعتبر ان الدلالة عليها لا تزيد عن محض الإحتمال والظن.

لكن يظل ان الفضل في الكشف عن طبيعة المشكل المنطقي الذي يتضمنه الدليل الإستقرائي؛ يعود إلى الفيلسوف الانجليزي الاسكتلندي ديفيد هيوم (1711ـ1776) المعروف بنقده للمعرفة ورده على النزعة العقلية.

وقد ارتبطت بهذه المشكلة مشكلة منطقية أخرى تتعلق بمبرر اليقين في القضايا الإستقرائية؛ حتى تلك التي لا تكون لها علاقة بالتعميم؛ كمعرفتنا بوجود واقع موضوعي حولنا، وبوجود زيد وموت سقراط ونشوء الارض.. الخ.

 


للتنزيل اضغط هنا

comments powered by Disqus