-
ع
+

الحديث الشيعي وطور الجمع والتدوين

يحيى محمد

لقد مر الحديث عند الشيعة بثلاثة اطوار تاريخية رئيسة، هي: طور التدوين، وطور الجمع، وهما طوران طبيعيان، ثم اعقبهما طور النقد والتحقيق. وسنكتفي هنا بالحديث عن الطورين الأولين كالتالي:


1ـ طور التدوين

آمن الشيعة بأصالة تدوين الحديث، وانكروا المقولة التي رواها اهل السنة من ان النبي (ص) كان قد نهى عن كتابة حديثه، واستدلوا قبالها بالروايات الاخرى التي اجازت الكتابة، واضافوا اليها روايات اخرى عن الائمة الاطهار. وهم بهذا لا يعولون من قريب او بعيد على ما سلكه الصحابة واتباعهم من اقوال وافعال، ورأوا ذلك من المؤامرة على الحديث لاغراض سياسية تتعلق بالموقف من الخلافة. وبحسب هذا الرأي، ان كتابة الحديث لم تنقطع سواء في عهد النبي او بعده، حيث تولى الائمة واصحابهم تدوينه والحث على كتابته جيلاً بعد جيل، ونقلوا حول ذلك الكثير من الروايات. ويمكن تمييز مرحلتين من التدوين بهذا الصدد، احداهما تعود الى عصر الامام علي واتباعه خلال القرن الاول للهجرة، اما الاخرى فتعود الى عصر الائمة خلال القرنين الثاني والثالث، وذلك بدءاً من الامام الصادق او الباقر وحتى اخر الائمة. وسنبحث كلا هاتين المرحلتين كالآتي:


المرحلة الاولى

روي ان للامام علي عدداً من الكتب خطها بيده، ومن ذلك ما سمي بالصحيفة والجامعة وكتاب الجفر ومصحف فاطمة، وورد حول هذه الكتب الكثير من الروايات نُقل اغلبها عن الامام الصادق، كتلك التي رواها محمد بن الحسن الصفار ومحمد بن يعقوب الكليني خلال القرنين الثالث والرابع للهجرة[1]. فقد جاء ان للامام علي صحيفة في الديات كان يعلقها في سيفه، وورد ذكرها في صحيح البخاري ضمن باب (كتابة العلم) وباب (اثم من تبرأ من مواليه) والبعض يقطع بانها ما زالت موجودة حتى عصرنا الحاضر وان لديه نسخة منها، كالذي يقوله السيد حسن الصدر (المتوفى سنة 1354هـ)[2].

كما جاء ان للامام علي كتاباً اخر اسمه الصحيفة الجامعة وصفت بان طولها سبعون ذراعاً، وان فيها كل حلال وحرام وكل شيء يحتاج اليه المكلف حتى أرش الخدش، وهي من املاء رسول الله بخط علي[3].

كذلك ورد ان لعلي كتاباً اخر اسمه الجفر، وهو جلد ثور او شاة مملوء بالعلم، وجاء ان الجفر وعاء من آدم فيه علم النبيين والوصيين وعلم العلماء الذين مضوا من بني إسرائيل، كما ورد ان فيه قضايا علي وفرائضه[4]. وفي بعض الاخبار روي ان هناك الجفر الأبيض وفيه زبور داود وتوراة موسى وإنجيل عيسى وصحف إبراهيم والحلال والحرام، كما روي ان هناك الجفر الاحمر وفيه السلاح وذلك إنما يفتح للدم، حيث يفتحه صاحب السيف للقتل[5].

وعلى هذه الشاكلة ورد ان لعلي كتاباً اطلق عليه (مصحف فاطمة) وجاء ان فيه علم ما كان وعلم ما هو كائن وما سيكون إلى أن تقوم الساعة، كما ورد فيه انه ليس من ملك يملك الأرض إلا وهو مكتوب فيه باسمه واسم أبيه، وان اسماء الائمة فيه[6]، وان الامام الصادق كان ينظر فيه ليرى ما سيحدث من احداث، ومن ذلك تحديده لسنة ظهور الزنادقة مثلما جاء في بعض الروايات[7]. وكذا جاء ان فيه وصية فاطمة[8]. وعن منشأ هذا المصحف روي انه لما توفي النبي حزنت فاطمة حزناً شديداً، فأرسل الله إليها ملكاً يسلي غمها ويحدثها فابلغت ذلك علياً، وهو بدوره اخذ يكتب كل ما سمع حتى أثبت من ذلك مصحفاً ليس فيه شيء من الحلال والحرام، بل فيه علم ما يكون[9]. لكن جاء في بعض الروايات ان فيه ما له علاقة بالحلال والحرام مثلما ورد في الصحيفة الجامعة، ومن ذلك ما روي عن الامام الصادق انه قال: مصحف فاطمة ما أزعم أن فيه قرآناً، وفيه ما يحتاج الناس إلينا ولا نحتاج إلى أحد حتى فيه الجلدة ونصف الجلدة وربع الجلدة وأرش الخدش[10]،

مهما يكن، فأغلب الكتب المنسوبة الى الامام علي، كما تشير اليها الروايات، هي كتب يتضمن محتواها جميع العلوم الدينية والكونية والبشرية. الامر الذي يصعب تصديقه، وذلك لما تثيره من اشكالات خاصة بالعلم الشمولي والغيبي، والله تعالى يقول بلسان نبيه الكريم: ((ولو كنت اعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء)) (الاعراف/188). كذلك كيف امكن لشخص ما ان يجمع ويكتب كل هذا العلم من بداية الخلق وحتى يوم القيامة؛ ما لم يكن ذلك من العلوم السرية - او السحرية - كالذي يدعيه العرفاء والباطنية. وكذا كيف امكن الجمع بين ان يكون للامام كتاب متواضع مثل الصحيفة في الديات وبين سائر الكتب الشمولية والغيبية، فاي حاجة لمثل ذلك الكتاب المتواضع ليحتفظ به في سيفه - كما تقول الرواية - اذا ما كانت عنده الكتب الاخرى التي تغني عنه ملايين المرات؟!

 وبغض النظر عن هذه الاشكالات وغيرها كما سنعرضها فيما بعد؛ فالملاحظ ان الكتب السابقة هي كتب شخصية لا علاقة لها بالتداول العام، وهي من هذه الناحية لا تدل على تشجيع نشر الكتابة المروية عن النبي (ص) فحالها كحال ما عرفناه عن عدد من الصحابة الذين كانوا يدونون حديث النبي لحفظه والافادة منه شخصياً. بل روي عن الامام علي ما يؤيد هذا المسلك، وهو قوله: أيم الله لو انبسط ويؤذن لي لحدثتكم حتى يحول الحول لا أعيد حرفاً، وأيم الله ان عندي لصحف كثيرة؛ قطائع رسول الله واهل بيته[11].

كذلك تشير روايات اخرى الى وجود عدد من المصنفات العائدة الى اصحاب علي، وقيل ان اول من دون في الحديث هو مولى النبي ابو رافع واسمه اسلم، فقد ذكره النجاشي (المتوفى سنة 450هـ) في فهرسته بانه كان مولى للعباس ثم وهبه الى النبي، وبعد ذلك أصبح من اصحاب علي، حيث شهد حروبه وأدار بيت ماله في الكوفة[12]، ونقل ان له كتاب السنن والاحكام والقضايا[13].

كذلك فان لابنه علي بن ابي رافع كتاباً في فنون من الفقه والوضوء والصلاة وسائر الابواب، حيث كانت له صحبة مع الامام علي وكان كاتباً له، وروى النجاشي حول الكتاب عدداً من الطرق، بعضها يشير الى كون مصنفه هو علي بن ابي رافع، وبعض اخر يشير الى غيره، فمثلاً في رواية عن عمر بن محمد بن عمر بن زين العابدين ان الكتاب ينتهي الى عبيد الله بن علي بن ابي رافع، وفي رواية اخرى ان صاحب الكتاب هو الامام علي، كالذي جاء في احدى طرق عمر بن محمد عن عمر بن الامام علي عن الامام نفسه[14].

وكذا جاء ان لعبيد الله بن ابي رافع كتاباً عنوانه (قضايا امير المؤمنين) كما له كتاب اخر عنوانه (تسمية من شهد مع امير المؤمنين الجمل وصفين والنهروان من الصحابة) وقد روي الكتابان بعدد من الطرق، كالذي نقله ابو جعفر الطوسي في فهرسته[15].

كما جاء للاصبغ بن نباتة بعض الكتب، وكان من خاصة الامام علي، وروى عنه النجاشي ان له عهد الامام للاشتر ووصيته الى ابنه محمد[16]. وروى الطوسي ان له مقتل الحسين بن علي[17].

ومثل ذلك جاء عن ربيعة بن سميع ان له كتاباً عن الامام علي في زكوات النعم[18]. كما جاء عن سليم بن قيس الهلالي كتاب في الامامة، وقيل انه اول كتاب ظهر للشيعة، وصاحبه من اصحاب الامام علي[19].

وروي ان لزين العابدين علي بن الحسين صحيفة من الادعية وصفت بزبور آل محمد، وعرّفها حسن الصدر بانها من المتواترات مثل القرآن عند كل فرق الاسلام، وهي اليوم موجودة ومطبوعة بعنوان الصحيفة السجادية.

كذلك جاء عن زيد بن زين العابدين ان له كتاباً عن الامام علي[20]. ونقل عن جماعة اخرين من اصحاب علي ان لهم كتباً مصنفة، مثل الحرث بن عبد الله وميثم التمار وعبيد الله بن الحر ومحمد بن قيس البجلي ويعلى بن مرة[21]. ويبدو ان بعض هؤلاء متأخر عن عصر علي مثل محمد بن قيس البجلي (المتوفى سنة 151هـ).

ويلاحظ ان الكتب المذكورة ليس لها علاقة بكتابة الرواية عن النبي، وان اغلبها لا يعلم عنها شيء، فقد لا يكون لها اثر ولا حقيقة، كما ان بعضها يبدو عليها الانتحال. وكما اظهر بعض المحققين ان كتاب السنن والاحكام والقضايا لابي رافع هو نفس كتاب البجلي، ومضمونه نفس المضمون، حيث روى الطوسي في فهرسته ان عبيد بن محمد بن قيس البجلي له كتاب رواه عن ابيه الذي قال: عرضنا هذا الكتاب على ابي جعفر الباقر فقال هذا قول امير المؤمنين علي بن ابي طالب انه كان اذا صلى قال في اول الصلاة... وذكر الكتاب. وعلى رأي المحقق البهبودي ان ما ذكره الشيخ الطوسي في تعريفه لاول هذه النسخة هو عين ما ذكره ابو العباس النجاشي في تعريفه لاول تلك النسخة، مع ان النجاشي نسبه الى ابي رافع، وان الطوسي نسبه الى محمد بن قيس البجلي، وكان النجاشي قد صرح بان كتاب عبيد الله بن ابي رافع كان عاماً يشتمل ابواب الصلاة والصيام والزكاة والحج وسائر ابواب الفقه، ومثل ذلك ان الروايات المستخرجة من كتاب القضايا لمحمد بن قيس البجلي تعم ابواب الفقه، وكتابه يعرف بكتاب قضايا امير المؤمنين، لذا ارتاب العلماء في تمييز المسمين بهذا الاسم، بل وتمييز المؤتلف والمختلف من هذا الكتاب. وقد اعرض البهبودي عن جميع الروايات التي رويت عن محمد بن قيس حيث وجدها منحولة مخالفة لمذهب اهل البيت[22].

كذلك فقد تعرض كتاب سليم بن قيس - الذي مازالت نسخ منه الى الان - الى النقد، حيث انكره  الكثير من علماء الشيعة، وذلك لتضمنه العديد من القضايا المخالفة للوثائق التاريخية، مثلما انه يخالف المعتقد الشيعي في عدد من القضايا، ومن ابرزها انه ينص على ان الائمة ثلاثة عشر، وان محمد بن ابي بكر وعظ اباه عند الموت، وما الى ذلك. وقد ذكر ابن الغضائري انه نسب لسليم بن قيس هذا الكتاب، وكان الاصحاب يقولون ان سليماً لا يعرف ولا ذكر في حديث، وعقب على ذلك فقال: وجدت ذكره في مواضع من غير جهة كتابه ولا من رواية ابان بن ابي عياش الذي يروى الكتاب عنه[23].


المرحلة الثانية

تختلف خصائص هذه المرحلة عن سابقتها، وتتحدد بدايتها بعصر الامام الصادق وابيه الباقر، وذلك خلال القرن الثاني للهجرة. ففي هذه المرحلة بدأ التدوين العام للحديث يظهر شيئاً فشيئاً، واخذت الكتب والمصنفات طريقها الى الشياع بين العلماء، وكان من بين ذلك ما ظهر لعلماء الشيعة من الكتابة والرواية. وقد روي ان للامام الصادق العديد من الكتب والرسائل، ومن ذلك رسالته الى والي الاهواز عبد الله النجاشي، وعلى ما قاله صاحب الرجال النجاشي انه لم ير للامام الصادق مصنف غيرها، كما ذكر ان له رسالة في شرائع الدين اوردها الشيخ الصدوق في (الخصال) وله رسالة الى اصحابه، ورسالة الى اصحاب الرأي والقياس، ورسالة في احتجاجه على الصوفية، ورسالة في الغنائم ووجوب الخمس، ورسالة في وجوه معايش العباد، وله وصية لعبد الله بن جندب، ووصية لابي جعفر محمد بن النعمان الاحول، كما له الكتاب المعروف باسم توحيد المفضل، وكذا كتاب الاهليلجة، وكتاب تقسيم الرؤيا، وغير ذلك من الكتب والرسائل[24].

مع هذا ليس في هذه العناوين ما يدل على تدوين الحديث النبوي، والعديد منها يبدو عليه الطابع الشخصي. لكن هناك وصايا لهذا الامام في تدوين الحديث، بعضها يدل على الافادة الشخصية، في حين يدل البعض الاخر على الافادة العامة من التداول، كما تشير الى ذلك العديد من الروايات مثلما ذكرها الكليني في كتابه (الكافي في الاصول والفروع) ضمن (باب رواية الكتب والحديث وفضل الكتابة والتمسك بالكتب). فقد جاء في هذه الروايات ما يحث على الكتابة والاحتفاظ بالكتب، واغلبها منقول عن الامام الصادق، ومن ذلك ما روي عن ابي بصير ان ابا عبد الله الصادق قال: اكتبوا فإنكم لا تحفظون حتى تكتبوا[25]، وكذا روي عن حسين الأحمسي ان الامام الصادق قال: القلب يتكل على الكتابة[26]. وعن زرارة ان الصادق قال: احتفظوا بكتبكم فإنكم سوف تحتاجون إليها[27]. وعن المفضل بن عمر ان الصادق قال له: اكتب وبث علمك في إخوانك فإن مت فأورث كتبك بنيك فإنه يأتي على الناس زمان هرج لا يأنسون فيه إلا بكتبهم[28].

كما جاء انه عرضت على الامامين الباقر والصادق ومن بعدهما من الائمة العديد من الكتب للنظر فيها وتصحيحها، ومن ذلك ما روي عن حمزة بن الطيار انه عرض على الامام الصادق بعض خطب ابيه الباقر[29]، وكان لعبيد الله بن علي بن ابي شعبة كتاب عرضه على الامام الصادق وصححه[30]، ومر علينا انه كان لعبيد بن محمد بن قيس البجلي كتاب يتضمن نصوصاً للامام علي رواه عن ابيه وقد عرضه على الامام الباقر[31]. وكان لعبد الله بن سعيد بن حيان كتاب الديات رواه عن ابائه وعرضه على الامام الرضا[32]. ومثل ذلك عرض يونس بن عبد الرحمن كتب اصحاب الامام الصادق على الامام ابي الحسن الرضا فانكر منها أحاديث كثيرة[33]. وعرض أحمد بن أبي خلف كتاب يوم وليلة ليونس بن عبد الرحمن على الإمام ابي جعفر الجواد فتصفحه وترحم على يونس[34]، ومثل ذلك عرض هذا الكتاب على الامام العسكري فأثنى عليه[35]. كما ترحم الامام العسكري على كتاب الفضل بن شاذان بعد ان نظر اليه[36].

وقد يقال ان الائمة في هذا العهد انما يوصون بكتابة الحديث لكن ما دون النبي، حيث ان الاحاديث التي يشجعون عليها هي تلك المروية عنهم، وانهم في الغالب لا ينسبون الحديث الى النبي مباشرة، فقد يكون موقفهم على هذا الافتراض كموقف ما رأيناه لدى بعض التابعين من تفضيل نسبة الحديث الى ما دون النبي لتفادي ما قد يكون في الرواية من زيادة او نقصان.

لكن هذا الرأي لا يجد سنداً معتداً به حسب الروايات في الكتب الشيعية، وذلك لان هناك كثرة بالغة من الاحاديث المروية عن الائمة تشير الى انها ذات مضمون الهي قاطع، اي انها تعبر عما يريده الله ورسوله. فالائمة - بحسب هذه الروايات - يتحدثون بما يتحدث به النبي دون فرق. بل هناك من الروايات ما تبدي ان حديث احد الائمة هو حديث البقية والنبي ايضاً. كما هناك من الروايات عن الامام الصادق ما تدل على ان الكل واحد، وان الحديث الوارد عن بعضهم يجوز اسناده الى الاخرين. ففي رواية عن ابي عبد الله الصادق انه قال: حديثي حديث أبي، وحديث أبي حديث جدي، وحديث جدي حديث الحسين، وحديث الحسين حديث الحسن، وحديث الحسن حديث أمير المؤمنين، وحديث أمير المؤمنين حديث رسول الله (ص) وحديث رسول الله قول الله عز وجل[37]. وعن أبي بصير انه قال لأبي عبد الله الصادق: الحديث أسمعه منك أرويه عن أبيك أو أسمعه من أبيك أرويه عنك؟ فأجابه الامام: سواء، إلا أنك ترويه عن أبي أحب إلي. وفي رواية اخرى عن الامام الصادق انه قال لجميل: ما سمعت مني فاروه عن أبي[38].

وورد عن الائمة وصايا في اسناد الحديث، ومن ذلك ما روي عن الامام الصادق ان أمير المؤمنين قال: إذا حدثتم بحديث فأسندوه إلى الذي حدثكم فإن كان حقاً فلكم وإن كان كذباً فعليه[39]. وجاء عن زيد الزراد انه سمع ابا عبد الله الصادق يقول: لا تشهد على ما لا تعلم ولا تشهد الا على ما تعلم وتذكر، قلت فان عرفت الخط والخاتم والنقش ولم اذكر شيئاً أأشهد؟ فاجاب الامام: لا، الخط يفتعل والخاتم قد يفتعل؛ لا تشهد الا على ما تعلم وانت له ذاكر فانك ان شهدت على ما لا تعلم تبوء مقعدك من النار يوم القيامة، وان شهدت على ما لم تذكره سلبك الله الايمان واعقبك النفاق إلى يوم الدين[40].

كما تقبل الائمة رواية الحديث بالمعنى وطالبوا باعرابه، ومن ذلك ما جاء عن محمد بن مسلم انه سأل ابا عبد الله الصادق: أسمع الحديث منك فأزيد وأنقص؟ فاجاب الامام: إن كنت تريد معانيه فلا بأس[41]. وعن داود بن فرقد انه سأل الصادق إني أسمع الكلام منك فأريد أن أرويه كما سمعته منك فلا يجيء؟ قال الامام: فتعمد ذلك؟ فاجاب ابن فرقد: لا، فقال الامام: تريد المعاني؟ فاجاب ابن فرقد: نعم، وعندها قال الامام: فلا بأس[42]. وعن جميل بن دراج قال أبو عبد الله: أعربوا حديثنا فإنا قوم فصحاء[43]. وعن عبد الله بن سنان انه قال لأبي عبد الله: يجيئني القوم فيستمعون مني حديثكم فأضجر ولا أقوى؟ فرد الصادق: فاقرأ عليهم من أوله حديثاً ومن وسطه حديثاً ومن آخره حديثاً[44].

مع هذا لا يظهر لدى الائمة سعي للاحتفاظ بكتب صحيحة للحديث يرجع اليها الناس عند الاختلاف، رغم ان ظروفهم المتنوعة طيلة ثلاثة قرون كانت تسمح بمثل هذا السعي، مثلما سمحت ببقاء الكثير من كتب الاصحاب التي عول عليها الشيعة في عصر الغيبة. وسبب ذلك اما لان الائمة لم يعطوا المسألة اهمية لوجود ما هو اهم منها، وعلى هذا الفرض يكون حاصل فعلهم هو كحاصل فعل النبي (ص) ومن بعده الصحابة، او لانهم كانوا من ذوي الرأي الذين يخافون تقييد العلم ومن ثم يتراجعون عنه كما حصل مع عدد من علماء السلف[45]. وهناك افتراض اخر هو انهم ابتعدوا عن سلك التدوين لغرض التمويه بجعل الخلاف في كلماتهم ونشرها بين اصحابهم لاعتبارات التقية وما شاكلها؛ كالذي يصوره علماء الشيعة وتدل عليه الكثير من الروايات. لكن خطورة هذا الفرض هو انه يفضي الى تضييع الحقيقة الدينية.

وللائمة عدد كبير من الاصحاب المتلقين، فمنهم الفقهاء وهم على درجات كاصحاب الاجماع وغيرهم، ومنهم عامة الناس، ويمكن تصور ان يندرج فيهم الامي ومن يحسن القراءة والكتابة، وكذا من يتقن الحفظ فيروي الحديث بالفاظه، او لا يتقنه فيرويه بالمعاني، ومنهم من يدوّن ما يسمعه، كما منهم من يرويه مشافهة، ومنهم من كان ينفرد بالامام ليحدثه وحده، ومنهم من يسمع الامام وهو يحدث عموم مريديه. كما ان من هؤلاء الكثير من الناقلين. وقيل ان من روى عن الامام الصادق وحده يبلغ ما يقارب اربعة الاف رجل، وقد ذكرهم ابو العباس بن عقدة الزيدي (المتوفى سنة 333هـ) في كتاب له عن الرجال الذين رووا عن الصادق[46]، وربما اعتمد عليه المفيد في اقرار العدد، فكان يقول: ان الناس قد نقلوا عن الامام الصادق من العلوم ما سارت به الركبان، ومن ذلك ان أصحاب الحديث قد جمعوا أسماء الرواة عنه من الثقات على اختلافهم في الآراء والمقالات، فكانوا أربعة آلاف رجل[47]. وسعى الشيخ الطوسي الى احصائهم وعد منهم ما يزيد على ثلاثة الاف (3050) رجل؛ كالذي اشار اليه عدد من العلماء [48]. كما احصاهم بعض المعاصرين واوصلهم الى (3759) صاحب[49]، وهم من أهل العراق والحجاز وخراسان والشام[50]، واغلبهم من اهل العراق خاصة الكوفة، حيث المنصوص عليهم من الكوفيين يزيدون على (1800) صاحب، في حين لم يكن من اهل المدينة المنورة ما يزيد على (150) صاحب، وكذا هو الحال في سائر البلدان الاخرى[51]. ومما جاء بهذا الصدد ما ذكره النجاشي من ان الحسن بن علي بن زياد الوشاء - وهو من اصحاب الامام الرضا - كان يقول: أدركت في هذا المسجد (الكوفة) تسعمائة شيخ؛ كل يقول حدثني جعفر بن محمد[52].

وقد امتاز الكثير من اصحاب الائمة بكثرة الرواية، فمنهم من نقل انه روى عشرات الالاف من الحديث، وجاء عن الامام الصادق ان ابان بن تغلب روى عنه ثلاثين ألف حديث[53]. وكان لابن تغلب كتب عديدة في القرآن والفقه والحديث والادب واللغة والنحو، ومن كتبه تفسير غرائب القرآن وكتاب الفضائل، وهو يعد من اصحاب كل من زين العابدين وابنه الباقر وحفيده الصادق[54]. كما روي عن جابر بن يزيد الجعفي ان الامام الباقر حدثه من اسرار الائمة سبعين ألف حديث ووعد ان يكتمها ولا يحدث بها احداً[55]، وفي رواية اخرى خمسين ألف حديث[56]، وكان للجعفي كتب كثيرة في التفسير والاحكام، وهو من اصحاب زين العابدين وابنه الباقر[57]. كما جاء ان محمد بن مسلم الثقفي الطائفي انه سأل الامام الباقر عن ثلاثين ألف حديث، وسأل الامام الصادق عن  ستة عشر ألف حديث[58]. وجاء ان محمد بن عيسى اليقطيني قد جمع من مسائل الامام الرضا خمسة عشر ألف مسألة، وفي رواية اخرى ثمانية عشر ألف مسألة[59]. وروي انه سئل الامام ابو جعفر الجواد في مجلس عن ثلاثين ألف مسألة فاجابهم فيها وله تسع سنين[60].

وقيل ان ابا العباس بن عقدة كان يجيب بثلاثمائة ألف حديث من أحاديث اهل البيت سوى غيرهم[61]، كما قيل انه سأله مرة محمد بن عمر بن يحيى العلوي عن حفظه واكثار الناس في طلب الحديث منه، فقال: احفظ مائة ألف حديث بالاسناد والمتن، واذاكر بثلاثمائة ألف حديث. وفي رواية اخرى ان ابن عقدة أتى يحمل جزءاً فيه ست وثلاثون ورقة، وكان فيها أحاديث كثيرة عن صلة الرحم مروية عن النبي (ص) واهل بيته، فعظم ذلك على عمر بن يحيى العلوي وسأله عن حفظه، فقال له: انا احفظ منسقاً من الحديث بالاسانيد والمتون خمسين ومائتي ألف حديث، وأذاكر بالاسانيد وبعض المتون والمراسيل والمقاطيع ستمائة ألف حديث[62].

كما كانت المصنفات الحديثية لاصحاب الائمة واتباعهم كثيرة جداً، فمثلاً قام النجاشي بتعداد ما وقف عليه من المصنفين لأصحاب الأئمة فبلغ عددهم ما يقارب ألف وثلاثمائة (1269) رجل[63]. وضبط الحر العاملي عدد مصنفاتهم فبلغت اكثر من ستة الاف وستمائة كتاب، وقد ظفر منها على ما يزيد على ثمانين كتاب، كالذي جاء في خاتمة (وسائل الشيعة)[64].

وكان من بين هذه المصنفات ان للفضل بن شاذان مائة وستين كتاب[65]، وقيل مائتي كتاب[66]، وان للحسين بن سعيد بن حماد الاهوازي ثلاثين كتاب[67]، وبمثل هذا العدد كان لعبد الله بن المغيرة[68]، وكذا كان ليونس بن عبد الرحمن اكثر من ثلاثين كتاب[69]، وكان لعلي بن مهزيار الاهوازي ثلاثة وثلاثون كتاب[70]، وكان للبزنطي الكتاب الكبير المعروف بجامع البزنطي، وكانت كتب البرقي تربو على مائة كتاب[71]، وقد تزيد الاحاديث المدونة في كتب البرقي على خمسين ألف حديث[72]، وكان للنسابة هشام الكلبي (المتوفى سنة 206هـ) اكثر من مائة وخمسين كتاب[73]، كما كان لمحمد بن ابي عمير اربعة وتسعون كتاب[74]، وكان لعبد الله بن احمد بن ابي زيد الانباري (المتوفى سنة 356هـ) مائة واربعون كتاب ورسالة[75]، كما كان لمحمد بن بحر الرهني نحو خمسمائة مصنف ورسالة[76]، وايضاً كان لاحمد بن محمد بن دول القمي (المتوفى سنة 350هـ) مائة كتاب[77]، كما كان لمحمد بن مسعود العياشي ما يزيد على مائتي مصنف[78].

وكان من بين هذه المصنفات ما يعرف بالاصول الاربعمائة. وقد اشتهرت في فترة الائمة، وإن لم يعرف اول من اطلق عليها هذا الاسم من القدماء. ويرى البعض ان هذا العدد لا يشكل جميع المصنفات لاصحاب الائمة، بل هو العدد الذي شاع في فترة الامامين الباقر والصادق، وان مجموع المصنفات في زمن الائمة كبير لا يمكن احصاؤه.

وقد ذكر الطبرسي في كتابه (اعلام الورى) انه روي عن الإمام الصادق من مشهوري أهل العلم أربعة آلاف إنسان، وصنف من جواباته في المسائل أربعمائة كتاب معروفة تسمى الأصول رواها أصحابه وأصحاب إبنه موسى الكاظم[79]. كما ذكر المحقق الحلي في كتابه (المعتبر) انه روى عن الامام الصادق ما يقارب اربعة الاف رجل، وانه كتب من اجوبة مسائله أربعمائة مصنف لأربعمائة مصنف سموها أصولاً[80]. وصرح بهذا زين الدين العاملي في شرحه لكتاب (الدراية) وقال: ‹‹ قد استقر امر الامامية على اربعمائة مصنف سموها اصولاً فكان عليها اعتمادهم ››[81]. ومع ان المشهور انها ما يقارب اربعمائة مصنف، لكن هناك من يعتقد بانها لا تزيد على المائة، خاصة ان الطوسي والنجاشي لم يذكرا منها اكثر من نيف وسبعين اصلاً[82]. كما اختلف العلماء حول تاريخها، فالمشهور انها ظهرت في عصر الامام الصادق، وهناك من رأى انها حصيلة عهود الائمة منذ الامام علي الى الامام العسكري، فكما نقل ابن شهر آشوب في كتاب (معالم العلماء) عن المفيد أنه قال: صنفت الإمامية من عهد أمير المؤمنين إلى عهد أبي محمد الحسن العسكري أربعمائة كتاب تسمى الأصول[83].

وتعود اهمية هذه الاصول الى أنها أُلفت في زمن الائمة، وكان عليها المعول لدى المتقدمين، وبعد ذلك أصبحت تشكل المادة الاولية لرواية الحديث عند علماء الشيعة بعد الغيبة، حيث كان الكثير منها شائعاً لدى اوساط العلماء، وقد اعتمد عليها اولئك الذين قاموا بجمع الحديث، وكان من ابرزهم اصحاب الكتب الاربعة المعتبرة الملقبين بالمحمديين الثلاثة، وهم كل من الكليني والصدوق والطوسي. ومع ذلك فان اغلب الكتب التي شاعت في تلك الفترة اخذت بالفقدان عبر الازمان المتأخرة، ولم يبقَ منها الا القليل. وبالنظر الى فقدانها فقد شبّ خلاف بين العلماء المتأخرين حول مدى وثاقة هذه الكتب، وإن جرى عملهم الفعلي بما اعتمدوه على الكتب الجامعة التي قام بها المحمدون الثلاثة، كالذي سيتبين لنا خلال الفقرة التالية..


2ـ طور الجمع

ظهر في عصر الغيبة عدد من العلماء الذين سعوا الى جمع الحديث من الاصول الاربعمائة وغيرها كما شاعت انذاك، وقد برزت اربعة جوامع لكتب الحديث تعود الى من عرفوا بالمحمدين الثلاثة الاوائل، وذلك خلال القرنين الرابع والخامس للهجرة، وهي كتاب (الكافي في الاصول والفروع) لأبي جعفر محمد بن يعقوب الكليني (المتوفى سنة 329هـ) وكتاب (من لا يحضره الفقيه) لابي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي الملقب بالشيخ الصدوق (والمتوفى سنة 381هـ) وكتاب (التهذيب) وكتاب (الاستبصار) وكلاهما لابي جعفر محمد بن الحسن بن علي الطوسي الملقب بشيخ الطائفة (والمتوفى سنة 460هـ). وتعد هذه الكتب معتبرة لدى علماء الامامية الاثنى عشرية وان لم تكن كتب صحاح كالذي عليه صحاح اهل السنة، ويبلغ مجموع الاحاديث فيها مجتمعة ما يقارب خمسة واربعين ألف (44244) حديث[84].

كما ظهر على اعقاب هذه الكتب جوامع اخرى للحديث، وكان بعضها يعود الى من عرفوا بالمحمدين الثلاثة الاواخر، وذلك خلال القرنين الحادي والثاني عشر للهجرة، وهي كتاب (الوافي) لمحمد بن مرتضى الملقب بالفيض الكاشاني (والمتوفى سنة 1091هـ) وكتاب (بحار الانوار)  لمحمد باقر المجلسي (المتوفى سنة 1110هـ) وكتاب (وسائل الشيعة) لمحمد بن الحسن الحر العاملي (المتوفى سنة 1104هـ) ثم جاء بعد ذلك المرزا حسين النوري (المتوفى سنة 1320هـ) فألف كتاب (مستدرك وسائل الشيعة). وهناك جوامع حديثية اخرى مثل كتاب (العوالم) للشيخ عبد الله البحراني وكتاب (جامع الاحكام) للسيد عبد الله شبر وغيرهما[85]. وقد اعتمدت الجوامع السابقة على الكتب الاربعة الاولى وعلى غيرها من كتب الحديث.

ويعد (الكافي) للكليني اوثق كتب الحديث واهمها لدى علماء المذهب قاطبة. وقيل ان الكليني صرف عليه عشرين سنة يجوب فيها البلدان بحثاً عن الاصول وكتب الحديث المروية عن الائمة[86]، خاصة تلك التي رواها تلامذة الامام الصادق خلال القرن الثاني للهجرة، حيث اعتنى بها الكوفيون وتطوع بعضهم لنشرها في قم إبان القرن الثالث.

وقد درج علماء الشيعة في تبيان اهمية (الكافي) وقيمته، وقديماً قال المفيد: بأن كتاب الكافي هو من أجل كتب الشيعة وأكثرها فائدة[87]. وقال المرزا حسين النوري في (خاتمة مستدرك الوسائل) بعد ان أورد كلمة الشيخ المفيد: انه اكثر فائدة لجامعيته بما يتعلق بالاصول والاخلاق والفروع والمواعظ، وانه معتمد باعتباره جمع الأصول الأربعمائة التي كانت موجودة بتمامها في عصره، كما يظهر من ترجمة أبي محمد هرون بن موسى التلعكبري (المتوفى سنة 385هـ) الذي ادرك عصره وروى عنه وغيره[88]، وقد جاء في ترجمته انه روى جميع الأصول والمصنفات، وألف منها ومن غيرها كتابه المسمى (الجوامع في علوم الدين)[89]. وقال المحقق الكركي في وصف (الكافي): قد جمع هذا الكتاب من الاحاديث الشرعية والاسرار الدينية ما لم يوجد في غيره. وقال بعض الافاضل: اعلم أن الكتاب الجامع للاحاديث في جميع فنون العقائد والاخلاق والاداب والفقه من أوله الى آخره؛ مما لم يوجد في كتب أحاديث العامة، وأنى لهم بمثل الكافي في جميع فنون الاحاديث. وقال صاحب (شذور العقيان في تراجم الاعيان) في وصف (الكافي): إنه كتاب جليل، عظيم النفع، عديم النظير، فائق على جميع كتب الحديث، بحسن الترتيب، وزيادة الضبط والتهذيب، وجمعه الاصول والفروع، واشتماله على أكثر الاخبار الواردة عن الائمة الاطهار عليهم السلام[90].

وزعم بعض العلماء ان الامام المهدي قال في (الكافي) انه كاف لشيعتنا، وبرأي بعض المحققين ان هذه الحكاية لم يسمعها الكليني نفسه، ولم يعرفها أحد من تلامذته، ولم يكن لها وجود في عصر الغيبة الصغرى، بل ولا سمع بها احد طيلة اكثر من سبعة قرون بعد وفاة الكليني، ذلك لأن أول من نسبت إليه هوالشيخ خليل بن غازي القزويني(المتوفى سنة 1089هـ) وقد يكون سمعها من بعض مشايخ عصره[91]. وسبق لحسن الصدر ان اعتبر هذه الحكاية وهم من قبل المولى خليل القزويني عند شرحه للكافي[92]. بل وحتى المحدث محمد امين الاسترابادي  الذي رام أن يجعل أحاديث الكافي وغيره قطعية فانه نفى هذه الحكاية[93].

ولعناية علماء الامامية بكتاب (الكافي) فقد بلغت مخطوطاته في المكتبات الشيعية ما يزيد على ألف وستمائة نسخة خطية موزعة بين العديد من دول العالم، كايران والعراق ولبنان وسوريا والحجاز وافغانستان والهند وغيرها، ويرجع تاريخ بعضها الى القرن الرابع الهجري. ومن اهتمام العلماء به انهم شرحوه اكثر من عشرين مرة، وتركوا ثلاثين حاشية عليه، ودرسوا بعض اموره بسبعة عشر كتاباً ضخماً، وترجموه الى غير العربية اكثر من خمس مرات، وطبعوه اثنتين وعشرين طبعة، ووضعوا لاحاديثه والفاظ اصوله من الفهارس ما يزيد على عشرة كتب[94].

وقيل ان (الكافي) يتضمن ثلاثين كتاباً كالذي صرح به الشيخ الطوسي في فهرسته[95]، لكن من المتأخرين من قال انه عبارة عن اثنين وثلاثين كتاباً[96]، وفي الطبعات الحديثة الحالية نجده عبارة عن خمسة وثلاثين كتاباً[97]، واذا اخذنا بنظر الاعتبار ان الرواية المعتبرة وسط هذه الاقوال هي رواية الشيخ الطوسي لقدم قوله، فان هناك خمسة كتب غير معلومة تبدو زائدة على الكافي، وربما مدسوسة فيه.

ويبدأ الكافي بكتاب العقل والجهل، ويختتم بكتاب الوصايا وكتاب المواريث وكتاب الروضة، وتبلغ أحاديثه عدداً كبيراً تتجاوز الست عشرة ألف (16099) حديث[98]، موزعة في ثمانية اجزاء ذات ثلاثة اقسام، يختص الاول منها في الاصول والعقيدة، ويختص الثاني في الفروع والفقه، اما الثالث فهو ذو مسائل متنوعة من المواعظ والسيرة والاخلاق والتفسير وغيرها، وقد اطلق عليها الكليني (روضة الكافي). ويتضمن قسم الاصول ثمانية كتب، اشتملت على (499) باباً وأخرج فيها (3881) حديثاً، ويشتمل فروع الكافي على (26) كتاباً، فيها (1744) باباً، ومجموع أحاديثها (11021) حديثاً، أما قسم الروضة من الكافي فهو كتاب واحد احتوى على ستمائة وستة أحاديث[99]. وفي الكافي هناك الكثير من الاخبار المنقولة عن القدماء وليس عن الائمة[100]. وهو ينفرد بين الكتب الاربعة في اشتماله بقسم يخص أحاديث الاصول والعقيدة، كالعلم والتوحيد والولاية والمعاد والايمان والكفر وما الى ذلك. وقيل ان أحاديثه تزيد على ما في الصحاح (الستة) لدى اهل السنة كما صرح به الشهيد في (الذكرى) لان أحاديث البخاري اربعة الاف غير المكرر، ومثله أحاديث مسلم، وان موطأ مالك مختصر جداً، وهو مع صحيحي الترمذي والنسائي لا يبلغان عدد صحيح مسلم[101]. ومن مميزات الكافي انه يشتمل على ما يطلق عليه بالثلاثيات، وهي من اقسام علو السند، فانه يروي عن علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن الامام الجواد حديث الخمس، ومثل ذلك انه يروي عن الامامين الهادي والعسكري كثيراً[102]. والثلاثيات قد اشتهر فيها البخاري في صحيحه، حيث له اثنان وعشرون حديثاً منها[103].

اما الكليني فيعد لدى علماء الشيعة من الثقات العظام. وقد قال عنه الشيخ الطوسي انه ثقة عارف بالاخبار[104]. وعرفه الشيخ النجاشي بقوله: ابو جعفر الكليني شيخ أصحابنا في وقته بالري ووجههم، وكان أوثق الناس في الحديث وأثبتهم[105]. كما عرفه ابن الاثير من اهل السنة في كتاب (جامع الاصول) بانه من المجددين لمذهب الامامية على رأس المائة الثالثة، بعد ما ذكر الامام الرضا مجدداً لهذا المذهب على رأس المائة الثانية[106]. وقد عاصر الكليني الغيبة الصغرى للامام المهدي، وذلك زمن السفراء الاربعة (عثمان بن سعيد العمري، وولده محمد، والحسين بن روح، وعلي بن محمد السمري) وقيل ان الكليني رغم انه زار العراق وحدث عن بعض مشايخ بغداد - موطن السفراء - لكنه لم يرو عن السفراء الأربعة الا بالواسطة، بل ان الرواية عنهم في الكتب الاربعة قليلة للغاية ولعلها لا تزيد على عشرة أحاديث، من بينها حديثان فقط في اصول الكافي[107]. والبعض يرجح ان الكليني ادرك الامام العسكري وإن لم يرو عنه. كما ادرك الكثير من رجال الحديث الذين عاصروا بعض الائمة المتأخرين ممن صحبوهم وسمعوا منهم ورووا عنهم، وقد تتلمذ على يدهم وسمع منهم وروى عنهم، مثل احمد بن ادريس الاشعري القمي (المتوفى سنة 306هـ) وابن عقدة (المتوفى سنة 333هـ) وعلي بن ابراهيم القمي صاحب التفسير (المتوفى سنة 307هـ) والحسين بن الحسن العلوي الهاشمي، والذي قيل فيه انه دخل على الامام العسكري فهناه بمولد المهدي، ومحمد بن الحسن الصفار صحاب (بصائر الدرجات) ومحمد بن يحيى العطار... الخ[108]. وللكليني كتب عديدة غير الكافي كلها مفقودة، منها كتاب الرد على القرامطة، وكتاب رسائل الائمة، وكتاب تعبير الرؤيا، وكتاب الرجال، وكتاب ما قيل في الائمة من الشعر[109].

هذا بخصوص الكافي وصاحبه الكليني، اما ثاني الكتب الاربعة فهو كتاب (من لا يحضره الفقيه) للشيخ الصدوق الذي قاربت مؤلفاته ثلاثمائة مصنف في الحديث[110]. وقد وصل من هذه الكتب الى زمن الحر العاملي ما يقارب عشرين كتاباً، مثل معاني الاخبار وعيون اخبار الرضا وحقوق الاخوان والخصال والامالي واكمال الدين واتمام النعمة وعلل الشرائع وثواب الاعمال والتوحيد وصفات الشيعة وفضائل الشيعة والاعتقادات وغيرها. وللشيخ الصدوق كتاب عده البعض خامس الكتب الاربعة المعتبرة، وهو بعنوان  (مدينة العلم) لكنه لم ير له عين ولا اثر بعد زمن العلامة الحلي والشهيدين الاول والثاني[111].

وقد جاء كتاب (من لا يحضره الفقيه) ليكون مرجعاً على شاكلة كتاب (من لا يحضره الطبيب) الذي صنفه محمد بن زكريا الرازي في الطب. وتعد أحاديثه اقل عدداً من أحاديث (الكافي) حيث تبلغ اكثر من تسعة الاف (9044) حديث في الاحكام والسنن[112]، وهي موزعة على (176) باباً، وقد صرح الصدوق بانه اخرج أحاديثه من الكتب المشهورة المعول عليها لدى المحدثين الشيعة انذاك، واستشهد في مقدمته بعدد من هذه الكتب، مشيراً الى انه سعى لما هو صحيح واعتقد انه حجة فيما بينه وبين الله[113].

ومن علماء الشيعة من يرى ان أحاديث (من لا يحضره الفقيه) هي ارجح من أحاديث غيره من الكتب الاربعة، وذلك نظراً الى زيادة حفظ الصدوق وحسن ضبطه وتثبته في الرواية وتأخر كتابه عن (الكافي) وضمانه فيه لصحة ما يورده، وأنه لم يقصد فيه قصد المصنفين في إيراد جميع ما رووه، وإنما يورد فيه ما يفتي به ويحكم بصحته ويعتقد أنه حجة بينه وبين ربه، كالذي جاء في مقدمة كتابه. وبهذا الاعتبار قيل: إن مراسيل الصدوق في الفقيه كمراسيل ابن أبي عمير في الحجية والاعتبار[114]، وهذه الخاصية في الكتاب لا توجد في غيره من كتب الاصحاب[115].

واخيراً يبقى كتابا (تهذيب الاحكام والاستبصار) للشيخ ابي جعفر الطوسي، وهما مختصان في الاحكام الفقهية. ويعد كتاب الاستبصار اختصاراً للتهذيب، وبحسب رأي الشهيد الثاني انه يمكن الاستغناء به عنه[116]. في حين رأى الشيخ الاردبيلي وتابعه النوري وغيرهما من العلماء ان (التهذيب) هو أعظم كتب الحديث في الفقه منزلة، وأكثرها منفعة، ففيه كل ما يبتغيه الفقيه من روايات الاحكام مغن عما سواه في الغالب دون ان يغني عنه كتاب اخر[117]. ولاهميته بلغت نسخه المخطوطة منذ كتابته وحتى عصرنا الحاضر مئات النسخ المنتشرة في اقطار الارض[118]. وقد وضع (التهذيب) لاجل جمع مطلق الاحاديث سواء ما ورد منها على سبيل الوفاق او الخلاف، بخلاف (الاستبصار) الذي اقتصر على الاخبار التي تتصف بالاختلاف والتعارض كالذي نص عليه الطوسي في ترجمته لنفسه في (الفهرست)[119]، وقد اشار في مقدمة (الاستبصار) الى انه اتبع طريقة الجمع بين الاخبار المتعارضة دون اسقاط شيء منها ما أمكنه ذلك[120].

على هذا امتاز الكتابان بانهما يعالجان، ولاول مرة، مسألة التعارض بين النصوص، كالذي اشار اليه الطوسي في مقدمة الكتابين، حيث قسم الاخبار الى عدد من الخصائص ووضع قواعده في الجمع والترجيح، وهي الطريقة التي مثلت جوهر العملية الفقهية لدى فقهاء الشيعة فيما بعد. ولكتاب التهذيب (393) باباً، واحاديثه تبلغ اكثر من ثلاثة عشر ونصف ألف (13590) حديث[121]. اما كتاب الاستبصار فتبلغ ابوابه (925) باباً، واحاديثه تبلغ اكثر من خمسة الاف (5511) حديث، وقد حصرها الطوسي في خاتمة كتابه خشية ان يقع فيها زيادة او نقصان[122]. لكن مع ذلك ذكر الطهراني بان بعض العلماء احصى أحاديث هذا الكتاب فحصرها في (6531) حديث، وهو خلاف ما ذكره الشيخ الطوسي[123].

***

تظل مسألة السند في الكتب الاربعة، فالمعروف ان اصحابها قد تعاملوا معها بطرق متغايرة. فقد كان الكليني يذكر السند باستثناء اوله، حيث غالباً ما يذكر اسم الراوي في صدر السند دون وجود ما يشير الى الكيفية التي اتصل بها معه، فهل كان طريقه اليه قد تم عبر الاخذ من الكتب او القراءة او الاجازة او التحديث او العنعنة؟ فهذا ما لا يحدثنا عنه الكليني. وفي احيان نادرة ان الكليني يترك الطريق الى صدر السند تعويلاً على ما سبق ذكره من الاخبار المتقدمة عليه في الباب. كما قد يصدر الكليني سنده بعبارة (عدة من اصحابنا) واحياناً يذكر بدل العدة جماعة من اصحابنا، وبنظر الكثير من المحققين ان ما يقصده بالجماعة هو نفس ما يعنيه بالعدة. وحاول عدد من العلماء تشخيص هؤلاء الجماعة، كالذي فعله المفيد وابن الغضائري والنجاشي والعلامة الحلي. فالعدة لدى الكليني على اصناف، وتحديد اسماءهم يعتمد على ما يذكره من اسم الراوي بعد هذه العبارة. والاصناف المشخصة ثلاثة، وهي التي تتكرر كثيراً، ونقل ان الكليني نص عليها بنفسه، وهناك اصناف اخرى مازالت مجهولة لا يعلم تشخيصها على وجه التحديد، وقد ذكر منها الشيخ الكاظمي ما يقارب عشر روايات[124]، وقيل انها عبارة عن ثلاثة عشر رواية كما أحصاها جماعة من المحدثين بعد ان أهمل الكليني المعنيين فيها ولم ينص على أسمائهم[125].

وبخصوص الاصناف الثلاثة المتكررة فقد جاء بعد احدها قول الكليني: عن احمد بن محمد بن عيسى، وفي الثانية عن احمد بن محمد بن خالد البرقي، وفي الثالثة عن سهل بن زياد. وجاء حول الصنف الاول ما ذكره النجاشي من ان الكليني قال: كل ما ذكرته في كتابي عدة من اصحابنا عن احمد بن محمد بن عيسى، فهم: محمد بن يحيى وعلي بن موسى الكميذاني وداود بن كورة واحمد بن ادريس وعلي بن ابراهيم بن هاشم[126]. كما جاء حول الصنف الثاني قول الكليني كما نقله الحلي في (الخلاصة): كلما ذكرته في كتابي عدة من أصحابنا عن احمد بن محمد بن خالد البرقي فهم: علي بن إبراهيم وعلي بن محمد بن عبد الله بن اذينه وأحمد بن عبد الله بن امية وعلي بن الحسن[127]. واثبت جماعة في هذه العدة محمد بن يحيى العطار[128]. لكن الكليني اشار الى هذا الصنف في كتاب العتق من الكافي، وفيه بعض الاسماء المختلفة عما سبق[129].

هذا بخصوص الكليني، أما الشيخ الصدوق فقد ذكر في مقدمة كتابه انه حذف الاسانيد واختصرها كي لا تكثر طرق الرواية، لكنه عرّف بها من خلال فهرست الكتب التي رواها عن مشايخه واسلافه ليتم اتصال سنده[130]، وذلك انه وضع في اخر الكتاب مشيخة يعرف بها طريقه الى من روى عنه.

ومثال طريقته في اختصار السند انه روى أحاديث عن الامام الصادق عن طريق عمار بن موسى الساباطي، ثم قال في مشيخته اخر الكتاب: كل ما كان في هذا الكتاب عن عمار بن موسى الساباطي فقد رويته عن أبي ومحمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد عن سعيد بن عبد الله عن أحمد بن الحسن علي بن فضال عن عمرو بن سعيد المدائني عن مصدق بن صدقة عن عمار بن موسى الساباطي[131].

في حين جمع الطوسي بين طريقتي سابقيه، فقد يذكر في كتابيه (التهذيب والاستبصار) جميع السند كما في (الكافي) كما قد يختصر بحذف بداياته كما في (من لا يحضره الفقيه). وقد اشار في خاتمة الاستبصار الى مسلكه في ايراد الاحاديث باسانيدها كما في الجزء الاول والثاني من الاستبصار، لكنه اختصر ما جاء في الجزء الثالث وعول على الابتداء بذكر الراوي الذي اخذ الحديث من كتابه او اصله، ثم ترك مسألة وصل الاسانيد التي توصل الى هذه الكتب والاصول الى اخر الكتاب[132]. وكذا فعل في التهذيب، حيث غالباً ما كان يذكر السند كاملاً، وفي الباقي يعمل على بتر مقدمة السند فينقل رأساً عن الاصل ويترك ذكر طريقه اليه ويستدرك المتروك في اخر كتابيه، فوضع له مشيخته المعروفة لتخرج بذلك عن حد المراسيل وتلتحق بباب المسندات، والمشيخة في الكتابين واحدة غير مختلفة، وقد ذكر فيها جملة من الطرق الى اصحاب الحديث ممن صدر الحديث بذكرهم وابتدأ باسمائهم، لكنه لم يستوف الطرق كلها ولا ذكر الطريق الى كل من روى عنه بصورة التعليق، بل ترك الاكثر لقلة روايته عنهم، واحال التفصيل الى فهارست الشيوخ المصنفة في هذا الباب[133].

والمثال على طريقة الطوسي في اختصار السند ثم العمل على وصله فيما بعد، ما ذكره من روايات عن محمد بن يعقوب الكليني، حيث قال: ‹‹فما ذكرته عن محمد بن يعقوب الكليني فقد اخبرنا به الشيخ المفيد عن أبي القاسم جعفر بن محمد بن قولويه عن محمد بن يعقوب، واخبرنا به ايضاً الحسين بن عبيد الله عن أبي غالب أحمد بن محمد الزراري... الخ[134].

هذه هي خصائص الكتب الاربعة المعتبرة، ومنها تتبين خصوصية هذا الطور في جمع الحديث، سواء ما عرف فيما بعد بالضعيف منه او الصحيح. وقد استمر العمل بهذا الطور قرنين من الزمان بعد الطوسي، ثم ظهر على اعقابه طور جديد له خصوصية النقد والتحقيق كالذي تحدثنا عنه في دراسة مستقلة.





[1] بلغت الروايات التي رواها الصفار حول هذه الكتب اكثر من سبعين رواية (لاحظ كتابه: بصائر الدرجات، ج3، الباب الثاني عشر والثالث عشر والرابع عشر، عن مكتبة اهل البيت الالكترونية  www.ahl-ul-bayt.org)

[2] حسن الصدر: تأسيس الشيعة، انتشارات اعلمي، لم تذكر سنة الطبع ولا مكانه، ص279.

[3] فكما روي عن الامام الصادق انه قال لاحد اصحابه: إن عندنا ما لا نحتاج معه إلى الناس وإن الناس ليحتاجون إلينا، وإن عندنا كتاباً؛ إملاء رسول الله (ص) وخط علي (ع) صحيفة فيها كل حلال وحرام وإنكم لتأتونا بالأمر فنعرف إذا أخذتم به ونعرف إذا تركتموه (محمد بن يعقوب الكليني: الكافي في الاصول والفروع، صححه وعلق عليه علي اكبر الغفاري، مؤسسة دار الكتب الاسلامية، طهران، الطبعة الثانية، 1389هـ، عن مكتبة يعسوب الدين الالكترونية، ج1، باب ذكر الصحيفة والجفر والجامعة ومصحف فاطمة، حديث 6).

[4] الكافي في الاصول والفروع، ج1، باب ذكر الصحيفة والجفر والجامعة ومصحف فاطمة، حديث 4

[5] المصدر السابق، حديث 3

[6] المصدر السابق، حديث 8

[7] المصدر السابق، حديث 2

[8] المصدر السابق، حديث 4

[9] المصدر السابق حديث 2، وحديث 5

[10] المصدر السابق، حديث 3

[11] بصائر الدرجات، ج3، باب 13، حديث 15                                                                         

[12] علماً انه ورد ذكر ابي رافع في صحيح البخاري (حديث 2139) وذكره الحافظ ابو الوليد الباجي ضمن اسماء الرجال الذين روى عنهم البخاري، ومن بعده ابن حجر في (تقريب التهذيب) كالاتي: ابو رافع القبطي مولى رسول الله، اسمه ابراهيم وقيل اسلم او ثابت او هرمز، مات في اول خلافة علي على الصحيح (تقريب التهذيب، ج2، ص396، والتعديل والتجريح لمن خرج عنه البخاري في الجامع الصحيح، ج1، ص387، كذلك: تأسيس الشيعة، ص280).

[13] ابو العباس النجاشي: رجال النجاشي، مؤسسة النشر الاسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم، تحقيق موسى الزنجاني، لم تذكر سنة النشر، ص4ـ6.

[14] رجال النجاشي، ص6ـ7.

[15] محمد بن الحسن الطوسي: الفهرست، منشورات الشريف الرضي، قم، لم تذكر سنة النشر، ص107

[16] رجال النجاشي، ص8.

[17] تأسيس الشيعة، ص281

[18] رجال النجاشي، ص8

[19] ابن النديم: الفهرست، اعتناء وتعليق ابراهيم رمضان، دار المعرفة، بيروت، الطبعة الاولى، 1415هـ ـ1994م، ص271

[20] تأسيس الشيعة، ص284

[21] تأسيس الشيعة، ص282ـ283

[22] محمد باقر البهبودي: معرفة الحديث، مركز انتشارات علمي وفرهنكي، ايران، 1362هـ، ص264ـ268.

[23] محمد علي الأردبيلي: جامع الرواة، عن مكتبة يعسوب الدين الالكترونية، ج1، ص374

[24] محسن الامين: اعيان الشيعة، حققه واخرجه حسن الامين، دار التعارف، بيروت، ج1، ص668ـ667

[25] الكافي، ج1، باب رواية الكتب والحديث، حديث 9.

[26] الكافي، ج1، باب رواية الكتب والحديث، حديث 8.

[27] المصدر السابق، حديث .10.

[28] المصدر السابق، حديث 11.

[29] الكافي، ج1، كتاب فضل العلم، باب النوادر، حديث 10

[30] رجال النجاشي، ص231

[31] فهرست الطوسي، ص108

[32] الفهرست، ص217

[33] محمد بن الحسن الطوسي: اختيار معرفة الرجال، تصحيح وتعليق ميرداماد الاسترابادي، تحقيق مهدي الرجائي، مؤسسة آل البيت، عن مكتبة يعسوب الدين الالكترونية، حديث 401، ويوسف البحراني: الحدائق الناضرة في احكام العترة الطاهرة، حققه وعلق عليه واشرف على طبعه محمد تقي الايرواني، مؤسسة النشر الاسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم، عن مكتبة يعسوب الدين الالكترونية، ج1، ص10

[34] اختيار معرفة الرجال، حديث 913

[35] اختيار معرفة الرجال، حديث 915

[36] اختيار معرفة الرجال، حديث 1027، والحدائق الناضرة، ج1، ص9

[37] الكافي، ج1، باب رواية الكتب والحديث، حديث 14.

[38] الكافي، ج1، باب رواية الكتب والحديث، حديث 4

[39] الكافي، ج1، باب رواية الكتب والحديث، حديث 7

[40] الاصول الستة عشر، أصل زيد الزراد، منشورات دار الشبستري للمطبوعات، قم، عن مكتبة الرافد الالكترونية  www.rafed.net

[41] الكافي، ج1، باب رواية الكتب والحديث، حديث 2

[42] المصدر السابق، حديث 3

[43] المصدر السابق، حديث 13

[44] المصدر السابق، حديث 5

[45] قيل ان احمد بن حنبل منع كتابة المسائل القائمة على الرأي باطلاق، وكان يقول للبعض: لا تكتب شيئاً من الرأي. وعلل نفوره من كتابة الرأي هو ان صاحبه قد يتراجع عنه فيما بعد، واستشهد على ذلك بما فعله سفيان ومالك حين وضعا الكتب وأخرجا المسائل رغم ما فيها من الخطأ، حيث ان صاحبه يرى اليوم شيئاً وينتقل عنه غداً (طبقات الحنابلة، ج2، مادة محمد بن أحمد بن واصل المصري، ومادة عبد الملك بن عبد الحميد الميموني الرقي).

[46] محسن بن الحسن الاعرجي الكاظمي: عدة الرجال، تحقيق مؤسسة الهداية لاحياء التراث، نشر اسماعيليان، ايران، الطبعة الاولى، 1415هـ، ج1، ص151

[47] المفيد: الارشاد، سلسلة مؤلفات الشيخ المفيد (11) دار المفيد، بيروت، الطبعة الثانية، 1414هـ ـ1993م، ج2، ص179

[48] حسن الصدر: نهاية الدراية، تحقيق ماجد الغرباوي، عن مكتبة يعسوب الدين الإلكترونية، ص401، كذلك: ابو القاسم الموسوي الخوئي: معجم رجال الحديث، الطبعة الخامسة، 1413هـ ـ1992م، ج1، ص56، عن مكتبة الكوثر الالكترونية  www.al-kawthar.com

[49] عبد الحسين الشبستري: الفائق في رواة واصحاب الامام الصادق، مؤسسة النشر الاسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم، عن مكتبة يعسوب الدين الالكترونية.

[50] نهاية الدراية، ص524

[51] باشرنا هذا الاحصاء اعتماداً على ما جاء في كتاب (الفائق في رواة واصحاب الامام الصادق).

[52] رجال النجاشي، ص39ـ40

[53] رجال النجاشي، ص12

[54] رجال النجاشي، ص10ـ11

[55] الاختصاص، ضمن سلسلة مؤلفات الشيخ المفيد (12) ص66ـ67، لكن في روضة الكافي انها عبارة عن سبعين حديثاً فقط (روضة الكافي، حديث 149).

[56] اختيار معرفة الرجال، حديث 342

[57] تأسيس الشيعة، ص284ـ285 

[58] اختيار معرفة الرجال، حديث 276

[59] محمد بن الحسن الطوسي: الغيبة، تحقيق عباد الله الطهراني وعلي احمد ناصح، مؤسسة المعارف الاسلامية، مكتبة يعسوب الدين الالكترونية، ص73، كذلك: عباس القمي: الانوار البهية في تواريخ الحجج الالهية، ص215، مكتبة الشيعة الالكترونية  www.al-shia.com

[60] الانوار البهية، ص218، كذلك: موسوعة الامام الجواد، باشراف اللجنة العلمية في مؤسسة ولي العصر للدراسات الاسلامية، قم، الطبعة الاولى، عن مكتبة الامام الجواد الالكترونية  www.imamjawad.net

[61] المعروف ان ابن عقدة كان زيدياً جارودياً، لكن رغم ذلك فقد عده الشيخ الطوسي في جملة اصحاب الامامية الاثنى عشرية لكثرة روايته عنهم وخلطته بهم وتصنيفه لهم (الفهرست، ص28)

[62] محمد بن الحسن الطوسي: الاستبصار، ج4، عن مكتبة يعسوب الدين الالكترونية.

[63] رجال النجاشي، ص462.

[64] الحر العاملي: وسائل الشيعة، ج30، الفائدة الرابعة، ص166 و153ـ159، عن مكتبة الحديث الالكترونية التابعة لموقع الكاظم الالكتروني  www.alkadhum.org، وانظر ايضاً عدة الرجال، ج1، ص94

[65] اختيار معرفة الرجال، فقرة 1029

[66] عبد الحسين شرف الدين: المراجعات، دار البيان العربي، 1410هـ ـ1989م، ص392

[67] فهرست الطوسي، ص58

[68] رجال النجاشي، ص215

[69] الفهرست، ص181

[70] الفهرست، ص88

[71] نهاية الدراية، ص525، والمراجعات، ص392

[72] معرفة الحديث، ص108

[73] اعيان الشيعة، ج10، ص265ـ266

[74] فهرست الطوسي، ص142، ورجال النجاشي، ص327

[75] فهرست الطوسي، ص103

[76] الفهرست، ص132

[77] رجال النجاشي، ص89

[78] الفهرست، ص137

[79] الطبرسي: اعلام الورى، مؤسسة ال البيت لاحياء التراث، مكتبة الكوثر الالكترونية، ج1، ص535، كذلك: عدة الرجال، ج1، ص93

[80] نجم الدين الحلي: المعتبر في شرح المختصر، عن مكتبة يعسوب الدين الالكترونية، ج1، ص26، وانظر ايضاً: عدة الرجال، ج1، ص93، ووسائل الشيعة، مكتبة الحديث الالكترونية، ج30، الفائدة السادسة، ص208

[81] الحدائق الناضرة، ج1، ص18

[82] محمد حسين الحسيني الجلالي: دراسة حول الاصول الاربعماءة، سلسلة احياء تراث اهل البيت، مركز انتشارات الاعلمي، طهران، 1394هـ، ص22ـ27

[83] محمد بن علي بن شهر آشوب: معالم العلماء، المطبعة الحيدرية، النجف، الطبعة الثانية، 1380هـ ـ1961م، عن مكتبة يعسوب الدين الالكترونية، ص39، كذلك: وسائل الشيعة، ج30، الفائدة السادسة، ص208

[84] اعيان الشيعة، ج1، ص144

[85] تأسيس الشيعة، ص289ـ290

[86] رجال النجاشي، ص377

[87] المفيد: تصحيح الاعتقاد، ضمن سلسلة مؤلفات الشيخ المفيد، عدد (5) ص70

[88] حسين النوري الطبرسي: خاتمة مستدرك وسائل الشيعة، تحقيق مؤسسة آل البيت لاحياء التراث، مكتبة يعسوب الدين الالكترونية، ج3، الفائدة الرابعة، ص477ـ478

[89] عباس القمي: الكنى والالقاب، ج2، فقرة هرون بن موسى التلعكبري، المكتبة الجعفرية الالكترونية  www.aljaafaria.com

[90] نهاية الدراية، ص539ـ540

[91] ثامر هاشم حبيب العميدي: مع الكليني وكتابه الكافي، مجلة علوم الحديث، العدد الاول، 1418هـ، ص238، عن موقع الحوزة الالكتروني  www.hawzah.net/Arb/Magazine

[92] نهاية الدراية، ص540

[93] خاتمة المستدرك، ج3، ص470

[94] ثامر هاشم حبيب العميدي: دفاع عن الكافي (1) باب كتاب الكافي، مكتبة فقه الاسلام الالكترونية (لم تذكر ارقام صفحاته)  www.islamicfeqh.com

[95] الفهرست، ص135.

[96] انظر: محمد باقر الخوانساري: روضات الجنات في أحوال العلماء والسادات، الدار الاسلامية، بيروت، الطبعة الاولى، 1411هـ ـ1991م، ج6، ص109، ومحمد مهدي بحر العلوم: الفوائد الرجالية، حققه وعلق عليه محمد صادق بحر العلوم وحسين بحر العلوم، نشر مكتبة الصادق، طهران، مكتبة يعسوب الدين الالكترونية، ج3، ص332}، بل وقيل كذلك انه خمسون كتاباً { روضات الجنات، ج6، ص106ـ107

[97] انظر معجم رجال الحديث، ج11، ص423ـ424

[98] تأسيس الشيعة، ص288

[99] مع الكليني وكتابه الكافي، ص262

[100] الوحيد البهبهاني: رسالة الاجتهاد والاخبار، وهي ملحقة خلف عدة الأصول للشيخ الطوسي مع حاشية في الأخير، طبعة حجرية، مطبعة ميرزا حبيب الله، دار الخلافة بطهران، 1317هـ، ص69

[101] نهاية الدراية، ص517 و542، لكن هذه خمسة صحاح لا ستة.

[102] نهاية الدراية، ص542

[103] حاجي خليفة: كشف الظنون، دار إحياء التراث العربي، بيروت، عن مكتبة يعسوب الدين الالكترونية، ج1، ص542، والرسالة المستطرفة، ص97.

[104] فهرست الطوسي، ص135

[105] رجال النجاشي، ص377

[106] روضات الجنات، ج6، ص107

[107] مع الكليني وكتابه الكافي، ص233

[108] عبد الحسين المظفر: الشافي في شرح اصول الكافي، مطبعة الغري الحديثة، النجف، الطبعة الثانية، 1389هـ ـ1969، ج1، ص27ـ30

[109] رجال النجاشي، ص377، وفهرست الطوسي، ص135

[110] فهرست الطوسي، ص157

[111] روضات الجنات، ج6، ص126 و127

[112] تأسيس الشيعة، ص288، واعيان الشيعة، ج1، ص144

[113] الصدوق: من لا يحضره الفقيه، صححه وعلق عليه علي أكبر الغفاري، منشورات جماعة المدرسين في الحوزة العلمية بقم، الطبعة الثانية، 1404هـ، عن مكتبة يعسوب الدين الالكترونية، ج1، المقدمة، ص3

[114] عرف محمد بن ابي عمير - وهو من اصحاب الامام الكاظم - انه لا يروي الا عن ثقة؛ سواء كانت روايته مسندة او مرسلة. واصل هذه الدعوى تعود الى الشيخ الطوسي في (عدة الاصول) حيث نص على ثلاثة رجال لا يروون ولا يرسلون الا عن ثقة، هم محمد بن أبي عمير وصفوان بن يحيى وأحمد بن محمد بن أبي نصر، وان كان الطوسي ذاته يناقش احياناً بعض روايات هؤلاء بدعوى انها مرسلة، كما وجد المحقق الخوئي ان هؤلاء كانوا ايضاً يروون عن الضعفاء، وقد ذكر الشيخ الطوسي جملة منها رغم انه ادعى انهم لا يروون عن الضعفاء (معجم رجال الحديث، ج1، ص61ـ63).

[115] خاتمة مستدرك وسائل الشيعة، ج4، ص6.

[116] روضات الجنات، ج6، ص106

[117] خاتمة مستدرك وسائل الشيعة، ج6، ص13، وانظر ايضاً: روضات الجنات، ج6، ص205، واعيان الشيعة، ج9، ص161، ونهاية الدراية، ص579.

[118] اعيان الشيعة، ج9، ص161.

[119] الفهرست، ص160.

[120] حيث نقل ما سأله جماعة من الاصحاب عن تصنيف كتاب جامع للاحاديث المتعارضة، وقال: ‹‹سألوني تجريد ذلك وصرف العناية الى جمعه وتلخيصه وان ابتدئ في كل باب بايراد ما اعتمده من الفتوى والاحاديث فيه ثم اعقب بما يخالفها من الاخبار وابين وجه الجمع بينها على وجه لا اسقط شيئاً منها ما امكن ذلك فيه، واجري في ذلك على عادتي في كتابي الكبير المذكور وان اشير في اول الكتاب الى جملة مما يرجح به الاحاديث بعضها على بعض ولأجله جاز العمل بشيء منها دون جميعها، وانا مبين ذلك على غاية من الاختصار (مقدمة الاستبصار، ج1، ص3).

[121] تأسيس الشيعة، ص289، كذلك: اعيان الشيعة، ج1، ص144، وج9، ص161

[122] قال الطوسي في خاتمته للاستبصار: واعلموا ايدكم الله اني جزأت هذا الكتاب ثلاثة اجزاء، الجزء الاول والثاني يشتملان على ما يتعلق بالعبادات، والثالث يتعلق بالمعاملات وغيرها من ابواب الفقه، والاول يشتمل على ثلثمائة باب يتضمن جميعها ألفاً وثمانمائة وتسعة وتسعين حديثاً، والثاني يشتمل على مائتين وسبعة عشر باباً يتضمن ألفاً ومائة وسبعة وسبعين حديثاً، والثالث يشتمل على ثلثمائة وثمانية وتسعين باباً يشتمل جميعها على الفين واربعمائة وخمسة وخمسين حديثاً. ابواب الكتاب تسعمائة وخمسة وعشرون باباً تشتمل على خمسة آلاف وخمسمائة وأحد عشر حديثاً حصرتها لئلا يقع فيها زيادة او نقصان (الاستبصار، ج4، الخاتمة).

[123] اغا بزرك الطهراني: الذريعة الى تصانيف الشيعة، دار الاضواء، بيروت، ج2، ص14.

[124] عدة الرجال، ج1، ص215ـ217

[125] هاشم معروف الحسني: دراسات في الحديث والمحدثين، ص141، عن شبكة الشيعة العالمية  www.shiaweb.org

[126] رجال النجاشي، ص378

[127] يوسف بن المطهر الحلي: خلاصة الاقوال في معرفة الرجال، تحقيق جواد القيومي، مؤسسة نشر الفقاهة، الطبعة الاولى، 1417هـ، مكتبة يعسوب الدين الالكترونية، ص430

[128] عدة الرجال، ج1، ص212

[129] عدة الرجال، ج1، ص213}. كذلك جاء حول الصنف الثالث من ان الكليني قال: كلما ذكرته في كتابي عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد فهم: علي بن محمد بن علان ومحمد بن أبي عبد الله ومحمد بن الحسن ومحمد بن عقيل الكليني {خلاصة الاقوال، ص430

[130] من لا يحضره الفقيه، ج1، المقدمة، ص3

[131] من لا يحضره الفقيه، ج4، المشيخة، ص422 

[132] الاستبصار، ج4، ص305

[133] انظر: بحر العلوم: الفوائد الرجالية، ج4، ص74ـ75، وخاتمة المستدرك، ج6، ص13، وروضات الجنات، ج6، ص220، واعيان الشيعة، ج9، ص162.

[134] الاستبصار، ج4، ص305 وما بعدها.

comments powered by Disqus